المتظاهرين في الحرم الجامعي في بروكسل.. أساليب مألوفة بنتائج مختلفة
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مقالا، لماتينا ستيفيس غريدنيف، وهي مديرة مكتب جامعة فريجي (VUB) في بروكسل، قالت فيه "إن طلاب الجامعة، يطالبون منذ أشهر، بأن تقطع جامعتهم علاقاتها مع الأكاديميين الإسرائيليين، بسبب الحرب على غزة".
وأضافت غريدنيف، بأن "الطلاب يقتبسون قواعد اللعبة الاحتجاجية من الحرم الجامعي بالولايات المتحدة؛ حيث أقاموا معسكرا؛ ونظموا مظاهرات يومية.
وأشارت إلى أن "الاحتجاجات في الولايات المتحدة، اندلعت وسط بيئة سياسية شديدة الاستقطاب، وعلاقات مثيرة للجدل بين الطلاب والإداريين، وجلسات استماع حادة في الكونغرس. لكن في العاصمة البلجيكية، كان الاحتجاج في جامعة فريجي بروكسل أكثر سلمية بكثير، بسبب مجموعة فريدة من العوامل: البيئة السياسية الداعمة (بلجيكا من أشد منتقدي دولة الاحتلال الإسرائيلي)".
وتابعت: "الأهم من ذلك، أن المجتمع اليهودي الصغير في الحرم الجامعي والذي اختار عدم مواجهة المتظاهرين على الرغم من الانزعاج من بعض الاحتجاجات؛ ونتيجة لذلك، وبما أن الاحتجاجات المتشابهة التي أثارتها الحرب جلبت الفوضى والعنف إلى الجامعات في الولايات المتحدة وكذلك في أوروبا، فإن الطلاب في حرم بروكسل يفخرون ليس فقط بنجاح احتجاجهم، بل أيضا في أجوائه".
ونقلت عن رؤى، وهي متظاهرة من أصول فلسطينية، والتي قالت إنها لا تريد استخدام اسمها الكامل لأسباب أمنية، قولها: "من الجنون حقا أن ننظر إلى الولايات المتحدة ونرى ما يحدث هناك".
وقالت رؤى: "إن التناقض بين ترتيبات احتجاج الحرم الجامعي الخاص بهم وتلك التي شاهدوها الطلاب عبر الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، كان صارخا. ففي الولايات المتحدة، تضخمت الحملات المؤيدة للفلسطينيين في حرم الجامعات بسبب التغطية الإعلامية الإخبارية واسعة النطاق، والانتخابات الرئاسية.
وأضافت: "هناك، فتحت المواجهات في الحرم الجامعي خط هجوم جديد للجمهوريين، وأجبرت الرئيس بايدن على معالجة قضية قسمت حزبه بشكل مباشر" مردفة بأن "الاختلاف في بروكسل كان انعكاسا للسياق السياسي في بلجيكا، حيث تعتبر الحكومة البلجيكية من بين أشد المنتقدين لسلوك إسرائيل في حربها في غزة، وكانت من بين أوائل الحكومات في الاتحاد الأوروبي التي دعت إلى وقف إطلاق النار".
وأشارت إلى أن "تلك الحقيقة لم تنقذ البلد من الجدل العنيف أحيانا حول الحرب، فإن بلجيكا هي موطن لعدد كبير من السكان اليهود، فضلا عن أقلية مسلمة كبيرة من أصل شمال أفريقي في المقام الأول. وتنتشر كل من معاداة السامية وكراهية الإسلام، بحسب ما أفادت المجموعات التي تركز على كلا الاتجاهين، وقد ازدادت الأمور سوءا منذ عمليات 7 تشرين الأول/ أكتوبر".
وأكّدت رؤى بأن "الطلاب في جامعة VUB، يكلفون بحماية الطلاب معسكرهم من خلال تطبيق مجموعة من القواعد الملصقة على الجدران، حيث تُحظر المخدرات والكحول، وكذلك الغرباء، والعنف، ومعاداة السامية، وخطاب الكراهية".
وبحسب المقال نفسه، فقد نسبت رؤى الفضل إلى قيادة الجامعة في التعامل مع المتظاهرين منذ البداية. فيما قال العديد من الطلاب المؤيدين للفلسطينيين والمؤيدين لدولة الاحتلال الإسرائيلي في جامعة VUB إن "جان دانكيرت، وهو رئيس الجامعة، بدأ جولة استماع في الحرم الجامعي، بعد وقت قصير من 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث توفي حوالي 1200 شخص وتم احتجاز أكثر من 200 أسير في تلك العمليات، وفقا للسلطات الإسرائيلية؛ وفي هجوم من الاحتلال الإسرائيلي على غزة استشهد أكثر من 37000 فلسطيني، وفقا لمسؤولي الصحة هناك".
وقالت كاتبة المقال، إن "الطلاب المؤيدين للفلسطينيين يعّبرون عن إحباطهم لأن دانكيرت لا يبذل ما يكفي لدعم قضيتهم. ويرد الطلاب المؤيدين لدولة الاحتلال الإسرائيلي بأنه يجب عليه بذل المزيد من الجهد لإبقاء الحرم الجامعي محايدا وخاليا من الكتابة على الجدران والشعارات. لكن كلا الجانبين يعترفان أنه يهتم بمخاوفهما".
إلى ذلك، قد سمح دانكيرت بإقامة المعسكر، لكنه خصّص له مساحة صغيرة على حافة الحرم الجامعي وأصرّ على فرض قواعد صارمة للمتظاهرين. كما عارض مطالب وشعارات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، وأحيانا بناء على طلب الطلاب اليهود.
وأشارت إلى أن دانكيرت قال في إحدى المقابلات، إنه مؤيّد بشدة لحرية التعبير ولكنه مناهض للكراهية. موضّحا: "طالما أن الإجراءات سلمية ومحترمة تجاه بقية مجتمع الجامعة، فإننا نعتقد أن الاحتجاج يقع ضمن حرية التعبير والمشاركة المجتمعية لطلابنا".
وبيّنت خلال المقال نفسه، أنه "بالمقابل، في الولايات المتحدة، دفع رؤساء الجامعات الذين حاولوا البقاء خارج النزاع، أو بدا وكأنهم يتهرّبون من الأسئلة في جلسات الاستماع في الكونغرس، الثمن في بعض الأحيان بخسارة وظائفهم".
واسترسلت: "هذا إضافة إلى قضية المال المهمّة. ففي الولايات المتحدة، يدفع الطلاب كلياتهم إلى التخلّي عن الأوقاف أو الاستثمارات المرتبطة بدولة الاحتلال الإسرائيلي أو شركات الدفاع. في أوروبا، يتم تمويل الجامعات إلى حد كبير من قبل الدولة".
وأردفت: "قد سمح ذلك للناشطين الطلابيين المؤيدين للفلسطينيين في جامعة VUB للتركيز بشكل أضيق على فكرة المقاطعة الأكاديمية، وعلى التدقيق في شراكة جامعاتهم مع المؤسسات الإسرائيلية؛ وردا على مطالب الطلاب، قالت الجامعة إن لجنة الأخلاقيات التابعة لها تراجع سبعة مشاريع مع شركاء إسرائيليين وقالت بالفعل إنها ستنسحب من أحدها".
ونقل المقال، عن جوك هويزر، وهو طالب الدكتوراه الذي يدرس في جامعة VUB، قوله إن "تعليق هذه الشراكة لأسباب أخلاقية كان خطوة شجاعة". لكن هويزر ورؤى وغيرهما من الطلاب الذين يشكلون جزءا من الحركة المؤيدة للفلسطينيين، كانوا مصرين على ضرورة أن يكون هناك تعليق أوسع للعلاقات مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، وهو مطلب رفضه دانكيرت، رئيس الجامعة.
وأشار المقال، إلى أن الجامعة قالت في بيان لها، الشهر الماضي: "إن VUB لا تدعو إلى مقاطعة أكاديمية عامة، لأننا نعتقد أنه من الأفضل الدخول في حوار مع الأصوات الناقدة داخل إسرائيل. الجامعات غالبا ما تكون أماكن للمقاومة، أو على الأقل تقدم منظورا نقديا تجاه السلطات".
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن جامعة VUB كونها تعتبر مؤسسة علمانية، وفقا لأحد الطلاب، يختار العديد من اليهود المتدينين جامعات أخرى. ما يعكس المجتمع اليهودي الصغير في بروكسل أيضا حقيقة أن معظم اليهود المقيمين في بروكسل يتحدثون الفرنسية ويفضلون الالتحاق بالجامعات الناطقة بالفرنسية مثل جامعة بروكسل الحرة، أو ULB، التي تقع على مقربة من VUB في بروكسل.
وقالت الصحفية إن "الطلاب اليهود الثلاثة الذين قابلتهم اختلفوا حول السياسة، وعبروا عن آراء تراوحت في الغالب بين المؤيدة للفلسطينيين والانحياز إلى حد كبير لخط حكومة الاحتلال الإسرائيلي. لكن الجميع قالوا إن شعارات مثل "أعيدوا لنا 48" والدعوات إلى "الانتفاضة العالمية" كانت خطيرة".
وأشارت إلى أن "البعض قالوا إنه على الرغم من شعورهم بالأمان، وإن كان محرجا في بعض الأحيان، في الحرم الجامعي، إلا أنهم شعروا أن فحوى الاحتجاجات الطلابية كان لها تأثيرها الأكبر خارج جامعة VUB، مما ساهم في خلق جو أوسع يتسامح مع معاداة السامية".
أما في جامعة ULB الفرانكفونية القريبة، حيث يوجد تجمع طلابي يهودي أكبر، قد واجه بعض الطلاب المؤيدين لدولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، وفي حالة واحدة على الأقل، وقعت مشاجرات أدّت إلى تدخل السلطات، بحسب المقال.
قال الطلاب اليهود الثلاثة الذين أجرت صحيفة "نيويورك" مقابلات معهم، في هذا المقال، إنهم "تعرضوا لمعاداة السامية في الحرم الجامعي قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر ومنذ ذلك الحين، بما في ذلك في منتديات الطلاب ومجموعات الواتساب".
قال المنظمون لاحتجاج VUB، للصحيفة إنهم مصممون على ضمان عدم الخلط بين رسالتهم المؤيدة للفلسطينيين ومعاداة السامية. كما رفضوا التلميحات بأن الشعارات التي استخدموها كانت معادية لليهود، مشيرين إلى أن "المتحدثين اليهود المؤيدين للفلسطينيين تحدثوا في احتجاجاتهم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية بروكسل غزة غزة بروكسل التظاهرات الطلابية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المؤیدین للفلسطینیین الاحتلال الإسرائیلی المؤیدة للفلسطینیین فی الولایات المتحدة فی الحرم الجامعی الطلاب المؤیدین فی بروکسل فی جامعة
إقرأ أيضاً:
سمية الغنوشي: الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أساليب التجويع النازية في غزة
قالت الكاتبة التونسية سمية الغنوشي إن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم سلاح التجويع بشكل متعمد ومنهجي ضد سكان قطاع غزة، في تكرار واضح لاستراتيجيات التجويع التي طبقتها ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.
وأضافت الغنوشي في مقالها المنشور بموقع ميدل إيست آي، أن تحويل الطعام إلى أداة للسيطرة والإبادة يعكس تشابهاً صارخاً بين السياسات الإسرائيلية الحالية وما نفذه الرايخ الثالث بحق اليهود والسكان المدنيين في أوروبا الشرقية.
وأوضحت أن خطة "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكياً، والتي يُفترض أنها مخصصة لتوزيع المساعدات، تقوم في الحقيقة على "بناء بيروقراطية للجوع"، تُستخدم فيها المعونات كسلاح، ويُمنح الطعام لفئة محددة من السكان فيما يُستثنى الآخرون بشكل متعمد.
وتابعت الغنوشي بالإشارة إلى أن هذه الممارسات تعيد إلى الأذهان خطة التجويع النازية التي وُضعت قبيل غزو الاتحاد السوفيتي في عام 1941، حين قام وزير طعام الرايخ ريتشارد دار وأمين وزارته هيربرت باك بصياغة استراتيجية إبادة قائمة على قطع الغذاء عن السكان المحليين لضمان تزويد القوات الألمانية.
وقالت سمية ابنة رئيس حركة "النهضة" المعتقل الشيخ راشد الغنوشي، إن تلك الخطة أدت إلى مقتل ما لا يقل عن سبعة ملايين إنسان، لم يكونوا ضحايا جانبيين للحرب، بل استُهدفوا عمداً عبر الجوع.
وأشارت الغنوشي إلى أن النازيين أنشأوا نظاماً عنصرياً لتوزيع الطعام يعكس هرمية عرقية صارمة، حيث مُنح الألمان مائة في المائة من الحصص، بينما حصل البولنديون على سبعين في المائة، واليونانيون على ثلاثين في المائة، واليهود على عشرين في المائة. وشددت على أن الجوع لم يكن نتيجة لفشل لوجستي، بل كان "سياسة" مقصودة، مؤكدة أن الاحتلال الإسرائيلي يسير على المنوال ذاته اليوم في غزة.
وقالت إن أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، أي كل سكانه، يُجبرون حالياً على دخول المجاعة بشكل متعمد، في تكرار واضح للتجويع الذي مارسه النازيون في الأحياء اليهودية.
ولفتت الغنوشي إلى أن خطة "مؤسسة غزة الإنسانية" تقضي بإيصال الطعام إلى مليون ومئتي ألف شخص فقط في المرحلة الأولى، ما يعني استبعاد البقية من الحصص الغذائية، مضيفة أن هذا لا ينبغي أن يُمر مرور الكرام.
وأكدت الغنوشي أن حتى أولئك الذين سيحصلون على المساعدات لن يتلقوا سوى أقل من ألف سعرة حرارية في اليوم، وهو ما يقل كثيراً عن الحد الأدنى الذي حددته منظمة الصحة العالمية في حالات الطوارئ، والبالغ ألفين ومئة سعرة حرارية.
واعتبرت أن هذا المعدل يقترب مما كان يتلقاه اليهود في حي وارسو خلال الاحتلال النازي، سواء عبر الحصص الرسمية أو عن طريق التهريب.
وفي سياق متصل، نبهت الغنوشي إلى أن قطاع غزة هو حالياً "المنطقة الوحيدة على وجه الأرض" التي يواجه فيها مائة في المائة من السكان خطر المجاعة، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.
ولفتت إلى أن وزير المالية في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش صرّح في نيسان/ أبريل الماضي بأنه "لا ينبغي السماح بدخول حتى حبة قمح واحدة إلى غزة"، في ما اعتبرته الغنوشي دليلاً على التوجه المتعمد لاستخدام الجوع كوسيلة للقتل البطيء.
وتحدثت الغنوشي أيضاً عن خطاب الكراهية والاستهزاء بالموت، مشيرة إلى أن جماعة "محامون من أجل إسرائيل" في بريطانيا التي قالت إن الحرب قد تساعد في "تخفيض البدانة" في غزة. وعلّقت بأن مثل هذه التصريحات تبرر الوحشية وتظهر ازدراءً شديداً للضحايا الفلسطينيين.
وأشارت إلى أن مدير "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهو جندي سابق في البحرية الأمريكية، قد استقال مؤخراً من منصبه، محذراً من أن المشروع لا يفي بالمعايير الإنسانية المعتمدة، وهو ما يدعم، حسب الغنوشي، الطرح القائل بأن الأمر لا يتعلق بمبادرة إغاثية، بل بخطة حصار مدروسة وضعتها حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو وبدعم من الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، تستلهم في منطقها وأدواتها خطة التجويع النازية.
واختتمت الغنوشي مقالها بالإشارة إلى أن سكان غزة يُجردون اليوم من كرامتهم، وأنهم يُعاملون بطريقة أسوأ مما تُعامل به الحيوانات، حيث يُطلق عليهم النار كلما تجمعوا لتناول طعامهم. وأكدت أن ما يجري ليس فوضى عشوائية، بل تخطيط مقصود لتحويل الجوع إلى أداة قهر، واستعمال التجويع كوسيلة لإخضاع إرادة الناس.