يمانيون – متابعات
لم يكُنْ قرارُ البنك المركزي في عدنَ، عبثياً، بل هو قرارٌ يحمِلُ في طياته أهدافاً غربيةً وأطماعاً يسعى العِدوانُ الأمريكي السعوديّ إلى تحقيقِها منذ اليوم الأول للعدوان على بلادنا.

وبعد تسعِ سنوات من الفشل العسكري، والعجزِ عن إيقاف عمليات القوات المسلحة المسانِدة لغزة والشعب الفلسطيني، لجأت الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ إلى شَنِّ حربٍ اقتصادية جديدة تستهدفُ المجتمعَ اليمني بشكل عام، من خلال الضغط على البنوك في صنعاء، والذي اعتبره السيدُ القائدُ -يحفظه الله- في خطابه الأخير “يأتي ضمنَ الخطوات الأمريكية دعماً للكيان الإسرائيلي”.

وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي رشيد الحداد: “إن قرارات بنك المرتزِقة في عدن، والضغط على البنوك بصنعاء، هي حرب اقتصادية أمريكية غير مسبوقة منذ سنوات؛ وهو يؤكّـدُ على أن العدوَّ الأمريكي يدفعُ بالكثير من الأوراق الاقتصادية؛ لإحداثِ أي تأثيرٍ على العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة في مختلف نطاق العمليات العسكرية البحرية، سواء في البحرَينِ الأحمر والعربي وخليج عدن، أَو المحيط الهندي والبحر المتوسط، وبالتالي فَــإنَّ ما يحدُثُ من تصعيد الحرب الاقتصادية على العملة الوطنية من قبل العدوان هو محاولةٌ فاشلةٌ تقومُ بها الولايات المتحدة الأمريكية بالتعامل مع السعوديّة وتنفيذ من قبل الأمريكي نفسه المسيطِر على بنك مرتزِقة العدوان في عدن”.

ويؤكّـد الحداد أنَّ “التصعيد الاقتصادي على اليمن يأتي وفق توجيهات أمريكية، تهدف للسيطرة على معظم قطاعات البنك في عدن”، منوِّهًا إلى أن “القرارات ستنعكس بشكل سلبي على القطاع المصرفي اليمني، وستعمِّقُ أزمة الانقسام النقدي بين صنعاء وعدن، بالإضافة إلى أن إصدار مثل هذه القرارات في هذا التوقيت، أَو الظرف، سيضاعِفُ من معاناة كُـلّ اليمنيين، خَاصَّة الذين يعيشون في المحافظات المحتلّة، وكذلك الذين يعتمدون على الحوالات المالية في المحافظات الحرة، حَيثُ تفرض تلك القرارات المزيد من القيود على الحوالات الداخلية بين المحافظات اليمنية، وهذا يدفع المواطنين إلى اعتماد الدولار والسعوديّ كبديل للعملة الوطنية، خَاصَّة أن هذا الانقسام يعد انقساماً كلياً ومحاولة من بنك عدن الإضرارَ بشرائح واسعة في المجتمع اليمني سواء في شمال اليمن أَو جنوبه”.

ويرى الحداد أنَّ “الولايات المتحدة الأمريكية أصدرت تلك القرارات الانتقامية، عن طريق بنك المرتزِقة في عدن، الذي تحاول من خلاله استهدافَ الحوالات النقدية التي تشكِّلُ مصدرَ الدخل الوطني الوحيد والمهم للعملات الصعبة، بالإضافة إلى سحب السيولة لدى البنوك في عدن، والسيطرة على مجموعة إيرادات البلد من النقد الأجنبي، وبالتالي وضمن الحربِ الأمريكية الاقتصادية، يتم تشديدُ الخِناقِ على الشعب اليمني، والتحكُّم بالنقد الأجنبي”.

ويبيِّنُ أن “تلك القرارات التصعيدية هي قرارات أمريكية انتقامية غير مدروسة، وغير اقتصادية، ولن تكون لها أية آثار إيجابية على سعر صرف العملة في المحافظات المحتلّة ولا على القوة الشرائية في تلك المحافظات، ولا على مستوى العجز الذي تعاني منه حكومة المرتزِقة، بل ستضاعف وتفاقم الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير، وربما تقود البلاد إلى المزيد من الانقسام، خَاصَّة أن معظم الشرائح العاملة في تلك المحافظات أصبحت تعيش في وضع منهار؛ بسَببِ انهيار العملة وانعدام القيمة الاقتصادية”.

تداعياتُ ما بعد التحذيرات:

وبحسب الحداد فَــإنَّ “هناك تَحَدِّيًا من قبل الولايات المتحدة والسعوديّة، لما يتم التحذير منه من قبل البنك المركزي في صنعاء، ورغم ذلك فَــإنَّ السيدَ القائد أوضح وحذَّر ونصح السعوديّة والدولَ المشاركة في هذه الحرب الاقتصادية من خطورة ما تقوم به أمريكا؛ مِن أجلِ الاحتلال الصهيوني، وعلى دول العدوان أن تفهمَ تحذيرات ونُصحَ صاحبِ القول والفعل”.

ويقول: “إن التداعيات والتأثيرات على اقتصادِ الدول المشارِكة في هذا العدوان، أَو الحرب الاقتصادية ستكون كبيرة؛ لأَنَّ صنعاء لا تزال تمتلك وتحتفظ بالكثير من الأوراق الاقتصادية التي لم تستخدمْها بعدُ، بالإضافة إلى أن هذه القرارات والإجراءات تستهدف القطاع المالي والاقتصادي والقطاع الخاص والبنوك التجارية، وكذلك تستهدف الاستقرار المعيشي للمواطنين في تلك الدول، وهي تُعَدُّ حرباً مفتوحَةً ستتم مواجهتها من قبل كُـلّ أحرار الشعب اليمني في العاصمة صنعاء وكل المحافظات”.

تشديدُ الحصار:

ولأَنَّ بنكَ عدن يدارُ من قِبَلِ الإدارة الأمريكية، يرى الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، أنَّ “أمريكا تسعى من خلال بنك المرتزِقة في عدن، إلى تشديد الحصار على صنعاء؛ في محاولة منها لثنيِها عن استمرار عملياتها العسكرية ضد السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية في البحرَينِ الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، إلا أن تلك القرارات لن تشكل أية أضرار كبيرة على صنعاء بقدر ما ستضاعف الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في عدن المحتلّة والمحافظات الجنوبية الأُخرى، خَاصَّة وأن سعر صرف الدولار في تلك المحافظات في ارتفاع مقابل انهيار سعر صرف العُملة المطبوعة”.

ويشير إلى “تزامن صدور القرارات التي فرضت عقوبات على ستة بنوك مع بروز أزمة سيولة يعاني منها بنكُ عدن الذي فقد الكُتلةَ النقدية الضخمة التي قام بطباعتها خلال السنوات الماضية دون غطاء نقدي، وفي وضع كهذا يهم الأمريكي عبر بنك عدن أن يدفعَ الاقتصاد اليمني ككل نحو الانهيار وتقويض ما تبقى من هامش استقرار معيشي في محافظات سيطرة صنعاء، ومضاعَفة الركود وضرب أي تماسك اقتصادي”، مؤكّـداً أن “هذه الخطوة تهدفُ إلى إحداث أزمة مدفوعات في اليمن ككل، وإيصال الوضع إلى حالة الانهيار -وفقاً للحداد- بحيثُ يكون انكماشاً اقتصاديًّا مع نُدرةٍ في النقد الأجنبي وارتفاع معدلات التضخم، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى أزمة في اليمن بشكل عام”.

ويؤكّـد أنَّ “ما قامت به الولاياتُ المتحدة الأمريكية عبر السعوديّة في سبتمبر عام 2017، من نقل مهامِّ واختصاصات البنك ونظام المعاملات الدولية من البنك المركزي بصنعاء إلى عدن، ليس إلا بهَدفِ استخدام السياسات المالية والنقدية كافةً في الحربِ الاقتصادية على اليمن”.

– المسيرة/ عباس القاعدي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: تلک القرارات السعودی ة من قبل فی عدن فی تلک

إقرأ أيضاً:

اليمن واحد.. رغم مؤامرات التقسيم والاحتلال

 

 

الوحدة اليمنية ليست شعاراً يُرفع، بل هي مصير شعبي اختاره اليمنيون بدمائهم وتضحياتهم عبر عقود من النضال. فمنذ تحقيق الوحدة المباركة، ظلت السعودية والإمارات تشن حرباً خفيةً ضد هذا الإنجاز التاريخي، مستخدمتين كل الأدوات؛ من دعم الانفصاليين إلى تشكيل المليشيات المسلحة، وصولاً إلى السيطرة المباشرة على الموانئ والجزر اليمنية.
اليوم، تواجه المحافظات الجنوبية المحتلة أخطر مراحل التحدي، حيث يعاني المواطن من تردي الأوضاع الاقتصادية التي حوّلها تحالف العدوان إلى أداة لإلهاء الناس عن القضايا المصيرية. لقد نجحوا مؤقتاً في جعل الهم المعيشي يطغى على كل شيء، لكنهم فشلوا في كسر الإرادة الوطنية. فبعد سنوات من التضليل والمغالطات، بدأت الصورة تتضح لأبناء المحافظات المحتلة، حيث يتصاعد الوعي بمخاطر الاحتلال وأدواته.
نشهد اليوم غلياناً شعبياً غير مسبوق في المحافظات الجنوبية المحتلة، تترجمه المظاهرات والمسيرات المستمرة منذ أكثر من عام، والتي تؤكد رفض اليمنيين للتواجد الأجنبي وتأييدهم لقرار اليمن مساندة الشعب الفلسطيني بقيادة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله). هذه الصحوة الوطنية لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج معاناة حقيقية من نهب الثروات وتدمير البنية التحتية والسيطرة على المنافذ البرية والبحرية من قبل قوات العدوان السعودي الإماراتي.
لقد كانت السعودية دائماً العدو التاريخي للوحدة اليمنية. فمن معارضتها لاستقلال الجنوب في الستينيات، إلى دعمها للانفصاليين في حرب 1994، وصولاً إلى عدوانها المباشر منذ 2015، كلها حلقات في مسلسل واحد يهدف إلى إعادة اليمن إلى عصر التقسيم والتشرذم. أما الإمارات، فقد تخصصت في تشكيل المليشيات المسلحة وزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
لكن شمس الحق لا تُغطى بغربال، فها هي المحافظات الجنوبية تثبت يومياً تمسكها بالهوية اليمنية ورفضها لمشاريع التقسيم. المسؤولية اليوم تقع على عاتق كل أبناء الجنوب الأحرار في مواصلة الكفاح لطرد المحتل، واستعادة السيادة على كل شبر من الأرض اليمنية، والحفاظ على الوحدة التي ضحى من أجلها الآلاف.
فكما انتصر أجدادنا على الاستعمار البريطاني، وكما انتصرنا على مشاريع التقسيم في الماضي، سننتصر اليوم على كل مخططات العدوان. فالأزمات الاقتصادية مهما اشتدت، والفتن مهما كبرت، لن تُثني الشعب اليمني عن الدفاع عن وحدته وسيادته. اليمن واحد.. كان وسيبقى، وسيظل صامداً رغم كل المؤامرات.
خاتمة :
وبمناسبة الذكرى الـ35 للوحدة اليمنية المباركة، نتقدم بأخلص التهاني والتبريكات لسماحة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله)، ولرئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، ولأبطال القوات المسلحة اليمنية الباسلة، ولكل أبناء الشعب اليمني الأبيّ.
فهذه المناسبة ليست مجرد ذكرى عابرة، بل هي تجسيد لإرادة شعب رفض التقسيم واختار الوحدة طريقاً لا رجعة عنه. رغم كل المؤامرات والحروب والاحتلال، سيظل اليمن موحداً صامداً، وسيبقى أبناؤه أوفياء لدماء الشهداء الذين رووا بدمائهم ثرى هذه الأرض الطاهرة.
اليمن واحد.. لا انفصال ولا خنوع.. والنصر حليفنا بإذن الله.
محافظ محافظة لحج
عضو المكتب السياسي لأنصار الله

مقالات مشابهة

  • اليمن واحد.. رغم مؤامرات التقسيم والاحتلال
  • اليافعي: الوحدة حاضرة في وجدان الشعب وأحرار الجنوب يترقبون السيد القائد لتحريرهم من قيد الاحتلال
  • على طاولة الكونغرس.. اعترافات صادمة بالأرقام عن فشل العدوان الأمريكي على اليمن
  • ما الفئات المستحقة للقاحات كورونا حسب القيود الأمريكية الجديدة؟
  • برلماني: الإصلاح الاقتصادي لا يقاس بالأرقام فقط بل بتأثيره على حياة المواطنين
  • رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا: الأبعاد الاقتصادية والأمنية والسياسية
  • المحافظ جريب: منذ تحقيق الوحدة ظلت السعودية والإمارات تشنان حرباً خفية ضد هذا الإنجاز التاريخي
  • محافظ لحج: اليمن واحد وسيظل صامداً رغم مؤامرات الاحتلال
  • محافظ لحج: اليمن واحد وسيظل صامداً رغم المؤامرات
  • برلماني: العلاوة وزيادة الأجور يخففان الضغوط الاقتصادية عن المواطنين