بقلم: اسماعيل الحلوتي

يحز في النفس كثيرا أن يجد المغاربة أنفسهم من حين لآخر وفي عديد المناسبات مع موعد مع الفواجع القاتلة التي تحصد أرواح الكثير من المواطنين الفقراء والمهمشين في مشاهد تراجيدية تهز القلوب، تارة بسبب حوادث السير وأخرى إما بسبب بعض الكوارث الطبيعية أو إثر تناول مواد فاسدة ومغشوشة، كما هو الحال بالنسبة لما شهده إقليم القنيطرة من مأساة إنسانية مع مطلع شهر يونيو 2024 على بعد أيام قليلة من إحياء سنة عيد الأضحى المباركة.

ففي خضم انشغال المواطنات والمواطنين هذه الأيام بما أصبحت عليه جل المواد الأساسية والواسعة الاستهلاك من ارتفاع قياسي في الأسعار، ولاسيما فيما يتعلق بأثمان الأضاحي التي عرفت بدورها ارتفاعا خياليا مقارنة بالسنة الماضية، اهتز الرأي العام الوطني فجأة على خبر صادم حول ما بات يعرف إعلاميا ب"فاجعة الماحيا"، ذلك الشراب المغشوش والممزوج بمواد مضرة بالصحة، الذي ما انفك يحصد المزيد من الأرواح في ظل تصاعد معدلات الهدر المدرسي والفقر والبطالة وغياب المراقبة الصارمة من قبل السلطات المحلية.

ذلك أنه ابتداء من مساء يوم الإثنين 3 يونيو إلى غاية صباح يوم الأربعاء 5 يونيو 2024 وفي أجواء من الحزن والاستياء وردود الفعل المتباينة، توافد على المركز الاستشفائي الإقليمي بمدينة القنيطرة حوالي 157 حالة من شباب جماعة سيدي علال التازي في غرب البلاد ضحايا مشروب "الماحيا" أو "ماء الموت"، أحيل منهم عشر حالات على المستشفى الجهوي بالرباط، فيما بلغ عدد الوفيات 15 حالة كحصيلة أولية مرشحة للارتفاع، إضافة إلى أن بعضهم مهدد بعاهات دائمة من قبيل فقدان البصر والقصور الكلوي.

والأفظع من الحصيلة نفسها أنه يوجد من ضمن ضحايا هذا المشروب القاتل، طفل بالكاد يبلغ من العمر سن الثالثة عشرة، وسيدتان في مقتبل العمر إلى جانب الشخص "المجرم" الذي ظل يعمل بكل حرية على إنتاج وترويج هذا المشروب الذي يعصف بأرواح الأبرياء. إذ يتم تهريب كميات من مادة كحولية مخصصة لاستعمالات صناعية وطبية وصيدلية جد دقيقة، من أحد المصانع المتواجدة بالمنطقة، وبعد ذلك يشرع بعض منعدمي الضمير الباحثين عن الاغتناء السريع والفاحش في ترويج تلك المادة المهربة بسعر يتراوح بين 80 و100 درهم للتر الواحد، على أن يقوم المستهلك بمزج كمية قليلة من الكحول الطبي مع الماء أو غيره من المشروبات الغازية، وبذلك يصنع لنفسه شرابا مسكرا، يطلق عليه من المصطلحات "ماء الحياة" أو "الماحيا" في أوساط الفئات الشعبية بالمناطق المهمشة وحتى داخل المدن الكبرى.

وتجدر الإشارة هنا وبعجالة إلى أن "ماء الحياة" أو "الماحيا" يعد من بين الخمور المحلية غير المشروعة التي تباع بشكل غير رسمي وتستهلك في الأحياء الشعبية الفقيرة والمناطق المهمشة، وكانت الجالية اليهودية في المغرب هي من اشتهرت في بداية الأمر بتناول "الماحيا"، حيث كان اليهود المغاربة يبدعون في صناعة هذا المشروب المسكر، من خلال تقطير بعض الفواكه المختلفة مثل العنب التين المجفف والتمور، وهو وإن كان يستعمل حينها في طقوس مختلفة للمساعدة في الهضم أو خلطه مع مشروبات أخرى، لم يكن أبدا بهذا القدر من الخطورة التي تودي بحياة البشر...

وبالعودة إلى "فاجعة الماحيا" بالقنيطرة، يشار إلى أنه في الوقت الذي أصدرت فيه المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة الرباط-سلا-القنيطرة بيانا، تخبر عبره الرأي العام الوطني أنه تم تسجيل حالات تسمم بمادة "الميثانول" في صفوف عدد من ساكنة جماعة سيدي علال التازي، كاشفة عن معطيات أخرى صادمة، ومؤكدة على تجنيد مختلف أطقمها الطبية والتمريضية وكذا الوسائل والإمكانات الضرورية التي من شأنها تقديم رعاية خاصة للمصابين والتكفل بهم، بالإضافة إلى التنسيق مع السلطات المحلية في استقبال الحالات الوافدة على مستوى المؤسسات الصحية بالجهة، وتوجيه الدعوة إلى المواطنين من أجل الإبلاغ عن أي حالة مماثلة والتوجه نحو أقرب مؤسسة صحية، لتفادي المضاعفات المحتملة.

وهو ما أدى بالنيابة العامة إلى الدخول على الخط، وإصدار الأمر للشرطة القضائية المختصة التابعة للدرك الملكي بفتح بحث حول ظروف النازلة، أظهرت نتائجه أن الضحايا تناولوا مادة كحولية سامة تتمثل في "الميثانول"، مما ترتب عنه وفاة البعض فيما تلقى البعض الآخر العلاجات الضرورية قبل مغادرة المستشفى. لذلك أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، أن قاضي التحقيق أمر بإيداع سبعة أشخاص السجن ممن ثبت تورطهم في هذه الواقعة المفجعة وإخضاع شخص ثامن لتدابير المراقبة القضائية على ذمة التحقيق.

وفي انتظار التطبيق الصارم للقانون في حق المجرمين الذين تسببوا من قريب أو بعيد في هذه الكارثة الإنسانية، وعدم التسامح مع كل من يثبت تورطه في بيع السموم بمختلف أشكالها للمغاربة، فإننا ندعو مدبري الشأن العام ببلادنا إلى إيلاء الشباب ما يستحقون من أهمية بالغة، من حيث محاربة الهدر المدرسي، خلق فرص شغل مناسبة للعاطلين، فتح دور الشباب والمكتبات وتوفير ملاعب القرب والمسابح وغيرها، فضلا عن تشديد المراقبة على أنشطة بائعي مختلف أنواع الخمور المغشوشة في البيوت والمعامل السرية، التي يتم فيها تخزين كميات كبيرة من "ماء الموت"، حفاظا على صحة وسلامة أبناء الشعب.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

الآثار تبدأ ترميم مسجد سيدي مدين الأشموني والعيون الأثرية الموجودة بمحيطه

قامت اللجنة المشتركة من وزارتي السياحة والآثار، والأوقاف بجولة تفقدية لشارع باب البحر بحي باب الشعرية بمحافظة القاهرة، وذلك للمراجعة الشاملة لجميع المساجد والعيون الأثرية الموجودة بالشارع.

وذلك في إطار الجهود المستمرة لصيانة المساجد الأثرية وصون التراث المعماري الإسلامي.

وقد ضمت اللجنة كلاً من: اللواء دكتور مهندس محمد نبيل عراقي مساعد وزير الأوقاف للشئون الهندسية، والدكتور مهران عبد اللطيف رئيس حي باب الشعرية، والدكتور ضياء زهران رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، إلى جانب عدد من المختصين من الوزارتين.

وأوضحت اللجنة أن المعاينة أسفرت عن احتياج مسجد سيدي مدين الأشموني والعيون الأثرية الموجودة بمحيطه إلى تدخل عاجل بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية الناتجة من مياه الصرف الصحي بالشارع وانخفاض مستوى المسجد عن مستوى الشارع؛ مما نتج عنه تسرب جزء من المياه إلى داخل المسجد والعيون.

واستنادًا إلى ما انتهت إليه اللجنة من معاينة ودراسة، فسوف تبدأ وزارتا السياحة والآثار، والأوقاف في تنفيذ مشروع ترميم متكامل لصون مسجد سيدي مدين الأشموني ومحيطه الأثري وعدد من العيون الأثرية بالشارع، وذلك وفقًا لخطة عمل مشتركة ومتكاملة وتوقيتات زمنية محددة.

الجدير بالذكر أن المسجد يقع بحارة مدين من شارع باب البحر في حي باب الشعرية، أمر بإنشائه الخوند مخلد بنت القاضي ناصر الدين محمد - كاتم سر بالديار المصرية في عهد المؤيد شيخ. وقد تزوجت الخوند من الملك الظاهر جقمق وتوفيت في عهد الملك الأشرف قايتباي. أما صاحب المسجد فهو الشيخ مدين بن أحمد بن يونس، الذي قدم من المغرب واستقر بأشمون في المنوفية، ثم وفد إلى القاهرة وتوفي عام ٨٥١ هجرية ودفن في زاويته الحالية بالمسجد.

اقرأ أيضًا:

الوطنية للانتخابات: تنسيق مع الأمن للتحقيق في واقعة شراء أصوات بالجيزة

محافظ القاهرة: مأوى الكلاب الضالة هدفه ضمان سلامة المواطنين

حبات برد وأمطار وشبورة.. تفاصيل حالة الطقس اليوم الأربعاء

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

مسجد سيدي مدين الأشموني العيون الأثرية الآثار

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

أحدث الموضوعات أخبار مصر محافظ القاهرة: مأوى الكلاب الضالة هدفه ضمان سلامة المواطنين أخبار و تقارير تنظيم الاتصالات يحذر المواطنين من محاولات اختراق تستغل ثغرات جديدة على نصائح طبية ضعف حاسة الشم.. مؤشر مبكر لأمراض خطيرة قد تهدد حياتك رياضة عربية وعالمية بعثة منتخب مصر الثاني تعود إلى القاهرة بعد الوداع المبكر لكأس العرب حوادث وقضايا الداخلية توضح حقيقة ضبط سيارة محملة سلع تموينية في دعاية انتخابية بالمنيا كيف سيحدث المتحف المصري الكبير نقلة عالمية في السياحة الثقافية؟ ترميم حي أمام الزوار.. مفاجأة مركب خوفو الثاني بالمتحف المصري الكبير أخبار مصر الآثار تبدأ ترميم مسجد سيدي مدين الأشموني والعيون الأثرية الموجودة بمحيطه منذ 15 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر الوفد المصري يحتفل بتسجيل الكشري في اليونسكو بتقديمه للوفود المشاركة منذ 18 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر موعد امتحانات الترم الأول بالجامعات 2025 منذ 39 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر بروتوكول تعاون بين التنمية المحلية وتجارة القاهرة لتأهيل وتدريب الكوادر منذ 45 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر وزير الإنتاج الحربي يجري جولة مفاجئة بمصنع 63 ويصدر توجيهات بتوطين التكنولوجيا منذ 47 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر القومي للبحوث وبحوث المياه يتعاونان في تقنيات الأغشية لخدمة الاقتصاد منذ 53 دقيقة قراءة المزيد المزيد

إعلان

أخبار

المزيد أخبار مصر الآثار تبدأ ترميم مسجد سيدي مدين الأشموني والعيون الأثرية الموجودة بمحيطه حوادث وقضايا الداخلية توضح حقيقة ضبط سيارة محملة سلع تموينية في دعاية انتخابية بالمنيا مصراوى TV كبار السن والسيدات في المقدمة.. توافد كبير على لجان القرى بالمنيا أخبار مصر الوفد المصري يحتفل بتسجيل الكشري في اليونسكو بتقديمه للوفود المشاركة أخبار المحافظات انهيار منزل قديم في قرية القصر بقنا

إعلان

أخبار

الآثار تبدأ ترميم مسجد سيدي مدين الأشموني والعيون الأثرية الموجودة بمحيطه

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

من نحن اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

أمطار رعدية على القاهرة ومدن القناة وسيناء خلال ساعات سعر الذهب اليوم في مصر يرتفع ببداية تعاملات الأربعاء أسئلة حرجة مع مجدي الجلاد| د. مهاب مجاهد يكشف سر تغير مزاج المصريين.. وتأثير الأزمات الاقتصادية ماذا حدث للوثائق المصرية بمتحف اللوفر: كيف أتلفت المياه 400 كتاب نادر؟ 21

القاهرة - مصر

21 14 الرطوبة: 42% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي من نحن إتصل بنا إحجز إعلانك سياسة الخصوصية خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • سيدي بلعباس.. توقيف مبحوث عنهم وحجز مخدرات وأسلحة بيضاء في عملية أمنية مشتركة بتلموني 
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • رسالة إلى العالم الآخر
  • كفر الشيخ.. استمرار كسح مياه الأمطار من شوارع سيدي سالم| صور
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • مقتل 111 صحفيًا خلال العام 2025، واليمن تحتل المرتبة الثانية عالميًا
  • «سيدي يا سيدي».. نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل غنائي جديد
  • رزان مغربي تواجه الموت بعينيها.. كيف نجت من حادثة سقف الفندق الصادمة؟
  • الآثار تبدأ ترميم مسجد سيدي مدين الأشموني والعيون الأثرية الموجودة بمحيطه