الدوحةـ سيطرت تحديات الاقتصاد العالمي بسبب الصراعات الدولية على الجلسة الافتتاحية لمنتدى قطر الاقتصادي، الذي انطلقت أعماله اليوم وسط مشاركة دولية كبيرة.

وافتتح أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الثلاثاء، فعاليات منتدى قطر الاقتصادي بالتعاون مع بلومبيرغ، والذي ينعقد تحت شعار "عالم متغير ـ اجتياز المجهول".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2منصة سنوية للحوار العالمي.. انطلاق أعمال منتدى قطر الاقتصادي غدامنصة سنوية للحوار العالمي.. ...list 2 of 2منتدى قطر الاقتصادي يركز على قضايا المرأة بختام أعمالهمنتدى قطر الاقتصادي يركز على ...end of list

وتنعقد نسخة 2024 من المنتدى، التي تجمع أكثر من ألف من قادة العالم ورموز الفكر وصناع القرار من نحو 50 دولة، في وقت تواجه فيه منطقة الشرق الأوسط تبعات اقتصادية جمة عل خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واضطراب الملاحة في البحر الأحمر.

وخلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن الحكومة القطرية تعمل على تعزيز وبناء اقتصاد قطري متنوع، مدفوع بمبادرات القطاع الخاص المحلي والأجنبي، ومدعوم بسلسلة من الإصلاحات التنظيمية والحوافز الاستثمارية، ومؤهل لتبوؤ مرتبة متقدمة بين أفضل 10 دول من حيث بيئة الأعمال.

أرحب بجميع ضيوف منتدى قطر الاقتصادي الرابع بالتعاون مع بلومبيرغ، متمنيا لهم التوفيق في بلورة نتائج هذا المنتدى الهام الذي أصبح يمثل منصة عالمية لطرح الأفكار البنّاءة بشأن القضايا الاقتصادية والجيوسياسية العالمية وتقديم مقترحات مبتكرة لتجاوز التحديات المطروحة. pic.twitter.com/8mWm5HFvYq

— تميم بن حمد (@TamimBinHamad) May 14, 2024

تحوّل رقمي

وأضاف رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري أن بلاده تسير نحو تحول رقمي شامل من خلال الاستثمار أكثر في مجالات التكنولوجيا والابتكار والذكاء الاصطناعي، ولأجل ذلك خصصت الدولة حزمة حوافز بقيمة 9 مليارات ريال قطري (الدولار يعادل 3.65 ريالات).

وأعلن رئيس الوزراء القطري عن إطلاق مشروع الذكاء الاصطناعي العربي "الفنار" الذي سيعتمد بشكل أساسي على جمع بيانات إعادة الجودة باللغة العربية، والذي سيسهم بدوره على إثراء النماذج اللغوية الكبيرة والحفاظ على الهوية العربية.

وأوضح أن الحكومة القطرية ستواصل استثمارها في مجال الطاقة، وبحلول عام 2030، وبفضل مشروع توسعة حقل الشمال، ستكون قطر قد أكملت توسعتها في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، مما سيرفع إجمالي الإنتاج إلى 142 مليون طن سنويا.

وأضاف الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن قطر أصبحت منارة للفرص الاقتصادية للكثيرين، حيث يسعى إليها المستثمرون من أنحاء العالم، وتوفر الأساس الاقتصادي للنجاح الذي يمكن أن ينهض بالمنطقة.

وقال أيضا "إن الاقتصاد القطري واصل تحقيق المؤشرات الدالة على ثباته وازدهاره، فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة حتى الربع الثالث من 2023 نموا بنحو 1.6%، وتزامن هذا النمو مع تحسن مؤشرات الاستقرار المالي، مع تبني الحكومة خطة مالية مرنة تجاه التقلبات في أسعار الطاقة".

رئيس الوزراء القطري يعلن إطلاق مشروع الذكاء الاصطناعي العربي "الفنار" (الفرنسية) أولويات الاقتصاد

ورسّخ منتدى قطر الاقتصادي نفسه على مدار سنوات انعقاده كواحد من أبرز منتديات الأعمال تأثيرا في المنطقة، وأكثرها جدية في إثراء الحوار بشأن القضايا الإستراتيجية التي تتصدر أولويات الاقتصاد العالمي، واستشراف اتجاهاته المستقبلية، وفق المنظمين.

وعلى هامش جلسة حوارية بعنوان "إعادة صياغة اقتصادات الشرق الأوسط"، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات جدية.

وأضاف الجدعان أن رؤية 2030 في بلاده تستهدف تنويع الاقتصاد السعودي، وجعله أكثر استدامة، وقال "بدأنا نقترب من مستهدفات رؤية 2030 فيما يتعلق بالبطالة والتوظيف. نستهدف رفع دور القطاع الخاص في عملية التوظيف كما أن عائداتنا غير النفطية فاقت توقعاتنا".

وأوضح وزير المالية السعودي أن "ثبات العملات الخليجية ساهم في تراجع تكاليف وارداتنا"، وقال "سنكون المكان الأنسب للجيل القادم، لقد أوجدنا سياسات تؤمن لنا الاستمرارية، واستدامة الاقتصاد".

وأوضح الجدعان أن المملكة تكون متحفظة للغاية عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ بعائدات النفط، وهو ما يضمن استدامة خططها ومشاريعها الاستثمارية.

يجتمع العالم في الدوحة من جديد مع انطلاق منتدى قطر الاقتصادي لبحث القضايا الأكثر إلحاحًا في المشهد الاقتصادي، وإيجاد حلول لمستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا. أرحب بجميع المشاركين في منتدى قطر الاقتصادي، ونتطلع لنقاش مثرٍ ورؤىً إيجابية تسهم في الوصول لاقتصاد عالمي متكامل ومستدام. pic.twitter.com/M7nQROaaIf

— محمد بن عبدالرحمن (@MBA_AlThani_) May 14, 2024

نتاج المونديال

من جهته، قال وزير المالية القطري علي الكواري إن استضافة قطر لكأس العالم 2022 سرّع من إنشاء البنية التحتية في البلاد، ما يجعل تركيز بلاده ينصب حاليا على بناء قدرات القطاع الخاص، بجانب التركيز على الاستثمار في الموارد البشرية لتحقيق مستهدفات رؤية 2030.

وبشأن تأثيرات التضخم على دول الخليج، أوضح وزير المالية القطري أن هذه المسألة ليست مقلقة في دول الخليج مقارنة بدول العالم الأخرى.

في الأثناء قال رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم إن بلاده تحتاج إلى خفض الإنفاق، لتقليص مستويات الدين الحكومي، وأكد أنه سيخفض دعم الوقود في "الوقت المناسب"، وقال "أعترف بأن الأمور يجب أن تتم، ولكن يجب أن يتم ذلك بحكمة".

وقال إنه لا يوجد "أي دليل" على حدوث عمليات لنقل النفط الإيراني الخاضع للعقوبات من سفينة إلى أخرى قبالة ماليزيا، موضحا، في مقابلة مع "رويترز" على هامش فعاليا المنتدى، أن الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا ليست لديها القدرة على مراقبة عمليات النقل من سفينة إلى أخرى في المياه الدولية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات منتدى قطر الاقتصادي منتدى قطر الاقتصادی رئیس الوزراء وزیر المالیة

إقرأ أيضاً:

أمريكا ضد الإنسانية.. عندما يُجهَض الإجماع العالمي بفيتو واحد!

في لحظة كاشفة لحقيقة النظام الدولي، وفي مشهد تجاوز حدود الخزي السياسي إلى جريمة أخلاقية مكتملة الأركان، وقفت الولايات المتحدة الأمريكية وحيدةً - لا كقائدة للعالم الحر، بل كخصمٍ للعدالة والرحمة - لتعطّل، وبدم بارد، قراراً صادراً بإجماع 14 دولة من أصل 15 في مجلس الأمن الدولي، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وفتح ممرات إنسانية عاجلة لأكثر من مليوني إنسان يئنّون تحت القصف والجوع والحصار.

إنه الفيتو الخامس خلال شهور المجازر … خامس مرة ترفع فيها واشنطن يدها لا لإنقاذ الأرواح، بل لحماية آلة الحرب الإسرائيلية وهي تفتك بالأطفال وتدفن العائلات تحت الركام.

في مواجهة هذا المشهد العالمي الذي توحّد فيه الشرق والغرب، الشمال والجنوب، لم يكن لأمريكا أن تقف على الحياد، بل اختارت أن تكون، مرة أخرى، في صفّ القاتل لا القتيل، في خندق الاحتلال لا الضحية، في موقع العار لا الإنسانية.

فهل بقي للعالم ثقة في عدالة دولية تُختطف بقرار منفرد؟ وهل ما زال من حق أمريكا أن تُلقي علينا محاضرات في “ حقوق الإنسان ” وهي تمزّق - أمام أنظار الجميع - كل ما تبقّى من قيم ومواثيق.

في مشهد نادر من التوافق الدولي، صوّت أعضاء مجلس الأمن الـ15 لصالح قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، بأغلبية تكاد تلامس الإجماع الأخلاقي

أربعة من الأعضاء الدائمين - الصين، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا - انضموا إلى عشرة أعضاء منتخبين يمثلون صوت العالم الحقيقي، من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا.

كان ذلك بمثابة لحظة نادرة أشرقت فيها الإنسانية على طاولة طالما اختنقت بالمصالح والنفاق.

لكن ما إن لاح أمل العدالة، حتى أُسدل عليه الستار الثقيل … رفعت الولايات المتحدة يدها وحدها، لا لتمنح حياة، بل لتصادرها

فيتو أمريكي واحد كان كفيلاً بإجهاض القرار، وكأن دماء عشرات الآلاف في غزة لا تساوي شيئاً أمام معادلات المصالح وحسابات السلاح والتحالفات المشبوهة.

هذا “ الفيتو ” لم يكن مجرّد أداة سياسية، بل صار سيفاً ملوّحاً في وجه الضحايا، وصكّ حماية دائم لمجرم حرب يرتكب الفظائع على الهواء مباشرة.

بهذه الحركة، أثبتت واشنطن أنها لم تعد مجرّد منحاز لإسرائيل، بل باتت راعية رسمية لآلة القتل، تعيق القانون الدولي بيد، وتُسلّح القاتل بالأخرى.

إنها لحظة تاريخية سوداء، يُسجّل فيها أن الإجماع العالمي سقط مرةً أخرى على عتبة الفيتو الأمريكي، وأن العدالة في مجلس الأمن لا تُقاس بعدد الأصوات، بل بهوية من يمتلك حق التعطيل.

فيتو العار.. أمريكا تُعرّي نفسها كجلّادٍ معلن أمام العالم

لم يكن “ الفيتو ” الأمريكي مجرّد موقف سياسي، بل كان طعنةً مدروسة في خاصرة الضحايا، ووصمة عار لا تُمحى في جبين النظام الدولي.

لم يكن اعتراضاً على صيغة قرار، بل إصراراً فاضحاً على استمرار آلة القتل، وتوقيعاً مباشراً على مذابح تُرتكب كل ساعة بحق الأبرياء في غزة.

وبينما يُنتشل الأطفال من تحت الركام، وتُسرق آخر أنفاس المرضى في مشافٍ بلا وقود، ويقف العالم مذهولاً من حجم الوحشية، تصرّ واشنطن على تسويق الجريمة بأنها “ دفاع عن النفس ”، وكأن الاحتلال يحق له ذبح المدنيين ما دام الحامي هو أمريكا.

لقد تجاوزت الإدارة الأمريكية حدود الانحياز، إلى موقع الجريمة الكامل.

أكثر من 36 ألف شهيد، نصفهم أطفال ونساء، عشرات آلاف الجرحى، مئات الآلاف بلا مأوى، مستشفيات تُقصف، مدارس تُستهدف، مخيمات تتحول إلى مقابر جماعية …

ومع ذلك، ترفع أمريكا فيتوها، لا لوقف القتل، بل لحمايته.

فيتو ليس مجرد “ حق ”، بل سلاح إبادة سياسية يُستخدم لفرض منطق القوة، وإبقاء العالم رهينة للمصالح الإمبريالية.

بهذا الموقف، وضعت أمريكا نفسها رسمياً في خانة الجلّاد، لا كشريك في “ السلام ” كما تدّعي، بل كعرّاب لحرب إبادة لا أخلاقية، ومبرّر دائم لكل ما هو وحشي ولا إنساني.

إنها لحظة سقوط كامل للأقنعة، وتحوّل خطير في ميزان القيم الدولية، حيث من يملك الفيتو يملك حق قتل الشعوب …

بلا حساب.

أين هي الشرعية الشرعية الدولية؟!

أي شرعية تبقّت؟ حين تتحوّل العدالة الدولية إلى رهينة في قبضة واحدة.

ما معنى مجلس أمن يُفترض به أن يكون صمّام أمان البشرية، إذا كان مصيره يُختَزل في يد واحدة تمثّل أقلية ضئيلة من سكان الأرض؟

كيف يُفهم مفهوم “ الديمقراطية الدولية ” حين تُجهض الإرادة الجماعية لأربعة عشر دولة بقرار منفرد من قوة واحدة نصّبت نفسها وصيّاً على العالم؟

بأي منطق تُدار الأمم المتحدة إذا كانت عاجزة عن تمرير قرار إنساني بديهي، يطالب فقط بوقف القتل وإدخال الغذاء والدواء؟

أي شرعية تبقّت لمنظمة دولية تقف مكتوفة الأيدي أمام فيتو يقايض الأرواح بالمصالح، ويمنح الاحتلال حصانةً كاملة من المساءلة؟ كيف يُقنعنا من يدّعي الدفاع عن “ حقوق الإنسان ” بأنه لا يستطيع كبح جماح مجازر تُبثّ على الهواء مباشرة؟

أليس هذا الفيتو دليلاً على أن النظام الدولي لم يعد يبحث عن العدالة، بل يديرها وفق توازنات القوة والغطرسة؟

إنه سؤال مفتوح على جراح الشعوب: متى تفقد الأمم المتحدة صفتها كمرجعية أخلاقية، وتتحوّل إلى مجرد منصة تصفيق للقوي، وصمت للضعفاء؟

ومتى يصبح الصمت الرسمي تواطؤاً معلناً في جرائم تُرتكب باسم القانون، بينما القانون نفسه يُعلّق على مشنقة “ الفيتو ” الأمريكي؟

أمريكا … من حليف سياسي إلى شريك كامل في الجريمة

لم تعد واشنطن مجرّد داعم دبلوماسي لإسرائيل، بل تجاوزت ذلك بكثير، حتى باتت شريكاً مباشراً وعلنياً في الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.

هي من تزوّد آلة الحرب بالأسلحة الفتاكة، وتوفر الغطاء السياسي في المحافل الدولية، وتستخدم “ الفيتو ” كدرع دائم لعرقلة أي محاولة لوقف العدوان، أو حتى مجرد إيصال الدواء والغذاء للمحاصَرين.

كل فيتو أمريكي هو تصريح قتل جماعي، ورسالة واضحة للمعتدي: استمر.

كل صمت أمريكي هو مباركة ضمنية للمجازر، وكل تبرير رسمي يصدر من البيت الأبيض هو إعادة إنتاج لرواية المحتل، وتبرئة للقاتل من على منصة دولية يُفترض أنها خُلقت لحماية الضحايا.

في هذا السياق، لا يمكن النظر إلى الدور الأمريكي كحيادي، ولا حتى كمنحاز، بل كفاعل أساسي في معادلة الموت.

إنها شراكة مُكتملة الأركان:

في السلاح، في القرار، في الرواية، وفي التعطيل المتعمّد لكل مسار يمكن أن يوقف النزيف.

لقد تحوّلت أمريكا - بكامل وعيها وإرادتها - من “ وسيط سلام ” مزعوم، إلى أحد أبرز صانعي الجريمة ومهندسي استمرارها.

العالم يُفيق…وأمريكا تُمعن في العمى الأخلاقي

ما شهدناه في مجلس الأمن لم يكن مجرّد تصويت على ورقة قرار، بل كان لحظة كاشفة فاصلة بين عالم بدأ يستيقظ على فداحة الجريمة، وقوة كبرى ترفض أن ترى إلا ما يخدم مصالحها.

أربعة عشر صوتاً من قارات وثقافات ومصالح متباينة قالت بوضوح: “ كفى للدم، كفى للحصار، كفى للصمت ”. لكن وحدها أمريكا، بكامل برودها، قالت: “ لا”.

إنها ليست مجرد “ لا ” سياسية، بل “ لا ” أخلاقية عميقة تكشف أن ما يُسوّق عن “ القيادة الأخلاقية ” الأمريكية لم يكن إلا وهماً تُرَوّج له ماكينة ناعمة، تخفي خلفها قبضة حديدية لا تتردّد في سحق القيم متى تعارضت مع نفوذها أو تحالفاتها.

في هذا الانفصال الفجّ عن ضمير الإنسانية، تتجلى أمريكا كقوة لا تخجل من الوقوف ضد العالم، ولا تتردّد في تحدي المبادئ التي تزعم الدفاع عنها.

هذه اللحظة ليست مجرد سقوط دبلوماسي، بل انهيار كامل لادعاءات “ الحضارة ” حين تُستخدم لشرعنة الموت، ولشعارات “ حقوق الإنسان ” حين تُختزل في جغرافيا واحدة وتُستثنى منها غزة.

لقد تحركت خريطة الضمير العالمي… إلا واشنطن، فهي لا تزال تقف على أنقاض العدالة، بلا خجل، وبلا حساب.

الخلاصة: الفيتو لا يحجب الحقيقة… بل يفضح الجريمة

قد تنجح أمريكا في تعطيل قرار، لكنها لن تعطل الحقيقة، ولن توقف زحف الوعي الذي يتشكّل عبر شاشات الموت اليومية القادمة من غزة.

الفيتو قد يُسكت مجلس الأمن، لكنه لا يُسكت ضمير الشعوب، ولا يطفئ نيران الغضب المتصاعد في العواصم والميادين وعلى ألسنة الأحرار.

العالم يرى ويسجّل، والذاكرة الإنسانية لا تُخدع بحبر السياسة حين يُكتب فوق الدم.

العدالة لا تُصنع في غرف مغلقة تتحكم فيها دولة واحدة، بل تُولد حين تتلاقى إرادة الأحرار، وتتجاوز الشعوب صمت حكوماتها، وتكسر طوق الهيمنة المفروض باسم “ الشرعية الدولية. ”

ما بعد هذا الفيتو ليس كما قبله، لأن كل فيتو جديد لم يعد ورقة سياسية، بل صار وثيقة إدانة تُضاف إلى سجلّ واشنطن الأخلاقي، قبراً فوق قبر، وعاراً فوق عار.

لقد انكشفت الأقنعة، وسقطت أسطورة “ القيادة الأخلاقية ”.

أمريكا لم تعد فقط في مواجهة الضحايا، بل في مواجهة الضمير العالمي بأسره.

التاريخ لا يرحم… والذاكرة لا تُسامح

قد تُحرِّك أمريكا السياسة بفيتو، لكنها لا تملك أن تمحو الحقيقة من ذاكرة الشعوب.

فالتاريخ لا يرحم، والذاكرة لا تُسامح.

هي تحفظ الوجوه، وتُسجّل المواقف، وتُميّز من مدّ يده لإنقاذ الضحايا، ممن رفعها ليُجيز المجازر.

وفي لحظة كان فيها العالم ينشد عدالة تنقذ الأبرياء، وقفت واشنطن في صفّ الجلاد، لا الضحية.

رفعت يدها بالفيتو … بدل أن تمدّها لرفع الأنقاض عن الأطفال، ولإيقاف نزيف وطن يُباد أمام مرأى البشرية.

لكن وإن تأخر الحساب السياسي… فالحساب الأخلاقي بدأ منذ الآن.

وفي ذاكرة الضمير الإنساني، لن تُكتب هذه اللحظة إلا بعنوان واحد: “ أمريكا … الدولة التي اختارت أن تكون شريكاً في الجريمة، لا حامياً للعدالة”.

لقد بات واضحاً للعرب والعالم: أمريكا وإسرائيل لم تعودا مجرد خصمين سياسيين، بل أصبحتا السمَّ الزعاف الذي يسري في عروق قضايانا، يسمم أحلامنا، ويغتال أبسط حقوقنا في الحياة.

لكن الشعوب، وإن طال صمتها، لا تموت … والوعي حين يُولَد من رحم المجازر، لا يعود إلى النوم …نعم لن يعود إلى النوم.

مصطفى بكري.. القصيدة الأخيرة في ديوان اليَعارِبة

عاجل| حماس تدين اعتراض الاحتلال للسفينة «مادلين» وتطالب بكسر الحصار عن غزة

الصحة الفلسطينية: مستشفيات غزة تواجه خطر التوقف خلال يومين بسبب نفاد الوقود

مقالات مشابهة

  • سوريا تعود إلى الاقتصاد العالمي بعد 14 عاما من العزلة
  • بوتين: منتدى بطرسبورغ الاقتصادي منصة لصناعة المستقبل في عالم مضطرب
  • تصفيات مونديال 2026.. المنتخب القطري يختتم المرحلة الثالثة بمواجهة مضيفه الأوزبكي غدا
  • أمريكا ضد الإنسانية.. عندما يُجهَض الإجماع العالمي بفيتو واحد!
  • قادة العالم يدعون لتحرك عاجل لحماية المحيطات في منتدى موناكو
  • وزير الصحة يستقبل نظيره القطري بالمشاعر المقدسة
  • إدارة السعوديين للحج تبهر الإعلام العالمي
  • وزير الاقتصاد والصناعة يبحث مع وزير الاستثمار السعودي تعزيز التعاون وفتح آفاق جديدة للاستثمار المشترك
  • منتدى الإعلاميين الفلسطينيين: نرحب بمطالبة 130 مؤسسة دولية بفتح غزة أمام الصحافة العالمية
  • المالية: دعم القطاع الخاص لمساعدته في قيادة النشاط الاقتصادي.. نواب: خطوة جادة للحفاظ على مؤشرات الاقتصاد.. وتطوير البيئة التشريعية ضروري