أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، أن النموذج الإماراتي الناجح للتسامح والتعارف والحوار والعمل المشترك بين البشر جميعا سيظل محل فخر واعتزاز كل إماراتي، كما أن من نِعم الله على هذا الوطن أن هيأ له قائداً مخلصاً يتسم بالحكمة والشجاعة والقدرة على العطاء والإنجاز والنظرة الواثقة إلى المستقبل، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يحرص دائما على أن تكون الإمارات المثال والنموذج في تعميق قيم السلام والعدل والتسامح والتعايش، وفي نشر الأمل والتعاون والرخاء في العالم.

جاء ذلك خلال افتتاح معاليه أمس فعاليات الملتقى الرابع لأندية التسامح بالجامعات الإماراتية بجامعة خليفة بأبوظبي، بحضور السير جون أورايلي رئيس جامعة خليفة وعدد من رؤساء ومديري الجامعات الإماراتية، وسعادة عفراء الصابري المدير العام بوزارة التسامح والتعايش، إضافة إلى طلاب الجامعات أعضاء أندية التسامح بالجامعات الإماراتية والدولية.

وشهد الملتقى تكريم معاليه الجامعات الفائزة بدرع التسامح حيث فازت بالدرع البرونزية كل من أمريكية الشارقة والتقنية العليا بالعين – طلاب، وفاز بالفضية جامعة ولونغتونغ بدبي، والتقنية العليا بالشارقة، فيما حصلت كل من جامعة خليفة وجامعة أبوظبي والتقنية العليا – طالبات بأبوظبي على الدرع الذهبية، كما كرم معاليه الطلاب المتميزين الفائزين من خريجي الدفعة الأولى من مبادرة “التسامح بلا حدود” ومسابقة “غاليريا التسامح”.

وضم الملتقى عدة جلسات نقاشية أدارتها زهراء خليفة من وزارة التسامح والتعايش وحضرها أعضاء أندية التسامح بالجامعات والمشرفون عليها وعدد من القيادات الجامعية، وتناولت أهم فعاليات وأنشطة الأندية خلال العام الماضي، وكيفية مواجهة التحديات التي عاشها الأعضاء لتفعيل دور الأندية داخل وخارج الجامعة، كما تحدث الدكتور كارلوس مونتانا الأستاذ بمعهد دبي للتصميم والابتكار عن التسامح والكوكب، فيما تحدث السير جون أورايلي رئيس جامعة خليفة عن قيم التسامح ودورها في تعزيز قدرات الشباب.

وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، في كلمته الافتتاحية، ” أحييكم وأرحب بكم في الملتقى السنوي الرابع لأندية التسامح في الكليات والجامعات وأعبر معكم عن شكرنا وتقديرنا لجامعة خليفة لاستضافتها الملتقى هذا العام، راجيا أن تكون أندية التسامح في الجامعات والكليات مجالا حيويا ومهما لإثراء الخطاب الوطني في مجالات التسامح والتعايش وذلك من خلال المناقشات التي تدور فيها والمشاريع العملية التي يقوم بها أعضاؤها لخدمة البيئة والمجتمع والعالم”.

وأضاف معاليه: إننا في هذا الاجتماع السنوي إنما نؤكد أن العمل في أندية التسامح يهدف إلى المساهمة في تنمية قيم ومبادئ التعارف والحوار والعمل المشترك، وهو ما يقودنا إلى الاعتزاز بما نراه من التزام قوي في هذه الأندية برؤية هذا الوطن العزيز لمكانة التسامح والتعايش في مسيرة الدولة، ورؤيته للعلاقات مع الجاليات والفئات، ورؤيته حول كيفية الإفادة من التنوع والتعددية الثقافية، ومنهجه في مكافحة التطرف والتشدد، وإننا نعتز بما نراه في عمل أندية التسامح من فهمٍ وإدراك لدور الفنون والآداب ودور التقنيات الحديثة، ودور وسائل التواصل المجتمعية ومكانة القوانين والتشريعات والاتفاقات الدولية، في مجالات التسامح والتعايش، بالإضافة إلى الإحاطة بدور التعليم ودور وسائل الإعلام والاحتفاء بقصص ومبادرات التسامح الناجحة في المجتمع والعالم.

وأوضح معاليه أن ما نراه في أندية التسامح من احتفاء بوثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية التي انطلقت بحضور قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الأمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والتي رعاها بكل حكمة وشجاعة وفكر مستنير، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لتؤكد للجميع أهمية تحقيق التواصل الإيجابي بين أتباع الثقافات والمعتقدات، وتشجيع العمل المشترك بينهم والأخذ بالحلول السلمية للنزاعات والصراعات، وحماية دور العبادة وحماية البيئة ودعم حقوق الأسرة والطفل والمرأة، بالإضافة إلى تأكيد دور الأخوة الإنسانية في تعميق قدرة البشر على مواجهة تحديات العصر ونشر مبادئ العدل والمساواة والرخاء للجميع.

ووجه معاليه حديثه إلى أعضاء أندية التسامح قائلاً: إننا ندعوكم إلى أن تسيروا قدماً في عملكم، وأن تضعوا هذه الأمور والعوامل كافة أمامكم وأنتم تحددون موضوعات اهتمامكم في أندية التسامح، بل وأن تستمر هذه الأمور باعتبارها مجالات مهمة لمشروعات عملية تقومون بها لخدمة المجتمع والإنسان في هذه الدولة العزيزة، وأنتهز هذه المناسبة كي أتقدم باسمكم جميعا بعظيم الشكر وبالغ التقدير إلى صاحب السمو رئيس الدولة، نشكر لسموه رؤيته الحكيمة لمستقبل الإمارات، وحرصه على أن تكون بلادنا واحة للتسامح والتعايش، ودولة تركز على بناء المستقبل وعلى تحقيق الخير لجميع السكان دونما تفرقة أو تمييز، والتعامل بكل ثقة مع أصحاب الحضارات والثقافات الأخرى وصولا إلى توحيد الجهود من أجل عالمٍ يسوده التعاون والنماء لما فيه منفعة الجميع.

وأشار معاليه إلى أن هذا الملتقى السنوي هو مناسبة جيدة لكي يحتفل الجميع بالأندية الفائزة بدروع التسامح لقاء عملهم المتميز خلال هذا العام، كما أنه فرصة لتهنئة الطلبة الفائزين في مسابقة “تسامح بلا حدود”، ونعتز في الوقت ذاته بالطلبة الذين استكملوا تدريبهم في مبادرة “التسامح بلا حدود” في مختلف المجالات التسامح المختلفة، وأولئك الذين قاموا بتشكيل سلاسل التسامح مع زملائهم في العالم الرقمي عبر كل الحدود والمسافات.

وعقب تكريم الفائزين قال معاليه: نتقدم للجميع بالتهنئة معبرين لهم عن تقديرنا الكبير لعملهم وإنجازاتهم مع تمنياتنا الطيبة لهم بدوام النجاح والتوفيق، ونقول لهم جميعاً إن عملهم وإنجازاتهم تجسيد حي لحب الوطن والحرص على تحقيق أهدافه وطموحاته كافة، في تأكيد المعاني النبيلة في التسامح والأخوة والتراحم، والعمل الجماعي والعلاقة الطيبة مع الآخرين.

واختتم معاليه كلمته بتوجيه الشكر للجامعات المشاركة والطلبة والمشاركين بأندية التسامح على حرصهم، على العمل مع وزارة التسامح والتعايش، وما يجسده ذلك من وحدة العمل الوطني وذلك في ظل اعتزازهم الكبير بمسيرة الإمارات الحبيبة والتزامهم الواضح بالعمل على تطوير النموذج الرائد للتسامح والتعايش فيها دائماً نحو الأفضل، معبراً عن سعادته بما أظهروه من جهود في أندية التسامح في الكليات والجامعات.

من جانبهم أشاد المشاركون في الملتقى والفائزون بجوائز التسامح، بالدور الكبير الذي تلعبه وزارة التسامح والتعايش محليا وعالميا لنشر ثقافة التسامح، لاسيما في الأوساط الطلابية والشبابية، وهو الدور الذي يدعمه ويرعاه معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، معربين عن الفخر بالتعاون مع الوزارة، لكي تحقق مبادرة أندية التسامح أهدافها كافة.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

ثنائية الدين والدولة بين التصادم والتعايش المستدام

بقلم: محسن عصفور الشمري ..

في المجتمعات ذات الجذور الدينية العميقة، يصبح سؤال العلاقة بين الدين والدولة أحد أكثر الأسئلة إلحاحًا. بين من يدعو إلى الفصل التام باسم العلمانية، ومن يريد إخضاع الدولة للدين باسم الشريعة، تتأرجح النماذج السياسية دون الوصول إلى توازن مستقر.

هذه الورقة تقترح تصورًا ثالثًا يقوم على تعايش مستدام بين الدين والدولة، يضمن احترام الدين دون تسييسه، ويصون الدولة دون تأليـهها، من خلال بنية معرفية ومؤسسية يقودها “الراسخون في العلم”.
أولًا: من العلمانية التصادمية إلى العلمانية المتصالحة.
العلمانية التي نشأت في الغرب كرد فعل على تسلط الكنيسة، حينما تُنقل إلى مجتمعاتنا دون تكيّف مع السياق الثقافي والديني، تُنتج توترًا مزمنًا بين الدولة والمجتمع.
هذه العلمانية التصادمية تضع الدين في خانة التهديد، وتقابل حضورَه بالإقصاء، مما يخلق فراغًا أخلاقيًا ويفتح المجال أمام التطرف.
بالمقابل، العلمانية المتصالحة مع الدين لا تلغي الإيمان من المجال العام، بل تنظم العلاقة بين المؤسسات الدينية والمدنية على نحو يضمن التعددية، ويمنع تسييس الدين أو تدين الدولة. إنها توازن بين حرية الاعتقاد، وسيادة القانون، واستقلال المؤسسات.

ثانيًا:العداء للدين وقوده الاستبداد والتطرف.
العداء الإيديولوجي للدين، كما مارسته بعض التيارات الشيوعية واليسارية الراديكالية، لم يُنتج تحريرًا بقدر ما أنتج استبدادًا مضاعفًا.
وقد أظهرت التجربة أن تلك التيارات، رغم خطابها الحداثي، دخلت في تحالفات تكتيكية مع الأحزاب الإسلامية المتطرفة، سنية كانت أم شيعية، انطلاقًا من تشابه عميق في:
• المشرب الفكري: الاشتراكية الراديكالية، وما تحمله من نزعة تأميمية تُقابلها عند الإسلاميين نزعة شمولية باسم “الحاكمية”.
• طريق الوصول إلى السلطة: العنف والترهيب والإقصاء.
• منهج الإدارة: القمع والاستبداد، ومنع التعدد والاختلاف.

هذا التشابه يكشف أن العداء الظاهري بين هذه التيارات ليس اختلافًا في المبادئ، بل تنافسًا على أدوات السيطرة.

ثالثًا: التعايش المستدام من خلال “الراسخين في العلم”

التأسيس لتعايش حقيقي بين الدين والدولة لا يتم عبر حلول وسط هشة، بل من خلال بنية معرفية مؤسسية، تضم فريقًا متعدد التخصصات يُعرف بـ”الراسخين في العلم”، يجمع بين:
• علماء وفلاسفة ومفكرين يمثلون مختلف مجالات المعرفة: الدينية، العلمية، الفلسفية، الاجتماعية، والسياسية.
• فقهاء مجتهدين يتحررون من الانتماء الطائفي ويتجهون نحو تجديد متوازن للخطاب الديني.
• شخصيات تنفيذية ذات خبرة لا تقل عن ثلاثين عامًا في الإدارة العامة، تمتاز بالكفاءة والنزاهة والقدرة على العمل ضمن منظومة شورية.

هذا الفريق يعمل على تأسيس مرجعية معرفية لا تمارس سلطة تنفيذية أو دينية، بل تقدم الرأي والمشورة العلمية، بعيدًا عن منطق الاحتكار أو التفويض المطلق.
ولا يُمنح أي فرد أو تيار في هذا الفريق حق النقض أو الهيمنة على الآخرين، بل يتم اختيار رئيسه من أصحاب الخبرة العميقة في شؤون الدولة، وفق معايير صارمة وليس بالتوافق السياسي.

خاتمة
إن بناء توازن مستدام بين الدين والدولة لا يتحقق بالشعارات، ولا بفرض نموذج أحادي، بل يتطلب تأسيس عقد معرفي ومؤسسي جديد، يتجاوز ثنائية التصادم، ويؤسس لثنائية تعايش طويلة الأمد.
بهذا التوازن، يمكن للدين أن يلعب دوره في ترسيخ القيم دون أن يتحول إلى أداة استبداد، ويمكن للدولة أن تحكم بالقانون والعقل دون أن تقع في العداء لهوية الناس وإيمانهم.

البديل عن هذا التعايش هو الاستقطاب، والتطرف، وتكرار دورات الفشل، وهو ما لم يعد التاريخ ولا الشعوب تحتمله.

محسن الشمري

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يفتتح المرحلة الأولى من مدينة مصر الصناعية بمحور الشيخ زايد
  • نهيان بن مبارك: الإمارات تدعم التعليم العالي وتمكين الشباب
  • ثنائية الدين والدولة بين التصادم والتعايش المستدام
  • سلسلة أضحى مبارك.. محافظ بني سويف يفتتح أول معرض للحوم والسلع الغذائية
  • نهيان بن مبارك: نموذج رائد لمؤسسة مرموقة تخدم طلابها ومجتمعها والإنسانية
  • نهيان بن مبارك: لقاء القيادات الدينية يعزز رسائل التسامح
  • نهيان بن مبارك: علاقات متينة بين الشعبين الإماراتي والتايلاندي
  • السيد بلعرب يفتتح أعمال مؤتمر ومعرض عُمان العقاري وأسبوع التصميم والبناء
  • عبد الرازق يفتتح الجلسة العامة لمجلس الشيوخ
  • نهيان بن مبارك يحضر أفراح الشريفي والسويدي في العين