لماذا هذا الانحياز الفلسطيني إلى حماس؟
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
سألني صديق: كيف تفسر وقوف الغزاويين إلى جانب حركة حماس رغم ما لحق بهم وبمدينتهم من قتل واسع ودمار غير مسبوق؟ فالمنطق حسب وجهة نظره، يقتضي أنك عندما تقتحم عرين "الأسد"، وتجره إلى معركة غير متكافئة عليك أن تتوقع منه كل شر وجنون، وأن تتحمل النتائج التي ستترتب على ذلك.
استفزني سؤال الصديق، فقررت أن أجيبه بمقال يتعدى شخصه ويشمل كل الذين يلتقون معه في عديد النقاط المشتركة.
لست من الذين يقللون من قوة العدو ويستخفون به، فالكيان الصهيوني أنشئ منذ البداية ليكون قويا جدا حتى يرعب البقية، وفي مقدمتهم الفلسطينيون، وتوالت الحروب والمعارك معه لترسخ هذه الأسطورة وتضخمها. واستمر هذا الحال إلى حدود السابع من تشرين الأول/ أكتوبر فتغيرت معطيات أساسية في المشهد وفي المعادلة، فالشهور التسعة التي مرت أثبتت بأن هذا الكيان ليس أسدا كما شبهه صديقي مقابل "خرفان". علينا في ضوء ما حصل أن نحسن اختيار العبارات حتى تصبح المعاني متطابقة مع الواقع الجديد، لكل مرحلة خطابها ومفرداتها.
لست من الذين يقللون من قوة العدو ويستخفون به، فالكيان الصهيوني أنشئ منذ البداية ليكون قويا جدا حتى يرعب البقية، وفي مقدمتهم الفلسطينيون، وتوالت الحروب والمعارك معه لترسخ هذه الأسطورة وتضخمها. واستمر هذا الحال إلى حدود السابع من تشرين الأول/ أكتوبر فتغيرت معطيات أساسية في المشهد وفي المعادلة
عندما اجتمع قادة حزب الشعب في الجزائر، وقرروا تفجير حرب التحرير في غرة تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، وأصدروا نداء دعوا فيه إلى استقلال بلادهم و"استرجاع السيادة الوطنية وإنشاء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية"، كما أسسوا جبهة التحرير الوطني و"جناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني"، كانت فرنسا في أوج قوتها وجبروتها، أما هم فكانوا قلة لا يملكون من شروط المواجهة سوى الإيمان والحماس والإرادة، لهذا قرروا أن تكون ضربة البداية موجعة لعدوهم. كما كانوا يعلمون أن حربهم ستطول، وستكون مكلفة وشرسة وقاسية. وفي النهاية صدقت توقعاتهم، وخابت في المقابل رغبة الفرنسيين في ضم الجزائر إلى الأبد.
قام المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية باستطلاع رأي أثبت أن قسما كبيرا من سكان غزة ما زالوا يفضلون عودة سيطرة حكم حركة حماس بعد انتهاء الحرب عليه (46 في المئة)، فيما قال 24 في المئة يرغبون بوجود سلطة فلسطينية جديدة برئيس وبرلمان وحكومة منتخبين، و21 في المئة يرغبون في عودة السلطة الفلسطينية الراهنة سواء بوجود الرئيس محمود عباس أو دونه. كما ارتفعت نسبة الذين يؤيدون الكفاح المسلح في الضفة والقطاع، وتراجع التأييد لمسار المفاوضات كآلية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وغالبية كبيرة من الفلسطينيين (69 في المئة) تعتبر أن السلطة الفلسطينية باتت عبئا على الشعب الفلسطيني بعد ثلاثين عاما على إنشائها وفقا لاتفاقات أوسلو.
نعود إلى السؤال المركزي في هذا المقال: كيف نفسر انحياز الأغلبية إلى حماس؟ العوامل التالية قد تساعد على الجواب:
أولا: حصول إيمان راسخ لدى عموم الفلسطينيين بأن الأغلبية الواسعة من الإسرائيليين أصبحت مقتنعة بضرورة ابتلاع بقية فلسطين التاريخية؛ الخلاف بينهم يدور حول الأسلوب وسرعة النسق، واعتقادهم قائم على القول "تختلف الوسائل لكن الهدف واحد"، وسرعة الاستيطان ليست سوى مؤشر ضمن مؤشرات عديدة وذات دلالة هامة.
ثانيا: العين بالعين. الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لحماية ما تبقى من الأرض، فقد انهارت أوسلو بكل ما ترمز إليه، والقطيعة مع العدو بلغت درجة غير مسبوقة حتى أصبحت ضرورة لا اختيارا. ونظرا لصمود المقاومة كل هذا الوقت، واستمرار قدرتها على توجيه ضربات قاسية أرهقت العدو وضاعفت من خسائره، وعمقت التناقضات في صفوفه، وعززت من عزلته، وجعلت منه كيانا منبوذا، فقد اكتسبت نتيجة ذلك تعاطف الغزاويين وغيرهم من سكان فلسطين.
نظرا لصمود المقاومة كل هذا الوقت، واستمرار قدرتها على توجيه ضربات قاسية أرهقت العدو وضاعفت من خسائره، وعمقت التناقضات في صفوفه، وعززت من عزلته، وجعلت منه كيانا منبوذا، فقد اكتسبت نتيجة ذلك تعاطف الغزاويين وغيرهم من سكان فلسطين
ثالثا: التصاق القيادة بشعبها، وهذا شرط أخلاقي على غاية من الأهمية. لم ينفصل القادة عن مواطنيهم، فلم يضعوا حدودا طبقية بينهم وبين الناس، وعاشوا وعائلاتهم مع سكان غزة الحصار وتنكيل السجون وهول الحرب وقسوة التجويع وفقدان الأبناء والأصدقاء. أما الذين وجدوا أنفسهم خارج غزة فذلك من مقتضيات توزيع الأدوار بين السياسي والعسكري والمدني، إضافة إلى كون الجميع مستهدفين، فالعدو متربص بالقادة أكثر من تركيزه على القواعد لهذا نراه يحتفل كلما تمكن من اغتيال أحدهم.
هذه العناصر الثلاثة كافية للدفع بسكان غزة نحو التعلق بحركة سياسية لم يظهر على مناضليها الخوف والإعياء والرغبة في الاختفاء والاستسلام والمناورة بهدف عدم تحمل المسؤولية، كما لم يحصل انشقاق في هذا الظرف الصعب، ولم تحصل خيانات في الصفوف، إلى جانب ما أظهر المقاتلون من شجاعة نادرة في مرحلة تعمقت خلالها مشاعر الهزيمة، وحافظوا على تعهداتهم والتزاماتهم السياسية مع العالم ومع أعدائهم مثلما حصل ويحصل في ملف الرهائن.
هذا ليس مدحا بقدر ما هو شهادة للتاريخ واعتراف بالواقع والحق، وعندما يصبح النقد واجبا فلن نتردد في الإفصاح عنه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس الفلسطينيون غزة فلسطين حماس غزة استطلاع مقالات مقالات مقالات من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المئة
إقرأ أيضاً:
15 في المئة تراجعاً بشهية شراء الذهب في الكويت
تراجعت شهية مستهلكي الذهب في الكويت الربع الأول 2025، بنسبة 15 في المئة إلى 3.8 طن، مقارنة مع 4.5 طن نهاية الربع الأول 2024، حيث انخفض طلب السبائك والعملات الذهبية 5 في المئة إلى 1.4 طن مقارنة مع 1.5 طن الفترة المقابلة.
وحسب آخر بيانات لمجلس الذهب العالمي، تراجع الطلب على المجوهرات في الكويت 20 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2025 إلى 2.4 طن، مقارنة مع 3.1 طن الفترة المقابلة من 2024.
وشهدت الكويت تراجعاً في الطلب على الذهب والمجوهرات خلال 2024 بنسبة 6 في المئة إلى 18.4 طن، مقارنة مع 19.6 طن في 2023، حيث تراجع طلب المجوهرات 14 في المئة إلى 12.3 طن مقارنة مع 14.3 طن، في المقابل زاد الطلب على السبائك والعملات الذهبية 16 في المئة إلى 6.1 طن مقابل 5.2 طن، وبلغ نصيب الفرد من الطلب الاستهلاكي على الذهب خلال 2024 نحو 3.66 غرام لكل فرد.
استهلاك 5 سنوات
وسجل إجمالي استهلاك الذهب في الكويت خلال آخر 5 سنوات 86.4 طن، ما يجعلها رابع أكبر مستهلك للذهب عربياً بعد السعودية والإمارات ومصر، وفي المركز 21 عالمياً، ويشمل الرقم 64.5 طن مجوهرات و21.9 طن سبائك وعملات ذهبية.
وشهد طلب المجوهرات في الكويت نمواً مطرداً من 10.3 طن في 2020 ليصل ذروته عند 14.7 طن 2022، قبل أن ينخفض إلى 14.3 طن في 2023 و12.3 طن بـ2024، ما يعكس تصحيحاً في السوق، وبالتوازي مع ذلك، ارتفع الطلب على السبائك والعملات الذهبية من 2.7 طن بـ2020 إلى 6.1 طن في 2024.
أسباب التراجع
ويأتي التراجع في طلب الذهب مع ارتفاع أسعاره بشكل كبير في الربع الأول 2025، والتي وصلت نحو 25 في المئة منذ بداية السنة، ما دفع شريحة كبيرة من الكويتيين والوافدين إلى العزوف عن الشراء، وذلك مع تحقيق المعدن الأصفر ارتفاعات سعرية أكبر، وذلك في ظل الضبابية التي تكتنف المشهد الاقتصادي العالمي وتصاعد المخاوف من ركود اقتصادي وشيك.
وسجلت أسعار الذهب المحلية قفزة كبيرة منذ بداية العام الجاري لترتفع 25 في المئة نهاية أبريل، مقارنة بسعره نهاية ديسمبر الماضي، إذ ارتفع عيار 24 نحو 6.5 دينار، وزاد عيار 5.9 دينار، كما صعد عيار 21 بـ 5.7 دينار، وارتفع عيار 18 بـ4.88 دينار، وزادت الأونصة (31.3 غرام) 202.249 دينار.
ورغم الارتفاعات، فقد شهدت أسعار الذهب تراجعاً في آخر أسبوع من أبريل، لتسجل انخفاضاً بلغ نحو 2 في المئة، بعد أن بلغت أعلى سعراً لها في الأسبوع قبل الأخير من أبريل.
ويرى خبراء في الذهب أن التذبذب بالأسعار يؤثر بشكل سلبي على الشراء والبيع، ما يدفع راغبي الشراء إلى تفضيل السبائك والليرات الذهبية خاصة السبائك التي تزن 100 أو 50 غراماً، على أساس أن بيعها أسهل من السبائك الثقيلة، ولتحقيقها مكاسب سريعة في فترات وجيزة، علماً أن الإقبال على المشغولات ارتفع في ظل الانخفاض الطفيف في سعر الذهب، والذي بدأ الأسبوع الأخير من أبريل الماضي.
واردات الذهب
من جانب آخر، زادت واردات الكويت من الذهب والمجوهرات والمعادن الثمينة العام الماضي 10.9 في المئة وبـ70.1 مليون دينار لترتفع إلى 712.74 مليون، مقارنة بـ642.6 مليون في 2023، إذ ارتفع استيراد الذهب 17.8 في المئة وبـ49.5 مليون ليبلغ 326.86 مليون، مقارنة مع 277.32 مليون، كما صعد استيراد المجوهرات وأجزائها من المعادن الثمينة 5.6 في المئة بـ20.6 مليون، إلى 385.87 مليون، مقارنة مع 365.27 مليون.
في المقابل، صعدت واردات اللؤلؤ الطبيعي أو المستنبت والأحجار الكريمة وشبه الكريمة، ومعادن ثمينة 10.3 في المئة بـ68.3 مليون، إلى 729 مليوناً، مقارنة بـ660.6 مليون، كما ارتفع استيراد التحف الفنية والقطع الأثرية 250 في المئة بـ3.46 مليون، إلى 4.85 مليون، مقارنة بـ1.386 مليون دينار 2023.