«بيئة أبوظبي» تفتح آفاقاً جديدة في الأبحاث البحرية
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
أبوظبي: شيخة النقبي
حددت هيئة البيئة في أبوظبي 3 تهديدات يتعرض لها نبات الغضا، وهي الرعي الجائر، وتقطيعها لاستخدام أخشابها في الفحم والحطب، وضعف التجدد الطبيعي وارتفاع موت الشتلات في بيئتها الطبيعية.
ويعد الغضا من الشجيرات الصحراوية الكبيرة، تنمو في المنخفضات الضحلة على طول منحدرات الكثبان الرملية، وتتحمل أقصى درجات الحرارة، والضوء، وندرة المياه، وتتميز بخشب ثقيل وخشن، ولحاء اسفنجي رطب، وأوراقها صغيرة جداً وتتساقط بسرعة، ما يجعلها بلا أوراق ويمنحها الشكل الرمادي الباهت.
وأوضحت الهيئة، أن شجيرات الغضا تنتشر في أبوظبي فقط، وتحديداً في الأجزاء الشمالية الشرقية من منطقة الظفرة، ضمن محمية الغضا الطبيعية، مع تواجد أقل للشجيرات في الأجزاء الجنوبية من المدينة، وتوصف غابات الغضا بأبوظبي ب«غابة الندى» بسبب الطريقة التي تقوم بها أغصانها لتكثيف رطوبة الضباب، ثم تسقط قطرات الماء على الأرض حول الشجيرات لتشكل آلية ري تلقائية، ويرتبط الغضا بالتراث والتقاليد المحلية، ولها أهمية طبية واقتصادية، كما تشكل غاباتها موائل للطيور والثدييات الصغيرة، وتدعم التنوع البيولوجي.
وفي إطار جهود «بيئة أبوظبي» لتعزيز وحماية شجيرات الغضا، تم إنشاء مناطق محمية مثل محمية الغضا، كما تدير الهيئة حالياً مشتل لإكثار النباتات المحلية في بينونة، والذي تبلغ طاقته الإنتاجية 300.000 شتلة سنوياً، ويقوم المشتل حالياً بتخزين بذور 58 نوعاً من النباتات البرية المحلية، بما في ذلك الغضا.
ومن جهة أخرى، أعلنت هيئة البيئة - أبوظبي، استكمال مهمتها الاستكشافية المشتركة على متن سفينة «أوشن إكسبلورر» لأول مرة في الخليج العربي، أحد أكثر البحار دفئاً في العالم، والتي جاءت في إطار مذكرة التفاهم متعددة الأطراف، الموقّعة مع «أوشن إكس»، و«M42»، وشركة «بيانات» لدراسة آثار تغير المناخ على مياه دولة الإمارات.
واستغرقت المهمة على متن السفينة أوشن إكسبلورر 20 يوماً، حيث قام الفريق بإجراء مجموعة من البحوث والدراسات المشتركة تضمنت تحليل الحمض النووي البيئي، والمجتمعات الميكروبية تحت الماء، وتقييم تركيزات المغذيات، ودراسة مجموعات من الأنواع البحرية الكبيرة، وإجراء مسوحات جيولوجية، فضلاً عن قياس أعماق قاع البحر في أنحاء الإمارات. كما تم تنفيذ 10 رحلات بحرية باستخدام الغواصات، بمشاركة باحثتين إماراتيين من هيئة البيئة لأول مرة، فضلاً عن إجراء 19 رحلة استكشافية باستخدام غواصات مسيرة عن بعد، تم خلالها جمع 926 عينة من المياه البحرية والتنوع البيولوجي والرواسب، كما تم إجراء 9 دراسات شاملة في مجال البيئة والتنوع البيولوجي البحري.
وضم الفريق أربعة باحثين إماراتيين شاركوا في إجراء أبحاث رائدة في بيولوجيا أعماق البحار والجيولوجيا وعلم المحيطات في مياه الدولة، كما شاركت بالمهمة الاستكشافية خمس هيئات من شبكة أبوظبي للأبحاث البيئية التابعة لهيئة البيئة.
وبالتعاون مع جامعة زايد، تم تحليل 13 عينة حمض نووي من سبعة أنواع مختلفة من الحيتان والدلافين، وتحليل التسلسل الجيني الكامل لعينات من الدولفين قاروري الأنف، وخنازير البحر ودولفين المحيط الهندي الأحدب.
وتضمنت المهمة أيضاً، إجراء مسح جوي غطى مسافة 773 ميلاً بحرياً، تم خلاله تسجيل 12 مشاهدة لحيوانات بحرية مختلفة، ورصد سمك قرش العليق المهدد بالانقراض لأول مرة في دولة الإمارات على عمق نحو 850 متراً.
وجمع الخبراء على متن السفينة 86 عينة شعاب مرجانية من المياه العميقة، ونفذوا مسوحات عالية الدقة لقياس الأعماق باستخدام الحزم الموجية المتعددة لمساحة تبلغ 1257 كيلومتراً مربعاً، بهدف اكتشاف أنظمة الصدوع النشطة، ومن خلال رسم خريطة لقاع البحر.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات بيئة أبوظبي
إقرأ أيضاً:
الرباعية حول السودان… محاولة جديدة بمآلٍ مألوف
تشهد الساحة الدبلوماسية حراكًا متجددًا في ملف الأزمة السودانية، تجسد في اجتماعات الرباعية التي تضم كلًا من الولايات المتحدة، السعودية، مصر، والإمارات. ورغم ما توحي به التشكيلة من ثقل إقليمي ودولي، إلا أن القراءة المتأنية لهذه المبادرة تكشف عن خلل هيكلي في تكوينها، وانفصام واضح بين رؤيتها السياسية والحقائق الميدانية في السودان. وعليه، فإن احتمالات فشلها تظل راجحة، إن لم تكن حتمية، ما دامت تعيد تدوير نفس الأخطاء السابقة.
أولًا: الإمارات… الفيل في الغرفة
من غير المنطقي، سياسيًا وأخلاقيًا، أن تكون دولة متورطة بشكل مباشر في تأجيج الصراع جزءًا من آلية يفترض أن تلعب دور الوسيط أو الراعي للحل. الإمارات، وفقًا لتقارير دولية وشهادات ميدانية، قدمت دعمًا عسكريًا وسياسيًا لقوات الدعم السريع، ما جعلها طرفًا في النزاع وليس مراقبًا محايدًا. تجاهل هذه الحقيقة لن يُنتج إلا المزيد من انعدام الثقة من الجانب السوداني وهذا يضر جدا بعلاقة السودان مع مصر والسعودية تحديدا، خصوصًا من الجيش السوداني، الذي يرى في استمرار دور أبوظبي انتقاصًا من سيادة الدولة ومحاولة لشرعنة المليشيا تحت عباءة “الحل الإقليمي”.
ثانيًا: تجاوز اتفاق جدة… نزع لغطاء الشرعية
اتفاق جدة، الموقع في مايو 2023، هو الوثيقة الوحيدة التي وقّعها الطرفان المتحاربان – الجيش والدعم السريع – برعاية سعودية أمريكية، ما يمنحه شرعية تفاوضية لا يمكن القفز فوقها. ما يُطرح اليوم من الرباعية، سواء من حيث الأسماء المطروحة، أو طبيعة المقترحات المسربة، يعكس محاولة للعودة إلى نماذج التسوية السابقة التي قامت على شراكة شكلية مع فصائل سياسية نفعية، وتجاهلت الديناميكيات الأمنية والمؤسسية التي فجّرت الحرب ابتداءً.
إن أي تجاوز لهذا الاتفاق هو بمثابة العودة إلى مربع الصفر، بل والتمهيد لانفجار جديد أكثر تعقيدًا، خاصة وأن المرحلة الحالية تتطلب مقاربة أمنية تُنهي وجود المليشيات، لا سياسية تعيد تدويرها في واجهات السلطة.
ثالثًا: السعودية ومصر… بين النوايا والمصالح
على الضفة الأخرى، تمثل السعودية ومصر عنصرين يمكن البناء عليهما، لكن مع فوارق في الرؤية والتأثير. السعودية، بحكم رعايتها لاتفاق جدة، تملك سجلًا أكثر توازنًا، ولكنها قد تجد نفسها في موقف حرج إن استمرت في تجاهل تحفظات الخرطوم بشأن دور الإمارات. أما مصر، التي تراقب تطورات المشهد عن كثب، فإن مصالحها الأمنية المباشرة في شرق السودان وأمن البحر الأحمر تفرض عليها مقاربة أكثر براغماتية، لكنها محدودة النفوذ ميدانيًا مقارنة بغيرها من الأطراف.
رابعًا: أمريكا… الرغبة في الحل دون أدواته
الولايات المتحدة، التي تتصدر التحالف الرباعي، تبدو وكأنها تريد تحقيق اختراق دبلوماسي دون استعداد لتحمل كلفته. فهي لم تمارس أي ضغط حقيقي على الإمارات، ولم تقدم حتى الآن تصورًا موضوعيًا لمعالجة جوهر الأزمة: السلاح الخارج عن الدولة، وتفكيك المليشيات. سياسات واشنطن الرمادية، التي تتجنب تسمية المتورطين بأسمائهم، تفقدها تدريجيًا مصداقيتها كقوة راعية للسلام في السودان.
خاتمة: من يملك رؤية الدولة، ومن يسعى لتقاسمها؟
ما يجري اليوم هو صراع بين رؤيتين للسودان:
رؤية وطنية تسعى لاستعادة الدولة السودانية الموحدة ذات القرار السيادي والمؤسسة العسكرية الواحدة.
ورؤية خارجية هجينة تحاول فرض واقع سياسي جديد يتسع للمليشيات ورعاتها الإقليميين، ولو على حساب أمن السودان وسلامة شعبه.
ما لم تحسم الرباعية أمرها، وتُخرج الأطراف المنحازة من معادلة الوساطة، وتلتزم صراحة باتفاق جدة كمرجعية تفاوضية، فإنها ستتحول من أداة للحل إلى وعاء لتأبيد الأزمة، وتغذية مشاريع التقسيم، تحت شعار السلام الشامل.
في النهاية، السودان ليس مائدة فارغة لتقاسم النفوذ، بل دولة ذات تاريخ وثمن باهظ دفعه شعبها دفاعًا عن كرامته. وأي مبادرة لا تعي هذه الحقيقة مصيرها الإخفاق، ولو اجتمع حولها العالم.
وليد محمد المبارك
وليد محمدالمبارك احمد