الاقتصاد نيوز - متابعة

كشف قرار وكالة الطاقة الذرية ضد إيران، في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن نذر تصعيد جديد بدأ بالبروز في الأفق بشأن الملف النووي الإيراني وتعقيداته، بعدما أبعدته تطورات الحرب على غزة عن الأضواء خلال الأشهر الماضية.

وحظي قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي انعقد في العاصمة النمساوية فيينا، بموافقة 20 بلداً من أصل 35، ومعارضة الصين وروسيا، وامتناع 12 دولة عن التصويت وغياب دولة واحدة عن الجلسة.

اتهم القرار إيران بعدم التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معرباً عن أسفه لعدم الحصول على “أجوبة تقنية ذات صدقية” متعلقة بوجود آثار لليورانيوم من دون سبب في موقعين لم يعلن عنهما، مع التأكيد على ضرورة توضيح طهران الوضع وتسهيل الوصول إلى الموقعين المعنيين، و”أن تتراجع عن سحب اعتماد” بعض مفتشي الوكالة الأكثر خبرة، مع إعادة وصل كاميرات المراقبة “من دون تأخير”، فضلاً عن إلزام مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، بإعداد “تقرير كامل”، وكذلك دعوة إيران إلى تطبيق اتفاق مارس/آذار 2023 مع غروسي لحل الخلافات.

وصفت طهران، سواء عبر خارجيتها أو منظمة الطاقة الذرية، قرار وكالة الطاقة الذرية ضد إيران بأنه “غير بنّاء” وجزمت بأنها “لن ترضخ للضغوط السياسية”. كما أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، مساء أول من أمس الأربعاء، أن المنظمة بدأت “إجراءات” للرد على تبنّي القرار في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من دون الكشف عن طبيعتها.

غير أنه قال في الوقت ذاته، إن الإجراءات “تأتي في إطار اتفاق الضمانات” الملحق لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، في إشارة إلى أن الرد لم ينتهك اتفاق الضمانات الملزم، وأنه شمل إجراءات وفق تعهدات كانت إيران ملتزمة بها “طوعاً” بموجب الاتفاق النووي.

عودة الملف النووي الإيراني للواجهة

وأعاد القرار الجديد لمجلس محافظي الوكالة، الملف النووي الإيراني إلى الأضواء والواجهة، في ظروف إقليمية ودولية متأزمة وخطيرة على خلفية العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة وتداعياته الإقليمية وتوترات مستمرة، أشعلها في عدة جبهات ترتبط بشكل أو آخر بإيران. ومن شأن القرار والرد الإيراني عليه التسبب بانعكاسات وتأثيرات على طريق المزيد من تصعيد وتعقيد إقليميين، غير أن الظروف الانتخابية الأميركية لاختيار رئيس جديد، قد تدفعها إلى ضبط إيقاع التصعيد ولو لفترة.

قرار وكالة الطاقة الذرية ضد إيران هو الثالث من نوعه منذ إبرام الاتفاق النووي عام 2015، إذ جاء بعد قرارين صدرا في عام 2022، وأيضاً بعد بيانات متعددة إثر كل اجتماع فصلي لمجلس محافظي الوكالة (ينعقد مرة كل ثلاثة أشهر)، تضمنت اتهامات وانتقادات لإيران ودعوات لها للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن القضايا الخلافية والسماح باستئناف عمليات تفتيش، أوقفتها إيران في إطار تخليها المستمر عن التزاماتها النووية المنصوص عليها بالاتفاق النووي، رداً على تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات عليها.

القرار الأول صدر في يونيو/حزيران 2022، وتضمن ثلاثة مطالب من إيران. المطلب الأول تمثل في الدعوة إلى التعاون الكامل من دون تأخير مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. أما المطلب الثاني فنص على تقديم “إيضاحات ذات مصداقية” بشأن آثار جزئيات اليورانيوم في موقعين مشتبهين بممارسة أنشطة نووية غير معلنة، من أصل أربعة مواقع، حُلّت سابقاً مشكلة اثنين منها، وظلت قضية موقعي تورقوز أباد وورامين جنوبي طهران مستمرة بلا حل حتى اليوم. أما المطلب الثالث فدعا للسماح بقيام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمزيد من الأنشطة في إطار الاتفاق النووي لـ”إزالة الإبهامات”.

ردت إيران على القرار الأول بالبدء في تركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة نطنز في أصفهان، فضلاً عن إغلاق عدد من كاميرات المراقبة الموضوعة في منشآتها النووية بموجب الاتفاق النووي. أما القرار الثاني فصدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وجدد فيه مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المطالب الثلاثة المذكورة في القرار السابق. وبعد القرار الثاني أيضاً، ردت طهران باستبدال عدد من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول IR1 بأخرى متطورة من الجيل السادس IR6 في منشأة فوردو، بالقرب من مدينة قم، على بعد 130 كيلومتراً من طهران، مما زاد إنتاج إيران من اليورانيوم المخصب بدرجات نقاء عالية، فضلاً عن ضخ الغاز إلى عدد آخر من أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز.

وعن أهم ما يميز القرار الجديد عن سابقاته، رأى المتخصص الإيراني في الاتفاق النووي، هادي خسروشاهين أنه يتمثل في إلزام غروسي بالعمل على إعداد تقرير شامل حول انتهاكات إيران لاتفاق الضمانات الملزم، الملحق لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، مشيراً إلى أن هذه الفقرة تعد الأهم في القرار وهي تمثل تحضيراً لإنهاء الاتفاق النووي حقوقياً وقانونياً.

ورأى خسروشاهين أن التقرير الذي كلف غروسي بإعداده من شأنه أن يؤدي إلى انهيار الاتفاق النووي بالكامل، وإصدار شهادة الوفاة الرسمية للاتفاق، قائلاً إن اتهام إيران رسمياً في تقرير الوكالة بانتهاك اتفاق الضمانات أخطر من اتهامها بانتهاك الاتفاق النووي.

في السياق، اعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق، عبد الرضا فرجي راد، أن الوضع بعد صدور كل قرار من مجلس محافظي الذرية الدولية عادة يتعقد أكثر ويؤثر سلباً على التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لافتاً إلى أن كلا من الطرفين يرفض رواية الآخر، فعندما يصدر المجلس قراراً يعقبه رد إيران باتجاه خفض المزيد من التزاماتها وتعاونها مع الوكالة الدولية.

وأوضح فرجي راد أن قرار وكالة الطاقة الذرية ضد إيران في الوقت الراهن عبارة عن إنذار وتهديد، جاء استكمالاً لبيان سابق للترويكا الأوروبية قبل ثلاثة أشهر، خلال الاجتماع الفصلي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مضيفاً أن القرار لا تترتب عليه تبعات خاصة حالياً، وأنه لا يحمل دلالة باتجاه توجه أوروبا وأميركا نحو معاقبة إيران عملياً من خلال إعادة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن.

ودعا فرجي راد، الذي كان سفيراً لإيران سابقاً في النرويج، إلى التريث إلى ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل، لأن مستقبل الملف النووي الإيراني يتوقف على تطورات الأشهر الخمسة المقبلة وكذلك نتائج الانتخابات الأميركية، وما إذا كانت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية تتجهان خلال هذه الفترة نحو تعاون يخفض التوتر أم لا.

ورأى أنه إن لم يحصل ذلك فيجب انتظار نتائج الانتخابات الأميركية، فإن فاز فيها المرشح الجمهوري دونالد ترامب على الأغلب الوضع سيزداد سوءاً، وإن تجددت ولاية جو بايدن حينها يمكن أن يتجه الطرفان نحو التوصل لاتفاق جديد بديل عن الاتفاق النووي. ورجح فرجي راد توجه أوروبا نحو تفعيل آلية فض النزاع لإعادة العقوبات الأممية والأوروبية ضد إيران إن لم يحصل اتفاق جديد بعد الانتخابات الأميركية.

من جهته، توقع رئيس موقع “الدبلوماسية الإيرانية” علي موسوي خلخالي أن يكون للقرار الجديد لمجلس محافظي الوكالة هدف خاص باتجاه تشكيل أساس وذريعة لتفعيل آلية فض النزاع لاحقاً، وهو ما تسعى إليه أميركا والترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، في ظل تصاعد وتيرة التوتر مع إيران وتراجع فرص التوصل لاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني.

وبرأي موسوي خلخالي، فإنه كلما تصاعدت التوترات بين إيران والغرب، اتخذت أنشطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية أبعاداً سياسية أكثر، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة تحمل نذر المزيد من التصعيد بين الطرفين وإصدار قرارات أكثر حدة.

وأوضح أن قرار وكالة الطاقة الذرية ضد إيران الجديد، رغم أنه كان أشد من سابقاته، لكنه تجنب تصعيداَ ملحوظاً، ولم يتضمن إدانة بل وجّه اتهامات وانتقادات لإيران، مشيراً إلى أنه كان يمكن أن تكون لغة القرار أكثر حدة.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار مجلس محافظی الوکالة الدولیة للطاقة الذریة الملف النووی الإیرانی الانتخابات الأمیرکیة مع الوکالة الدولیة الاتفاق النووی اتفاق الضمانات من دون إلى أن

إقرأ أيضاً:

وكالة الإمارات للمساعدات الدولية تقدم 1.7مليار دولار لغزة

أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة حزمة من المبادرات الإغاثية العاجلة لدعم الشعب الفلسطيني، منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، وحتى نجاح مفاوضات شرم الشيخ، من أبرزها مبادرتا الفارس الشهم وطيور الخير، إلى جانب مبادرات إنسانية واجتماعية متعددة.

وزير الخارجية يلتقي المندوب الدائم لدولة الإمارات الرئيس الحالي للمجموعة العربية باليونسكو

وجاءت هذه الجهود بدعم من وكالة الإمارات للمساعدات الدولية، وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وبمشاركة العديد من الوزارات والجهات الرسمية والمؤسسات الخيرية والإنسانية.

 

وقدمت هذه المبادرات آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية، وأقامت مستشفيات ميدانية وعائمة، ومحطات لتحلية المياه، ومخابز ومطابخ ميدانية، فضلاً عن عمليات إجلاء إنسانية للمرضى والمصابين للعلاج في مستشفيات الدولة.

 

وبحسب تقارير أممية، بلغت قيمة المساعدات الإماراتية المقدّمة لقطاع غزة أكثر من 1.7 مليار دولار، شملت الغذاء والدواء والماء ومواد الإيواء، واستهدفت جميع الفئات، ولا سيما الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى.

 

هذا وقد نفذت دولة الإمارات 74 عملية إنزال جوي للمساعدات ضمن مبادرة «طيور الخير» المنبثقة عن عملية الفارس الشهم، تجاوزت حمولتها 4004 أطنان من الأغذية والمواد الإغاثية الأساسية.

 

ووصل إجمالي عدد طائرات المساعدات إلى 680 طائرة، منها 405 طائرات للشحن، و212 طائرة للإسقاط الجوي، و25 طائرة لإجلاء المرضى والمصابين.

 

كما أدخلت الإمارات نحو 7000 شاحنة محمّلة بالمساعدات إلى قطاع غزة، إضافة إلى 18 سفينة إغاثية، كان آخرها منتصف سبتمبر الماضي، حين وصلت السفينة التاسعة «حمدان» إلى ميناء العريش المصري، محمّلةً بـ 7000 طن من المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية.

 

وبذلك ارتفع إجمالي المساعدات الإماراتية المرسلة إلى أكثر من 80 ألف طن، مع استمرار عمليات الشحن والإمداد.

 

وشملت حمولة السفينة التاسعة 5000 طن طرود غذائية للأسر، و1900 طن مواد غذائية لدعم المطابخ الشعبية، و100 طن خيام طبية، إضافة إلى 5 سيارات إسعاف مجهزة بالكامل.

 

ولضمان انسيابية تدفق المساعدات، أرسلت الإمارات وفداً دائماً إلى مدينة العريش يضم مسؤولين ومتطوعين للتنسيق مع السلطات المصرية في إدخال المساعدات عبر معبر رفح.

 

لم تقتصر الجهود الإماراتية على إرسال المواد الغذائية والإغاثية، بل امتدت إلى برامج علاجية وإجلاء طبي متواصل.

 

فقد وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بتنفيذ عمليات إجلاء للجرحى والمصابين ومرافقيهم من قطاع غزة للعلاج في الإمارات، ليصل إجمالي من تم نقلهم حتى الآن إلى 2630 مريضاً ومرافقاً عبر 25 رحلة إجلاء.

 

كما أطلق آل نهيان مبادرة لعلاج ألف مريض بالسرطان من غزة في المستشفيات الإماراتية، استقبلت بالفعل عدداً منهم مع مرافقيهم، حيث أُسكنوا في مدينة الإمارات الإنسانية.

 

كما سلّمت الإمارات لقطاع غزة 31 سيارة إسعاف مجهزة بالكامل، ونفّذت حملة تطعيم شاملة ضد شلل الأطفال استفاد منها أكثر من 640 ألف طفل.

 

وفي ظل أزمة العطش الحادة التي يعانيها القطاع، بادرت الإمارات إلى إنشاء 6 محطات لتحلية المياه بعد أيام من إطلاق عملية الفارس الشهم، بقدرة إنتاجية تبلغ مليوني جالون يومياً يستفيد منها أكثر من مليون نسمة.

 

 

كما أرسلت صهاريج مياه متنقلة، وحفرت آباراً جديدة، وعملت على تطهير وإعادة تشغيل الآبار القائمة، إضافة إلى توزيع المياه في المناطق المتضررة.وعلى صعيد الأمن الغذائي، عملت الإمارات على إعادة تشغيل المخابز المتوقفة وإنشاء 30 مخبزاً جديداً لتأمين احتياجات أكثر من 76 ألف شخص من الخبز يومياً، بعد توفير الدقيق والوقود اللازمين لتشغيلها.

 

كما دعمت إنشاء 71 مطبخاً ميدانياً لإعداد الوجبات الأساسية لما يقارب 286 ألف مستفيد يومياً، في مختلف مناطق القطاع.

 

وقادت الإمارات منذ اندلاع الحرب على غزة جهوداً دبلوماسية مكثفة بالتعاون مع شركائها الإقليميين والدوليين لمنع تصاعد حدة العنف وتوسع دائرته، مع التأكيد الدائم على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني في القطاع بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق.

مقالات مشابهة

  • "أوكيو للطاقة البديلة" تطلق أول مشروع لخدمات الطاقة الفائقة واسع النطاق
  • الجزائر توقع اتفاقية مع مداد للطاقة بقيمة 5.4 مليارات دولار
  • «الإنتاج الحربي» تشارك في معرض مصر للطاقة النظيفة والتقنيات المتطورة
  • وزارة الإنتاج الحربي تشارك في معرض مصر للطاقة النظيفة والتقنيات المتطورة
  • ترامب: إيران لو امتلكت السلاح النووي لما شعرت الدول العربية بالارتياح
  • سفير مصر بجيبوتي يبحث مع وزير الطاقة إنشاء محطة «عرتا» للطاقة الشمسية
  • سفير مصر بجيبوتي يتابع تنفيذ مشروع محطة عرتا للطاقة الشمسية
  • هيئة الطاقة الذرية تتسلم شهادة التجديد الثانية للآيزو ISO 21001:2018 لمركز التدريب
  • وزير الخارجية الإيراني: لا ثقة بإسرائيل وأمريكا في التزامات غزة.. ولا محادثات تتجاوز الملف النووي
  • وكالة الإمارات للمساعدات الدولية تقدم 1.7مليار دولار لغزة