حافلات المدارس فوق صفيح ساخن
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
بدأ حر الصيف وبدأت معه اللسعات الحارقة، وبحسب المختصين في الطقس فإنَّ فصل الصيف فلكيًا لم يبدأ، وما نشعر به الآن من لهيب ليس سوى بوادر أسخن فصول السنة... نسأل الله السلامة للجميع.
وصلتني عدة مناشدات من القراء الكرام جلهم من أولياء أمور الطلبة عبر الإيميل كلها تتحدث حول موضوع واحد وهو معاناة أبنائنا الطلاب في أداء الامتحانات في هذه الأجواء الحارة ووسائل النقل التي تقلهم أغلبها دون تكييف؟! ناهيك عن حال بعض أجهزة التكييف في المدارس القديمة يرثى لها.
كما علمت من أحد التربويين أن هناك مقترحات أدرجت لتقليص العام الدراسي من 180 يومًا إلى 160 يومًا؛ أي بتقليص 20 يومًا رأفةً بحال الطلبة ممن يؤدون الامتحانات في هذه الأجواء الحارة جدًا، عندها يمكن تقديم الامتحانات إلى شهر مايو؛ حيث تكون الحرارة أقل بعض الشيء ولكن للأسف مطالبهم لم تجد آذانًا صاغية من الوزارة.
والغريب أنه في هذا الجو الحار بعض الحافلات تُنزل الطلاب بعيدًا عن مساكنهم في نقطة تجمع واحدة، ولا أعلم هنا لم لا يتم تنزيل الطلاب كل مجموعة قرب مقر سكنهم على الأقل.
وإذا تحدثنا عن الحافلات وحالها؛ فالمقال سيطول والحديث سوف يتشابك، لكن من المؤسف حين نرى بعض الحافلات التي تقل أبناءنا الطلبة متهالكة وغير مُكيَّفة؛ بل إن مثل هذه الحافلات تُستخدم للرحلات الطلابية، ولك أن تتخيل كم هو المشوار صعب ومُتعب للطلبة في مثل هذه الحافلات طبعًا، وهنا لا نُعمم، فبعض المدارس لديها- ولو بضع- حافلات مناسبة يكون المحظوظ من يستقلها، وإن كان البعض، لا سيما القديمة منها يخلو من المواد التي تساعد على تقليص درجة الحرارة مثل "المخفي" الذي يُلصق على النوافذ.
والغريب حين تجد بعض الامتحانات تبدأ في منتصف النهار؛ أي بعد الساعة العاشرة والنصف صباحًا، ولا أدرى هنا ما الحكمة من هذا؟ حيث إن الطالب سوف ينتظر الحافلة ابتداءً من الساعة التاسعة وسط حرارة الجو، ناهيك عن الحرارة التي سوف تُرافقه في الحافلة نفسها، والأمر ربما سوف يطارده خصوصًا في المدارس القديمة؛ حيث أجهزة التكييف التي تعبت من الصيانة؛ بل إن منها ما هو خارج الخدمة. ولا أدري هنا لم لا يتم استخدم مدارس الحلقة الأولى الحديثة منها لتكون مركزا للامتحانات بصفتها مجهزة كونها حديثة البناء؟! ونأمل توفير مرافق مُظللة، ويا حبذا لو تكون مكيفة، ربما ستكون خدمة ممتازة للطلبة وللحفاظ عليهم من أشعة وحرارة الشمس، كما إن توزيع المياه الباردة سيكون إضافة جدًا ممتازة تخفف لسعة حرارة الجو.
ومن الجميل مستقبلا تكثيف التوعية للطلبة ولأولياء الأمور حول كيفية التعامل مع الحرارة الشديدة من خلال شرب الكثير من السوائل لزيادة ترطيب الجسم ومنع الجفاف وارتداء ملابس خفيفة مناسبة للطقس الحار، وتطبيق هذه الاقتراحات يتطلب تعاونًا بين الأهالي المدارس، والجهات الحكومية لضمان توفير بيئة آمنة وصحية للطلاب خلال الأشهر الحارة. ولما لا يتم الرصد المستمر للحرارة؛ حيث يمكن للمدارس تثبيت أجهزة لقياس درجة الحرارة في الحافلات ومواقع الانتظار لمراقبة الظروف والتأكد من أنها آمنة للطلاب.
وبالنسبة للطلاب ممن لديهم عذر طبي، فإن الامتحانات عن بُعد أو الإلكترونية، ستكون حلاً ممتازًا لتقليل التأثير السلبي لارتفاع درجات الحرارة على الطلاب، خاصة خلال أوقات الذروة، وإن كان البعض اقترح أن تُطبَّق الامتحانات الإلكترونية على جميع الطلبة؛ باستثناء المرحلة المفصلية في الدبلوم العام؛ وذلك لعدة أسباب نذكر منها: أولًا: السلامة والراحة؛ حيث يُمكن للطلاب أداء الامتحانات من راحة منازلهم، مما يقلل من الحاجة للتعرض للحرارة الشديدة أثناء الانتقال إلى المدرسة أو الانتظار للحافلات. وثانيًا: المرونة في التوقيت؛ إذ يُمكن تحديد أوقات الامتحانات بما يتناسب مع الظروف المناخية وتوفير إمكانية أداء الامتحانات في أوقات أخف حرارة من شهر يونيو. وثالثًا: تقليل الضغط النفسي؛ لأن الامتحانات الإلكترونية قد تساعد في تقليل الضغط النفسي على الطلاب الذين قد يجدون صعوبة في التركيز تحت ضغط الحرارة الشديدة. ورابعًا: استخدام التكنولوجيا؛ حيث تُعزِّز هذه الطريقة من استخدام التكنولوجيا في التعليم، مما يعود بالنفع على الطلاب من خلال تعزيز مهاراتهم التكنولوجية. وخامسًا: الاستمرارية التعليمية؛ إذ تضمن الامتحانات عن بعد استمرارية العملية التعليمية في حالات الطوارئ أو الظروف الجوية القاسية دون انقطاع.
ولتنفيذ هذا النظام بشكل فعّال، يجب على المؤسسات التعليمية التأكد من توفر البنية الأساسية التكنولوجية اللازمة وتدريب الطلاب والمعلمين على استخدام الأنظمة الإلكترونية بكفاءة. كما يجب التأكد من صحة وأمان النظام لضمان سير الامتحان بشكل سلس وعادل، وإن كنت أرى أن تطبيق الامتحانات إلكترونيًا غير مناسب للجميع، خصوصًا إذا علمنا أن القدرة المادية ليست سواء للجميع من حيث شراء أجهزة الحواسيب لعموم الطلاب، كما إن شبكة الإنترنت تبدو أنها ليست على ما يرام في بعض المناطق رغم الإعلانات البراقة لشركات الاتصالات!
حقيقية مشاهد مؤلمة وأنت ترى الطلاب يعودون للبيت في حافلات غير ملائمة لهذا الجو، وما ذُكر من اقتراحات في هذا المقال، نتمنى أن تنظر فيها الوزارة بعين الاعتبار والتقدير؛ مراعاة ورأفة لحال طلابنا الذين يستبسلون لمكافحة حرارة الجو لأداء الامتحانات.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القرار اتُخذ..صيفٌ ساخن ورعبٌ قادم
عبثًا "يحاول العدوّ الإسرائيلي استعادة الردع، من خلال العدوان المتكرّر على المنشآت المدنية" في اليمن؛ فمهما كان حجمُ العدوان و"مهما تكرّر فلن يؤثِّرَ إطلاقًا على موقفِ شعبنا؛ لأَنَّه موقف ديني".
العدوّ "أراد أن يتفرَّدَ بالشعب الفلسطيني دون أن تكون هناك ردةُ فعل من أي بلد مسلم"، وبقي العدوّ في موقفٍ ضعيف "عقب توقّف العدوان الأمريكي نتيجة فشله"؛ هكذا لخَّصَ السيدُ القائد عبدُ الملك بدر الدين الحوثي –يحفظُه الله- المشهد في محاضرةٍ له عصر اليوم الأربعاء.
كلام السيد القائد الوارد في ثنايا محاضرته الأخيرة؛ وضع النقاط على الحروف، ليأتي بعدها الخطاب الرئاسي، الذي لم يكن ليقرأ بمعزلٍ عن المشهد المحلي والإقليمي والدولي.
من مطار صنعاء الدولي، الذي استهدفه العدوان الصهيوني في لحظةٍ تكشف حجم انزعَـاجه من الدور اليمني المتقدم؛ انطلقت رسائل الرئيس المشاط كصواريخَ حارقة، متجاوزة حدود الزمان والمكان، توجز للعالم ملامح المعركة الكبرى القادمة.
المشير الركن مهدي محمد المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى جدَّدَ موقف اليمن الواضح والحاسم في دعم المقاومة الفلسطينية، واضعًا العدوّ الصهيوني وشركات الطيران العالمية في الصورة من معادلة الردع.
معادلةٌ تتجاوز رد الفعل إلى الفعل المبادر، وتتجه نحو تصعيدٍ استراتيجي لا تراجع عنه حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها، وبعبارةٍ قاطعة، فتح المشاط باب "الصيف الساخن" على مصراعَيه، منذرًا بالمزيد من الرد والردع والتحدي.
"الملاجئ لن تكون آمنة"، عبارة كرّرها الرئيس المشاط محذِّرًا من أسماهم بـ"قُطعان الصهاينة"، ومؤكّـدًا أن حكومتَهم الفاشلةَ برئاسة مجرم الحرب نتنياهو غيرُ قادرة على حمايتهم، رسالةٌ وإن جاءت بلُغة الحرب النفسية، إلا أن حقيقتَها تعيد صِياغةَ حالة الرعب وتهشِّمُ قاعدةَ الأمن الصهيونية.
لكل الشركات، جاءت رسالة التحذير المباشر، لمن لا تزال تسيّر رحلاتها إلى مطار اللُّد المحتلّ (المسمَّى زيفًا "بن غوريون")، أنَّ "هذا المطار بات ضمن بنك الأهداف"، وأن كُـلّ الطائرات التي تحط فيه أَو تقلع منه في دائرة الاستهداف المشروع.
تحذيرٌ جاء مدعومًا بسجلٍ عملياتي يمني حافل منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، أثبت فيه اليمن قدرته على تجاوز البحار والمضائق وبلوغ الأهداف بدقة، من ميناء أم الرشراش "إيلات" إلى موانئ الاحتلال في البحر المتوسط.
المشاط لم يتحدث فقط عن إمْكَانية الضرب، بل أشار إلى أن الصواريخ اليمنية "ستُصمِّمُ على الوصول لهدفها"، في إشارة ذكية إلى تجاوز مرحلة الإنذارات إلى مرحلة الإيلام المباشر.
خطابُ المشاط حمل رسائلَ تقنيةً وعسكرية لافتة، وإشارتُه إلى الطائراتِ الأمريكية الشبحية من طرازF-35، والتي يستخدمُها كيان العدوّ في عدوانه على اليمن؛ "ستسقط"، تصريح يشير إلى تطور نوعي في القدرات الدفاعية اليمنية، ويدق ناقوس الخطر أمام كُـلّ من يتعامل مع الكيان عسكريًّا أَو تجاريًّا.
واختتم الرئيس المشاط خطابه بالتأكيد على أن "على الصهاينة انتظار صيف ساخن"، عبارةٌ تلخّص كُـلّ ما سبقها من مواقف ورسائل؛ فـالصيفُ لم يعد فصلًا زمنيًّا بقدر ما أصبح رمزًا استراتيجيًّا لمعركة الرد والردع والانتصار اليماني.
رسائل القيادة الثورية السياسية والعسكرية اليمنية تؤكّـد أن اليمن بات رقمًا يصعُبُ تجاوُزُه، عسكريًّا؛ صواريخ ومسيّرات تصل إلى أبعد مدى، وتفرض إيقاعها على شركات الطيران العالمية، شعبيًّا؛ زخم جماهيري داعم لا يُقارن، واصطفاف قبلي وشعبي نادر، سياسيًّا؛ موقف صُلب وواضح في زمن الرمادية والانبطاح.
إنها معركة كسر الإرادات، لا كسر العظام، واليمنيون، كما قال قائد الثورة، "إذا قالوا فعلوا، وَإذَا وعدوا أوفوا، وَإذَا قرّروا تقدموا"؛ فلينتظر العدوّ "صيفًا ساخنًا"، ملبدًا بالرعب والخسائر.
المسيرة