موقع النيلين:
2025-10-13@18:09:27 GMT

???? نعناع الجنينة

تاريخ النشر: 13th, October 2025 GMT

???? نعناع الجنينة
عقب مشاهدة فيلم ضي، والظهور النادر للفنان محمد منير مع الممثلة السودانية إسلام مبارك، وبين يدي النيل والقمر، وجدت نفسي في حديثٍ ممتد مع مجموعة من الإخوة المصريين، حديث تهادى مثل قاربٍ صغير على صفحة النهر، إذ كنا نتحدث عن الفن تحديداً، عن الذاكرة، وعن القواسم الثقافية المشتركة. قلت لهم: نحن نعرف الكثير عن مصر، أما أنتم فلا تعرفون عن السودان سوى ما تسمعونه في نشرات الأخبار تقريباً، وربما القليل عن المامبو السوداني والليلة بالليل، لكن بيننا ما هو أعمق من السياسة، وأجمل من التاريخ الاستعماري.

تلك الامنيات التي سكنت روح التجاني يوسف بشير، وعرفت طريقها إلى صوت أم كلثوم حين نبشت في ديوان الهادي آدم عن أغداً ألقاك. وهو الشعور نفسه الذي ترجمه الكابلي وتاج السر حسن ” ملءُ روحي أنتِ يا أختَ بلادي”.
ومن هذا الممر النيلي الدافق، أطلت علينا نعناع الجنينة.
تحدثنا عنها كما لو أننا نتحدث عن شخص من العائلة،
عن الجعافرة والعبابدة، وعن وادي حلفا التي قاومت روحها الغرق فيما قاومت رائحة النعناع وطأة النسيان. قلت لهم: «نعناع الجنينة» ليست مجرد لحنٍ جميلٍ يتهادى على ناي محمد منير، ولا حتى صوت سيد الركابي الذي ورث عن الصعيد شجنه، بل هي جسر من وجدانٍ واحد، يغرف من النبع ذاته الذي يروي وادي النيل من أسوان إلى دنقلا، وأبعد من ذلك بكثير، نبعت من الجنوب النوبي، من بيئةٍ تعرف أن الكلمة إذا خرجت من القلب، وصلت إلى مشاش الروح، ولعل ما يلفت النظر حقًا هو صلتها بفن النميم، لا أعرف هل له علاقة بايقاع التمتم أم لا؟، ولكن المؤكد أنها خضعت لأكثر من مباراة شعرية، وزانتها الملهمات الجميلات، كل عاشقٍ يضيف لها بيتاً جديداً، كما لو أنه يسقي الأغنية من قلبه، أو بالأحرى قصته، وما بين ود شوراني وود ضحوية، وما بين جدّنا الحاردلو وأخيه عبد الله ود أبسن في مسدار المطيرق، تاريخ طويل من المساجلات التي يُحكَم فيها الإبداع بالدهشة لا بالمنطق، وبالوجدان لا بالقافية، ولا تصلح للشرح.
دعك من حاكم الخرطوم، فكلمات مثل الحِلّة وأمبارح عصر وناقتنا، والجنينة ذاتها تكاد تكون موغلة في السودانية، نفحة من تراب اللهجة القديمة التي لا تعرف الحدود، ولذلك عاشت نعناع الجنينة كل هذا العمر، ولا تزال تتجدد، فهى حكاية شعبين يلتقيان في مجرى، تبارك ذلك المجرى.
عزمي عبد الرازق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

صالح الجعفراوي صوت غزة الذي صمت برصاص الغدر

غزة- اغتال رصاص الغدر -مساء أمس الأحد- صوتا من أصوات الحقيقة في غزة، فقد استشهد الصحفي والناشط البارز صالح الجعفراوي خلال تغطيته آثار الدمار الذي خلّفه الاحتلال الإسرائيلي في حي تل الهوى جنوبي مدينة غزة، فبينما كان يوثق بكاميرته مشاهد الخراب في شارع 8، باغته عملاء متعاونون مع الاحتلال وأطلقوا عليه النار مباشرة، فأردوه شهيدا على الفور.

كان صالح (27 عاما) قد نذر نفسه لنقل معاناة شعبه منذ بدء العدوان على القطاع، ورفض مغادرته رغم التهديدات المتكررة بحقه، والتحريض الإسرائيلي المستمر ضده، خاصة من الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي.

ولم تثنه المخاطر عن أداء رسالته الإعلامية، بل زادته إصرارا على أن يكون في الصفوف الأمامية، يوثق وينشر ويكشف.

تفاصيل استشهاد الصحفي #صالح_الجعفراوي#المسائية #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/GQl0tCftBp

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) October 12, 2025

صوت الناس

تقول ابنة عمه الصحفية صبا الجعفراوي للجزيرة نت إن "صالح لم يكن مجرد صحفي، كان صوت الناس، ومرآة وجعهم، بالأمس فقط كان يصوّر آثار القصف قرب منزله، وكأنه يشعر أن مهمته لم تكتمل بعد"، وتضيف "كان يذهب إلى أخطر الأماكن فور القصف يلقي بنفسه داخل النار، فقط ليُظهر للعالم ما يحدث في غزة".

وتكمل "عرف عنه منذ صغره الشجاعة والإقدام، لم يكن يخاف الموت ولم يرضَ يوما بالحياد، كان يقول دائما إن الصورة قد تكون أقوى من الرصاص، وإن العالم يحتاج لمن يصور الحقيقة كما هي بلا تزييف".

درس صالح -وفقا لها- الصحافة والإعلام في الجامعة الاسلامية بغزة وحصل على درجة البكالوريوس، وهو أيضا حافظ للقرآن كاملا مما ساعده في أن تكون لغته العربية قوية.

وتضيف الجعفراوي "قبل أن يصبح معروفا، تنبأت له بأنه سيصبح صحفيا مشهورا لأنه كان يحمل صفات الإعلامي المميز، كان ينشر جرائم الاحتلال ومعاناة الناس على منصاته على شبكات التواصل الاجتماعي، لكن للأسف كانت شركة ميتا تغلقهم بشكل دائم حتى تمنعه من إيصال الحقيقة للناس".

إعلان

وذكرت أن الاحتلال كان دائم التحريض ضده، وخاصة الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي.

#شاهد| آخر ما نشره الصحفي صالح الجعفراوي، قبيل إعدامه غدرًا برصاص عصابة خارجة عن القانون، جنوب بمدينة غزة. pic.twitter.com/ikCmve35ab

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) October 12, 2025

وجه إنساني

إلى جانب عمله الصحفي، برز الشهيد صالح الجعفراوي كوجه إنساني نشط في العمل الخيري، وشارك في عشرات المبادرات لمساعدة النازحين والمكلومين.

وكان من أهم من ساهموا في توزيع المساعدات خلال الحرب، كما شارك في حملة ضخمة لإعادة بناء مستشفى للأطفال في غزة، تمكنت من جمع 10 ملايين دولار في وقت قياسي، وكان له دور بارز في عيد الأضحى الأخير، حين ساهم في تقديم أكبر عدد من الأضاحي على مستوى القطاع رغم ظروف الحرب والحصار.

يقول صديقه الصحفي أيمن الهسي مراسل قناة الجزيرة مباشر "صالح لم يكن مجرد إعلامي، بل كان مؤسسة إعلامية تمشي على الأرض، غطى مجازر الاحتلال كما حدث في مدرسة الجرجاوي، وحين رأى الأطفال يحترقون أحياء، أجهش بالبكاء، وترك الكاميرا ليشارك في انتشال الشهداء، لم يكن محايدا في وجه القتل، بل كان إنسانا أولا، وإعلاميا يرفض التواطؤ".

ويضيف الهسي "رفض صالح مغادرة غزة وبقي فيها رغم خطر الموت الذي يتهدده، وسبق أن حصل على الكثير من العروض حتى يخرج لكنه رفض وكان صوته هو صوت الشعب".

شجاع وموهوب

لم يكن الشهيد الجعفراوي إعلاميا فحسب، بل كان أيضا حافظا للقرآن ومنشدا موهوبا ورث صوته الجميل عن والده، وخلال الحرب، اعتاد أن يرفع المعنويات بأناشيده وآخرها كانت أغنيته الشعبية "قوية يا غزة"، التي بث فيها رسالة صمود وعزة وسط الركام.

عرفه الناس أول مرة في مسيرات العودة عام 2018، حين برز كإعلامي شاب ميداني يمتلك حسا صحفيا عاليا وقدرة على الوصول إلى قلب الحدث، وغطى الأحداث من الخطوط الأمامية، وأُصيب أكثر من مرة، لكنه واصل المسير.

وحول هذا يقول الصحفي وائل أبو محسن "منذ 2018 علمنا أن صالح سيكون له شأن، شجاعته كانت تفوق سنه، كان مميزا في تغطية مسيرات العودة، وكذلك في تغطية هذه الحرب، وجمع أكثر من 10 ملايين متابع على إنستغرام، وصل إلى العالمية، وأوصل صورة غزة كما لم يفعل أحد".

وعقب وقف إطلاق النار، لم يتوقف الشهيد صالح عن أداء رسالته، فخرج لتوثيق ما خلفه الاحتلال في القطاع وكأن الرسالة لم تنتهِ بعد، وبينما كان يصور في تل الهوى، باغته رصاص الغدر في صدره، ليرتقي شهيدا، تاركا خلفه كاميرته وصوته ودموع شعب كامل فقد أحد أبنائه الأوفياء.

مقالات مشابهة

  • من هي المرأة الحديدية التي غيرت بريطانيا؟
  • صالح الجعفراوي صوت غزة الذي صمت برصاص الغدر
  • شرم الشيخ.. مدينة السلام التي تحتضن الأمل من جديد
  • مصر.. ما الهدية التي قدمها وفد النادي الأهلي إلى حسن شحاتة في المستشفى؟
  • ويجز يحتفل بعيد ميلاد الكينج محمد منير برسالة مؤثرة: غنائي معاك كان حلم العمر
  • «حققت حلم الأحلام لما عملت أغنية معاك».. ويجز يُوجّه رسالة لـ محمد منير في عيد ميلاده
  • «مصر كلها بتعشقك».. ويجز يهنئ محمد منير بعيد ميلاده
  • منير البرش: نستعد لاستقبال نحو 1900 أسير سيفرج عنهم الاحتلال
  • المدن التي دمرتها الحروب حول العالم.. غزة في المقدمة