لجريدة عمان:
2025-06-01@01:09:53 GMT

مخاطر التغيرات المناخية على سلطنة عُمان

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- فألقى خطابًا ساميًا يوم الاثنين الموافق 11 من أكتوبر 2021م على إثر تعرض سلطنة عُمان لأنواء مناخية استثنائية (الحالة المدارية شاهين).

حيث إنها خلّفتْ خسائرَ ماديةً كبيرة، في ممتلكات المواطنين والبُنى الأساسية، ومن أجل الإسراع في استيعاب تأثيرات الحالة المدارية، أمر جلالته - حفظه الله ورعاه- بإنشاء صندوق وطني للحالات الطارئة بهدف التعامل مع ما خلّفته هذه الحالة المدارية، وما قد يحدث مستقبلًا من حالات جوية متطرفة أو كوارث طبيعية - لا قدّر الله.

وصدرت أوامر سامية بتاريخ الثالث من أكتوبر 2021م بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار الناتجة عن الأنواء المناخية، وتوفير شتى أشكال الدعم والمساعدة للتخفيف من حدة التأثيرات.

كما وجّه جلالته -أعزه الله- أثناء ترؤسه لمجلس الوزراء بتاريخ 12 من أكتوبر 2021م كافة قطاعات الدولة بالتنسيق بينها للعمل على الجاهزية المسبقة للتعامل مع الآثار المترتبة على الحالات الطارئة مستقبلًا -لا قدر الله- وذلك من خلال وضع خطط استراتيجية لإدارة الكوارث تأخذ في الاعتبار المتغيرات المستقبلية.

إن ظاهرة التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية على مختلف القطاعات بسلطنة عُمان أصبحت واقعًا وبمعدل تكرار عالٍ، حيث تعرضت خلال الـ14 عامًا الماضية إلى حوالي 12 إعصارًا مداريًّا أي بمعدل إعصار لكل عام تقريبًا.

إن الدمار الذي تتعرض له البنية الأساسية لجميع القطاعات وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية بعد كل حالة مدارية يستوجب معه إعادة النظر في كافة الجوانب المتعلقة بالتشريعات والتخطيط والتنمية من أجل التكيف وتعزيز الصمود ورفع جاهزية القطاعات والمجتمع مع التغيرات المناخية المحتملة وما تسببه من أضرار وتحديات.

وهذا بلا شك يستوجب إعادة النظر في الجوانب المتعلقة بالشؤون المناخية من خلال إيجاد منظومة وطنية متكاملة تشمل في إطارها العام تنمية وبناء القدرات المهنية المتخصصة في مجال التغيرات المناخية وتأثيراتها وفق خطة استراتيجية وطنية هادفة وواضحة المعالم.

إن للتغيرات المناخية تداعيات سلبية مما جعل الدول تسارع في إنشاء مراكز ولجان تعنى بدراساتها؛ وذلك لإيجاد الطرق والحلول العلمية والعملية للتخفيف من آثارها المحتملة ولتعزيز الصمود والتكيف، نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر المركز الوطني للمناخ، والمركز الإقليمي للإنذار المبكر للعواصف الرملية بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا بالمملكة العربية السعودية.

وهنا تتجلى الحاجة إلى إنشاء مركز وطني متخصص يعنى بإعداد دراسات علمية رصينة للتغيرات المناخية المحتملة وطرق التخفيف من آثارها ودرأ مخاطر الفيضانات والسيول الجارفة، كذلك وضع خطط وطنية بناءً على هذه الدراسات لما يتوجب فعله قبل وأثناء وبعد حدوث الحالات المطرية الاستثنائية (المدارية منها والأخاديد الجوية والمنخفضات الجوية).

وأن تكون اختصاصاتها الآتي: إجراء دراسات عن التغير المناخي والدروس المستفادة منه، وضع تصورات مستقبلية لأوجه التخطيط العمراني والحضري والبنى الأساسية، تسهم في التعامل مع تلك التغيرات المناخية بشكل فاعل، وضع حلول عملية استباقية لمواجهة التحديات وتقليل الأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية مستقبلًا، وإجراء دراسات هيدرولوجية لمعرفة المياه المختزنة وتحديد خرائط مسارات الأودية والشعاب لتفادي إلحاق أضرار على البنى الأساسية والمساكن والسكان، وإعادة رسم مسارات الأودية وإحراماتها بما يكفل التصريف الآمن نسبيًا لمياه الفيضانات وفق إطارها الطبيعي، واقتراح أماكن إنشاء قنوات تصريف المياه والسدود، وإعادة تحديد وتنظيم التجمعات السكانية لتلافي المخاطر، واستخدام الصور الفضائية والجوية والطائرات بدون طيار (درون)، ونظم المعلومات الجغرافية ونماذج تكوينات الأعاصير والأمطار لتحليل البيانات بهدف المساعدة في اتخاذ القرار المناسب.

إن النمو العمراني في القرى والمناطق الواقعة في الأحباس العليا للمستجمعات المائية وعلى طول مسارات الأودية لا شك أن لها تأثيرات سلبية على معدلات تدفق الأودية وبالتالي رفع احتمالية تأثيرات الفيضانات للمناطق الواقعة بالمناطق الفيضية وكذلك على طول مسارات الأودية.

لذلك فإن التخطيط السليم يجب أن يشمل المستجمع المائي كاملًا كم أحباسه إلى مناطق الأودية من أجل إدارة فاعلة ومتكاملة للفيضانات.

ولا شك أن سدود الحماية والتغذية لها الأثر الإيجابي ودور فاعل في منظومة إدارة مياه الفيضانات والسيول والاستفادة منها، لذلك الحاجة ماسة لتعزيز ودعم بناء السدود مع وضع السياسات والموارد اللازمة لصيانتها المستمرة لتعزيز الاستفادة منها في الحماية من مياه السيول الجارفة، وكذلك في حصاد مياهها لرفد المخزون الجوفي، هذا بالإضافة إلى المحافظة على مسارات التصريف لمياهها لحماية المناطق الواقعة أسفلها.

وتبدو الحاجة ماسة في جميع الأحوال لإنشاء جهة مختصة لدراسة هذه الظواهر وأبعادها وتأثيراتها على التنمية والمجتمع والإنسان والسكان والمنشآت.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التغیرات المناخیة

إقرأ أيضاً:

“طرق الحج”.. من دروب المشقة والخوف إلى مسارات الراحة والأمان

البلاد – العلا شكّلت طرق الحج عبر العصور شريانًا روحيًا وتاريخيًا، يربط قلوب المسلمين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وشهدت هذه الطرق تحولات كبرى، انتقلت فيها الرحلة من مشقّة الصحراء ومخاطر الطريق إلى راحة الوصول وأمان المسير في ظل عناية المملكة بضيوف الرحمن. ففي الماضي، كانت قوافل الحجيج القادمة من مختلف الأقطار تمر عبر مسارات شاقة، كدرب الحج الشامي والمصري والعراقي واليمني، تعبر من خلالها الجبال والصحارى، وتواجه تقلبات الطبيعة وندرة الماء، فضلًا عن احتمالات انقطاع الإمداد أو التعرض للخطر. وكان الطريق يستغرق شهورًا، ويعتمد الحجاج على محطات الاستراحة والآبار المنتشرة على طول المسار، بالإضافة إلى جهود الأهالي والقبائل في تأمين الغذاء والمأوى.

ورغم كل تلك التحديات، كانت هذه الرحلات تمثل تجارب إيمانية عميقة، يتجلّى فيها الصبر والتوكّل، وتُسجّل في مدونات التاريخ بروايات الرحالة والمؤرخين، الذين وصفوا تفصيلًا مشقّة الطريق وأحوال الحجيج. ومع توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- بدأ فصل جديد من التغيير الجذري في مسارات الحج، حيث أُنشئت شبكات طرق برية وخطوط سكك حديدية وموانئ ومطارات، رافقها تطوير منظومة النقل والخدمات اللوجستية، حتى أصبحت الرحلة التي كانت تستغرق شهورًا لا تتجاوز اليوم بضع ساعات، محاطة بأعلى معايير السلامة والرعاية. وفي إطار هذه النقلة النوعية، شهدت المملكة توسعًا كبيرًا في شبكات المطارات المنتشرة في جميع مناطقها، حيث أصبحت بوابات جوية متكاملة على مدار العام، تستقبل مئات الآلاف من الحجاج والمعتمرين من مختلف أنحاء العالم. وقد خضعت هذه المطارات لتحديثات شاملة، شملت التوسعة، ورفع الطاقة الاستيعابية، وتطوير مرافقها بما يواكب الزيادة المستمرة في أعداد الزوار. كما اعتمدت منظومة الحج على أحدث الحلول الرقمية والتقنيات الذكية، التي سهّلت الإجراءات بشكل غير مسبوق، من خلال أنظمة إلكترونية متكاملة تُدار بذكاء اصطناعي، تتيح تتبع حركة الحشود، وإصدار التصاريح، وتقديم الخدمات التوعوية واللوجستية بمرونة وسرعة، عبر تطبيقات ذكية متعددة اللغات. ومن أبرز المبادرات الرائدة في هذا السياق، مبادرة “طريق مكة”، التي أطلقتها المملكة لتيسير إجراءات الحجاج من بلدانهم، إذ يتم استكمال كافة إجراءات الدخول من المطارات في الدول المستفيدة، بما في ذلك التحقق من الوثائق، إصدار تأشيرات الدخول، تسجيل الخصائص الحيوية، والتخليص الجمركي، لتصل أمتعة الحاج مباشرة إلى مقر إقامته في المملكة، في تجربة تُجسّد التكامل التقني والخدمي من نقطة الانطلاق حتى الوصول.

وعلى الصعيد الإنساني، عززت المملكة خدماتها بحضور تطوعي واسع، بمشاركة آلاف المتطوعين في الميدان، لتقديم الدعم والإرشاد والمساندة، مما يعكس روح العطاء والتكافل، ويُجسّد القيم السعودية في خدمة ضيوف الرحمن، وتوفير تجربة حج استثنائية ترتقي إلى تطلعات القيادة الرشيدة. واليوم، تواصل المملكة تقديم نموذج متقدم في إدارة شؤون الحج، من خلال رؤية المملكة 2030، التي وضعت خدمة الحجيج في صدارة أولوياتها، عبر تطوير البنى التحتية والمرافق الذكية في المشاعر المقدسة، وتيسير التنقل بين المواقع بوسائل حديثة، تشمل القطارات، والحافلات الترددية، والطرق السريعة، إلى جانب أنظمة إلكترونية تسهم في تنظيم الحشود وتيسير الإجراءات. ويؤكّد هذا التحول الشامل التزام المملكة الراسخ بخدمة الإسلام والمسلمين، ويجسّد رسالتها في توفير أجواء آمنة ومريحة لحجاج بيت الله الحرام، ليؤدوا مناسكهم بطمأنينة، مستشعرين عمق الرسالة ومهابة المقصد. وتبقى طرق الحج، من الماضي إلى الحاضر، شاهدًا حيًا على تطور هذه البلاد المباركة، وسعيها المستمر لجعل الرحلة الإيمانية أكثر رحابة وسلامًا.

مقالات مشابهة

  • تعزيز قدرات الإعلاميين حول التغيرات المناخية محور لقاء نظمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومديرية البيئة بمراكش (فيديو)
  • مستشار الرئيس للشؤون الزراعية: التغيرات المناخية لم تكن مفاجئة
  • "طريق المشاة" في المشاعر المقدسة.. أطول مسارات الحج وأكثرها تطورًا
  • طلب إحاطة عاجل لمواجهة آثار التغيرات المناخية على الإسكندرية
  • الأرصاد تتوقع هطول أمطار غزيرة تسبب جريان الأودية
  • محافظ كفرالشيخ يعلن رفع درجة الاستعداد لمواجهة التغيرات المناخية
  • أمانة التنمية المجتمعية بالإسكندرية تنظّم ندوة حول التغيرات المناخية
  • “طرق الحج”.. من دروب المشقة والخوف إلى مسارات الراحة والأمان
  • محمية الدبابية بصعيد مصر ... نافذة علمية استثنائية لفهم التغيرات المناخية عبر العصور الجيولوجية
  • التغيرات المناخية وأثرها على مستقبل الاستزراع السمكي .. ورشه عمل بدمياط