اتفق محللون سياسيون -تحدثوا لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- على أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان استصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، يعد سابقة تاريخية بكل المعايير، ويضع دول العالم ومؤسساته أمام اختبار حقيقي لقياس مدى احترام القوانين والأعراف الدولية.

وفي وقت سابق، أعلن خان أنه قدّم طلبات إلى المحكمة لاستصدار أوامر اعتقال بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة ضد الإنسانية، في ما يتعلق بالحرب في غزة وهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال خان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت يتحملان المسؤولية عن الجرائم ضد الإنسانية في غزة، وأضاف أن الأدلة خلصت إلى أن مسؤولين إسرائيليين حرموا بشكل ممنهج فلسطينيين من أساسيات الحياة، وأن نتنياهو وغالانت متواطئان في التسبب في المعاناة وتجويع المدنيين في غزة.

وفي حديثه للبرنامج، لفت الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة إلى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي وقيادته لم يتعرضوا في أي وقت سابق لهذه الموجة من الملاحقات القضائية، مما جعلهم في قفص الاتهام بشكل غير مسبوق.

وأضاف أن ذلك يعد لدى الاحتلال وقياداته مسألة خطيرة، تهدد ما يعمل نتنياهو على إقراره من محاولة شرعنة ما يقوم به جيشه في قطاع غزة باعتباره دفاعا عن النفس، حيث يراه المدعي العام يتناقض مع القانون الدولي ويشكل بصورة ما قتلا للمدنيين خارج إطار الشرعية.

سياق عام

وأشار المحلل السياسي إلى أن ذلك يأتي في سياق عام شمل مواقف من قبل الجمعية العام للأمم المتحدة، وكذلك تفاعلات في مجلس الأمن الدولي ضد السلوك الإسرائيلي، إضافة إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، وأخيرا طلب المدعي العام للجنائية الدولية.

ولا يقف الأمر عند الأزمة التي يعيشها الاحتلال بسبب هذه الضغوط المتلاحقة، بل يتجاوزه -حسب الحيلة- إلى إحراج الدول الداعمة له والممدة له بالسلاح، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لأنه يجعل منها شريكا غير مباشر في تلك الجرائم، وهو الأمر الذي يفسر حالة الاستفزاز التي تعيشها واشنطن وهجومها الحاد على إعلان خان.

لكنه في الوقت ذاته، يرى إشكالية في توحيد المدعي العام معاييره تجاه الطرفين (الاحتلال وحماس)، في ظل ازدواجية معاييره في الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية، حيث زار سرا أهالي أسرى الاحتلال وقتلاه، في حين لم يقابل أيا من الجانب الفلسطيني.

وأكد الحيلة أنه في حال تم رفض الأمر، فإن ذلك بمثابة مسمار في نعش المؤسسات الدولية، مضيفا أن المشهد يحمل اختبارا حقيقيا لدول العالم ومنظوماته ومؤسساته الدولية.

ازدواجية المعايير

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية الدكتور حسن أيوب أن واشنطن مارست ازدواجية المعايير في تعاملها مع الجنائية الدولية، فرغم كونها ليست عضوا بها، فإنها تعاونت بشكل قوي معها وقدمت الوثائق والأدلة حين إصدار قرار بطلب اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما تقوم بالعكس في هذه القضية.

وأشار في تعليقه إلى أن مجريات الأحداث منذ عملية طوفان الأقصى تفقد إسرائيل بشكل متسارع مسوغات شرعيتها حتى ادعاءها بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، وأنها ترى أن الأوضاع أوصلتها لنقطة مرعبة لها ولحلفائها بسبب انحسار تلك الشرعية.

ومع اتفاقه بشأن اعتبار طلب إصدار أمر الاعتقال "سابقة تاريخية"، إلا أن أستاذ العلوم السياسية اعتبر كذلك تجاهل خان للإحالات السابقة المتعلقة بالضفة الغربية يؤكد ازدواجية المعايير لديه، مضيفا أن هذا القرار يمكن أن يكون رافعة في سياق مواجهة الاحتلال على الرغم من كل الانتقادات الموجهة له.

وأضاف أيوب أن هذا الإعلان سيقطع الطريق على محاولات إعاقة قرار المحكمة الابتدائية بإصدار مذكرات اعتقال، لكنه في الوقت نفسه يقيد المحكمة بقيد قائم على نوع من التوازن السياسي، لكي لا يستفز الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة.

إعلان ذكي

في حين لا يتوقع المحامي والخبير في القانون الدولي الدكتور سعد جبار أن تحول التهديدات والضغوط الأميركية دون صدور قرارات الاعتقال، لأن المدعي العام كان ذكيا بإعلانه طلب استصدار القرار من هيئة المحكمة، وهو الأمر الذي يعطيه حماية أكثر ويشدد على المحكمة أن تقوم بواجباتها دون مماطلة.

واتفق جبار مع وجود إشكالية في اتهام قيادات من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رغم أنه يرى أن الاتهامات الموجهة لها تحتاج إلى تحقيق دولي مستقل من قبل هيئات الأمم المتحدة، لافتا إلى أن هناك تجاوزا كبيرا في المساواة بين الجانبين رغم الفارق الكبير في النسبة والتناسب مع ما ذكر من أعداد ضحايا الجانبين.

وأبدى الخبير في القانون الدولي تفاجؤه بغياب تهمة "الإبادة الجماعية" عن قائمة التهم الموجهة لنتنياهو ووزير دفاعه، لكنه لم يستبعد أن يتم ضمها في المستقبل مع توسيع قائمة المتهمين في القضية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات المدعی العام إلى أن

إقرأ أيضاً:

“العمل الدولية” تصوت لصالح ترقية عضوية فلسطين إلى “دولة مراقب”

جنيف – صوّت المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولي على المستوى الوزاري الرفيع المستوى في جنيف في دورته الـ113، امس، لمصلحة رفع عضوية فلسطين من حركة تحرر وطني إلى دولة مراقب غير عضو في منظمة العمل الدولية. وصوّت لمصلحة القرار 386، مقابل 15 ضد، فيما امتنع 42 عن التصويت، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”. وفي تعقيبه على نتائج التصويت، قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في جنيف، السفير إبراهيم خريشي: “هذا الإنجاز خطوة جديدة على طريق تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة”. بدورها، رأت وزير العمل الفلسطينية إيناس عطاري أن “هذا القرار، جاء اقتناعا بعدالة القضية الفلسطينية، وهو يمنح دولة فلسطين حقوقا موسعة كمراقب في منظمة العمل الدولية، ويتماشى مع مكانتها في الأمم المتحدة، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ES-10/23 الصادر في أيار/ مايو 2024، والوكالات الأخرى مثل اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية”. من جانبه، قال الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين شاهر سعد: “هذا التصويت يعد إنجازا لفلسطين، في منبر دولي يتيح المجال، لعرض قضايا العمال الفلسطينيين، خاصة في ظل الاحتلال والانتهاكات، إضافة الى إمكانية بناء علاقات مع منظمات عمالية ونقابية دولية، والاستفادة من البرامج التدريبية والفنية التي تقدمها المنظمة، تعزيز الاعتراف الدولي بمكانتها كدولة”. تجدر الإشارة إلى أن أعمال الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولي، انطلقت الاثنين الماضي وتنتهي الجمعة في 13 حزيران/ يونيو 2025، بمشاركة وفود ثلاثية تمثل أكثر من 187 دولة عضوا في منظمة العمل الدولية، تشمل ممثلين عن الحكومات وأصحاب العمل والعمال. المصدر : سبوتنيك

مقالات مشابهة

  • ياغي: لا ديمقراطية في منظمة العمل الدولية بلا حقوق نقابية للقطاع العام
  • إسرائيل تدعو إلى إخلاء ثلاثة موانئ يمنية حتى إشعار آخر
  • دعوى قضائية ضد ترامب من المدعي العام لولاية كاليفورنيا| تفاصيل
  • المدعي العام لولاية كاليفورنيا يتوعد ترامب.. ويطالب المحكمة بإلغاء قراره بشأن الحرس الوطني
  • معلومات حصرية عن تهديد بريطاني سابق موجه إلى الجنائية الدولية
  • محللون: تصدع بين حكومة الاحتلال وجيشه بسبب مستنقع غزة
  • الوفود الإعلامية الدولية المشاركة في تغطية موسم الحج تزور مركز القيادة والتحكم في المشاعر
  • مفاجأة من المحكمة الدولية في شكوي بيراميدز ضد الأهلي
  • “العمل الدولية” تصوت لصالح ترقية عضوية فلسطين إلى “دولة مراقب”
  • المدعي العام يقرر توقيف فتاة أساءت لبلد شقيق وجمهوره 7 أيام