جماعات الإغاثة تضغط لوقف المجاعة في السودان مع توقع وفاة 755 ألف شخص جوعا
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
الخرطوم- تحذر جماعات الإغاثة من أن "المجاعة التي هي من صنع الإنسان" في السودان يمكن أن تكون أسوأ مما كان متوقعا، مع وقوع أكبر عدد من القتلى كارثيا شهده العالم منذ عقود، دون مزيد من الضغوط العالمية على الجنرالات المتحاربين.
قالت دراسة مدعومة من الأمم المتحدة، الخميس، إن 755 ألف شخص على شفا المجاعة في السودان، وهو رقم لم نشهده منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما صدمت المجاعة في إثيوبيا العالم.
وقال باريت ألكسندر، مدير برامج منظمة ميرسي كور في السودان، إن هذا الرقم قد يكون أقل من الواقع، حيث أدى الصراع إلى نزوح المزارعين في المناطق الزراعية في البلاد، مما أثار مخاوف بشأن الحصاد المقبل.
وقال في إشارة إلى توقعات مبادرة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أو IPC: "بصراحة، لن أتفاجأ إذا كان الرقم أعلى قليلاً من هذا الرقم".
وقال ألكسندر المقيم في بورتسودان لوكالة فرانس برس خلال زيارة لواشنطن "نحن نشهد مجاعة من صنع الإنسان تحدث أمام أعيننا بسبب الصراع في المقام الأول".
وقالت لجنة التخطيط المتكامل للأمن الغذائي إن نحو 26 مليون شخص ـ أي نصف سكان السودان ـ يواجهون انعداماً حاداً للأمن الغذائي، مع وجود 755 ألف شخص في ظروف كارثية، بما في ذلك حول العاصمة الخرطوم ودارفور، مسرح حملة عسكرية للأرض المحروقة قبل عقدين من الزمن.
واندلع القتال في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بعد فشل خطة لدمجهم، مع سيطرة الجنرالات المتحاربين على الأراضي.
وقال ألكسندر إن الجانبين فرضا مستويات معقدة من البيروقراطية، بما في ذلك طلب تصاريح من عمال الإغاثة.
وقال: "إن عبور الخطوط الأمامية يكاد يكون مستحيلاً".
- أكل العشب -
وقال مدير مكتب لجنة الإنقاذ الدولية في السودان، إعتزاز يوسف، إن هناك بالفعل روايات عن لجوء أشخاص إلى أكل العشب في ولاية جنوب كردفان.
وأضاف يوسف الذي كان في واشنطن أيضا "من المؤكد أننا سنرى قريبا جدا أشخاصا يموتون بسبب نقص الغذاء في أجزاء مختلفة من البلاد".
وقالت إن المتحاربين نهبوا مخازن الأغذية وقاموا بمضايقة أو قتل العاملين في المجال الإنساني.
وقالت "إنها بالتأكيد أزمة جوع من صنع الإنسان لأننا لا نواجه مشكلة مع مستوى الحبوب في هذا الوقت".
وتسعى الولايات المتحدة إلى إعادة الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات، لكنها لم تلمس اهتماما كبيرا، حيث يقول دبلوماسيون إن كلا الجانبين يعتقدان أنهما قادران على الفوز في ساحة المعركة.
وقالت سامانثا باور، رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، في بيان، إن الجانبين "يجب أن يتفاوضا على وقف فوري لإطلاق النار لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية المتوقعة والمستدامة إلى جميع السودانيين والبقاء على طاولة المفاوضات لإنهاء هذا الصراع".
وتزايد تورط اللاعبين الإقليميين في السودان، حيث اتُهمت الإمارات العربية المتحدة بتقديم الدعم العسكري لقوات الدعم السريع، التي ساعد مقاتلوها الدولة الخليجية الغنية في اليمن.
ويُزعم أيضًا أن القوات شبه العسكرية تلقت دعمًا من مرتزقة فاغنر الروسية، في حين دعمت مصر وتركيا وإيران الجيش.
وفي ظل الصراعات المتعددة في العالم، لم يقدم المانحون سوى 17 بالمائة من مبلغ 2.7 مليار دولار الذي طلبته الأمم المتحدة لمساعدة السودان.
وقال يوسف "قارن السودان بأزمات مثل غزة وأوكرانيا - ربما تكون أكثر أهمية على الساحة الجيوسياسية".
وأضافت: "إذا رأيت عدد النازحين وعدد البشر الذين يعانون، فيجب أن يكون السودان على رأس الاهتمام الإنساني".
Your browser does not support the video tag.
المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
غزة بين موت الضمير وعار الخذلان والتآمر
لا زالت غزة تعاني من حصار خانق في ظل العدوان الصهيوني على شعبها الأعزل حتى أنه لم يبق حجرا أو شجرا، وأصبح الجوع لأهل غزة يفرض نفسه، وفي ظل الفتات من الغذاء الذي يقدمه العدو الصهيوني كان القتل مصير من يقترب من هذا الفتات.
إن الحكومة الصهيونية اتخذت من المجاعة وسيلة لتهجير أهل غزة، حيث عملت على إطالة أمد هذه المجاعة، ولم تسمح إلا بكميات ضئيلة من المساعدات، عبر منظمة سرية مدعومة من الولايات المتحدة تدير أربع نقاط توزيع عسكرية؛ ليس مهمتها سد القليل من حاجات الناس، بل قُتل المئات منهم أثناء محاولتهم الحصول على الطعام في مناطق "فخاخ الموت" المخصصة لتوزيع المساعدات.
وهذه السياسة لتشديد الحصار للقتل بالجوع من ناحية والقتل بالرصاص والقنابل الفتاكة من ناحية أخرى؛ انتهجها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو حيث فرض هذا الحصار على غزة منذ 19 أيار/ مايو، وهو في الوقت نفسه يدعي أن حكومته تعمل على منع "أزمة مجاعة"، كما أنه عمل هدنة جزئية وشكلية لمدة ساعات لتجميل شكله، ولأن عددا من أشد حلفاءه في الخارج أبلغوه أنهم لن يتسامحوا مع صور المجاعة، ومع ذلك في ظل هذه الهدنة التي سموها إنسانية لم تسكت أصوات القصف والغارات وما زال يسقط المزيد من الشهداء.
إن غزة لم تشهد يوما جوعا كما نراه اليوم بأم أعيينا، وقد سجّل مسؤولو الصحة العامة 43 حالة وفاة بسبب الجوع؛ بينما كان العدد الإجمالي 68 حالة وفاة قبل ذلك. وقد أظهرت شهادات العديد من السكان المحليين والأطباء، والبيانات الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية ومؤسسة غزة الإنسانية والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، إلى أن الغذاء بدأ ينفد. وقد حذّرت أكثر من 100 منظمة إغاثة عاملة في غزة، منها أطباء بلا حدود، وأنقذوا الأطفال، وأوكسفام، في بيان مشترك هذا الأسبوع، من تفاقم أزمة المجاعة في غزة، كما صرّح رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، بأن "نسبة كبيرة" من سكان غزة يتضورون جوعا. وأضاف: "لا أعرف ما يُمكن تسميته سوى مجاعة جماعية، وهي من صنع الإنسان".
وتشير التقديرات أنه إذا استمرت هذه المجاعة فسوف يواجه نصف مليون شخص بحلول أيلول/ سبتمبر حالة كارثية من الجوع الشديد، وهي المرحلة الأكثر خطورة، وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل (IPC)، وهو المؤشر الدولي لقياس الوضع الغذائي. وقد ذكرت كريستينا إزكويردو، منسقة التغذية في فريق الطوارئ التابع لمنظمة العمل ضد الجوع، أن "التواجد في المرحلة الخامسة، الكارثية، يعني أنهم يواجهون جوعا شديدا وخطرا حقيقيا بالموت جوعا إذا لم يتم التدخل الفوري".
إن القلب ليتقطع والعين لتدمع والعجز الذي استعاذ النبي يفرض نفسه على عموم الناس في أمة الإسلام، فأطفال غزة وشيوخها وشبابها ونساؤها يموتون جوعا، والعرب والمسلمون بجوارهم يتفرجون ولا يتحركون، حتى أصبحت مستشفيات غزة مليئة بالأطفال الهزيلين في ظل تفشي المجاعة، أطفال وجههم هزيل، وأطرافهم لا تزيد عن عظام مغطاة بجلد مترهل، وأضلاع بارزة بشكل مؤلم من صدرهم. والموت بالجوع البطيء والصامت والذي يمكن الوقاية منه؛ أشد إيلاما من الموت بالنابالم، حيث تقتل القنابل على الفور، لكن الجوع يقتل في عذاب طويل الأمد، وخاصة للأطفال.
إن موت الضمير الذي أصاب النظم الرسمية والعار الذي لحق بها، خاصة مسؤولي الدول العربية والإسلامية، الذين صمتوا صمت القبور، حتى أن مصر التي هي أكبر دولة عربية وتملك حدودا مباشرة مع غزة ومعبرا مباشرا هو معبر رفح، للأسف الشديد موقفها مخز، حتى باتت صورة مصر المدافعة عن أمة الإسلام طوال تاريخها انتكست إلى دولة ترضى الكيان الصهيوني وحليفه الأمريكي.
إن مصر لم تصل إلى هذا العار إلا في تلك المرحلة، حتى أصبحت فضيحتها عالمية، فأغلق العديد من الشباب سفارتها في الخارج بأقفال، تعبيرا عن مشاركتها في حصار غزة، ووصل الشارع المصري إلى قمة غضبه من هذا الخذلان الذي ليس من سمات المصريين. والحال لا يتوقف عند مصر بل يمتد لكل الدول العربية والإسلامية؛ التي منها المتخاذل ومنها المتآمر على غزة ويقف في خندق واحد مع المجرم القاتل وهولوكسته بالإبادة الجماعية لأهل غزة.
إن دماء غزة لن تضيع هدرا وجوع أطفالها وأبنائها لن يمر دون عقاب، فلا بد من عجائب قدرة الله فيمن تآمر وتخاذل وسكت. فمن الهدي النبوي ليس منا من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم، وقد دخلت امرأة النار قي قطة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. وآن للشعوب أن تتحرك حماية لنفسها من غضب الله الذي هو قادم لا محالة "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" (محمد: 38).
x.com/drdawaba