العُمانية: استقبلت أول مصفاة سكر في سلطنة عُمان شحنة كبيرة من السكر الخام في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي ودعم جهود تنويع الاقتصاد الوطني.

وتمثل هذه الشحنة بداية مرحلة جديدة من التوسع في عمليات التصنيع الغذائي التي ستسهم في توفير فرص واعدة في مجالات التدريب والتوظيف، لا سيما للخريجين الجدد والكوادر الفنية المحلية، إلى جانب دعم سلسلة الإمداد المحلي وتطوير المهارات الصناعية.

وقال ناصر بن علي الحوسني رئيس مجلس إدارة مصفاة السكر: إن المصفاة تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط ومساحتها تبلغ 180 ألف متر مربع في ميناء صحار الصناعي، وتم تجهيزها بأحدث التقنيات وبقدرة إنتاجية تصل إلى مليون طن من السكر الأبيض المكرر عالي الجودة سنويًّا، وسيخدم الإنتاج الأسواق المحلية والإقليمية وأسواق التصدير.

وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إنه يتم حاليًّا تفريغ الشحنة الأولى من البرازيل التي يبلغ إجمالي وزنها أكثر من 90 ألف طن متري مباشرة في مستودعات المصفاة باستخدام رافعات آلية متحركة وأنظمة وزن ونقل عالية السرعة.

وأشار إلى أن السعة التخزينية للمستودعات تبلغ أكثر من 500 ألف طن متري من السكر الخام و70 ألف طن متري من السكر الأبيض المكرر في منشأة تخزين آلية متكاملة.

وأكد على أن المصفاة تمكنت بعد اكتمال أعمال البناء من ربط إمدادات الغاز الخاصة بها من مجموعة أوكيو، ما أتاح بدء التشغيل ويُعد هذا الإنجاز خطوة محورية في مرحلة التشغيل التجريبي.

ووضح أنه من المقرر أن تبدأ عمليات صهر السكر في شهر أغسطس الجاري تمهيدًا لانطلاق الإنتاج التجاري للسكر الأبيض في سبتمبر المقبل.

وأكد رئيس مجلس إدارة مصفاة السكر على أن استقبال أول شحنة من السكر الخام يأتي في إطار تعزيز الاكتفاء الذاتي والاعتماد على موارد متجدّدة وتقنيات متطورة، إسهامًا بذلك في دعم الأمن الغذائي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من السکر ألف طن

إقرأ أيضاً:

الأمن الغذائي: ركيزة السيادة وقوة الصمود الوطني

 

محمد البادي

ليس في الأمر مبالغة حين نقول إن رغيف الخبز بات سلاحًا، وأن سنبلة القمح تساوي طلقة في معركة البقاء.

فمن يقرأ التاريخ بعين البصيرة، وينظر إلى الواقع بعدسة الحقيقة، يشيب رأسه لا من كِبر، بل من هول ما يرى من تفريط، وغياب، وانشغال عن أخطر القضايا: قضية الجوع والسيادة.

قد تسقط دولة بلا جيوش وتنهض من جديد، لكن إذا سقطت في هاوية الجوع، فلن تنهض إلا بعد أن تدفع الثمن باهظًا: كرامةً، وقرارًا، ومستقبل أجيال.

وفي زمن تُحاصر فيه الشعوب لا بالسلاح وحده، بل بـ"لقمة العيش"، صار لزامًا أن نعيد ترتيب الأولويات: فلا أمن بلا غذاء، ولا سيادة لمن لا يملك قوت يومه.

لقد أُنفقت في العالم العربي مئات المليارات على ناطحات السحاب، والمدن الذكية، والقصور الزجاجية، والسيارات التي تُقاس قيمتها بالأصفار.

لكن كم استُثمر من هذه الأموال في الزراعة؟ كم أرضًا عربية خُصصت لزراعة القمح؟

الأمن الغذائي لا تصنعه المظاهر ولا ترف العواصم. فناطحة السحاب لا تُشبع طفلًا جائعًا، والشارع الفاخر لا يُغني وطنًا عن استيراد خبزه من الخارج.

ومن الحكمة -بل من الواجب- إعادة توجيه جزء من هذه الثروات نحو الأرض، نحو سنابل القمح، نحو الاستثمار في رغيف الخبز قبل أن ينهار الزجاج تحت وطأة الجوع.

لا يقلّ الأمن الغذائي أهمية عن إعداد الجيوش أو بناء المدارس والمستشفيات، بل هو الأساس الذي تقوم عليه كرامة الأوطان واستقرارها.

فالوطن الذي لا يزرع لا يملك قراره، ولا يصمد طويلًا أمام الأزمات.

والقمح -بما يمثله من غذاء استراتيجي- هو حجر الزاوية في منظومة الصمود، وسلاح الشعوب في زمن الحروب والكوارث.

رغم كل الموارد، لم تحقق أي دولة عربية حتى اليوم الاكتفاء الذاتي من القمح، وهو مؤشر خطير على هشاشة الأمن الغذائي.

فكيف لأمة تتحدث عن السيادة، وهي عاجزة عن إنتاج خبزها؟!

الاكتفاء الذاتي ليس وهمًا، بل ممكن بوجود الإرادة واستغلال ما تيسر من الموارد المائية، ولو دون مكملات غذائية أخرى.

ففي زمن الحصار، يكفي ما يسد الرمق ويُبقي على الكرامة، أما من ينتظر المساعدات، فلن يملك يومًا قراره.

وقبل تجهيز الجيوش، يجب تجهيز لقمة العيش.

فهذا من الأولويات التي لا تحتمل التأجيل. الحرب لا تُعلن متى تبدأ، ولا تُمهل حتى تستعد، والعدو لا يرحم حين يُحاصر، ولا يكتفي بالسلاح إن كان الجوع أشد فتكًا.

لهذا، يجب أن نسير في خطين متوازيين: تأمين الغذاء، وتجهيز الجيوش.

فلا نصر في الميدان إن كانت البطون خاوية، ولا صمود في الحصار إن افتقد الشعب خبزه.

من يقرأ التاريخ بعقل مفتوح، يعلم أن الحصار كان قديمًا يُكسر بالحيلة والدهاء والطرق الوعرة.

أما اليوم، فأدوات الحصار تراقبك من الفضاء، وتغلق عليك الهواء والماء واليابسة.

لم يعد الهروب ممكنًا، ولم تعد الخيارات متاحة كما في السابق.

هذا الواقع يفرض علينا وعيًا أكبر، واستعدادًا أعمق، وإرادة صلبة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.

ففي النهاية، الكرامة الوطنية تبدأ من رغيف الخبز.

إن الشعوب التي تُتقن صناعة السلاح، لكنها تُهمل تأمين الغذاء، تُقاتل بنصف قوتها، وتنهار عند أول حصار.

فالسلاح لا يكفي إن لم تُؤمَّن البطون والعقول، ولا نفع لجيوش تُقاتل خلفها شعوب جائعة.

ولهذا، فإن الأمن الغذائي يجب أن يُعامل بوصفه جزءًا لا يتجزأ من منظومة الدفاع الوطني.

فالنصر لا تصنعه البنادق وحدها، بل تسهم فيه الحقول والمزارع وأيدي الفلاحين كما تسهم فيه المصانع والثكنات.

وحين نُدرك أن رغيف الخبز هو خط الدفاع الأول، نكون قد بدأنا فعليًا مسيرة الكرامة والسيادة.

 

مقالات مشابهة

  • الأمن الغذائي: ركيزة السيادة وقوة الصمود الوطني
  • محدثة انفجارا يشبه النووي.. أوكرانيا تستهدف مصفاة نفط روسية
  • توقعات الأبراج حظك اليوم برج الأسد: راقب استهلاكك من السكر والدهون
  • أسعار النفط ترتفع وتتجه لمكاسب أسبوعية بنحو 5%
  • إنتاج النفط والمكثفات يقترب من 1.5 مليون برميل خلال 24 ساعة
  • عضو مجلس غرفة الأخشاب: نسعى لزيادة صادرات القطاع إلى 350 مليون دولار
  • هل التين الشوكيّ يرفع السكر؟.. تفاصيل صادمة
  • انخفاض في الخام الأمريكي وسط تقييم للمخاطر الجيوسياسية
  • برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن الوضع الغذائي في غزة يزداد تدهورا بسرعة