الزعيم عادل إمام.. 60 عاما من اللعب مع الكبار
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
يعد عادل إمام صاحب إحدى أطول المسيرات الفنية الممتدة في الوطن العربي، فخلال 6 عقود، أثرى الفنان المصري، الذي يحتفل اليوم بميلاده الـ84، المكتبة الفنية برصيد من الأعمال الفنية تجاوز الـ170 عملا متنوعا بين السينما والمسرح والدراما التلفزيونية، وأن يحافظ على نجوميته، ويتصدر المشهد الفني دون أن يتراجع عن المكانة الفنية والشعبية التي حظي بها.
في ستينيات القرن الماضي، ظهر إمام لأول مرة على الساحة الفنية من خلال دور ثانوي أسند له في مسرحية "أنا فين وأنت فين" مع نجم الكوميديا في هذه المرحلة فؤاد المهندس، لينطلق بعدها بعيدا عن مسرح الجامعة، حيث كان طالبا في كلية الزراعة، وقدم العديد من الأدوار الثانوية، ثم الدور الثاني مع كبار الفنانين في هذا الوقت.
وجذبت الموهبة التي يتمتع بها "الزعيم" المنتجين والمخرجين لمنحه فرصة البطولة وهو ما تحقق له في أوائل السبعينيات وبالتحديد في عام 1973 من خلال فيلم "البحث عن فضيحة"، وهو آخر أعمال الكاتب الراحل أبو السعود الإبياري الشريك في نجاحات نجم الكوميديا الراحل إسماعيل ياسين، ومن إخراج نيازي مصطفى.
وكان إمام قبلها انطلق مسرحيا من خلال "مدرسة المشاغبين" مع فرقة المتحدين، والتي حققت شعبية ونجومية كبيرة له جعلت المنتج والمخرج سمير خفاجي يسند له بطولة منفصلة عن باقي أفراد الفرقة في "شاهد مشفش حاجة" ونجح في تحقيق نجاح منفرد.
وتمكن في تلك المرحلة أن يصبح الممثل الكوميدي الأول في عالم السينما، فتصدر البطولات السينمائية والمسرحية وهي المرحلة التي اعتمد فيها على كثافة الإنتاج.
العمق والقضايالم يكتف عادل إمام بالنجومية التي حققها من خلال الكوميديا، فإلى جانب الموهبة، امتلك ذكاء فنيا، جعله يعمل على تحقيق توازن وتنوع في الاختيارات، وأن يؤسس لمرحلة مختلفة مع ثمانينيات القرن الماضي وتقديم شخصيات مختلفة عن النمط السائد الذي اشتهر به. واستمر في تصدر المشهد الفني متفوقا على أبناء جيله في ذلك الوقت وتصدر الإيرادات، لحرصه على الكثافة في الأعمال، إلى جانب التنوع في الموضوعات والقضايا.
وركز على رصد قضايا سياسية واجتماعية عبر خلالها عن واقع المجتمع المصري وأحلامه من خلال الثنائية التي جمعته بالكاتب الراحل وحيد حامد، حيث قدما سويا أول عمل لهما عام 1978 وهو "أحلام الفتى الطائر".
وقدما لاحقا العديد من القضايا في السينما، منها "الإرهاب والكباب"، و"المنسي"، وبيع شركات القطاع العام في "اللعب مع الكبار"، وواجه ظاهرة الإرهاب التي وصلت ذروتها في تسعينيات القرن الماضي في "طيور الظلام"، وقدم أيضا "الإرهابي" مع الكاتب الراحل لينين الرملي.
وإلى جانب الاهتمام برصد القضايا التي تشغل المواطن المصري والعربي، والأفلام التي حملت قيمة فنية التي قدمها مع وحيد حامد، انشغل عادل إمام بتطوير مشروعه الفني بالتنوع على مستوى الأداء التمثيلي ونوعية الأعمال، فقدم الكوميديا والتراجيديا والميلودراما التي يميل إليها الجمهور المصري في أفلام مثل "أمهات في المنفى"، و"الغول".
وكون ثنائيا مع المخرج سمير سيف، وقدم معه عددا من أفلام الحركة والأكشن مثل "شمس الزناتي"، و"النمر والأنثى"، و"المولد"، ومع نادر جلال في "جزيرة الشيطان" و"سلام يا صاحبي".
امتلك "الزعيم" بوصلة فنية جعلته قادرا على مواكبة المستجدات، وهو ما مكنه من الاستمرارية والحفاظ على مكانته بعد ظهور جيل المضحكين الجدد في بداية الألفية، ونجاح محمد هنيدي، وعلاء ولي الدين، ومحمد سعد في تصدر الإيرادات، وهنا اعتمد على منهج فني مختلف جعله يحافظ على مكانته وعدم خفوت نجمه رغم ظهور جيل جديد.
اعتمد الممثل الكبير على الكيف والتقليل بدلا من الكثافة والكم، مع تقديم أدوار مختلفة في الأداء والشكل واختيار أعمال تناسب مرحلته العمرية والعمل مع مؤلفين ومخرجين جدد وأبرزهم في هذه المرحلة الكاتب يوسف معاطي.
وبخبرته الممتدة لسنوات، ركز إمام على تصدر الإيرادات من خلال تقديم أفلام تتناسب مع المواسم السينمائية مثل الأعياد، وأعمال أخرى أكثر ثقلا تناسب الموسم السينمائي الصيفي، واعتمد منهجه في تلك المرحلة على تقديم القضايا بشكل أبسط مع الحفاظ على النقد الاجتماعي الذي ميز أعماله من خلال الـ"فارس كوميدي" وابتعد عن الكوميديا السوداء التي قدمها في الثمانينيات والتسعينيات.
وفي 1993، قدّم مسرحية "الزعيم" التي حققت نجاحا لافتا لدرجة أن اسمها تحوّل إلى لقب بات يُطلق على عادل إمام.
كما تناول الصراع العربي الإسرائيلي بشكل مباشر وواضح من خلال فيلم "السفارة في العمارة" مع يوسف معاطي وإخراج مروان حامد، واهتم برصد الفساد الانتخابي في "بخيت وعديلة.. الجردل والكنكة"، وتناول أيضا قضايا فساد بعض رجال الأعمال في أفلام مثل "بوبوس"، و"مرجان أحمد مرجان"، ورصد حال المصريين في أميركا في فيلم "هالو أميركا".
وإلى جانب القضايا السياسية، اهتم إمام أيضا برصد نماذج إنسانية في أفلام مثل "التجربة الدانماركية"، فجسد نموذج أب لديه 4 أبناء كبار عمل جاهدا على تربيتهم بعد وفاة زوجته، لكنه يعاني من مشاكل الحرمان العاطفي، حتى يقع في حب فتاة يتعرف عليها خلال عمله وزيرا للشباب والرياضة.
وظهر إمام بعدها كأب يشعر بالغيرة الشديدة على ابنته، ورفض زواجها في "عريس من جهة أمنية"، وفي "ألزهايمر" وهو آخر ظهور سينمائي له عام 2010 قدم نموذج الأب الذي يحاول أبناؤه الاستيلاء على أمواله ويدعون أنه يعاني من مرض ألزهايمر.
وكانت الدراما التليفزيونية هي محطته الأخيرة، وحافظ في الدراما على تناول القضايا التي حققت له شعبية كبيرة، ففي "فرقة ناجي عطا الله" تناول مجددا المواجهة مع إسرائيل، وأعقبها بأعمال مثل "العراف"، و"عفاريت عدلي علام"، و"صاحب السعادة"، و"عوالم خفية"، ثم قدم آخر أعماله "فلانتينو" في عام 2020.
وعلى الرغم من ابتعاد عادل إمام عن الساحة الفنية منذ آخر أعماله، فإنه لا يزال موجودا برصيده الفني المتنوع والغزير والتكريمات التي حصل عليها خلال مشواره، وكرم في السنوات الأخيرة، في الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي 2017، وتم تكريمه مع بداية العام الحالي في السعودية في احتفالية الـ"جوي آورد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات عادل إمام من خلال
إقرأ أيضاً:
الروضة تُشرق اقتصاديا
تشكل المناطق الصناعية حالة الازدهار للدول، وركائز أساسية للاقتصاد فـيها وعصب الحياة لها فـي تثبيت قدراتها وبناء مستقبل أجيالها وتمدها بالحياة؛ لتستمر وتبقى وتضيف على ما أنجزت حتى تحقق أهدافها التكاملية.
منطقة الروضة الخاصة بولاية محضة بمحافظة البريمي التي احتفلت الأسبوع الماضي في مسقط بالتوقيع على اتفاقية بين الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، مع شركة محضة للتطوير لتشغيل المرحلة الأولى من المنطقة الاقتصادية الخاصة بالروضة، والتي شكلت تجربة أولى فـي شراكة عمانية إماراتية من خلال مجموعة موانئ دبي العالمية « دي بي وورلد» تبرز كواجهة اقتصادية.
المشروع يمثّل حالة إنعاش لمنطقة الروضة ومحافظة البريمي بشكل عام وذلك من خلال الاستثمار الاستراتيجي لموقع الروضة الذي يشكل نقطة المنتصف بين ميناءي صحار وجبل علي بدبي، وستكون مرحلته الأولى على مساحة 14 كيلومترا، على أن تكون المرحلة الثانية على مساحة 11 كيلومترا مربعا لتبلغ المساحة للمرحلتين 25 كيلومترا مربعا ولمدة 50 سنة قادمة، وتبلغ تكلفة المرحلة الأولى ملياري دولار أي فـي حدود 772 مليون ريال عماني.
الأبعاد الاستراتيجية لهذا المشروع هو أنه يحقق أهداف «رؤية عمان 2040»، ويفتح المزيد من الآفاق فـي التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين فـي مشروعات قادمة، مما يزيد من الروابط والمصالح والتعاون والشراكات داخل البلدين وخارجها، إضافة إلى أنه سيوفر فرص عمل إضافـية وسيكون بيئة حاضنة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب الشركات الكبيرة، وسينعش منطقة الروضة ويسلط عليها الأضواء داخليًا وعالميًا مع امتيازات الإعفاءات الجمركية لمدة 15 سنة وتحويل الأرباح بحرية والتي أعلن عنها، ويخفف على المستثمرين ويمنحهم حق التملك الكامل لهم فـي مشروعات.
كما سيوفر المشروع الخدمات والبنى الأساسية للمنطقة مما يجعلها مدينة اقتصادية مزدهرة فـي قادم الأيام.
هذه المنطقة خلال فترة ليست ببعيدة ستشكل مرفقا اقتصاديا مهما لسلطنة عُمان على غرار منطقة الدقم الخاصة وأيضاً المناطق الصناعية فـي صحار وصلالة وستعطي خيارًا أمثل للمستثمر القادم لإقامة مشروعاته فـي سلطنة عمان وتبني المزيد من الثقة مع المستثمرين العالمين الذين يبحثون عن الأمان لرؤوس أموالهم، وبالتالي ستقود هذه المناطق الأربع الكبيرة الاقتصاد خلال المرحلة القادمة وستكون القاعدة التي ينطلق منها الاقتصاد العماني إلى العالمية على ضوء الجهود التي تبذلها القيادة فـي تعزيز مسيرة الاقتصاد والتجارة والاستثمار والسياحة فـي المرحلة القادمة.
الجانب المهم أن عديد الشركات العالمية أبدت رغبتها فـي الحصول على فرصة المشاركة فـي المشروع الجديد الذي سيركز على أنشطة متعددة تمثل احتياجات أسواق العالم كالصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية والمستودعات والصناعات البلاستيكية والدوائية والطبية والغذائية والتعدينية، وخدمات الأمن والسلامة، مع توفـير المحطة الواحدة لإنهاء الإجراءات، وتتميز أيضًا بقربها من أسواق آسيا وإفريقيا وأوروبا.
فـي الجانب الاجتماعي ستتطور بجانبها الأحياء السكنية وستشكل لبنة لمدينة عصرية ومركزا حضاريا يتوسط المحافظات وعددًا من المدن فـي الإمارات، كما ستكون مركز جذب للمعرفة والتقنيات الحديثة والأسواق والفنادق، وتوفر مكانًا للأعمال وبيئة محفزة تساعد على تحقيق التنمية المستدامة وتوفـير البنية الأساسية لها مما يضمن العيش الكريم لسكانها والمقيمين فـيها.