الرصيف البحري الأمريكي.. «غطاء إنساني» لسياسة واشنطن غير الرحيمة في غزة
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
على الرغم من ترويج الإدارة الأمريكية، أنها تقود الجهود الدولية لإغاثة قطاع غزة، وأن المساعدات الإنسانية والإمدادات تدفقت إلى الفلسطينيين عبر الرصيف البحري خلال فترة عملة المتقطعة وحتى توقفه أمس مؤقتاً، إلا أن ذلك لما يحدث قط بحسب تقرير لمجلة Responsible» «Statecraft الأمريكية التابعة لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، استندت فيه إلى بيانات برنامج الأغذية العالمي، التابع لوكالة الأمم المتحدة والمسؤول عن تنسيق عمليات التسليم من الرصيف البحري.
وكذَّبت المجلة الأمريكية ما أعلنت عنه وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بشأن تدفق المساعدات من الرصيف البحري خلال فترة عمله، حيث قالت إن هناك تناقضا بين «البنتاجون» وبين بيانات برنامج الأغذية العالمي.
لا سيما وأن «البنتاجون» أعلن في العاشر من يونيو الماضي، أنه تم تسليم 1573 طنا من المساعدات عبر الرصيف البحري، بما في ذلك 492 طنا منذ إعادة فتحه في يوم 9 يونيو بعد أن تسببت الأحوال الجوية السيئة في توقفه عن العمل في 25 من مايو الماضي.
فيما تأتي البيانات الصادرة عن برنامج الأغذية العالمي تؤكد أن الرصيف البحري الأمريكي لم يسهم بشكل أو بآخر في تدفق المساعدات إلى الفلسطينيين الذين يعانون من ظروف إنسانية قاسية، نتيجة نقص الإمدادات والحصار الإسرائيلي منذ دخوله الخدمة 17 مايو الماضي، حيث قال البرنامج إن 15 شاحنة فقط من الرصيف وصلت مستودعات داخل قطاع غزة لتوزيعها بين 17 إلى 18 مايو، في حين لم تصل أي مساعدات من الرصيف في المدة بين 19 مايو حتى و21 من الشهر ذاته.
كما أنه توقفت عمليات تسليم المساعدات الإغاثية، والإنسانية في جنوب قطاع غزة من قبل برنامج الأغذية العالمي في 21 مايو الماضي بسبب العدوان الإسرائيلي.
الشحنة الأخيرةوقالت المجلة الأمريكية إن الـ429 طناً الذي تفاخر البنتاجون بتسليمها في الفترة بين 8 يونيو حتى توقف عمله الجمعة الماضية فستبقي في مخازن على شواطئ غزة دون أن تصل للفلسطينيين لوقف برنامج الأغذية العالمي تسلم المساعدات ونقلها إلى أهالي قطاع غزة من الرصيف البحري في 9 يونيو، بسبب مخاوف أمنية بعد العمليات الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة في النصيرات والتي أودت بحياة 300 فلسطيني، علاوة على إعلان الأمم المتحدة أن العمليات الإنسانية والإغاثية على وشك الانهيار بسبب عدوان الاحتلال الغاشم.
الرصيف البحري غطاء إنساني لسياسة غير رحيمةوقالت المجلة الأمريكية الرصيف البحري البالغ تكلفته 320 مليون دولار والذي أعلن عن الرئيس جو بايدن لأول مرة خلال خطاب حالة الاتحاد في مارس الماضي أنه لا يفيد الفلسطينيين بل يخدم مصالح إدارة بايدن من خلال جعل الأمر يبدو وكأن واشنطن تفعل شيئا من أجل السكان المدنيين للتخفيف من معاناتهم، بينما هي التي تدعم آلة القتل الإسرائيلي التي تحصد أرواحهم والمتسببة في مأساتهم.
ووصفت الرصيف البحري الأمريكي على أنه في جوهره، يوفر غطاء إنسانيا لسياسة غير رحيمة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الرصيف البحري الأمريكي ميناء غزة الأمريكي قطاع غزة إسرائيل برنامج الأغذیة العالمی الرصیف البحری من الرصیف قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
العقوبات الأمريكية ..حين تفلس الإمبراطوريات
في مشهد يعيد إلى الأذهان تقاليد الإمبراطوريات الغابرة عندما كانت تعاقب الشعوب لا لأنها ارتكبت جرمًا، بل لأنها تجرأت على قول “لا”، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على ما أسمته “شبكة تهريب نفط مرتبطة بالحوثيين”، متحدثة عن كيانات وأفراد، وأموال، وشبكات، وحسابات، في نبرة درامية تُخفي خلفها ارتباكًا سياسيًا أكثر مما تُظهر صرامة مالية.
لكن لنتوقف لحظة؛ ما الذي يزعج واشنطن فعلًا؟
هل هو تهريب النفط؟ أم كسر الحصار الأمريكي المفروض على اليمن ودول محور المقاومة، وآخره النجاح الذي حققته صنعاء في إنقاذ العملة الوطنية؟
هل الأمر فعلًا متعلق بـ”غسل أموال”؟ أم أن الغسيل الحقيقي يجري في غرف عمليات السياسة الأمريكية الملطخة بدماء الشعوب؟
تصريحات وزارة الخزانة ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) تبدو وكأنها نُسخت ولُصقت من أرشيف العقوبات القديمة. ذات العبارات: “شبكة مالية”، “شركات وهمية”، “غسل أموال”، “إيرادات مشبوهة”، و”التهديد للاستقرار الإقليمي”. كلمات تُستخدم كستار دخاني، لا لكشف فساد كما تدّعي، بل لحجب الحقيقة.
المضحك أن من شملتهم العقوبات لا يشكلون تهديدًا ماليًا على الاقتصاد الأمريكي ولا على بورصة نيويورك؛ لكن العقاب هنا ليس اقتصاديًا بقدر ما هو انتقامي.
فعندما يقف اليمن اليوم، وسط الحصار، ويعلن بوضوح أن بوصلته غزة، وأن صواريخه وطائراته المسيرة موجهة ضد الكيان الصهيوني وداعميه، فهل ننتظر أن ترد عليه واشنطن بتحية؟
وحين يتحول اليمن من بلد منكوب إلى ركيزة إقليمية تعيد رسم قواعد الاشتباك، وتخترق المعادلات الدولية من باب البحر الأحمر، لا بد أن يُعاقب في القاموس الأمريكي!
إن كانت أمريكا تبحث عن شبكات تهريب حقيقية، فلتنظر إلى شبكات التهريب التي تمد الكيان الصهيوني بالصواريخ والقنابل، وتُمرَّر عبر صفقات سلاح سنوية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
وإن كانت تبحث عن “تمويل للإرهاب”، فلتسأل عن ملايين الدولارات التي تُغدق على جرائم الحرب في غزة والضفة ولبنان وإيران وسوريا واليمن، وتُصرف من ضرائب المواطن الأمريكي لدعم كيان يرتكب أبشع المجازر في العصر الحديث.
التوقيت ليس صدفة؛ فالعقوبات الجديدة تأتي بعد فشل الضغوط الأمريكية في وقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر وفي عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعد أن أصبحت الضربات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية تشكّل تهديدًا استراتيجيًا لمصالح الغرب الداعم للكيان، لا سيما في خطوط الملاحة والطاقة.
كما تأتي بعد أن بات الموقف اليمني أكثر صلابة من كثير من الأنظمة المترنحة، وأصبحت صنعاء محورًا لا يمكن تجاوزه، لا في المعركة ولا في السياسة.
والمفارقة أن هذه العقوبات باتت، في نظر الشعوب، وسام شرف.
لأن كل من عاقبته واشنطن، إما أنه قاوم، أو دافع عن أرضه، أو أنه وقف مع فلسطين، أو لأنه كشف وجه أمريكا الحقيقي.
فالعقوبات اليوم أصبحت شهادة بأنك خارج دائرة التبعية، أنك لا تنتمي إلى حلف العملاء.
أنك لست من الذين يتسولون “الرضا الأمريكي”، بل من الذين يفرضون إرادتهم رغم الحصار.
فعندما تعجز أمريكا عن إيقاف مسيرة أو صاروخ أو موقف، تلجأ إلى العقوبات.
وعندما تفشل دبلوماسيتها في ليّ ذراع الدول الحرة، تلجأ إلى الخنق المالي.
لكن الأهم: حين تفقد قدرتها على التأثير في الميدان، تتحول إلى ضجيج فارغ على الورق، تمامًا كما تفعل الآن.
ليست هذه أول مرة تفرض فيها أمريكا عقوبات على اليمنيين، ولن تكون الأخيرة.
لكنها كل مرة تؤكد أن المسار صحيح، والاتجاه سليم، وأن الاستقلال له ثمن، لكن له أيضًا كرامة لا تُشترى.
فالعقوبات لا توقف إرادة الشعوب، ولا تحاصر الوعي، ولم ولا ولن تطفئ الشعلة التي أوقدها اليمنيون في وجه الظلم والطغيان.
فكلما عاقبتمونا.. زدنا يقينًا أننا على الطريق الصحيح.