الجزيرة:
2025-12-11@14:46:53 GMT

هل اقترب عصر الذكاء الاصطناعي الواعي؟

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

هل اقترب عصر الذكاء الاصطناعي الواعي؟

استغرق الذكاء الاصطناعي التوليدي كتقنية "شات جي بي تي" شهرين فقط كي يصل إلى 100 مليون مستخدم، وهو رقم قياسي بالمقارنة مع الزمن الذي استغرقته التقنيات الأخرى للوصول إلى العدد نفسه من المستخدمين، فتيك توك استغرق 9 أشهر، وواتساب 40 شهرا، ويوتيوب 49 شهرا، وفيسبوك 54 شهرا، والإنترنت 80 شهرا، والهاتف المحمول 190 شهرا، والسيارة 400 شهر، والهاتف السلكي 900 شهر.

يتفق العديد من كبار رجال الأعمال على أن الذكاء الاصطناعي سيغير معالم الحياة خلال بضع سنوات فقط. ففي 21 مارس/آذار 2023 كتب بيل غيتس في مدونته تحت عنوان "لقد بدأ عصر الذكاء الاصطناعي" ما يلي:

"الذكاء الاصطناعي تطور أساسي مثله مثل المعالجات الدقيقة، والحاسوب الشخصي، والإنترنت، والهاتف المحمول وسوف يغير الطريقة التي يعمل بها الإنسان، ويتعلم، ويسافر، ويحصل على الرعاية الصحية، ويتواصل مع الآخرين".

وفي الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 التقى إيلون ماسك مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، ودار حديث بينهما عن مستقبل الذكاء الاصطناعي، قال عنه ماسك إنه "القوة التغييرية الأعمق في تاريخ البشرية"، وأضاف "ستأتي اللحظة التي لا يعود فيها الإنسان بحاجة إلى وظيفة. طبعا يمكنه الحصول على وظيفة إرضاء لذاته، ولكن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرا على القيام بكل شيء".

وعلى الرغم من اتفاق معظم رجال الأعمال والتقنيين على أهمية الدور الذي بدأ يلعبه الذكاء الاصطناعي في حياتنا، فإن الآراء تختلف بشكل كبير حول مدى اقترابه من الذكاء الاصطناعي العام والواعي.

"الواعي" و"المستيقظ"

يتداول حاليا في الأوساط العلمية وأوساط مدراء الشركات والمفكرين مصطلحان هما "الذكاء الاصطناعي الواعي" (Sentient AI) و"الذكاء الاصطناعي المستيقظ" (Woke AI). وفيما يشير المصطلحان إلى مفاهيم مختلفة في سياق الذكاء الاصطناعي، فإن كلاهما يتعلق بميزات متقدمة لأنظمة الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي الواعي: يشير إلى الذكاء الاصطناعي الذي يملك مستوى من الوعي الذاتي والوعي بالعالم الخارجي، بما في ذلك الشعور بالألم، والمتعة، والمشاعر الأخرى. يثير الذكاء الاصطناعي الواعي أسئلة عن حقوق الروبوت ومسؤولياته والمعاملات الأخلاقية المرتبطة بذلك. والجدير بالذكر أن التقنيات الراهنة لم تتمكن بعد من إنتاج الذكاء الاصطناعي الواعي، لكن يتوقع بعض العلماء المتفائلين أن نصل إليه خلال بضع سنوات.

الذكاء الاصطناعي المستيقظ: لا يملك تعريفا صارما، ولكنه يشير عموما إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يتم تصميمها بحيث تعالج القضايا الأخلاقية والاجتماعية والثقافية، فتتجنب التحيزات العرقية والجنسية والاقتصادية، وتحترم التنوع.

وفي شهر أبريل/نيسان 2023، أجرى موقع فيوتشريزم الإعلامي (Futurism) مقابلة مع المهندس بليك ليموين الذي سبق أن طردته غوغل، لأنه قال إن الذكاء الاصطناعي الذي تطوره الشركة يمتلك وعيا. وفي هذه المقابلة كرر بليك القول إنه "يوجد احتمال أن يمتلك الذكاء الاصطناعي مشاعر وقد يمكنه أن يعاني ويفرح، ويجب على البشر على الأقل أن يضعوا ذلك في الاعتبار عند التفاعل معه".

وفي 13 مايو/أيار 2024، أطلقت شركة "أوبن إيه آي" (Open AI) إصدارة جديدة من جي بي تي باسم "جي بي تي-4 أو" (GPT-4o)، حيث يمثل الحرف "o" اختصارا لكلمة "Omni" التي تعني كل أو كلي. وقالت الشركة عن هذه الإصدارة إنها أول تقنية تفهم عواطف البشر وترد بشكل عاطفي أيضا، من خلال تحليل سياق الكلمات ونبرات الصوت وملامح الوجه، مما يشير إلى بداية التركيز على تطوير الذكاء العاطفي الاصطناعي.

المهندس بليك ليموين الذي طردته غوغل لأنه قال إن الذكاء الاصطناعي الذي تطوره الشركة يمتلك وعياً (مواقع التواصل الاجتماعي) ليس الجميع يتفق على الذكاء

لا يتفق الجميع على أن الذكاء الاصطناعي سيصل قريبا إلى مستوى ذكاء الإنسان ويمتلك الوعي، بل حذر أستاذ الاقتصاد والحائز على جائزة نوبل بول رومر، من المبالغات الجارية حاليا بشأن تطور الذكاء الاصطناعي، فقال في مؤتمر "يو بي إس" (UBS) الآسيوي للاستثمار الذي عقد في هونغ كونغ أواخر شهر مايو/أيار الماضي "الثقة الجامحة السائدة حاليا بشأن المسار المستقبلي للذكاء الاصطناعي عالية جدا، وقد لا تتناسب مع التطورات المستقبلية الفعلية، وقد تؤدي إلى خطأ فادح للغاية".

وأضاف "نحن نغامر بتكرار فقاعة الضجيج حول العملات المشفرة التي حدثت قبل عامين فقط".

ويوجد من لا يعتقد بإمكانية أن يصبح الذكاء الاصطناعي واعيا. فالمؤلف الأميركي يوجين ليندن يرى أنه "قد تمر قرون قبل أن نتمكن من بناء نسخ حاسوبية طبق الأصل عن أنفسنا، هذا في حال تمكنا من ذاك".

والأعقد من ذلك، أن مفهوم الوعي بحد ذاته ما زال غامضا، ولهذا اقترح الفيلسوف الألماني توماس ميتزينجر فرض حظر عالمي على المحاولات المتعمدة لخلق وعي مصطنع للذكاء الاصطناعي إلى حين نصل إلى تفسير دقيق للوعي، لكن هذا الاقتراح لاقى معارضة كون الاتفاق على معنى الوعي قد يأخذ وقتا طويلا.

الخبراء يحذرون من أن الذكاء الاصطناعي المستيقظ متحيز حتى الآن على الأقل (غيتي) تحذيرات حول الذكاء المستيقظ

أما فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي المستيقظ، فيوجد إجماع على أن حقبته قد بدأت مع برامج الدردشة التي ترتكز على الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل شات جي بي تي، وغوغل جيمني (Gemini)، والتي تجيب عن الأسئلة المرتبطة بالثقافة والأخلاق والتنوع الاجتماعي.

لكن يحذر بعض الخبراء من أن الذكاء الاصطناعي المستيقظ متحيز (حتى الآن على الأقل)، فمثلا أظهر جيمني صورا لأشخاص سمر البشرة وآسيويين يرتدون الزي العسكري الألماني النازي في فترة الحرب العالمية الثانية، كما أظهر صورا لهنود حمر يرتدون زي الفايكونغ، وهو ما اعتبره الخبراء تزييفا للتاريخ.

ودفع إيلون ماسك للقول "الذكاء الاصطناعي المستيقظ مثل غوغل جيمني يمكن أن يقتل الناس".

وأقر الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، ساندر بيتشاي في مذكرة داخلية، بأن بعض ردود جيمني "أساءت لمستخدمينا وأظهرت تحيزا". وقال إن ذلك "غير مقبول على الإطلاق"، مضيفا أن فرقه "تعمل على مدار الساعة" لإصلاح المشكلة.

لكن مشكلة الذكاء الاصطناعي المستيقظ لا تقتصر على جيمني، بل تتعلق بجميع نظم الذكاء الاصطناعي التوليدي، كونها ترتكز على الكميات الهائلة من البيانات التي يتم تدريب أدوات الذكاء الاصطناعي عليها، بما في ذلك بيانات عنصرية ومتحيزة.

تحاول الشركات المطورة لهذه النظم حاليا معالجة هذه المشكلة العويصة باستبعاد البيانات المتحيزة من التدريب. وعلى الرغم من هذه المشكلة الراهنة، يرى بعض المفكرين أن الذكاء الاصطناعي المستيقظ أكثر حيادية من ذكاء البشر. تقول جانيت آدامز، المديرة التنفيذية للعمليات المتفائلة في مؤسسة "سينغولارتي نت" (SingularityNET) "أرى مستقبلا يتخذ فيه الذكاء الاصطناعي العام قرارات أكثر أخلاقية من القرارات التي يتخذها البشر. ويمكنه أن يفعل ذلك لكونه لا يملك مشاعر غيرة أو جشع أو أجندات خفية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أن الذکاء الاصطناعی جی بی تی

إقرأ أيضاً:

مهارات النجاح في عصر الذكاء الاصطناعي.. خمس طرق لتجهيز الطلاب للمستقبل

الثورة /

مع التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لم تَعُد طرق الدراسة التقليدية وحدها كفيلة بتهيئة الطلاب للتغيرات الكبيرة القادمة. فالآلات أصبحت قادرة على كتابة النصوص، وحلّ المعادلات، وتحليل البيانات بكفاءة عالية، لكن قدرتها تظل محدودة في التفكير الإبداعي، والذكاء العاطفي، والاستدلال النقدي، وهذه المهارات هي التي ستصنع فارق النجاح في السنوات المقبلة.
لذلك، أصبح بناء مهارات دراسة تتكامل مع التكنولوجيا ضرورة لكل طالب يسعى إلى الاستعداد بوعي لعصر مختلف. وفيما يلي أهم المهارات التي يمكن للطلاب التركيز على تطويرها للتفوق في عصر الذكاء الاصطناعي:
1 – الفهم العميق بدلًا من الحفظ
يستطيع الذكاء الاصطناعي استرجاع أي معلومة خلال ثوانٍ، وهذا يعني تراجع قيمة الحفظ وحده. والطلاب الذين يركّزون في فهم المفاهيم وليس مجرد حفظها يبنون روابط ذهنية أعمق، ويصبحون أكثر قدرة على تطبيق ما يتعلمونه بطرق جديدة وذات معنى.
لذلك، يجب تشجيع الطلاب على طرح أسئلة من نوع: «لماذا؟» و»كيف؟». على سبيل المثال: عند دراسة العلوم، لا يجوز الاكتفاء بالتعريفات، بل يجب اكتشاف أسباب التفاعلات وكيف ترتبط بالممارسات الحياتية، فهذا النوع من التعلّم يعزّز الفهم العميق ومهارات التفكير، وهي أمور لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدها.
2 – تطوير مهارات حل المشكلات
يعتمد النجاح المستقبلي على الإبداع والقدرة على التفكير بطرق متعددة، وليس على إيجاد الحلول المناسبة فقط. فعندما لا تنجح طريقة معينة في حلّ مسألة أو فهم درس، فإن تجربة أسلوب جديد أو إعادة التفكير في خطوات الحل يطوّر مهارة التعلّم وحل المشكلات من زوايا مختلفة. والطالب الذي يطور هذه المهارات، ويركز في معالجة التحديات بإصرار وابتكار سيكون أقدر على مواجهة واقع مهني سريع التغيّر.
3 – استخدام الذكاء الاصطناعي بوعي
إن الأدوات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مثل: Gemini وChatGPT وتطبيقات التعلّم الذكية يمكن أن تكون وسائل قوية للمراجعة والتدريب. لكن جوهر التعلّم الحقيقي يبقى في قدرة الطالب على التفكير، والتحليل، والتحقّق.
لذلك، يجب على الطلاب استخدام هذه الأدوات لتطوير الفهم، لا للقيام بالتفكير نيابة عنهم. وعليهم أن يسألوا أنفسهم دائمًا: هل هذه الإجابة دقيقة؟ وعليهم تطوير مهارات البحث والتحقق من المعلومات التي يحصلون عليها من روبوتات الدردشة من مصادر موثوقة، فهذا يعزز الوعي الرقمي والقدرة على التمييز بين المعلومة الصحيحة وغير الصحيحة.
4 – مهارات التعلّم الذاتي
إن مهارات التعلّم الذاتي تُعدّ من أهم المهارات التي يحتاج إليها الطلاب في عصر الذكاء الاصطناعي؛ لأنها تمكّن الطلاب من التطور المستمر مهما تغيّرت الأدوات والتقنيات المتاحة. لذلك، يجب على الطالب فهم نمط التعلّم الخاص به، كأن يعرف متى يدرس بتركيز أعلى، وما الطرق التي تساعده في تذكر المعلومات، وكيف يستفيد من الأدوات الذكية الجديدة بطريقة مناسبة، وهذا يمنحه قدرة على التكيّف مع أي موضوع جديد بسهولة.
5 – تطوير المهارات الإنسانية
حتى مع التطور الكبير والمستمر للتقنية، ستظل المهارات الإنسانية مثل: التواصل، والعمل الجماعي، والتعاطف، والذكاء العاطفي هي أساس الإبداع والابتكار، وهذه القدرات تكمّل التفكير العقلي، وتساهم في بناء بيئات عمل وتعليم أكثر تعاونًا وفعالية.
ولتعزيز هذه المهارات، يجب على الطالب مشاركة الآخرين أفكاره، والاستماع إلى وجهات نظرهم، وتعلّم كيف يتفاعل مع الزملاء، فهذه خبرات لا يمكن لأي نظام ذكي أن يمتلكها.
نحو مستقبل يتكامل فيه الإنسان مع الذكاء الاصطناعي
قد يغيّر الذكاء الاصطناعي ملامح العالم، لكنه لن يحل محل الإبداع والإحساس البشري والقدرة على التفكير النقدي.
وكل طالب يستثمر اليوم في تطوير مهارات التعلّم الذاتي، والتفكير العميق، والوعي الرقمي، سيحصل على أفضلية في المستقبل الذي سيكون الذكاء الاصطناعي هو أساسه.

مقالات مشابهة

  • تحذير من ضعف دقة الذكاء الاصطناعي لقياس النبض عند ارتفاعه
  • بيتكوين تهبط إلى أقل من 90 ألف دولار وسط مخاوف من الذكاء الاصطناعي
  • بتكوين تهبط دون 90 ألف دولار بسبب مخاوف من الذكاء الاصطناعي
  • مهارات النجاح في عصر الذكاء الاصطناعي.. خمس طرق لتجهيز الطلاب للمستقبل
  • قيادة المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي
  • هل روبوتات الذكاء الاصطناعي مجرّد ضجيج أم أمل حقيقي؟
  • هل يُنقذ الذكاء الاصطناعي الاقتصادات المتقدمة من أعباء الديون؟
  • بنك إنجلترا يحذر من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي
  • الإيسيسكو تطلق أول مؤشر لتقييم الذكاء الاصطناعي في الدول الإسلامية
  • قطر تطلق شركة متخصصة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي