موسكو مستاءة من مصر بعد الكشف عن صفقة أسلحة لأوكرانيا
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
يعود ملف العلاقات الروسية- المصرية إلى الواجهة، اليوم، مع ظهور معلومات استطاعت موسكو أن تكشف النقاب عنها، وتتحدث عن اتفاق وقعّته إحدى مؤسسات وزارة الدفاع المصرية مع دولة أوروبية وسيطة لشراء ذخائر من مصر، ثم تسليمها إلى الجيش الأوكراني.
ويبدو أنّ هذا الأمر قد أثار حفيظة روسيا بشكل كبير، ودفعها صوب التهديد بـ"الردّ" على تلك الإجراءات بشكل حازم، مهدّدة بأن يصل التهديد إلى حدود إعادة النظر بالعلاقات التجارية مع القاهرة، وكذلك إلى وقف العمل بمفاعل "الضبعة" النووي المصري.
في التفاصيل، فإنّ المصنع المصري العائد إلى وزارة الحرب المصرية، والذي يُعرف باسم "مصنع 81 الحربي" أو "هليوبوليس للصناعات الكيماوية"، يخطّط لتوريد ذخائر مدفعية شديدة الانفجار لمؤسسة رومانية تدعى Romthenica وهي التي ستتكفّل بنقل تلك الذخائر، على مراحل، إلى القوات المسلحة الأوكرانية.
وتُعرّف الشركة الرومانية عن نفسها على موقعها الإلكتروني، بأنّها تعمل بـ"إدارة اقتصادية والاستقلال المالي"، وتشارك في "أنشطة ذات أهمية وطنية". وتقول أيضا إنّها تعمل بالتنسيق مع وزارة الدفاع الرومانية، وهي واحدة من الشركات التجارية الرائدة في مجال سوق الدفاع الدولية ولديها مسيرة مهنية تمتد لأكثر من 40 عاما، كما تكشف أنّها تستورد السلع والخدمات التي تطلبها وزارة الدفاع الرومانية، وتقدم الدعم لواردات أي سلطات حكومية أخرى.
وبحسب المعلومات، فإنّ الذخائر التي سوف تستوردها "رومثينيكا" هي 30 ألف قذيفة مدفعية عيار 155 ملم، ستُصدّر على 3 دفعات ضمن مهلة تكشف الأوساط الروسية أنّها تمتدّ من 6 إلى 9 و12 شهرا، فضلا عن 30 ألف قذيفة من نوع هاون 120 ملم، ستُصدر إلى الجهة نفسها في مهلة 8 أشهر.
ويبدو أنّ العتب الروسي قد بلغ أشدّه بعد كشف هذه التفاصيل مؤخرا، خصوصا أنّ موسكو تنظر إلى القاهرة باعتبارها "شريكا استراتيجيا" لدول الشرق الأوسط، كما أنّها دولة جاذبة للاستثمارات الروسية ولرجال أعمالها، إذ ترى موسكو أنّ المساعدة التي ستقدمها مصر إلى أوكرانيا، ستؤثر بشكل سلبي ومؤكّد على موقف المستثمرين الروس من مصر، خصوصا أنّ الأنشطة العسكرية الأوكرانية ستكون موجهة ضد روسيا، وهو ما تنظر إليه موسكو بعين عدم الرضى.
ومن هذا المنطلق، تذكّر موسكو أيضا بأنّ الدين الإسلامي لديها هو ثاني أكثر الديانات انتشارا، كما أنّ عدد المسلمين الروس يتجاوز عتبة الـ30 مليون نسمة، وبالتالي تعتبر أنّ هذه السياسات المصرية الحالية "ستؤثر سلبا على دولة ذات عدد كبير من السكان المسلمين"، ناهيك عن أنّ جزءا كبيرا من المصريين هم من المسيحيين الأقباط الذين يعتنقون الأرثوذكسية، وروسيا بدورها أكبر دولة أرثوذكسية في العالم.
ولهذا، فإنّ الأوساط الروسية تعتبر أنّ توريد الأسلحة إلى أوكرانيا يمكن تصنيفه عملا مناهضا لروسيا، والأرثوذكسية، وسوف يعود بالضرر على المواطنين الروس وعلى المصريين على السواء.
كما تذكر الأوساط الروسية بأنّ القاهرة تعتمد في أمنها الغذائي على موسكو، وهذا إذا ما رُبط بصفقة الأسلحة تلك، فقد يكون ذات تأثير سلبيّ جدا، وقد يُجبر روسيا على إعادة النظر في شراكتها مع القاهرة. أضف إلى ذلك أنّ روسيا هي الجهة التي تبني "محطة الضبعة" الخاصة بالطاقة النووية المصرية، التي تسجّل نجاحات كبيرة في العلاقات الثنائية بين البلدين. إذ من الممكن أن تنتهز روسيا هذا الأمر لتوجّه أصابع الاتهام إلى القاهرة بوصفها تمدّ "أعداء روسيا" بالأسلحة، وهو ما قد يؤدي إلى وقف العمل المشروع، والتسبب بخسائر اقتصادية على الشعب المصري.
ولا تنسى روسيا تذكير مصر بأنهما يقومان بجهود مشتركة وبعملية تنسيق واسعة حول الكثير من الملفات الإقليمية والدولية، كما تبذلان جهدا ملحوظا في مجال البحث عن حلّ للصراع العربي- الإسرائيلي، وبالتالي فإنّ المساعدة المفتوحة للقوات المسلحة الأوكرانية تتعارض حكما مع سياسة "حفظ السلام" الجارية اليوم في الحرب الدائرة بقطاع غزة، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة، في نظر موسكو، حول الازدواجية لدى القاهرة مع تبنّيها هكذا صفقة!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصرية روسيا الأسلحة مصر روسيا أسلحة اوكرانيا صفقات مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هل تُعيد المخابرات المصرية سيناريو القاهرة 2013 في طرابلس؟
في العام 2013، استغلت المؤسسة العسكرية المصرية المساحات التي أتاحها الرئيس الراحل محمد مرسي لحرية الرأي والتظاهر، فتم تحريض الشارع، وتجييش قطاعات منه للنزول، تحت شعارات إصلاحية ظاهرها مقبول، بينما كان باطنها الإعداد لحدث مفصلي غيّر مسار مصر: إسقاط أول رئيس مدني منتخب في تاريخها، وإعادة تدوير حكم العسكر.
اليوم، وبعد أكثر من عقد، يبدو أن المخابرات المصرية تحاول إسقاط هذا السيناريو نفسه في طرابلس، مع اختلاف في الأدوات والسياق، لكن بهدف واحد: إعادة إنتاج نظام عسكري موالٍ للنفوذ المصري، يهيمن على القرار الليبي تحت غطاء “إنهاء الانقسام”.
نجاح المشروع في الشرق.. والطموح يمتد غربًا
نجحت القاهرة خلال السنوات الماضية، عبر دعم مباشر لشخصيات عسكرية، في ترسيخ سلطة عسكرية في شرق ليبيا يقودها خليفة حفتر، وبسطت نفوذها الاستخباراتي والسياسي في تلك المنطقة.
هذا النجاح، وفق مصادر سياسية ليبية مطّلعة، أغرى المؤسسة الأمنية المصرية بمحاولة تكرار التجربة في الغرب الليبي، وخاصة في العاصمة طرابلس، مركز الحكومة المعترف بها دوليًا.
المشروع الجديد في طرابلس: فوضى منظمة وتحالفات مسلحة
المخطط المصري الحالي، حسب تسلسل الأحداث، يقوم على شطرين متكاملين:
استغلال حرية التظاهر لخلق فوضىتعتمد المرحلة الأولى على استغلال المساحات الديمقراطية المتاحة في الغرب الليبي، كحرية الرأي والتظاهر، لدفع الجماهير إلى الاحتجاج تحت شعارات تطالب بإصلاحات مشروعة، بينما الهدف الخفي هو نشر الفوضى، إضعاف الشرعية، وخلق ذريعة لتدخل مسلح داخلي.
تحالفات أمنية ومليشياوية للإطاحة بالحكومةالشق الثاني، وهو الأخطر، يتمثل في بناء تحالف خفي بين بعض القوى المسلحة في طرابلس، وتحديدًا قوتين بارزتين أصبحتا تنازعان الدولة سلطتها وتمتلكان القدرة العسكرية لتنفيذ المخطط المصري بالسيطرة على مؤسسات الدولة، وخاصة مقر رئاسة الحكومة، مع نية واضحة لاعتقال أو تصفية رموز في مجلس الوزراء.
ضمانات من القاهرة.. ومباركة حفتر
تشير تقارير إلى أن المخابرات المصرية قدمت ضمانات لزعيمين القوتين المشاركتين في هذا المخطط، منها:
• ضمان عدم تدخل خليفة حفتر أو استغلاله للوضع لصالحه.
• وعد بتوحيد القوى المسلحة المتحالفة في كيان سياسي وعسكري واحد يحكم ليبيا، يكون فيه زعيمَا القوتين المتحالفتين شريكين لحفتر في السلطة، مع حصولهم على مناصب رفيعة في “الحكومة الموحدة”.
• تسهيل دولي وإعلامي لتمرير ما يحدث كحراك شعبي مشروع أو تغيير داخلي منظم.
ورغم الخلافات الظاهرة بين حفتر وبعض الأطراف في الغرب، لم يصدر عنه أي موقف عدائي تجاه ما حدث في طرابلس، مما يعزز فرضية وجود تنسيق ضمني بينه وبين المشروع المصري.
هل تقف القاهرة وراء الميليشيات التي صُنعت منها “أجهزة حكومية”؟
يتهم نشطاء وفاعلون في طرابلس إحدى أكبر التشكيلات المسلحة – التي تحوّلت لاحقًا إلى جهاز أمني رسمي – بأنها الأداة التنفيذية الأساسية للمخابرات المصرية في العاصمة، وأن ما جرى من توترات واقتحامات وفوضى أمنية مؤخرًا، خاصة بعد إسقاط الجهاز الآخر الذي كانت مصر تعوّل عليه أيضًا، هو جزء من خطة مدروسة لتفكيك الحكومة وتعبيد الطريق أمام تحالف موالٍ للقاهرة.
هل ليبيا أمام سيناريو انقلابي جديد؟
قد تختلف الجغرافيا، لكن التكتيكات واحدة: تعبئة إعلامية، احتجاجات شعبية، شلل حكومي، تحالفات مسلحة – والنتيجة المرجوة: تفريغ الحكم المدني من مضمونه وتمكين سلطة عسكرية مليشاوية ذات تبعية إقليمية.
إذا صحت هذه المعطيات، فإن ليبيا تقف اليوم أمام مفترق طرق خطير. فبين مطالب شعبية مشروعة بالتغيير، ومشروع إقليمي لإعادة تدوير الحكم العسكري تحت لافتات وطنية، يصبح من الضروري التمييز بين الحراك الحقيقي والانقلاب المقنّع، حمايةً لما تبقى من حلم الدولة المدنية في ليبيا.
ضربة استباقية من الحكومة.. وكشف التواطؤ
تشير مصادر سياسية إلى أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة علم بهذا المخطط من داعميه من المجتمع الدولي، عندها وجّه ضربة استباقية أطاحت بالعميل الأول للمخابرات المصرية، وهو ما أدى إلى تفكيك جهاز دعم الاستقرار.
لكن بقي العميل الثاني وجهازه، الذي تردد أنه كان ينوي اعتقال الدبيبة أو اغتياله عند أول محاولة له للسفر عبر المطار الذي يسيطر عليه ذلك الجهاز، ولعلى هذا يفسر سبب نقل الرحلات الرسمية والخاصة، وحتى رحلات الإسعاف، إلى مطار طرابلس الدولي، الذي لا يزال تحت سيطرة الدولة ويُعدّ أكثر أمانًا.
الأخطر أن جهاز الأمن الداخلي في عهد رئيسه السابق، وكذلك جهاز المخابرات العامة، كانا يعلمان بتحركات المخابرات المصرية داخل ليبيا، بل إن اتصالات المخابرات المصرية مع قادة الجهازين الأمنيين المتهمين كانت علنية تقريبًا، في تحدٍ واضح للدولة.
ورغم ذلك، تم التكتّم على هذه المعلومات ولم تُبلّغ بها رئاسة الحكومة، ما يُعتبر تواطؤًا صريحًا أو تقصيرًا جسيمًا في حماية السيادة الليبية.
لقد وصلت الدولة، في بعض مفاصلها، إلى مرحلة ضعف السمع والبصر، أمام تدخل استخباراتي إقليمي يعمل على قلب النظام السياسي من الداخل.
حفظ الله ليبيا
تبينوا هذا والله تعالى أعلم
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.