محللون: حديث إسرائيل عن انتهاء عملية رفح خلال أسبوعين اعتراف صريح بالفشل
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
يمثل حديث الجيش الإسرائيلي عن انتهاء العملية العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة بعد أسبوعين من الآن، اعترافا ضمنيا بالفشل في تحقيق النصر الذي طالما تحدث عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
فقد نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر أمنية إسرائيلية أن العملية العسكرية في رفح لن تستمر أكثر من أسبوعين آخرين، وأن الجيش يدرس ما يمكن عمله بعد هذه الفترة إذا لم تتوصل القيادة السياسية إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى.
وقالت المصادر إن بقاء عدد من الأسرى في غزة وعدم إيجاد بديل سياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يبددان النجاحات التي حققتها المرحلة الثانية من الحرب ويحوِّلانها إلى فشل، وإن التقديرات تشير إلى أن تخفيف المواجهات مع حزب الله اللبناني يتطلب صفقة في غزة.
كما نقلت القناة الـ12 عن رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك أن الحرب فشلت في غزة وأن على إسرائيل تغيير الحكومة والبحث عن صفقة تعيد الأسرى.
ويمثل هذا الإعلان الذي جاء على لسان العسكريين -وليس السياسيين- مخالفة للتقاليد لأن العسكريين يقدمون توصيات للقيادة السياسية ولا يعلنونها، كما يقول المحلل السياسي محمد هلسة، مشيرا إلى أن هذه التصريحات تبدو إعلانا من الجيش للشارع الإسرائيلي بأنه لن يكون قادرا على مواصلة الحرب بعد أسبوعين من الآن لأنها لن تحقق شيئا.
نأي بالجيش عن الفشلوخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال هلسة إن العسكريين -من خلال هذه التصريحات- يردون على حديث نتنياهو المتواصل عن مواصلة الحرب حتى تحقيق النصر.
ويرى المحلل السياسي أن رئيس الأركان هيرتسي هاليفي يحاول حماية المؤسسة العسكرية من محاولات رئيس الوزراء واليمين المتطرف تحميلها مسؤولية الفشل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما بعده.
ويريد العسكريون القول إنهم حققوا إنجازات تكتيكية تتمثل في إلحاق الضرر بالمقاومة وبنيتها التحتية العسكرية وإن على القيادة السياسية استثمار هذه النجاحات في التوصل لصفقة بدلا من تدميرها في محاولة مواصلة حرب لا نهاية لها كما يريد نتنياهو.
وفي جزء آخر، فإن المؤسسة العسكرية تقدم لنتنياهو ولحلفائه الغربيين سُلّما كي ينزلوا من فوق شجرة العناد، ويتوجهوا نحو صفقة تحت مظلة النجاحات العسكرية التي يتحدثون عن تحقيقها حتى الآن، برأي هلسة.
فشل عسكري واضحالرأي نفسه ذهب إليه الخبير العسكري العميد إلياس حنا بقوله إن إسرائيل فشلت تماما في تحقيق النصر الذي تحدث عنه نتنياهو، وذلك رغم دخولها بـ6 ألوية، مشيرا إلى أن المقاومة لم تواجه القوات الإسرائيلية في أول العملية ثم بدأت بشن هجمات عنيفة عليها بعد أن تمركزت في المنطقة.
وقال حنا إن الحديث عن تحقيق نصر كامل في رفح خلال أسبوعين أمر غير ممكن وبالتالي فإن وقف العملية سيكون إعلانا للفشل العسكري رغم ما لحق بالمدينة من دمار وخراب.
ولفت حنا إلى أن المقاومة نجحت في إلحاق الضرر بقوات وجنود الاحتلال بمختلف العمليات والأسلحة، مشيرا إلى أن إسرائيل تريد الاحتفاظ بمعبر رفح ومحور فيلادلفيا وهو أمر يستحيل أن تقبل به حماس، حسب تعبيره.
وأضاف "الحديث عن أسبوعين هو رسالة سياسية تعكس الخلاف الكبير بين السياسي والعسكري في إسرائيل بسبب الأهداف غير القابلة للتحقق التي يريدها نتنياهو بينما الجيش يعتقد أنه حقق نتائج يجب الحفاظ عليها من خلال عملية سياسية".
وأعرب حنا عن اعتقاده بأن إسرائيل ربما تنهي عملية رفح وتتجه نحو لبنان "لأن هذه هي سياستها منذ بداية هذه الحرب، لكنها في الوقت نفسه لن تتمكن من شن حرب برية في الوقت الراهن بعدما نجح حزب الله في فرض قواعد جديدة"، وفق تعبيره.
وخلص حنا إلى أن إسرائيل "الغارقة في غزة لا يمكنها الذهاب إلى حرب أكثر تعقيدا في لبنان إلا إذا أنهت حربها في غزة سياسيا أو عسكريا وهو أمر غير وارد في الوقت الراهن"، مؤكدا أن جيش الاحتلال ربما يشن هجوما جويا واسعا على لبنان وليس حربا برية.
وفي السياق، قال الباحث السياسي سعيد زياد إن إسرائيل بحديثها عن إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين "تعترف ضمنيا بالفشل لأنها لم تسترد أسراها ولم تأسر قادة المقاومة كما تعهد نتنياهو"، مؤكدا أن تل أبيب "أصبحت تواجه خيارات كلها قاسية".
ويرى زياد أن إسرائيل حاليا ليس أمامها سوى القبول بصفقة مع حماس ستكون اعترافا بالهزيمة، أو أن تواصل حرب استنزاف لا نهاية لها، أو أن تغامر بحرب أخرى غير مضمونة النتائج في لبنان".
ولفت زياد إلى أن جيش الاحتلال يريد الاحتفاظ بمحور نتساريم لفصل القطاع ومعبر رفح ومحوري فيلادلفيا لشن عمليات نوعية من جهة وخنق القطاع ومنع حماس من العودة للسلطة لحين استبدالها من جهة أخرى.
لذلك، يتوقع زياد أن تتزايد عملية وحدة الساحات خلال الفترة المقبلة وأن تتزايد عمليات المقاومة النوعية ضد قوات الاحتلال في رفح فضلا عن تفاقم الوضع الإقليمي الرافض لاستمرار الحرب.
وخلص الباحث السياسي إلى أن على إسرائيل أن تقبل بالوضع الصعب الذي فرضته عليها المقاومة لأنها لم ولن تحقق النصر المطلق الذي تتحدث عنه منذ 8 أشهر، حسب قوله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أن إسرائیل فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تسحب قوات من غزة بالتزامن مع انتهاء عربات جدعون
قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس إن الجيش قرر سحب الفرقة 98 من قطاع غزة بالتزامن مع انتهاء عملية "عربات جدعون" العسكرية التي بدأها في مايو/أيار الماضي وتكبد خلالها عشرات القتلى من ضباط وجنود.
وأضافت الإذاعة أن هذه الفرقة أنهت مهامها القتالية في شمال القطاع وبدأت الاستعداد للانسحاب.
وتابعت أن الجيش قلص عدد قواته خلال الأيام الماضية بعد سحب لواء المظليين والكوماندوز والمدرعات.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن 4 فرق عسكرية لا تزال تتمركز في القطاع، مشيرة إلى أن فرقتين منها فقط تنفذان مهام قتالية في شمال قطاع غزة وفي مدينة خان يونس (جنوب)، في حين تقوم الفرقتان الأخريان بدور دفاعي.
وأوضحت أن رئيس الأركان إيال زامير قرر تقليص عدد قوات الاحتياط في كل الجبهات بنسبة 30%.
ونقلت عن مصادر أن قوات الجيش الإسرائيلي في غزة تتمركز في مناطق سيطرت عليها وتنتظر قراراتِ المستوى السياسي.
ويأتي الحديث عن انتهاء عملية عربات جدعون بعد أن فشلت في تحقيق تحول في المواجهة مع المقاومة الفلسطينية التي ردت بعملية "حجارة داود".
وخلال يونيو/حزيران ويوليو/تموز، تكبد الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن 40 قتيلا، وشهدت هذه الفترة عمليات نوعية للمقاومة في خان يونس وبيت حانون المناطق الشرقية لمدينة غزة ومنها حي الشجاعية.
في غضون ذلك، نقلت القناة 12 عن قائد القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي قوله إن الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة طويلة وصعبة ومرهقة لكنها ضرورية، مضيفا أن الجيش لن يتوقف حتى يحقق هدفي إعادة المحتجزين وهزيمة حركة حماس.
تغيير الإستراتيجية
وتعليقا على تقارير سحب الجيش الإسرائيلي قوات من غزة، قال الخبير العسكري اللبناني العميد الركن المتقاعد إلياس حنّا إن إسرائيل تبدّل إستراتيجياتها وتغيّر القوات داخل القطاع، “لكن المردود في النهاية هو نفسه”، على حد تعبيره.
إعلانوأوضح حنّا، في حديث للجزيرة نت، أن إسرائيل انتقلت من إستراتيجية سابقة إلى ما سمي عربات جدعون، وهي عملية قال رئيس الأركان الإسرائيلي إنها جاءت لتحقيق أهداف معينة، أبرزها قتل عدد كبير من القيادات في غزة.
وأشار الخبير العسكري إلى أن الفرقة 98 تم استنزافها بشكل كبير، وقد يكون لذلك عدة أسباب، أولها إراحتها تمهيدا لإعادتها إلى عملية جديدة قد تستهدف تطويق مدينة غزة، وعزل وسط القطاع، ثم بدء عملية استنزاف طويلة، بحسب ما صرح به رئيس الأركان إيال زامير.
وقال حنا إن "الوحدات الخاصة لا تعمل في العادة إلا في إطار عمليات خاصة، أما الآن فهي تقاتل كأنها قوات مشاة عادية، وهذا سبب تذمّراً كبيرا داخل هذه الوحدات، لأن تجهيزها وتدريبها ومهامها مختلفة تماماً".
ولفت إلى أن هناك 5 فرق عسكرية إسرائيلية مرتبطة بالعمليات في قطاع غزة، "لكن ليس بالضرورة أن تكون جميعها تعمل داخل القطاع، لأن المساحة صغيرة جدا"، موضحا أن العمليات عادة ما تنفذ ضمن ما يعرف بـ"تاسك فورس"، أي قوات مهام مشتركة تضم دبابات ومشاة ووحدات خاصة وهندسة وغيرها.
وختم العميد الركن المتقاعد إلياس حنّا بالإشارة إلى أن هذا التحول قد يرتبط أيضا بحل سياسي يتم التحضير له له بعد زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (الذي وصل اليوم إلى إسرائيل)، مشيرا إلى إلى إمكانية الدخول في مرحلة جديدة من العمليات أو المفاوضات.