ألاعيب إسرائيلية أمريكية.. موقف ملتبس شديد الوضوح!
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
الموقف منكشف تماما الآن بعد خطاب الرئيس الأمريكي بايدن عن مقترح إسرائيلي لصفقة تبادل أسرى بين الاحتلال وحركة حماس. صحيح أنّ خطاب الرئيس الأمريكي تعبّأ بالمفارقات المثيرة واتسم بالالتباس وألقى بظلال من الحيرة، إلا أنّ هذا بالضبط ما ينبغي أن يجعل الموقف منكشفا، أو أن يمعن في كشفه لكلّ بصيرة انكشف فيها من قبل.
المفارقة باختصار أنّ الرئيس الأمريكي أعلن عن مقترح إسرائيلي ثمّ طالب (أي بايدن) الإسرائيليين بالموافقة عليه. في غير هذا الخَطب الفادح يمكن القول إنّها نكتة، ثمّ كانت المسافة بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي ما أثار الغموض والالتباس في الموقف، والمفارقة في ذلك، أنّ هذا الغموض والالتباس هو ما يمعن في كشف الموقف.
تعِب الرئيس الأمريكي من الإسرائيليين، ولكنه بوضوح عاجز إزاءهم، فاختار أن يأخذ مقترحهم ويعلن عنه ليصعّب عليهم التراجع عنه والتنصّل منه، فهو معلن على لسان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. ماذا يعني أن يعلن رئيس دولة مقترحا مقدّما من دولة أخرى لا تعلن هي عن مقترحها، ويطالب تلك الدولة بالموافقة عليه؟! ليس ثمّة معنى سوى أنّ هذا الرئيس هو جزء من تلك الدولة، بايدن هنا إسرائيلي بالكامل، وصهيوني بامتياز، إنّها ألاعيب داخل البيت الصهيوني الوسيع!
تعِب الرئيس الأمريكي من الإسرائيليين، ولكنه بوضوح عاجز إزاءهم، فاختار أن يأخذ مقترحهم ويعلن عنه ليصعّب عليهم التراجع عنه والتنصّل منه، فهو معلن على لسان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. ماذا يعني أن يعلن رئيس دولة مقترحا مقدّما من دولة أخرى لا تعلن هي عن مقترحها، ويطالب تلك الدولة بالموافقة عليه؟! ليس ثمّة معنى سوى أنّ هذا الرئيس هو جزء من تلك الدولة
المقترح الإسرائيلي هو تعديل إسرائيلي على مقترح سابق قدمه الوسطاء لحركة حماس، خاصة الوسيط المصري، ووافقت عليه حماس في 6 أيار/ مايو، بعدما قيل إنّ الإسرائيلي وافق عليه، وبدا أنّ الأمر كلّه تمّ بعلم رئيس وليام بيرنز رئيس الـ"CIA"، إلا أن الإسرائيلي تنصّل منه وادّعى أنّه تضمن أفكارا كُتِبت لاحقا من المصريين لصالح حركة حماس.
بالضبط هذه لعبة نتنياهو، يرسل مقترحا، ويبقيه خفيّا، ولا يعبّر عن موقف واضح من مقترح محدّد. يستثمر في هذه اللعبة لشراء الوقت، ويغطي بذلك الحرب واستمرارها، ويرفع عن نفسه الضغط الداخلي، ويرضي كلّ طرف إسرائيلي بما يحب أن يسمعه من كلام، إلا أنّ ألاعيبه هذه وإن كانت مكشوفة، فإنّها كانت تساهم بالاستفادة من اختلال موازين القوى، في زيادة الضغط على حماس؛ بالادعاء أنّ ثمّة فرصة تضيّعها الحركة!
لم يقل الأمريكي شيئا ضدّ نتنياهو حينما تنصّل من المقترح المصري، بل سانده في لعبته هذه، إلا أنّ هذا الأمريكي في معرفة منه بألاعيب نتنياهو أعلن عن مقترح نتنياهو ليمنع نتنياهو من التنصّل منه! كم هو الأمر متعب وأشبه بالأحاجي!
ما قاله نتنياهو إنّ خطاب بايدن مجرد خطوط عريضة فيها قدر من الاختلاف عن المقترح الإسرائيلي. وهذا حقيقي، فقد حاول بايدن الإيحاء بأنّ هذا المقترح من شأنه أن ينتهي إلى وقف إطلاق النار، بينما صيغ المقترح الإسرائيلي بطريقة تضمن للإسرائيلي إنجاز المرحلة الأولى منه بحيث يستعيد عددا من أسراه بذلك، ثمّ يفجّر المفاوضات ويستأنف الحرب. حماس تريد صفقة لوقف إطلاق النار، والإسرائيلي يريد صفقة لاستعادة أسراه فحسب.
لا تختلف مساعي بايدن لوقف الحرب بمثل هذه الألاعيب التي تنمّ عن عجزه إزاء "إسرائيل" عن حالته في شهور الحرب الأولى، حينما غطّى استمرار حرب الإبادة الجماعية. كان أقطاب الإدارة الأمريكية يصرّحون بوضوح إنّهم ضدّ وقف دائم لإطلاق النار، وأفشلت الولايات المتحدة مشاريع وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، وتبنّى بايدن كلّ الأكاذيب الإسرائيلية حول وقائع الحرب، وهو ما ظلّ قائما في خطابه الأخير بتضمينه أكذوبة العنف الجنسي ضدّ الإسرائيليين، بينما كان ينكر صراحة أو ضمنا أعداد الضحايا الفلسطينيين.
ثمّة مؤشّرات أنّ هذه الإدارة الأمريكية وبالرغم من اندفاعتها الهائلة لدعم الإسرائيلي في حرب الإبادة، كانت تُفَضِّل شكلا للحرب أقلّ كثافة وزخما، ولكنها تبعت الإسرائيلي في رؤيته لحربه، وهي الآن مُتعَبة من هذه الرؤية الإسرائيلية، لا تجد إلا هذه اللعبة لمحاولة إقناعه بالمضيّ في مفاوضات هذه الصفقة، إلا أنّ هذه الضغوط والألاعيب مرّة أخرى، إنّما تجري داخل البيت الواحد
ثمّة مؤشّرات أنّ هذه الإدارة الأمريكية وبالرغم من اندفاعتها الهائلة لدعم الإسرائيلي في حرب الإبادة، كانت تُفَضِّل شكلا للحرب أقلّ كثافة وزخما، ولكنها تبعت الإسرائيلي في رؤيته لحربه، وهي الآن مُتعَبة من هذه الرؤية الإسرائيلية، لا تجد إلا هذه اللعبة لمحاولة إقناعه بالمضيّ في مفاوضات هذه الصفقة، إلا أنّ هذه الضغوط والألاعيب مرّة أخرى، إنّما تجري داخل البيت الواحد، بحيث يمكنك أن تضع مكان اسم بايدن أيّ اسم إسرائيلي آخر من الساسة الإسرائيليين؛ لابيد، غانتس، حتى بن غفير!
إذا كان هذا هو الواقع الإسرائيلي/ الأمريكي، فمن هذا الذي يمكنه منّا أن يتوقع مسارات أيّ مقترح معروض على حماس؟ يحب مقدّمو نشرات الأخبار سؤالنا عن توقعاتنا في حرب مختلفة في كلّ شيء، بما في ذلك احتمالات الصفقة والهدنة، وما ينبغي علينا أن نفعله هو أن نحيلهم للطرف العدوّ وهو يدير ألاعيبه الداخلية بهذه الصورة، ونضفي كلّ شكّ وريبة على خطاباته ومواقفه ومقترحاته!
أخيرا.. هذا هو الحال الإسرائيلي وهكذا تتبعه أمريكا آخر الأمر (لماذا تتبعه بهذا العجز المفضوح؟ هذا موضوع كبير يستحق أن يناقش منفردا)، وهذه هي حماس، والمقاومة، وسكان قطاع غزّة، والشعب الفلسطيني؛ وحدهم (باستثناء من يقاتل إسنادا لهم). هذا هو الحال الثابت الدائم من قبل، والذي لا يمكن رؤية غيره من كلّ حيل الألاعيب القائمة؛ ألاعيب تُطالب حماس بالموافقة عليها. أليست هذه مهزلة في حقّ الجنس البشري أصلا؟!
x.com/sariorabi
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بايدن إسرائيلي حماس نتنياهو وقف إطلاق النار إسرائيل امريكا حماس غزة نتنياهو مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة صحافة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقترح الإسرائیلی ب الرئیس الأمریکی الإسرائیلی فی تلک الدولة عن مقترح ة أخرى إلا أن
إقرأ أيضاً:
سقوط 16 قتيلا في غارات إسرائيلية على غزة
أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية، اليوم الجمعة، بمقتل 16 فلسطينيا وإصابة آخرين بجروح، في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في قطاع غزة.
وذكر الدفاع المدني في غزة أن 16 قتيلا وعشرات المصابين سقطوا إثر غارات جوية شنتها إسرائيل في مناطق عديدة بقطاع غزة منذ منتصف الليل.
ووفق وكالة الأنباء الفلسطينية فإن 10 فلسطينين قتلوا وأصيب آخرون بجروح في أكثر من 5 ضربات جوية من طائرات إسرائيلية مسيّرة استهدفت مدخل مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، كما استهدفت من حاول إسعاف المصابين.
وقتل ثلاثة فلسطينيين بينهم طفلة جرّاء قصف جوي إسرائيلي لشقة سكنية قرب مفترق عبد العال بشارع الجلاء في مدينة غزة.
وأسفر قصف إسرائيلي لمنزل في منطقة المخيم الغربي بمدينة خان يونس عن مقتل طفلين وإصابة والدهما بجروح خطيرة.
واستأنفت إسرائيل ضرباتها في 18 مارس بعد تعثر المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس لتمديد الهدنة التي استمرت شهرين.
واندلعت الحرب بعد هجوم مباغت شنته حماس في السابع من أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1218 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى الأرقام الرسمية.
كما احتجزت حماس 251 رهينة، لا يزال 57 منهم في غزة، بينهم 34 قالت إسرائيل إنهم قتلوا.
ومنذ بدء الحرب بلغ عدد القتلى في غزة 53762، وفقا لأحدث حصيلة أوردتها وزارة الصحة في القطاع.