أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، مسؤولة رفيعة في وزارة العمل، في خطوة جاءت مباشرة بعد صدور تقرير صادم عن ضعف أداء سوق العمل الأمريكي، واتهمها – دون أدلة – بتزوير الأرقام، ما أثار مخاوف متزايدة حول نزاهة البيانات الاقتصادية الصادرة عن الحكومة الفيدرالية.

وجاء القرار بعد دقائق من إعلان مكتب إحصاءات العمل (Bureau of Labor Statistics - BLS) أن الاقتصاد الأمريكي أضاف فقط 73 ألف وظيفة في يوليو، وهو رقم أقل بكثير من التوقعات.

ولكن الأهم كان المراجعات السلبية الكبيرة التي كشفت أن الاقتصاد أنشأ 258 ألف وظيفة أقل في شهري مايو ويونيو مما أُبلغ عنه سابقاً، ما أثار ارتياباً واسعاً في دقة البيانات.

وكتب ترامب على منصته "تروث سوشيال": "نحتاج إلى أرقام توظيف دقيقة. لقد وجّهت فريقي بإقالة هذه الموظفة السياسية التابعة لبايدن فوراً. وسيتم استبدالها بشخص أكثر كفاءة وتأهيلاً بكثير".

ووفقاً لمسؤول في إدارة ترامب تحدث لـ"رويترز" شريطة عدم الكشف عن هويته، فإن البيت الأبيض يشعر بقلق متزايد من حجم المراجعات الكبيرة في البيانات الاقتصادية الأخيرة، إضافة إلى تراجع معدلات الاستجابة في الاستبيانات التي يعتمد عليها المكتب. 

واعتبر المسؤول أن هذه المشكلات "كامنة منذ سنوات، بدأت خلال جائحة كوفيد، ولم تُعالج"، مضيفاً: "الأسواق والشركات والحكومة بحاجة إلى بيانات دقيقة، لكننا ببساطة لم نحصل على ذلك".

وأظهرت بيانات المكتب أن معدل الاستجابة في الاستبيانات المتعلقة بالتوظيف انخفض من 80.3% في أكتوبر 2020 إلى 67.1% في يوليو 2024، ما يُضعف من موثوقية النتائج. كما خفّض المكتب بالفعل من حجم عينات جمع البيانات الخاصة بمؤشر أسعار المستهلكين (CPI) ومؤشر أسعار المنتجين (PPI)، بسبب ما وصفه بـ"قيود الموارد".

ويستطلع مكتب إحصاءات العمل نحو 121 ألف شركة ومؤسسة حكومية، تمثل حوالي 631 ألف موقع عمل فردي لتقرير التوظيف الشهري. ورغم أهمية هذه البيانات، فإن تراجع الاستجابة والموارد البشرية أثّر على دقتها، وفق خبراء.

وأشار استطلاع أجرته "رويترز" الشهر الماضي إلى أن 89 من أصل 100 خبير اقتصادي وسياسي بارز يشعرون بالقلق من جودة البيانات الاقتصادية الأمريكية، مع تأكيد معظمهم على أن السلطات لا تعالج هذه المخاوف بالسرعة الكافية.

وأثار قرار ترامب بإقالة ماكنترفير مخاوف من أن تُستخدم البيانات الاقتصادية كأداة سياسية. وقال مايكل مادويتز، الخبير الاقتصادي الرئيسي في معهد روزفلت: "تسييس الإحصاءات الاقتصادية عمل يضر بالذات. المصداقية أسهل في الفقدان منها في البناء، ومصداقية البيانات الاقتصادية الأمريكية هي العمود الفقري لأقوى اقتصاد في العالم. إخفاء الحقيقة عن حالة الاقتصاد له تاريخ طويل، ولا ينتهي أبداً بشكل جيد".
"فرصة مبكرة" لترامب

أعلنت حاكمة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أدريانا كوغلر استقالتها بشكل مفاجئ بعد ظهر الجمعة، ما يفتح أمام ترامب فرصة أبكر من المتوقع للتأثير على تشكيل مجلس محافظي البنك المركزي.

وكان ترامب قد هدّد مراراً بإقالة رئيس الفيدرالي جيروم باول، بسبب رفضه خفض أسعار الفائدة بالشكل الذي يطالب به الرئيس، الذي يرى أن الفائدة المرتفعة تعيق النمو. وينتهي ولاية باول الرسمية في مايو 2025، لكنه يمكن أن يبقى في المجلس حتى 31 يناير 2028 إذا رغب.

وباستقالة كوغلر، التي ستُنهي مهامها في نهاية الأسبوع القادم، يحصل ترامب على فرصة لتعيين حاكم جديد لإكمال مدتها التي تنتهي في 31 يناير 2026. ويمكن لهذا الحاكم أن يُعاد تعيينه لولاية كاملة مدتها 14 عاماً، ما يمنح ترامب نفوذاً مستمراً على البنك المركزي.

وتشير التكهنات إلى أن ترامب قد يستخدم هذا المنصب كخطوة تمهيدية لترشيح خلف محتمل لباول. ومن بين الأسماء المرشحة: كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي لترامب، وسكوت بيسنت، وزير الخزانة، والحاكم السابق للفيدرالي كيفن وارش، والحاكم الحالي كريس والر، الذي عيّنه ترامب، وصوّت هذا الأسبوع ضد قرار البنك بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، مفضلاً بدء خفضها فوراً.

وأثناء مغادرته البيت الأبيض لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في مقره في بدمينستر بنيو جيرسي، عبّر ترامب عن سعادته بالمنصب الشاغر، دون التطرق إلى تفاصيل التعيين القادم.

وقال ديريك تانغ، المحلل في شركة "إل إتش ماير" للأبحاث: "لا ينبغي أن نقرأ دوافع سياسية مباشرة في قرار كوغلر، رغم أن النتيجة هي أنها تُجبر ترامب على التحرك. إنها تُرجع الكرة إلى ملعبه وتقول له: أنت تمارس ضغوطاً هائلة على الفيدرالي وترغب في التحكم في التعيينات، حسناً، إليك منصباً شاغراً".
أسواق منهارة تحت وطأة التطورات

وجاءت هذه التطورات في وقت تعاني فيه أسواق الأسهم من تقلبات حادة بسبب سلسلة إعلانات ترامب الأخيرة حول فرض رسوم جمركية جديدة، إضافة إلى البيانات الضعيفة عن سوق العمل. وهبط مؤشر "S&P 500" القياسي بنسبة 1.6%، في أكبر انخفاض يومي له منذ أكثر من شهرين.

المصدر: قناة اليمن اليوم

كلمات دلالية: البیانات الاقتصادیة

إقرأ أيضاً:

كيف تؤثر تقلبات أسعار النفط على القطاعات الاقتصادية في الأردن؟

صراحة نيوز- كشفت دراسة علمية حديثة، نُشرت في العدد الرابع من المجلد الثامن عشر لمجلة Journal of Risk and Financial Management لعام 2025، عن تحليل معمق لأثر صدمات أسعار النفط على القطاعات الاقتصادية في الأردن. وأعد الدراسة الباحثان الأردنيان الدكتور سالم عادل زيادات من الجامعة الأردنية والدكتور ماهر خصاونة من الجامعة الهاشمية.

اعتمدت الدراسة على نموذج اقتصادي متطور يُعرف بـ”نموذج الترابط الزمني المتغير” (TVP-VAR)، والذي يُستخدم لتتبع تحوّلات العلاقة بين أسعار النفط وأداء قطاعات البورصة الأردنية الثلاثة: المالية، والخدمات، والصناعة.

وأظهرت النتائج أن العلاقة بين أسعار النفط وهذه القطاعات ليست ثابتة، بل تتغيّر بمرور الزمن وبحسب نوع الصدمة (طلب، عرض، أو مخاطر)، ما يجعل من الصعب التنبؤ بتأثيراتها بدقة. فعلى سبيل المثال، خلال الأزمات الكبرى مثل الأزمة المالية العالمية عام 2008 وجائحة كوفيد-19، ارتفع الترابط بين أسعار النفط والأسواق المالية بشكل كبير، مما أضعف فعالية تنويع المحافظ الاستثمارية.

ولاحظ الباحثان أن صدمات الطلب على النفط كانت الأكثر تأثيرًا على السوق، مقارنةً بصدمات العرض، وهو ما يتماشى مع الأدبيات الاقتصادية التي تفرّق بين ارتفاع الأسعار بسبب زيادة الاستهلاك مقابل نقص الإمدادات.

وفيما يخص التأثيرات القطاعية، بيّنت الدراسة أن القطاع المالي كان الأكثر عرضة لتلقي الصدمات، في حين ساهم قطاعا الخدمات والصناعة في نقل هذه التأثيرات لباقي السوق، خصوصًا في الفترات التي تتسم بتوترات جيوسياسية أو أزمات اقتصادية وصحية.

وخلص الباحثان إلى مجموعة من التوصيات، من أبرزها:

على المستثمرين استخدام أدوات تحوّط مرنة تأخذ في الاعتبار الطبيعة الديناميكية للعلاقة بين أسعار النفط والأسواق المالية.

ضرورة أن يستعين صناع السياسات بمؤشرات الترابط المالي لرصد نقاط الضعف الهيكلية في السوق.

تشجيع التحول نحو مصادر الطاقة المستدامة لتقليل الاعتماد على النفط المستورد.

تؤكد هذه الدراسة أهمية فهم الروابط المتغيرة والمعقّدة بين أسواق الطاقة والأسواق المالية، خاصة في الاقتصادات الناشئة مثل الأردن، حيث تلعب أسعار النفط دورًا محوريًا في تشكيل معالم الاستقرار الاقتصادي والمالي.

 

مقالات مشابهة

  • بعد تسجيل تباطؤ في سوق التوظيف.. ترامب يقيل مفوض إحصاءات العمل
  • كيف تؤثر تقلبات أسعار النفط على القطاعات الاقتصادية في الأردن؟
  • الذهب يسجل مكاسب أسبوعية بسبب آمال خفض أسعار الفائدة بأمريكا
  • بلومببرغ: FBI أخفى اسم ترامب وشخصيات رفيعة من قضية جيفري إبستين
  • ترامب يقيل مسؤولة إحصاءات العمل بعد اتهامها بالتلاعب بالأرقام
  • ترامب يقيل مفوضة «إحصاءات العمل» بعد تقرير صادم عن توقف نمو الوظائف
  • 68 فرصة عمل بالسعودية برواتب تصل لـ8000 ريال.. قدم الآن
  • مخاوف تتعلق بخصوصية الأفراد.. إدارة ترامب تطلق برنامجًا لمشاركة البيانات الصحية