عزباء وبلا أطفال ووحيدة: النسوية خذلتني وخذلت جيلي
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
تقول الكاتبة النسوية بترونيلا وايت إنها نشأت متشبعة بمعتقدات الحركة النسوية، لكنها تشعر الآن مع العديد من صديقاتها في الحركة بأن النسوية قد خذلتهن وخذلت جيلهن، ولا ينبغي السماح للنسوية بتدمير حياة الأجيال القادمة.
وأبدت وايت، في مقال لها بصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، ندما وتحسرا عميقين على ما أسمته ضياع عمرها في اعتناق وممارسة مبادئ الحركة النسوية.
وحكت أنها لا تزال تلتقي كل اثنين بمجموعة من صديقاتها في مطعم بلندن، ويجلسن على طاولة بالقرب من النافذة، ويناقشن ما آلت إليه حياتهن، قائلة إن لديهن أشياء كثيرة مشتركة، فهن جميعهن في منتصف الـ50 من العمر ومهنيات ومتعلمات تعليما عاليا، ومع ذلك يشعرن بأن هناك فراغا كبيرا في حياتهن، "جميعنا عازبات ومن دون أطفال".
الغرب تجاوز النسويةوأشارت إلى أن العالم تغيّر الآن بطريقة قد تجدها النسويات الأوائل غير مفهومة، وأعربت عن اعتقادها واعتقاد صديقاتها بأن الغرب قد تجاوز الفلسفة النسوية، وأنها أصبحت ضارة.
وتساءلت عن مكانة النساء مثلها في المجتمع عندما يصلن إلى منتصف الخمسينيات من العمر ويجدن أنفسهن وحيدات؟
وتحدثت عن بعض ذكرياتها المتعلقة بالنسوية، قائلة إنها عندما كان عمرها 13 عاما كانت هدايا عيد الميلاد من عمتها النسوية ليب كُتبَ غلوريا ستاينم وسيمون دي بوفوار، التي تعتبر أم النسوية الحديثة، مشيرة إلى أن عمتها هذه كانت واحدة من المسلحات اللائي اشتهرن بتعطيل مسابقة ملكة جمال العالم عام 1970.
وقالت أيضا إنها وزميلاتها شاهدن فيلم ماري بوبينز الشهير، وقدسن بإصرار إحدى شخصياته، وهي المرأة العازبة، ولم يلاحظن قط الحزن الذي يظهر من وقت لآخر وراء عينيها، وتعاطفن مع السيدة بانكس التي ناضلت من أجل حق الاقتراع، في وقت كن فيه يتساءلن عن سبب عدم ترك زوجها "البليد".
مارغريت تاتشروذكرت أن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، النسوية بحكم الواقع، كانت إحدى بطلاتهن.
ونسبت إلى إحدى صديقاتها غير المتزوجات قولها إن مدرستها جعلتها تشعر كما لو أن الزواج مخجل.
وقالت "تاريخيا، كان للحجة النسوية منطقها". ففي الأيام الخوالي، عندما كانت النساء يرتبطن أولا بآبائهن ثم بأزواجهن كن يعشن حياة لا يحسدن عليها، ومع ذلك إذا حصلت المرأة على تعليم جيد، فيمكنها أن تكسب عيشا مريحا وتصبح في حل من ضرورة قبول الرجل لها. وإذا طغت عليها الرغبة في الزواج والأطفال من شبه المؤكد أنها ستفقد وظيفتها.
وقالت إن أحد الأسباب الرئيسية للتعاسة هو الشعور بأن المرء غير محبوب، في حين أن الرفقة والشعور بالحب يعززان السعادة أكثر من أي شيء آخر.
وأوردت أن واحدة من كل عشر نساء بريطانيات في الخمسينيات من أعمارهن حاليا لم تتزوج قط وتعيش بمفردها، ووصفت ذلك بأنه أمر ليس ممتعا ولا صحيا.
الآن أدفع الثمنونقلت عن صديقتها سالي (55 عاما)، التي وصفتها بالجميلة وذات عيون باللون النيلي، قولها لها ذات مرة "أشعر باستمرار أنني غير مرغوب فيّ كامرأة لأن الحركة النسوية علمتنا أن الأنثى التقليدية هي مجرد صورة نمطية اخترعها الرجال لإبقائنا في الأسفل. ووفقا لذلك، كنت ضد الرجال لدرجة طردهم بعيدا. الآن، أنا أدفع ثمن هذا".
وقالت إن دراسة حديثة أجراها معهد طبي أميركي توصلت إلى أن الشعور بالوحدة هو السبب الرئيسي للاكتئاب بين الإناث في منتصف العمر، وتحسرت "كان يجب علي أن أعرف، لأنني وقعت مؤخرا فريسة للمرض العقلي (الاكتئاب) الذي لا يرحم"، وأشارت إلى أن العديد من صديقاتها العازبات يعانين حاليا من الاكتئاب النابع من الوحدة التي لا تتحملها "حتى قطط الزقاق".
واعترفت الكاتبة بأن الثقة العامة بالنفس تأتي من التعود على تلقي الحب، خاصة حب الجنس الآخر، وأن المرأة التي لديها زوج وأطفال تقبل عاطفتهم كقانون من قوانين الطبيعة، وأن ذلك ذو أهمية كبيرة لصحتها العقلية ونجاحها.
مؤسسة الأسرةومع ذلك، من بين جميع المؤسسات الموروثة من الماضي، لم تتعرض أي مؤسسة للرفض من قبل النسوية أكثر من مؤسسة الأسرة. وتشعر العديد من النسويات بأن الأمومة عبء أثقل بكثير مما كانت تفعله جداتهن بسبب ساعات العمل الطويلة وتشويه سمعة ربة المنزل. فهل من المستغرب أن معدل المواليد قد انخفض؟
ونقلت عن صديقة أخرى لها قولها إنها كانت مبرمجة على عدم القبول بأي أعباء، خاصة الأطفال، أو على الأقل الانتظار حتى تترسخ قدماها في مسيرتها المهنية، لكنها الآن كبيرة في السن و"قد أبحر قاربها".
اكتئابها أنهكهاوقالت إنها في الآونة الأخيرة، وبعد أن أصبح اكتئابها ينهكها، كانت لديها طالبة تبلغ من العمر 20 عاما تعيش في منزلها (منزل الكاتبة). وبعد أسبوع من التعارف، اتضح للكاتبة أن فكرة عدم الزواج وعدم الولادة قبل سن 30 عاما كان لعنة لطالبتها، التي ترفض ذلك تماما. وأضافت "باختصار، أرادت طالبتي أن تجري حياتها مثل النساء العاديات".
وختمت وايت مقالها بالتأكيد على أن النسوية التي نشأت عليها قد أخطأت في تعليم بنات جنسها التصرف والتفكير مثل الرجال، ووصفت ذلك بالخطأ الخطير الذي لا تزال النساء مثلها يدفعن ثمنه، مؤكدة مرة أخرى أن الوقت قد حان لإعادة ضبط ثقافية قد يكون فات أوانها لها ولصديقاتها، "لكن لا ينبغي السماح للنسوية بتدمير حياة الأجيال القادمة أيضا".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نتيجة حرب ترامب على اليمن كانت عكسية
محمد حسن زيد
بعقليةِ الحريصِ على تحقيقِ ربحٍ مالي سهلٍ ظن ترامب أن القوةَ العسكريَّةَ الأمريكية أدَاةٌ مهمَّةٌ لممارسة الضغوط أثناء المفاوضات في حروبه التجارية التي فتحَها مع العالم، لكنه لم يدخل البيتَ الأبيضَ إلا وهو يعلمُ أنها مكلفةٌ جِـدًّا.
وبالتالي؛ لا بد من تقليص ميزانيتها؛ كونها سببًا رئيسًا لوصول ديون أمريكا إلى أرقام فلكيةٍ يصعب أن نتخيلها، لكنه كلاعب “بوكر” محترف أراد أن يلوِّحَ بالقوة العسكرية الأمريكية كورقةٍ رابحة؛ فبحث عن أضعفِ نقطة ممكنة ليستعرضَ فيها قوةَ أمريكا فوجد اليمن!
بلدٌ مدمّـر لم ينفض غُبارَ الحروب والصراعات منذ العام 2011م. بلدٌ فقيرٌ يعد من أفقر بلدان العالم؛ ومفكّك لن يشكِّلَ أيَّ تَحَدٍّ، بل سيكونُ المكانَ المثاليَّ لاستعراض عضلات أمريكا الفتَّاكة، وتوجيه رسائلَ قوية للصين وروسيا وإيران ودولِ الخليج والعالم أجمعَ، لترميمِ ما تآكل من هيبة أمريكا أَيَّـام “أوباما وبايدن”. لكن ما الذي حدث؟
اليمن التي ظنها ترامب أضعفَ نقطة تحوَّلت إلى تحدٍّ عظيم ومعضلة خطيرة، الطائرات الشبحية الاستراتيجية لم يكن لها التأثيرُ المرجو، بل أصبحت هدفًا قريبَ المنال بعد إسقاط أكثرَ من عشرين طائرة “درون – إم كيو9″، ثم طائرة “إف 18”.
حاملةُ الطائرات العملاقة ووَحْشُ البحار الفتاكة “ترومان”، لم تكن بمنأىً عن مشاهدَ من مسلسل الإذلال؛ فقد نابها الجزءُ الأخطرُ في تاريخها، وفرَّت هاربةً إلى شمالي البحر الأحمر، بعد أن استعانت بأُخرى أكبرَ منها ظلت بعيدةً ومتواريةً عن الأنظار اليمنية وسط َالمحيط الهندي.
وفيما بنكُ الأهداف المتاحة أصبحت الأسواقَ والموانئ المدنية والمقابرُ وبعضُ المنازل السكنية، ظهر العملاءُ عاجزين جبناءَ يبحثون فقطْ عن المال والمناصب الجاهزة، واتضح أن لا إمْكَانيةَ لديهم في تحقيق أيِّ اختراق عسكري.
ليس هذا فحسب، بل ظل اليمن -وهو تحَت أقسى الضربات الأمريكية- مُستمرًّا في إسناد غزة، وفارضًا قواعد اشتباك لم يشهد التاريخ أن سبقهُ إليها أحدٌ من العالمين، في معركةٍ أدخل ضمنها أسلحةً أكثر فتكًا وأبعد مدىً، وبما يستجيب لكل مراحلها.
هُنا؛ وجد ترامب نفسه مضطرًّا لإعلان وقف العدوان على اليمن؛ فصدم الإعلانُ العدوَّ قبل الصديق، وباتت الحقيقةُ جليةً؛ أن نتيجةَ حرب ترامب على اليمن جاءتْ بنتائجَ عكسيةٍ تمامًا؛ فهيبةُ أمريكا تآكلت أكثرَ، ومَن راهنوا عليها خائفون أكثر، وأعداؤها آمنون أكثر.
ومن نافلة القول: إن كانت الولاياتُ المتحدة الأمريكية قد عجزت عن تركيعِ اليمن، وهي بكامل قوتها وجبروتها وغطرستها؛ كيف بها سترفعُ عينَيها غدًا أمامَ الصين أَو روسيا أَو إيران؟!