ماذا قصد بارولين بقوله إنّ الحلّ الرئاسيّ يبدأ من عين التينة؟
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
أعلن أمين سرّ دولة الفاتيكان بييترو بارولين أنّ الحلّ لرئاسة الجمهوريّة يبدأ من "عين التينة"، وأنّ المسيحيين يتحمّلون مسؤوليّة التعطيل، إلى جانب بقيّة الأفرقاء. وأيّدت أوساط سياسيّة من فريق الثامن من آذار ما قاله المسؤول الكنسيّ، وأشارت إلى أنّ الحوار الذي يدعو إليه رئيس مجلس النواب نبيه برّي هو فعلاً الطريق الوحيد لإنهاء أزمة الشغور الرئاسيّ، وأنّ من يرفضون التوافق، وفي مُقدّمهم "القوّات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية "، هما من يُعطّلان الانتخابات الرئاسيّة، وخصوصاً وأنّ موفد البابا فرنسيس قال بوضوح إنّه يدعم التواصل بين اللبنانيين، وشدّد على أهميّة أنّ يكون لديهم رئيس في أقرب وقتٍ لحماية البلاد وصون الدستور.
في المقابل، تلفت أوساط نيابيّة إلى أنّ تصريح بارولين من عين التينة يحمل عدّة دلالات، وبشكل خاصّ عندما أشار إلى أنّ الحلّ يبدأ من دارة برّي. وتقول الأوساط عينها، إنّ لا إجماع بين الأحزاب المسيحيّة الأربعة على مرشّح واحدٍ، فرئيس "التيّار الوطنيّ الحرّ" النائب جبران باسيل يبحث عبر الحوار، عن التوافق على الرئيس كيّ يُحسّن موقع فريقه في السنوات الستّ المُقبلة، بينما "القوّات" و"الكتائب" تدعمان وزير الماليّة السابق جهاد أزعور، فيما رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة لا يزال متمسّكاً بترشّحه، طالما أنّه لا يزال مدعوماً من "حزب الله" وحركة "أمل".
وتُضيف الأوساط النيابيّة: أنّ بارولين يُوافق برّي، عندما يقول إنّ الأزمة الرئاسيّة مسيحيّة، لكنّه أشار إلى أنّ الأفرقاء الآخرين يتحمّلون مسؤوليّة الفراغ، ما يعني أنّ رئيس مجلس النواب شريك أيضاً بالتعطيل. وتوضح الأوساط أنّ المسؤول الفاتيكانيّ قصد بأنّ الحلّ يبدأ من "عين التينة"، من خلال إجراء الحوار. فروما تُؤيّد التوافق، وهي لم تدخل في لعبة الأسماء، ولم تدعم شخصيّة مسيحيّة معيّنة، وتركت الخيار للبنانيين للاتفاق في ما بينهم، بعد تعذر كلّ فريقٍ على انتخاب مرشّحه.
كذلك، تُتابع الأوساط قولها: إنّ برّي لا يدعو إلى جلسات انتخاب، وهو يحتجز الاستحقاق الرئاسيّ، باشتراطه الذهاب إلى الحوار، قبل إجراء الانتخابات. وتضيف: إذا قرّر رئيس المجلس فتح أبواب البرلمان، يكون قد عبّد الطريق نحو الحلّ، وهذا ما قصده بارولين.
وتُؤكّد الأوساط النيابيّة أنّ هناك حلّين متوفّرين حاليّاً لموضوع الانتخابات الرئاسيّة: الحوار أو الدعوة لجلسات مفتوحة، تجري خلالها نقاشات نيابيّة، تُفضي إلى التوافق. وتُضيف الأوساط أنّ برّي لديه الحلول من جهّة، ويستطيع التعطيل من جهّة أخرى، كيّ يُؤمّن الإجماع على فرنجيّة، أو زيادة عدد داعميه إلى 65 نائباً.
وتُعلّق مصادر نيابيّة في المُعارضة على تصريح بارولين، وترفض أنّ يتمّ زجّ المسيحيين مع المُعطّلين، لأنّهم أكثر المُطالبين باحترام الدستور، بينما تتّهم برّي وفريقه السياسيّ باحتجاز الإستحقاق الرئاسيّ، عبر فرض الحوار ومرشّحهما. وتُذكّر المصادر أنّ "القوّات" و"الوطنيّ الحرّ" التقيا على دعم أزعور، الذي حصل على 59 صوتاً، وكان من المُمكن أنّ يحصد تأييداً نيابيّاً أكبر، لو لم يُعطّل "الثنائيّ الشيعيّ" النصاب، قبل أكثر من سنة على الدعوة لآخر جلسة انتخاب.
وتقول الأوساط السياسيّة: إنّ الفاتيكان والبابا فرنسيس كما أشار بارولين، يشعران بالقلق لعدم إنجاز الانتخابات الرئاسيّة حتّى اللحظة. فروما يهمّها جدّاً أنّ يكون للبنان رئيس مسيحيّ في أقرب وقت، وأنّ تنتهي الخلافات بين الأفرقاء السياسيين، للمُحافظة على هويّة البلاد التعدديّة التي نوّه بها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني. وتُشدّد الأوساط السياسيّة على أنّ الموفد الكنسيّ وضع الإصبع على الجرح، وهو أنّ لبنان لا يستطيع الاستمرار في الشغور، ومُحيطه مشتعل بالحروب، وهناك خطرٌ بتمدّد الحرب إليه في أيّ لحظة، إنّ فشلت المساعي الدبلوماسيّة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: عین التینة الرئاسی ة یبدأ من نیابی ة إلى أن
إقرأ أيضاً:
تزايد معدلات العنف.. ما الحل؟
العنف أصبح ظاهرة يومية في مصر؛ لا يمر يوم إلا وتطالعنا الصحف والمواقع الإخبارية بحادثة عنف هنا أو هناك باختلاف أنواع تلك الحوادث والجرائم. والحديث هنا ينصب على العنف والإيذاء الجسدي الذي يصل حد القتل وإزهاق الأرواح. سواء كان عنفاً أسرياً، ضد الأطفال والنساء، أو حتى جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال التي تعد من أخطر وأشدّ صور العنف الإنساني. لأنه عنف متعدد المستويات؛ خليط من مختلف أنواع العنف والاعتداء، بدنياً وجنسياً ونفسياً، لذلك هو من أعلى درجات العنف المسجّلة عالميًا.
الإحصاءات والبيانات الخاصة بالعنف في مصر ــــ وتلك قضية كبرى ومهمة ــــ تشير إلى أن هناك زيادات واضحة في جرائم العنف خاصة ضد النساء في مصر خلال السنوات الأخيرة بمختلف أشكالها: قتل، تحرش، اغتصاب، وعنف أسري. القاهرة والجيزة من أكثر المحافظات التي تُسجّل فيها تلك الجرائم بحسب مرصد جرائم العنف ضد النساء والفتيات التابع لـمؤسسة إدراك للتنمية والمساواة، والذي يقول إن مصر سجلت خلال عام 2024 نحو 1195 جريمة عنف موجهة ضد نساء وفتيات في مصر. وأن من بين هذه الجرائم نحو 363 جريمة قتل، وفي تقرير نصف-سنوي صدر حديثًا في 2025 وثق المرصد 495 جريمة عنف ضد النساء والفتيات خلال النصف الأول من العام. ما يلفت الانتباه أن غالبية جرائم القتل في التقرير — حوالي 89.5٪ — ارتكبت من قبل أحد أفراد الأسرة أو شريك/زوج. و أن جرائم القتل ضد النساء في 2025 كادت تتجاوز مستويات 2024 رغم أن البيانات نصف سنوية فقط.
الإشكالية الكبرى هنا أننا بصدد ظاهرة مركبة؛ أخذه في التزايد والانتشار، لكن رغم ذلك، الرقم الرسمي لا يعكس كل الحالات، خصوصًا في ظل العنف غير المعلن أو غير المبلّغ عنه. ولا توجد — حتى الآن — بيانات رسمية شاملة أو دورية تُنشر لجمهور عام (على مستوى جميع أنواع الجريمة/العنف) تكفي لرسم صورة كاملة ودقيقة. و أن التقارير على مستوى المراصد والمراكز المستقلة تعتمد بشكل رئيسي على “ما تم الإبلاغ عنه واكتشافه، ونشره في الصحف، ما يعني أن عدد الحالات الحقيقية قد يكون أعلى بكثير مما يُسجَّل. في ظل غياب إحصائيات رسمية حديثة من جهات أمنية أو هيئة وطنية موثوقة، وغياب تحديثات دورية، يجعل من الصعب تقييم تطور الحالة على مستوى المجتمع بأكمله.
نحن في حاجة ملحة لإستراتيجية وطنية لمكافحة العنف بمختلف أنواعه وأشكاله، قائمة على مقاربة متعددة مستويات؛ تبدأ بمراجعة التشريعات القائمة وتغليظ العقوبات بها، وإذا ما كان هناك حاجة لتشريعات جديدة. ثم إنشاء نيابات متخصصة للعنف الأسري. من أجل تحقيق ردع مباشر، وتقليل الجرائم قبل وقوعها. المستوى الثاني من تلك المقاربة يتعلق بالوعي والتوعية وهنا دور الإعلام والدراما في هذا السياق، ولعل إشارة الرئيس عبد الفتاح السيسي المهمة والخاصة بمراجعة الأعمال الفنية التي تمجّد العنف والبلطجة أو تربط “الفهلوة” بالبطولة، وضرورة استعادة الدراما المصرية التي تعكس وتقدم الشكل الحقيقي للمجتمع المصري. وأخيرا المستوى الثالث من تلك المقاربة والمعني بمحور التعليم والتنشئة خاصة مع ازدياد وتيرة العنف بالمدارس في مراحل التعليم المختلفة وكيفية مواجهة تلك الظاهرة من تحصين الأجيال الجديدة قبل مرحلة الخطر.