هل ماتت اتفاقية البترودولار بالفعل؟
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
نشر موقع "بلومبرغ" الأمريكي مقال رأي للكاتب خافيير بلاس تحدث فيه عن مدى صحة التكهنات التي تشير إلى انتهاء عهد "البترودولار".
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن "البترودولار" مات هذا الشهر، أو على الأقل هذا ما تتداوله المدونات المالية. في الأسبوعين الماضيين، ارتفعت عمليات البحث على "غوغل" عن "البترودولار" إلى رقم قياسي، وانتشرت منشورات فيروسية حول تخلي السعودية عن الدولار الأمريكي في غرف تداول السلع والعملات.
وذكر الكاتب أن هذا الأمر هو محض هراء. فالعدد الكبير من عمليات البحث على "غوغل" عن كلمة "بترودولار" انفجر في الأسبوعين الأخيرين نتيجة حديث المدونات المالية عن نهايته.
وأضاف الكاتب أنه قاوم لعدة أيام إغراء الرد على هذه الأحاديث التي كانت مدفوعة بمزيج من المضاربين على العملات الرقمية، وأنصار الذهب، ونظريات المؤامرة، وقبل كل شيء، الكثير من "البوتات" الروسية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعندما سأله أحدهم، أشار إلى عمود كتب فيه في عام 2023 أن انهيار "البترودولار" وصعود "البترويوان" كان مجرد خرافة وأن النفط سيظل مسعرًا بالدولار. وكان يأمل أن تفرض الحقيقة نفسها بسرعة: فبعد كل شيء، لا تزال السعودية تبيع نفطها بالدولار الأمريكي بعد أكثر من أسبوعين من النهاية المزعومة لـ"البترودولار". لكن بدلاً من أن تتبدد الشائعات، انتشرت الآن حتى داخل غرف التداول في "وول ستريت" وبين المعلقين الماليين الذين ينبغي أن يعرفوا الوضع بشكل أفضل.
وأوضح الكاتب أن كل هذه الأحاديث بدأت قبل بضعة أسابيع عندما أشارت بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى الذكرى الخمسين لاجتماع بين المسؤولين الأمريكيين والسعوديين في واشنطن في 8 حزيران/ يونيو 1974، والذي أدى إلى إنشاء ما يسمى اللجنة المشتركة الأمريكية السعودية للتعاون الاقتصادي. وزعمت القصة الفيروسية أن هذا كان أصل "البترودولار"، أي اليوم الذي أبرمت فيه واشنطن والرياض صفقة سرية لربط الذهب الأسود بالدولار إلى الأبد.
أشار الكاتب إلى أن ذلك لم يكن صحيحًا. ففي الواقع، كانت السعودية تبيع نفطها بعملات أخرى، بما في ذلك الجنيه الإسترليني، حتى أواخر سنة 1974، عندما قررت على الأرجح بتشجيع من الولايات المتحدة استخدام الدولار حصريًا. حتى في ذلك الوقت، قبلت السعودية في بعض الأحيان المدفوعات بغير الدولار لنفطها، بما في ذلك الطائرات المقاتلة البريطانية عبر صفقة المقايضة المثيرة للجدل "اليمامة" في الثمانينات والتسعينات. وبما أن لندن كانت البائع، فقد تم تحديد سعر الطائرات بالجنيه الإسترليني.
وأكد الكاتب أن ما اتفق عليه السعوديون والأمريكيون قبل 50 عامًا كان توجيه ثروة المملكة الجديدة بعد ارتفاع أسعار النفط، عقب أول أزمة طاقة، إلى سوق الخزانة الأمريكية. وكان "البترودولار" في تجسيده الأصلي يتعلق بإعادة تدوير أموال النفط. فقد ضخت السعودية الأموال في الدين السيادي الأمريكي، مما ساعد واشنطن على تمويل عجزها، وفي المقابل عرضت الولايات المتحدة التزام السرية حول المعاملات المالية والحماية العسكرية.
قبل نصف قرن، كان لدى السعودية الكثير من المال والقليل من القدرة المحلية على استيعابه. ففي سنة 1974، كان فائض الحساب الجاري للبلاد يعادل أكثر من 50 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي. وعكس "البترودولار" ذلك الفائض الضخم. لم تستفد الولايات المتحدة لأن السعودية سعّرت نفطها بالدولار، ولكن لأنها أعادت تدوير تلك الأموال إلى سوق الدين الأمريكي. وكانت النتيجة الطبيعية لتلك التدفقات هي عملة أمريكية أقوى.
في هذا المعنى، مات "البترودولار" منذ فترة طويلة وقليلون لاحظوا ذلك، ربّما توقف عن أن يكون له تأثير كبير على الأسواق المالية العالمية منذ ثلاثة عقود، إن لم يكن قبل ذلك. وحتى خلال ارتفاع الأسعار بين 2003 و2008، كانت قيمة الدولارات المعاد تدويرها في الأدوات المالية الأمريكية محدودة للغاية، لأن دول أوبك كان لديها القدرة - والحاجة - لاستخدام ثروتها في الداخل، وإنفاق الأموال على واردات السلع والخدمات.
وفي الوقت الحالي، لا تملك السعودية فائضًا لإعادة تدويره على الإطلاق بل على العكس، باتت البلاد تقترض بكثافة في سوق الدين السيادي وتبيع أصولها، بما في ذلك أجزاء من شركتها النفطية الوطنية، لتمويل خططها الاقتصادية الكبيرة. صحيح أن الرياض لا تزال تحتفظ باحتياطيات كبيرة من العملات الصعبة، وبعضها مستثمر في الخزانة الأمريكية، إلا أنها لم تعد تراكمها بعد الآن. ولدى الصين واليابان أموال مرتبطة في سوق الديون الأمريكية أكثر بكثير مما لدى السعوديين.
وقال الكاتب إن السعوديين لا يمتلكون "البترودولارات". فقد شهدت السعودية تراجع فائض حسابها الجاري من أعلى مستوى له على الإطلاق، وهو أكثر من 50 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي في سنة 1974، عندما وُلد "البترودولار".
وفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن فائض الحساب الجاري للسعودية سيتقلص من ذروته البالغة 50 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي إلى مجرد 0.5 بالمئة هذه السنة قبل أن يتحول إلى عجز بحلول سنة 2025 وحتى نهاية العقد. وإذا تم تأكيد ذلك، فسيكون أطول عجز في الحساب الجاري للمملكة منذ أن أغرقت الرياض السوق بالنفط في سنة 1986، مما أدى إلى انهيار الأسعار. ومن دون فوائض النفط لإعادة تدويرها، لا يوجد ما يسمى بـ"البترودولار". وإذا كان الدولار الأمريكي قويًا، وهو كذلك، حيث أن مؤشر الدولار عند أعلى قيمة له في عقدين، فهذا ليس لأن السعوديين يمولون العجز الأمريكي.
بالرغم من أن النفط السعودي ما زال مسعّرًا بالدولار، وأن شركة أرامكو السعودية، الشركة المملوكة للدولة، تصدر فواتيرها للجميع بالدولار أيضًا، إلا أن هذا جزء صغير مما كان عليه "البترودولار" في السابق.
لا يعتقد الكاتب أن هذا هو السبب في قوة الدولار، أو لماذا الولايات المتحدة هي أقوى دولة في العالم، تصدر قوتها الاقتصادية والعسكرية والعلمية والثقافية. وحتى في هذا الدور المتضائل، لا يتوقع أن يموت "البترودولار" في أي وقت قريب. وأشار إلى أن السعوديين يحتفظون بربط عملتهم بالدولار أيضًا. والآن، العائلة المالكة مشغولة بمحاولة إبرام صفقة مع البيت الأبيض لإحياء العلاقات السعودية الأمريكية، وكجزء من تلك العملية، فإن الحفاظ على تسعير النفط السعودي بالدولار سيكون منطقيًا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية البترودولار السعودية النفط امريكا السعودية نفط صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة ا بالدولار الکاتب أن فائض ا فی ذلک أن هذا
إقرأ أيضاً:
السجن 25 عاماً لمنفّذ الاعتداء على الكاتب سلمان رشدي
حُكم على هادي مطر بالسجن 25 عاماً لطعنه الكاتب سلمان رشدي خلال مناسبة في نيويورك عام 2022، في هجوم أدى إلى فقدان رشدي لبصره جزئياً وتسبب بإصابة شخص آخر. ويواجه مطر أيضاً تهماً أخرى تتعلق بالإرهاب ودعم حزب الله. اعلان
أصدرت محكمة في ولاية نيويورك الأميركية، الجمعة، حكماً بالسجن لمدة 25 عاماً على هادي مطر، المتهم بطعن الكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي عام 2022، في هجوم أسفر أيضاً عن إصابة شخصٍ آخر بجروح.
وأدين مطر، البالغ من العمر 27 عاماً والمقيم في نيوجيرسي، في شباط/فبراير الماضي بتهمة الشروع في القتل من الدرجة الثانية، إثر اعتدائه على رشدي خلال مناسبة ثقافية في "مؤسسة شوتوكوا" غرب نيويورك، بينما كان الكاتب يلقي محاضرة حول حرية الكُتّاب وحمايتهم من العنف.
وقالت النيابة إن رشدي، البالغ من العمر 77 عاماً، لا يزال يُعاني من آثار جسدية ونفسية للهجوم، إذ تسبب الاعتداء في فقدانه البصر بعينه اليمنى، وألحق أضراراً جسيمة بكبده وأمعائه، إضافة إلى صدمة نفسية عميقة. وأوضح المدعي العام لمقاطعة شوتوكوا، جايسون شميت، أن رشدي "لا يزال يعاني من كوابيس بسبب ما مرّ به".
وأشارت النيابة إلى أن مطرسيقضي أيضاً حكماً بالسجن لمدة 7 سنوات بتهمة الاعتداء من الدرجة الثانية لإصابته هنري ريس، المؤسس المشارك لمنظمة "مدينة الملاذ" في بيتسبرغ، والتي تُعنى بحماية الكتّاب الذين يعيشون في المنفى. وقد نُفذت العقوبتان بالتزامن، ما يعني أن مدة السجن الفعلية ستكون 25 عاماً.
Relatedسلمان رشدي وآخرون يطالبون بالإفراج عن الكاتب المثير للجدل بوعلام صنصال المعتقل في الجزائربعد عقود من الحظر.. الهند تسمح باستيراد رواية ”آيات شيطانية“ للكاتب سلمان رشديبدء محاكمة المتهم بمحاولة قتل الكاتب سلمان رشدي في نيويوركوقد أظهرتسجيل مصوّر للحادثةمطر وهو يندفع نحو المنصة ويهاجم رشدي بسكين، أثناء تقديمه للمشاركة في الندوة، فيما عُرض جزء من هذه المشاهد على هيئة المحلّفين خلال جلسات المحاكمة التي استمرت سبعة أيام.
وكانسلمان رشدي قد عاش لسنوات في ظروف أمنية مشددة بعد فتوى أصدرها آية الله الخميني، المرشد الأعلى الإيراني الراحل، عام 1989، دعا فيها إلى قتله بتهمة "التجديف" في روايته الشهيرة الآيات الشيطانية، التي أثارت جدلاً واسعاً في العالم الإسلامي.
وخلال المحاكمة، لم يُدلِ مطر بأي شهادة دفاعية، فيما حاول محاموه التشكيك في نية القتل، زاعمين أن النيابة لم تُثبت وجود القصد الجنائي اللازم لإدانته بمحاولة القتل، وطالبوا بإدانته بجنحة اعتداء فقط. وقد أكد محاميه ناثانيال بارون أن موكله يعتزم استئناف الحكم، قائلاً: "لو أُتيح له الخيار، لما جلس اليوم في هذا المكان، ولو استطاع تغيير الأمور، لفعل ذلك".
وفي موازاة الحكم، يواجه مطر تهماً وجهها إليه الادعاء العام الفدرالي في نيويورك، تتعلق بمحاولة تنفيذ عمل إرهابي، حيث يُشتبه في تقديمه دعماً مادياً لحزب الله اللبناني، المصنَّف أميركياً كمنظمة إرهابية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة