قال الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات، ورئيس "كوب 28"، إن الذكاء الاصطناعي لديه قدرات هائلة على دعم جهود الحد من تداعيات تغير المناخ، لكن على الجانب الآخر فإنه سيؤدي إلى زيادة الطلب على الطاقة بشكل كبير.

وفي مقال تحت عنوان "الترابط الوثيق بين الذكاء الاصطناعي والطاقة والمناخ"، المنشور على موقع "بروجيكت سنديكيت"، أوضح الجابر الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية، كما أكد على ضرورة التعاون لإيجاد الحلول الجديدة والمبتكرة اللازمة لتوفير الطاقة التي يتطلبها الذكاء الاصطناعي.

استهلاك كبير للطاقة

قال الجابر، إن التقنيات المتطورة للذكاء للاصطناعي، يمكنها أن تسهم في تسريع وتيرة التقدم في جهود مكافحة تغير المناخ، من خلال إعادة صياغة عمليات القطاعات الصناعية، وتحسين منظومة النقل، ورفع كفاءة الطاقة، وخفض الانبعاثات على نطاق واسع، مضيفا أن الذكاء الاصطناعي يساعد أيضاً على تعزيز المرونة المناخية من خلال تقديم ودعم الابتكارات في مجالات الزراعة والأمن المائي والصحة.

وأضاف أنه "من المهم جداً الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، الذي يمكنه المساهمة بدور مهم في تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة".

لكن في هذا السياق أشار الجابر إلى ملاحظة مهمة وهي أن "نمو الذكاء الاصطناعي سيؤدي بالضرورة إلى زيادة الطلب على الطاقة بشكل كبير".

وأوضح أن "الإمكانيات الفائقة للذكاء الاصطناعي تأتي مصحوبة باستهلاك كميات كبيرة من الطاقة، مما يزيد الضغط على منظومة الطاقة الحالية والمُجهَدة بالفعل".

وأضاف أنه "منذ عام 2019، زادت الانبعاثات الصادرة عن شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى بأكثر من 30 بالمئة، وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يتضاعف عدد مراكز البيانات في جميع أنحاء العالم بسبب احتياجات المعالجة الضخمة لتكنولوجيا تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن تحتاج هذه المنشآت الجديدة إلى قدر من الطاقة الكهربائية يماثل استهلاك دولة كبيرة مثل كندا. وتصعب معالجة هذه الفجوة حالياً بسبب عدم وجود مصدر للطاقة قادر بمفرده على تلبية هذا النمو الهائل في الطلب".

أسباب تدعو للتفاؤل

قال الدكتور سلطان الجابر، والذي يشغل أيضا منصب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة أدنوك، ورئيس شركة "مصدر"، إن هناك عدة أسباب تدعو للتفاؤل، لأن الذكاء الاصطناعي يساهم بالفعل في تعزيز كفاءة الطاقة عبر مختلف القطاعات.

وأوضح أنه من خلال مشروع "إيه آي كيو" المشترك بين كل من "جي42" و"بريسايت" و"أدنوك" استخدمت أدنوك الصيانة التنبؤية وأدوات تعلُّم الآلة لتحقيق خفض يفوق مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال عام واحد فقط، كما تستخدم شركات طاقة أخرى الشبكات العصبية الاصطناعية للتعامل مع تحديات ضمان استقرار الإمدادات وتخزين للطاقة المتجددة، وذلك من خلال التنبؤ بأنماط الطقس والاستعداد لفترات ذروة الاستخدام وانخفاضه.

وأضاف أنه في ما يتعلق بعلوم المواد، يستخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لتحديد الهياكل الجزيئية الأكثر ملاءمة لتخزين الكربون، كما تُستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أيضاً لإحداث تغيير جذري إيجابي في قطاع الزراعة، وهو من القطاعات كثيفة الاستخدام للطاقة، من خلال تحليل المغذيات الدقيقة، وتعزيز غلال المحاصيل، وتقليل استخدام المياه بنسبة تصل إلى 40بالمئة.

وأشار إلى أنه "خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، من المتوقع أن يدعم الذكاء الاصطناعي تحقيق إنجازات كبرى في مجالات الاندماج النووي، وطاقة الهيدروجين، ونماذج مفاعلات الطاقة النووية، ووحدات التخزين طويل الأمد للطاقة الكهربائية، والحلول المناخية المتطورة التي لا يمكن تصورها الآن".

توفير مصادر الطاقة

وفي ما يتعلق باستهلاك الذكاء الاصطناعي لكميات هائلة من الطاقة، قال الجابر إن شركات التكنولوجيا الكبرى بدأت التعاون مع شركات الطاقة لمواجهة هذا التحدي بفعالية،، مشيرا إلى أنه في شهر مايو الماضي أبرمت شركتا مايكروسوفت وبروكفيلد صفقة لإقامة محطات توليد بقدرة إنتاجية قدرها 10.5 غيغاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وتسير شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، الشركة الإماراتية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، على المسار الصحيح لزيادة القدرة الإنتاجية لمشروعاتها في مختلف أنحاء العالم أربع مرات لتبلغ 100 غيغاوات بحلول عام 2030، وتستكشف فرص توريد الكهرباء النظيفة لقطاع التكنولوجيا.

وأشار الجابر أيضا إلى زيادة الاستثمار في مراكز البيانات التي تعمل بالطاقة النووية، رغم أن بناءها يستغرق عقوداً. وقال إنه "في أثناء ذلك، سيحتاج العالم إلى ما يصل إلى 200 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، وهو الوقود التقليدي الأقل في الانبعاثات، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في البنية الأساسية لشبكات الكهرباء العالمية لتلبية الطلب المتزايد".

وقال إن مواجهة هذه التحديات وجني الفوائد التي يتيحها الذكاء الاصطناعي تتطلب نهجاً تعاونياً شاملاً، وإنه لهذا السبب تخطط أبوظبي في نوفمبر القادم، لاستضافة اجتماع لـ"مجلس صناع التغيير" الذي يقام وفق أسلوب المجلس الإماراتي، بحضور ومشاركة عدد من قادة قطاعَي التكنولوجيا والطاقة، وصناع السياسات، والمستثمرين، ومنظمات المجتمع المدني، وذلك لتشجيع تبادل وجهات النظر، ومناقشة دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق الانتقال المنشود في قطاع الطاقة، ووضع تصور جديد للعلاقة بين الطاقة والذكاء الاصطناعي وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل.

وأكد الجابر أنه في ضوء دور دولة الإمارات كمورد مسؤول وموثوق للطاقة، والتزامها الراسخ بالتنمية المستدامة، ومكانتها المتميزة في مجال الذكاء الاصطناعي - من خلال منصات الاستثمار مثل "إم جي إكس"، ومطوري البنية التحتية مثل "جي42"، ونموذج المعالجة اللغوية الضخم الأكبر والأسرع نمواً في المنطقة "فالكون" - فإنها تحرص على تكريس التوافق بين جميع المعنيين بشأن هذا التحدي الحاسم لمستقبل البشرية بأكملها.

وأضاف: "كلنا ثقة بأن مدّ جسور التعاون بين قطاعَي "الطاقة" و"الذكاء الاصطناعي"، سيتيح لنا الاستفادة من تكامل القدرات والجهود بما يساعد على تحقيق أهداف "اتفاق الإمارات"، ويتيح الاستفادة من أعظم فرصة اقتصادية منذ العصر الصناعي الأول".

اتفاق تاريخي

قال الجابر إنه "قبل ستة أشهر، حقق العالم إنجازاً لم يتوقعه البعض في مؤتمر الأطراف COP28 الذي استضافته دولة الإمارات، من خلال تجاوز الانقسامات الجيوسياسية وتوحيد الجهود للتوصل إلى "اتفاق الإمارات" التاريخي الذي قدّمَ خطةً واقعية لتعزيز الازدهار والنمو الاقتصادي المستدام، بالتزامن مع معالجة تداعيات تغير المناخ".

وأشار إلى أن "المؤتمر شهد توافُق نحو 200 حكومة وممثلي مختلَف قطاعات الاقتصاد العالمي حول مسار عملي قائم على الحقائق العلمية لتحقيق النمو الاقتصادي منخفض الانبعاثات، مع الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز ارتفاع حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية".

وأضاف أن "احتواء الجميع كان من أهم عناصر نجاح الاتفاق. لم يتم استبعاد أحد أو تهميش أي قطاع أو إهمال بحث أي حل. وفيما ننتقل إلى مرحلة تنفيذ بنود الاتفاق وتحويله إلى خطوات ملموسة، يجب على العالم تكثيف الجهود واستكشاف كافة الحلول لتسريع التقدم في هذا المجال".

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الذكاء الاصطناعي اتفاق الإمارات الإمارات الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي اتفاق الإمارات طاقة الذکاء الاصطناعی من الطاقة وأضاف أن من خلال

إقرأ أيضاً:

انطلاق التسجيل في النسخة الـ25 لمؤتمر البترول العالمي للطاقة

 انطلق التسجيل للمشاركة في مؤتمر البترول العالمي للطاقة بنسخته الخامسة والعشرين، الذي تستضيفه الرياض، للمرة الأولى، خلال الفترة من 26 – 30 أبريل 2026م، تحت شعار: " الطريق نحو مستقبل طاقة للجميع".

ودعت وزارة الطاقة الراغبين في المشاركة إلى التسجيل في المؤتمر، وتقديم الأوراق البحثية عبر الموقع الرسمي للمؤتمر www.wpcenergy2026.org .

ويستهدف المؤتمر صناع القرار والأكاديميين والخبراء ورواد الأعمال وممثلي الشركات ووسائل الإعلام المحلية والدولية، إلى جانب المهتمين بشؤون الطاقة، لمناقشة القضايا الإستراتيجية والتقنية والاقتصادية المرتبطة بمستقبل الطاقة على المستويين الإقليمي والعالمي.

وتتناول جلسات المؤتمر عددًا من المحاور الرئيسة التي تشكل مستقبل القطاع، من أبرزها تقنيات إنتاج البترول والغاز، والتكرير والبتروكيماويات وأسواقها، وسلاسل الإمداد، والعديد من المجالات الأخرى مثل أمن الطاقة، والاستدامة، والطاقة المتجددة، والابتكار، وفرص الاستثمار.

ويتضمن المؤتمر برنامجًا تنفيذيًا رفيع المستوى، وبرنامجًا تقنيًا، ومعارض بمساحة (50000) متر مربع تستضيف أكثر من (300) شركة، بالإضافة إلى برنامج مخصص للشباب وبرامج لتأهيل قادة المستقبل والابتكار.

ويُعدّ مؤتمر البترول العالمي حدثًا بارزًا في قطاع الطاقة على المستوى العالمي، ويعقد كل عامين، ويجمع أكثر من (25) ألف مشارك، وما يزيد على (100) وزير، ونحو (500) رئيس تنفيذي من أكثر من (80) دولة، ما يؤكد الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في قيادة قطاع الطاقة عالميًا.

لأول مرة تستضيف المملكة العربية السعودية مؤتمر البترول العالمي للطاقة في العاصمة الرياض، من 26-30 أبريل 2026م.

سجّل الآن وكن جزءًا من مستقبل الطاقة ⬇️

— وزارة الطاقة (@MoEnergy_Saudi) July 29, 2025 وزارة الطاقةمؤتمر البترول العالمي للطاقةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • “السعودية للكهرباء” تستضيف ورشة عمل حول الذكاء الاصطناعي التوليدي لاستكشاف تطبيقات أنظمة الطاقة الكهربائية
  • «السعودية للكهرباء» تستضيف ورشة عمل حول الذكاء الاصطناعي التوليدي لاستكشاف تطبيقات أنظمة الطاقة الكهربائية
  • الإمارات ترسّخ ريادتها في الطاقة النووية.. اتفاق جديد مع سامسونغ
  • انطلاق التسجيل في النسخة الـ25 لمؤتمر البترول العالمي للطاقة
  • ربنا يستر.. خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي بيجاوب بفهلوة في المسائل الدينية
  • «الإمارات للطاقة النووية» و«سامسونج» تستكشفان فرص الاستثمار المشترك
  • توجه لتحويل فحص القيادة العملي للسائقين ليعتمد على الذكاء الاصطناعي
  • الضريبة توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في اختيار عينة الاقرارات الضريبية المقبولة
  • تعاون بين «الإمارات للطاقة النووية» و«هيونداي للهندسة والإنشاءات»