تشكل القدرات النوعية من الأسلحة والجيوش المدربة في العصر الحاضر أهمية كبرى، للآثار المترتبة عليها، فبإمكان سلاح متطور كالمسيَّرات والصواريخ البرمائيات من المسيَّرات أن تحدث تفوقا نوعيا بدلا من الاعتماد على الجيوش والأسلحة التقليدية التي يتم تدميرها بسهولة وتحتاج إلى أعداد كبيرة من القدرات البشرية، وليس معنى ذلك التخلي عن الاهتمام ببقية الفروع الأخرى من العتاد والقدرات، بل يجب السعي دائما للحصول على أفضل أنواع الأسلحة وأفضل الوسائل وأجودها في تحطيم قدرات العدو.


خلال السنوات الماضية عانى شعبنا اليمني من تفوق القدرات الجوية لدى دول العدوان التي شنت الحرب بناء على معطيات الكم الموجود لديها من الأسلحة المكدسة، لا لتحرير الأرض المحتلة (فلسطين) من الاحتلال الصهيوني، بل لحماية العروش والعدوان على الأشقاء والجيران، ثم أنه قبل العدوان تم تدمير الأسلحة الفعالة لدى الجيش اليمني، من منظومات الدفاع الجوي، والطيران وتم اغتيال القادة والضباط، وتشتيت الكفاءات القتالية من خلال ما سميت بإعادة الهيكلة، ولما أيقن المعتدون أنهم نفذوا خططهم في تدمير الجيش، تم الانتقال إلى الخطة الأخرى المتمثلة بتحطيم وتدمير السلم الاجتماعي بين أطياف العمل السياسي والحزبي حتى يكون هناك مبرر للحصول على التأييد، أما من يعارض فسيتم القضاء عليه وانهاء تأثيره على الساحتين الوطنية والسياسية.
فخلال تلك السنوات دمر الطيران الحربي المعادي كل البنى التحتية ولم يفرق بين الأهداف العسكرية وغيرها من الأعيان المدنية، ولكن دخول الطيران المسيَّر والصواريخ بعيدة المدى، شكل قوة ردع وإسناد للجيش اليمني واللجان الشعبية وتحت الضربات النوعية والأهداف الاستراتيجية رضخ المعتدون وجنحوا للهدنة والتفاوض.
رأينا كيف يحاول الأمريكان والصهاينة وغيرهم تدمير الأهداف المدنية من عمليات اغتيال وتدمير باستخدام المسيَّرات والصواريخ في أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين، وأيضا من خلال دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا من خلال الأسلحة النوعية والمتطورة، من أجل إحداث توازن والقضاء على التفوق العددي والنوعي للأسلحة الروسية.
وإذا كان العدوان الأمريكي- الصهيوني- السعودي- الإماراتي على بلادنا يستغل كل ما يمكن أن يدمر بلادنا خدمة لذلك التحالف القذر الذي يعيث فسادا وإجراما يندى له جبين الإنسانية على أرض غزة وفلسطين، فإن اليمن وجهت اهتمامها بالقدرات النوعية لصالح حماية اليمن من المعتدين والمحتلين، وفي نصرة قضايا الأمة وأهمها مظلومية الشعب الفلسطيني الذي يواجه الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
حلقت المسيَّرات اليمنية والصواريخ متعددة الأحجام والقدرات في أجواء المملكة السعودية وضربت بعض الأهداف الحساسة والاستراتيجية ولازال هناك بنك من الأهداف التي يمكن أن تطالها، ومثل ذلك الإمارات العربية التي ما تزال متطاولة أياديها في ممارسة الغواية والأذية، ولم تنل حظها من المسيَّرات والصواريخ اليمنية، ووصلت القدرات النوعية اليمنية إلى العمق في استهداف الأراضي المحتلة، وهي بداية مبشرة بالكثير إسنادا لمظلومية الأشقاء في أرض فلسطين، مما أربك حسابات الصهاينة والمتصهينين من العرب حكاما وأمراء خونة وعملاء، وكان الفعل في جانب استهداف الامداد البحري موفقا، حتى أن الداعم الأساسي للصهاينة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من دول الحلف شكلت تحالفا لاستهداف اليمن وشن الحرب والهجوم عليه لمنعه من القيام بمهامه في ضرب السفن المتجهة إلى الكيان الغاصب والمجرم.
إن احتكار الأسلحة والتحكم في توزيعها، لم يعد مجديا في ظل المناخ العالمي الحالي ولا يترك أثره إلا لمن رضي التبعية والعمالة، كما هو شأن الأنظمة التي باعت ثروات بلدانها ورهنتها لدى المجرمين الطامعين في السيطرة على الموارد وكل مصادر الطاقة والقوة، أما من يملك قراره فبإمكانه الاستفادة من ثورة المعلومات والتكنولوجيا في تصنيع ما يحقق له التفوق من خلال امتلاك الأسلحة النوعية والقدرات الذاتية هي التي تحول المستحيل إلى ممكن إذا توفرت النوايا والإرادة والعزيمة.
الأسلحة النوعية من المسيَّرات والصواريخ بعيدة المدى تحتاج إلى دعم سخي أكثر من ذي قبل لخطورة المراحل القادمة في الجو والبر والبحر، فقد كان التحدي بالأمس هو مواجهة الصهاينة العرب وقد داست أقدامهم أرضنا ومازالوا يعربدون فيها وهو ما يستوجب إكرامهم حتى يتعلموا دروس التاريخ القريب والبعيد، أما اليوم وقد انضم اليهم الحلف الصليبي والصهاينة، فإن الأمر يحتاج إلى إمكانيات أكبر لإنجاز أسلحة تضرب في عمق الأراضي المحتلة، وتضرب في البحر لإكمال المهمة وحماية الشواطئ من المحتلين والمجرمين، وأيضا تأمين الجو من الهجمات التي استباحها المجرمون من صهاينة العرب والحلف الصليبي الجديد واليهود.
لقد حاول حلف العدوان استغلال تفوقه في الجو لضرب القدرات النوعية فاستهدف بعض المعسكرات وضرب هنا وهناك، لكنه لم يجد شيئا واستمرت الضربات اليمنية تحقق أهدافها، مما جعله يستعين بالعملاء والخونة الذين جندهم لمساعدته في استهداف المسيَّرات والصواريخ وبدأ من المحافظات الساحلية، لكن يقظة ومكر الله بهم كان لهم بالمرصاد، ولن يستسلم العدو طالما أن هناك من يستميله بالاغراء والمال والسلطة والجاه، لكن إيمان أهل اليمن بالله ومناصرتهم للقضايا العادلة هو المعادلة المستحيلة التي تتحطم عليها أوهام المجرمين والقتلة ولو كان الأمر سعيا وراء تحقيق مصلحة أو ابتغاء مكسب مادي لكان قد حسم لصالح الأعداء نظرا لما يمتلكونه من إمكانيات هائلة وعظيمة جعلتهم ينساقون وراء طغيانهم وكبرهم.
دفعت غزة بالأمس الثمن جراء الخيانة والعمالة وتحالف المجرمين وتكالبهم عليها واليوم الدور على رفح وفي كلتا الحالين تؤكد القدرات النوعية اليمنية أن معركتها مستمرة مع العدو الصهيوني والمتحالفين معه وستمارس كل أنواع الدعم لحماية المظلومية سواء باستهداف سفن الإمداد والتموين في البحر، لكن هذه المرة بمدى أوسع وبقدرات تحقق النجاح التام، ولن يقصر محور المقاومة في الدعم والاسناد سواء من حزب الله في لبنان أو سوريا أو العراق أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولن يكون هناك تراجع طالما أن هناك عدواناً مجرماً يستبيح كل القيم والمبادئ والأخلاق ولا يرقب في المستضعفين إلَّاَ ولا ذمة، حتى أنه بلغ التبجح بممثل الكيان الصهيوني إتلاف ميثاق الأمم المتحدة التي أعطته شرعية وجوده على أرض فلسطين من خلال قرار التقسيم، لأنها أعادت الاعتراف بأحقية الفلسطينيين أن تكون لهم دولة مستقلة وأن يعيشوا بحرية وكرامة على أرضهم وبلادهم.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

في إحاطة لـ "مجلس الأمن".. غروندبرغ يحذر من مغبة التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن "نص الإحاطة"

أكد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الخميس، أن الأطراف اليمنية عادت إلى اللعبة ذات المحصلة الصفرية، خصوصا في المجال الاقتصادي الذي تأثر بشكل كبير، مشيرا إلى الحملات القمعية التي تمارسها جماعة الحوثي ضد المجتمع المدني والمنظمات، في الوقت الذي أبدى فيه التفاؤل بشأن فتح الطرق بعدد من المحافظات.

 

جاء ذلك خلال إحاطة جديدة للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ، في جلسة جديدة لمجلس الأمن بشأن التصعيد الاقتصادي الأخير، والوضع العسكري الهش، والمجال الضيق للوساطة.

 

واستعرض غروندبرغ، خلال إحاطته لجهوده للتوصل إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وعملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة، لكنه بدأ بتوجيه أنظار المجلس إلى حملة القمع التي تشنها جماعة الحوثي ضد المنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني المحلية، والأمم المتحدة.

 

وقال غروندبرغ، بأن جماعة الحوثي اختطفت 13 موظفًا من الأمم المتحدة، وخمسة موظفين من المنظمات غير الحكومية الدولية، والعديد من موظفي منظمات المجتمع المدني المحلية، بالإضافة إلى أربعة موظفين آخرين من الأمم المتحدة كان قد تم احتجازهم منذ عامي 2021 و2023.

 

وجدد دعوة الأمين العام للإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة، داعيا الحوثيين للامتناع عن الاعتقالات التعسفية للمدنيين، مؤكدا أن مثل هذه الأعمال لا تعكس إشارة متوقعة من جهة تسعى إلى حل النزاع عن طريق الوساطة.

 

وشدد غروندبرغ على الحاجة إلى استمرار العمل لتحقيق وقف إطلاق النار وعملية سياسية جامعة رغم التعقيدات الناجمة عن التصعيد الإقليمي، محذرا من مغبة التحديات الاقتصادية الشديدة التي تواجه اليمن، بما في ذلك توقف صادرات النفط وتفكك القطاع المصرفي.

 

وأشار المبعوث الأممي، إلى التصعيدات الاخيرة في القطاع المصرفي والتي تهدد بعرقلة واردات السلع الأساسية والتحويلات، وتعميق الانقسام والتشظي الاقتصادي في البلاد، مستعرضا جهوده لمعالجة هذه القضية من خلال اجتماعات مكثفة في الرياض، عدن، وصنعاء، ودعوته الأخيرة للأطراف للاجتماع وجهًا لوجه دون شروط مسبقة تحت رعاية الأمم المتحدة في هذا السياق.

 

ورغم الإحباطات الناجمة عن الأوضاع الإقليمية والقلق من تصعيد الأطراف، أفاد غروندبرغ بوجود تطورات إيجابية تتعلق بفتح طرق في مأرب وتعز والتي تبرهن على ما يمكن تحقيقه من خلال الوساطة والمفاوضات، مشيدًا بدور الوسطاء المحليين.

 

وأكد غروندبرغ على عزمه المستمر لجمع الأطراف دون شروط مسبقة لمناقشة القضايا الرئيسية بشكل مباشر، مثل الاقتصاد، وإطلاق سراح المعتقلين بسبب النزاع، وفتح طرق إضافية، واستكمال وضع خارطة الطريق. واختتم بالتأكيد عن عزمه الثابت على العمل بلا هوادة مع الآخرين في أسرة الأمم المتحدة واستخدام جميع القنوات المتاحة لضمان الإفراج غير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة.

 

إحاطة المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة

شكرًا، السيد الرئيس، اسمح لي بدايةً أن أعبِّر عن أصدق أمنياتي لجميع المسلمين حول العالم بمناسبة عيد الأضحى المبارك. السيد الرئيس، أقدم لكم إحاطتي اليوم في ظل ظروف مقلقة للغاية. فقبل أن أتطرق إلى التصعيد الاقتصادي وهشاشة الوضع العسكري والتضييق على مساحة الوساطة، وقبل أن أوضح الجهود التي يبذلها مكتبي لحماية المسار نحو وقف إطلاق للنار وعملية سياسية في اليمن، يتحتم عَليَّ أن أوجه انتباهكم إلى الحملة القمعية التي تشنها جماعة أنصار الله ضد المجتمع المدني اليمني والمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة. 

 

في الأسبوع الماضي، تم احتجاز 13 موظفًا من الأمم المتحدة، بمن فيهم أحد زملائي في صنعاء، بالإضافة إلى خمسة موظفين من العاملين في المنظمات غير الحكومية الدولية والعديد من موظفي المنظمات المحلية غير الحكومية والمجتمع المدني الوطنيين، بشكل تعسفي على يد جماعة أنصار الله، وما زالوا حتى الآن رهن الاحتجاز دون القدرة على التواصل مع العالم الخارجي. بالإضافة إلى ذلك، هناك أربعة موظفين من مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) لازالوا قيد الاحتجاز دون تواصل مع العالم الخارجي منذ عامي 2021 و2023. أدعو جماعة أنصار الله إلى احترام حقوق اليمنيين بموجب القانون الدولي وإطلاق سراح جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على الفور دون شروط والامتناع عن ممارسة الاحتجاز التعسفي للمدنيين، فالأمم المتحدة حاضرة لخدمة اليمنيين، ومثل هذه الاحتجازات التعسفية ليست إشارة متوقعة من جهة تسعى إلى حل للنِّزاع عبر الوساطة. 

 

إضافة إلى ذلك، إنني قلق إزاء الأحكام التي أصدرتها المحكمة الجنائية الخاضعة لسيطرة أنصار الله في 1 حزيران/يونيو بإعدام 45 فردًا. وأود أن أكرر دعوات الأمم المتحدة لتعليق عقوبة الإعدام في القانون وفي الممارسة في كل مكان في العالم. 

 

السيد الرئيس، لقد واصلت جهودي الهادفة للتوصل إلى وقف إطلاق للنَّار وعملية سياسية جامعة تتيح للأطراف المتحاربة حل خلافاتها بالسبل السلمية، إلا أنَّه منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي عندما وافقت الأطراف على تنفيذ مجموعة من الالتزامات ضمن إطار خارطة طريق أممية، كان للوضع في المنطقة أثر كبير في تعقيد هذه العملية. ومنذ بدء التصعيد في البحر الأحمر، سعيت لضمان ألّا يحيد التركيز عن الهدف الرئيسي وهو الحل السلمي للنِّزاع في اليمن. إلا أنه بدلاً من إحراز تقدم ملموس لصون التزاماتها واستكمال خارطة الطريق، عادت الأطراف إلى المعادلات ذات المحصلة الصفرية، وبدلاً من وضع أولويات الشعب اليمني أولاً، لجأت الأطراف إلى اتخاذ تدابير تعتقد أنها تعزز مواقفها، مما يعرض قابلية تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها مسبقًا للخطر.

 

تتجلى عقلية المحصلة الصفرية بشكل واضح في الاقتصاد. فقد انكمش الاقتصاد بشكل حاد في أعقاب هجوم أنصار الله على منشآت تصدير النفط في تشرين الأول/أكتوبر 2022، مما أدى إلى توقف كامل لتصدير النفط الخام، وأثر بشدة على دخل الحكومة اليمنية. في القطاع المصرفي، كان وضع دولة واحدة مع سلطتين نقديتين متنافستين وعملتين مختلفتين غير مستدام بالفعل، لكنه أصبح أكثر تعقيدًا بسبب سلسلة من الإجراءات التصعيدية. كان إعلان أنصار الله في مارس/آذار الماضي عن طرح عملتها المعدنية من فئة مائة ريال للتداول لمعالجة تحلل الأوراق النقدية من نفس الفئة بمثابة تحدي للسلطة النقدية للبنك المركزي اليمني، الذي رد بدوره في نيسان/أبريل بمطالبة جميع المصارف بنقل مقراتها الرئيسية من صنعاء إلى عدن وأعلن عن تدابير عقابية بحق المصارف الرافضة للامتثال. ردًا على ذلك، قام فرع البنك المركزي الذي يخضع لسيطرة جماعة أنصار الله بحظر جميع المصارف التي تقع مقراتها الرئيسية في عدن ومنعها من العمل في مناطق سيطرتها. 

 

 إذا تم عزل المصارف في صنعاء عن المعاملات المالية الدولية بموجب التدابير العقابية، فسوف يكون الأثر كارثيًا على الاقتصاد، وستقدم السيدة إيديم ووسورنو من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع. فسيؤدي ذلك إلى تعطيل واردات السلع الأساسية بما فيها الغذاء والدواء، والحوالات المالية عبر المصارف. بشكل عام، ستزيد هذه التطورات من تعميق الانقسامات والتشظي في القطاع المصرفي وتفتح في الوقت نفسه المجال لتصعيد عسكري محتمل. 

 

ومن أجل تجنب هذا السيناريو، عقد مكتبي اجتماعات مكثفة في الرياض وعدن وصنعاء لمناقشة مقترحات ملموسة لحل هذه الأزمة. وقد قمت في سياق هذه الجهود بتحرير رسالة لفخامة الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وللسيد مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى، في 1 حزيران/يونيو، أحثهما على الامتناع عن انتهاج مزيد من التصعيد وأدعوهما للحوار دون شروط مسبَّقة تحت رعاية الأمم المتحدة، لكنني لم أحصل على رد إيجابي حتى الآن.  إن اجتماع الأطراف وجهًا لوجه مباشرةً لمناقشة هذه القضايا هو أمر تفوق أهميته قدرتي على التأكيد. وأحث المعنيين الإقليميين والدوليين من ذوي القوة والتأثير على أن يضعوا كل ثقلهم من أجل عقد هذه المحادثات المباشرة بين الأطراف.

 

السيد الرئيس، باستثناء بعض الأحداث العَرَضِيَّة، ما زال الوضع العسكري على الجبهات مستقرًا بشكل نسبي منذ هدنة نيسان/أبريل 2022. وبفضل التعاون المستمر بين الأطراف ومكتبي من خلال لجنة التنسيق العسكري، نستقبل تقارير الحوادث العسكرية باستمرار. تلك العلاقات وخطوط الاتصال التي أسستها الهدنة لا تزال فعالة، مما يساعد في منع الانتكاس إلى عنف أوسع نطاقًا. 

 

لكنَّ الوضع العسكري ليس مستدامًا. وإذا استمرت الأطراف في انتهاج المسار التصعيدي الحالي، فإن السؤال ليس ما إذا كانت الأطراف ستعود إلى التصعيد في ساحة المعركة، بل متى. وكما حذرت سابقًا، فقد شهدت الأشهر الماضية زيادة تدريجية للقتال بما في ذلك ما أفادت به التقارير الشهر الماضي من اشتباكات في الضالع ولحج ومأرب وتعز واستمرار تهديد جميع الأطراف بالعودة إلى الحرب. 

 

في الوقت نفسه، لم يتم حل الوضع في البحر الأحمر. ورفعت جماعة أنصار الله مستوى محاولاتها لضرب السفن التجارية والعسكرية مما أدى إلى إلحاق أضرار بعدة سفن تجارية خلال الفترة التي تغطيها الإحاطة. بدوره، واصل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضرباته الجوية على المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله في الحديدة وصنعاء وتعز. 

 

السيد الرئيس، من المحبط أن الوضع الإقليمي الخارج عن سيطرتنا قد طغى على إحراز التقدم الذي يحتاجه اليمنيون بشدة. وأنا قلق أيضًا من الخطاب التصعيدي والتدابير التصعيدية التي تتخذها جميع الأطراف. لكنني مازلت متحليًا بالأمل رغم كل شيء، فقد شهدنا بعض التطورات الإيجابية. فقد شهدنا هذا الأسبوع افتتاح طريقين إضافيين: الأول يربط مدينة مأرب بصنعاء عبر مديرية الجوبة، والثاني بين مدينة تعز ومنطقة الحوبان المجاورة مما أتاح لأول مرة منذ أكثر من تسع سنوات للمدنيين القدرة على التحرك عبر خطوط التماس التي كانت تمر عبر المدينة. وقد تحقق هذا بفضل التنسيق الوثيق بين الطرفين وجهود الوساطة المحلية الدؤوبة. وهذه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لمدينة تعز، وآمل أن تؤدي إلى فتح طرق إضافية في تعز ومأرب وأماكن أخرى. كما أن هذا التطور يذكرنا جميعًا بقوة الوساطة والتفاوض. وأذكر أيضًا إطلاق سراح 113 محتجزًا من جانب واحد من قبل أنصار الله، وأحث الأطراف على مواصلة العمل نحو تحقيق مزيد من عمليات الإفراج عن المحتجزين تحت رعاية مكتبي بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

 

السيد الرئيس، فوق كل شيء، لازلت مصممًا على العمل من أجل جمع الأطراف للقاء دون شروط مسبَّقة لمناقشة القضايا المباشرة أمامهم سواء كانت تتعلق بالاقتصاد أو إطلاق سراح المحتجزين على خلفية النزاع أو فتح مزيد من الطرق وصولاً إلى الانتهاء من وضع خارطة الطريق. لكنني أبقى مصممًا أيضًا على مواصلة العمل دون هوادة جنبًا إلى جنب مع كامل أسرة الأمم المتحدة للإفراج عن موظفينا. وأكرر هنا مطالبة الأمين العام بإطلاق سراحهم فورًا دون شروط، وسوف أستمر بالعمل من خلال كل القنوات المتاحة لتحقيق هذه الغاية. 

 

السيد الرئيس، أحث هذا المجلس على تقديم كامل الدعم لجميع هذه الجهود. شكرا جزيلا لكم.


مقالات مشابهة

  • بمناسبة عيد الأضحى المبارك.. قافلة أضاحي من أبناء الحديدة بأكثر من 700 ماشية للمرابطين في الجبهات
  • انخفاض طفيف.. حالة الطقس أول أيام عيد الأضحى في الأردن
  • خبير علاقات دولية: مصر تخفف المعاناة عن الفلسطينيين دائما رغم التحديات
  • روسيا تستشعر الخطر.. ما سر إدخال غاربيا إلى سوريا؟
  • طائرات متطوّرة يمتلكها الحزب قادرة على التخفّي.. ماذا قال موقع إسرائيليّ عنها؟
  • «ايدج» تطلق مركزي تميّز رائدين مقرهما الإمارات
  • في إحاطة لـ "مجلس الأمن".. غروندبرغ يحذر من مغبة التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن "نص الإحاطة"
  • الإصلاحات الإقتصادية
  • اخرجوا بعد العصر.. الأرصاد تحذر من كوارث الحر الشديد خلال أيام العيد
  • مصر تعاون مع الدول الإفريقية لبناء القدرات البشرية في مجالات الطاقة المختلفة