عربي21:
2025-08-02@14:48:26 GMT

غزة بين موت الضمير وعار الخذلان والتآمر

تاريخ النشر: 30th, July 2025 GMT

لا زالت غزة تعاني من حصار خانق في ظل العدوان الصهيوني على شعبها الأعزل حتى أنه لم يبق حجرا أو شجرا، وأصبح الجوع لأهل غزة يفرض نفسه، وفي ظل الفتات من الغذاء الذي يقدمه العدو الصهيوني كان القتل مصير من يقترب من هذا الفتات.

إن الحكومة الصهيونية اتخذت من المجاعة وسيلة لتهجير أهل غزة، حيث عملت على إطالة أمد هذه المجاعة، ولم تسمح إلا بكميات ضئيلة من المساعدات، عبر منظمة سرية مدعومة من الولايات المتحدة تدير أربع نقاط توزيع عسكرية؛ ليس مهمتها سد القليل من حاجات الناس، بل قُتل المئات منهم أثناء محاولتهم الحصول على الطعام في مناطق "فخاخ الموت" المخصصة لتوزيع المساعدات.



وهذه السياسة لتشديد الحصار للقتل بالجوع من ناحية والقتل بالرصاص والقنابل الفتاكة من ناحية أخرى؛ انتهجها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو حيث فرض هذا الحصار على غزة منذ 19 أيار/ مايو، وهو في الوقت نفسه يدعي أن حكومته تعمل على منع "أزمة مجاعة"، كما أنه عمل هدنة جزئية وشكلية لمدة ساعات لتجميل شكله، ولأن عددا من أشد حلفاءه في الخارج أبلغوه أنهم لن يتسامحوا مع صور المجاعة، ومع ذلك في ظل هذه الهدنة التي سموها إنسانية لم تسكت أصوات القصف والغارات وما زال يسقط المزيد من الشهداء.

إن غزة لم تشهد يوما جوعا كما نراه اليوم بأم أعيينا، وقد سجّل مسؤولو الصحة العامة 43 حالة وفاة بسبب الجوع؛ بينما كان العدد الإجمالي 68 حالة وفاة قبل ذلك. وقد أظهرت شهادات العديد من السكان المحليين والأطباء، والبيانات الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية ومؤسسة غزة الإنسانية والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، إلى أن الغذاء بدأ ينفد. وقد حذّرت أكثر من 100 منظمة إغاثة عاملة في غزة، منها أطباء بلا حدود، وأنقذوا الأطفال، وأوكسفام، في بيان مشترك هذا الأسبوع، من تفاقم أزمة المجاعة في غزة، كما صرّح رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، بأن "نسبة كبيرة" من سكان غزة يتضورون جوعا. وأضاف: "لا أعرف ما يُمكن تسميته سوى مجاعة جماعية، وهي من صنع الإنسان".

وتشير التقديرات أنه إذا استمرت هذه المجاعة فسوف يواجه نصف مليون شخص بحلول أيلول/ سبتمبر حالة كارثية من الجوع الشديد، وهي المرحلة الأكثر خطورة، وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل (IPC)، وهو المؤشر الدولي لقياس الوضع الغذائي. وقد ذكرت كريستينا إزكويردو، منسقة التغذية في فريق الطوارئ التابع لمنظمة العمل ضد الجوع، أن "التواجد في المرحلة الخامسة، الكارثية، يعني أنهم يواجهون جوعا شديدا وخطرا حقيقيا بالموت جوعا إذا لم يتم التدخل الفوري".

إن القلب ليتقطع والعين لتدمع والعجز الذي استعاذ النبي يفرض نفسه على عموم الناس في أمة الإسلام، فأطفال غزة وشيوخها وشبابها ونساؤها يموتون جوعا، والعرب والمسلمون بجوارهم يتفرجون ولا يتحركون، حتى أصبحت مستشفيات غزة مليئة بالأطفال الهزيلين في ظل تفشي المجاعة، أطفال وجههم هزيل، وأطرافهم لا تزيد عن عظام مغطاة بجلد مترهل، وأضلاع بارزة بشكل مؤلم من صدرهم. والموت بالجوع البطيء والصامت والذي يمكن الوقاية منه؛ أشد إيلاما من الموت بالنابالم، حيث تقتل القنابل على الفور، لكن الجوع يقتل في عذاب طويل الأمد، وخاصة للأطفال.

إن موت الضمير الذي أصاب النظم الرسمية والعار الذي لحق بها، خاصة مسؤولي الدول العربية والإسلامية، الذين صمتوا صمت القبور، حتى أن مصر التي هي أكبر دولة عربية وتملك حدودا مباشرة مع غزة ومعبرا مباشرا هو معبر رفح، للأسف الشديد موقفها مخز، حتى باتت صورة مصر المدافعة عن أمة الإسلام طوال تاريخها انتكست إلى دولة ترضى الكيان الصهيوني وحليفه الأمريكي.

إن مصر لم تصل إلى هذا العار إلا في تلك المرحلة، حتى أصبحت فضيحتها عالمية، فأغلق العديد من الشباب سفارتها في الخارج بأقفال، تعبيرا عن مشاركتها في حصار غزة، ووصل الشارع المصري إلى قمة غضبه من هذا الخذلان الذي ليس من سمات المصريين. والحال لا يتوقف عند مصر بل يمتد لكل الدول العربية والإسلامية؛ التي منها المتخاذل ومنها المتآمر على غزة ويقف في خندق واحد مع المجرم القاتل وهولوكسته بالإبادة الجماعية لأهل غزة.

إن دماء غزة لن تضيع هدرا وجوع أطفالها وأبنائها لن يمر دون عقاب، فلا بد من عجائب قدرة الله فيمن تآمر وتخاذل وسكت. فمن الهدي النبوي ليس منا من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم، وقد دخلت امرأة النار قي قطة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. وآن للشعوب أن تتحرك حماية لنفسها من غضب الله الذي هو قادم لا محالة "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" (محمد: 38).

x.com/drdawaba

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة المجاعة مصر مصر غزة مجاعة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مجموعة الأزمات: غزة تقترب من الجوع الجماعي وشروط إعلان المجاعة متحققة

حذرت مجموعة الأزمات الدولية من أن ملامح المجاعة الكاملة بدأت تتجسد على الأرض في قطاع غزة، وسط تصاعد خطر الجوع الجماعي ووصول الأوضاع الإنسانية إلى مرحلة حرجة غير مسبوقة، نتيجة فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارا مطبقا على غزة منذ مارس/آذار الماضي.

وقال الخبيران في مجموعة الأزمات روبرت بليتشر وكريس نيوتن إن تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن المجاعة أصبحت شبه حتمية ما لم يحدث تدخل فوري وشامل، معتبرين أن السياسات الإسرائيلية المفروضة على القطاع قد تكون بلغت نهايتها المأساوية، بعد أن تحوّلت سياسة تقييد الإمدادات إلى كارثة إنسانية فعلية.

وجاء في تقرير للمجموعة -نشر اليوم الخميس على موقعها، بعنوان "غزة تواجه أسوأ مراحل المجاعة"- أن البيانات الأخيرة تشير إلى أن قطاع غزة تجاوز اثنين من أصل 3 معايير أساسية تعتمدها الأمم المتحدة لإعلان المجاعة، مما يؤكد أن الكارثة لم تعد مجرد احتمال، بل واقع يتفاقم يوما بعد آخر.

محاولات محفوفة بالمخاطر يخوضها آلاف المجوعين بغزة يوميا للحصول على مساعدات غذائية (الجزيرة)خطر الجوع الجماعي

وأكد الخبيران أن سياسة تقييد الإمدادات المفروضة على غزة أوصلت القطاع إلى نقطة النهاية المأساوية، وأن المجاعة لم تعد احتمالا بعيدا بل صارت واقعا يتكشف مع ارتفاع أعداد الوفيات نتيجة الجوع.

ونقلت المجموعة عن نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) التابع للأمم المتحدة تحذيرا صريحا في 29 يوليو/تموز الجاري، يشير إلى أن غزة تسير بسرعة نحو المجاعة، وأن لجنة مراجعة المجاعة (FRC) التابعة للأمم المتحدة اعتبرت وقوع المجاعة "حتميا" في حال لم يتم التدخل فورا.

وبيّن تقرير المجموعة -استنادا إلى تقييمات رسمية صدرت في مايو/أيار الماضي- أن نظام توزيع المساعدات القائم على التنسيق الأميركي-الإسرائيلي من خلال ما يعرف بمؤسسة غزة الإنسانية لم ينجح في حماية السكان من الجوع الجماعي، بل كان من شأنه أن يزيد تفاقم الكارثة.

إعلان

وأكد محللا المجموعة أن هذا النظام لم يُجرب مسبقا، وجاء في وقت ذروة التدهور الإنساني، مما حوّل نقاط توزيع المساعدات إلى بؤر للفوضى والعنف ومصائد للموت تحت أنظار القوات الإسرائيلية، بينما تُرك شمال قطاع غزة يواجه الانهيار الكامل بسبب تركيز المساعدات في الجنوب.

ومؤسسة غزة الإنسانية شركة أميركية يقع مقرها في جنيف بسويسرا، وتأسست في فبراير/شباط 2025، وهدفها المعلن هو ضمان وصول المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة من دون وقوعها في أيدي عناصر المقاومة، لكنها منذ بدء عملها تعرضت لانتقادات كثيرة من قبل الأمم المتحدة وغيرها بسبب الفوضى والعنف وعمليات التدافع الناتجة عن قلة الإمدادات ووجود القوات الإسرائيلية التي تطلق النار على الناس.

مؤشرات إعلان المجاعة

وتوضح التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أن قطاع غزة تجاوز 2 من أصل 3 مؤشرات أساسية لإعلان المجاعة رسميا، وحسب محللي مجموعة الأزمات الدولية فإن الكارثة أصبحت واقعا يعيشه الفلسطينيون في غزة.

وتقول مجموعة الأزمات إنه وفق أحدث بيانات نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فإن ربع أسر غزة تعاني من فجوات حادة في استهلاك الغذاء، في حين لم تتعد النسبة 4% في أبريل/نيسان الماضي، وهو ما يفوق العتبة الأممية المحددة بـ20%.

كما بلغ معدل سوء التغذية الحاد لدى الأطفال في غزة 16.5% حسب قياس محيط منتصف الذراع مطلع يوليو/تموز الجاري، متجاوزا المستويات المعتمدة عالميا لتصنيف المجاعة.

أما المؤشر الثالث، المتعلق بعدد الوفيات اليومية غير العنيفة، فلا يزال من الصعب توثيقه رسميا نتيجة القيود الإسرائيلية على جمع البيانات، إلا أن تقارير المستشفيات المحلية أظهرت بوضوح وفاة عشرات من سكان القطاع بسبب الجوع، وارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه وانتشار الإسهال، مما يجعل التدهور متسارعا وخطيرا للغاية.

جذور الأزمة الإنسانية

وترجع مجموعة الأزمات الدولية جذور الكارثة الراهنة إلى سياسات ممنهجة يتبعها الاحتلال الإسرائيلي، حيث أبقت أكثر من 2.1 مليون فلسطيني رهن الجوع المستمر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، عبر فرض 3 موجات متتالية من الحصار المشدد.

وأشارت المجموعة إلى أن التخفيفات الجزئية للقيود لم تتحقق إلا للرد على تحذيرات منظمات الأمم المتحدة مع تكرار المشهد في مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، ثم في مايو/أيار 2025، إلا أن كل دورة إغلاق جديدة كانت تدفع السكان نحو مزيد من الإنهاك والهشاشة.

كما لفت المحللان إلى تصريحات رسمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تؤكد أن المساعدات الإنسانية كانت مجرد أداة ضغط لأجل نقل السكان نحو الجنوب، حيث يظهر الواقع أن وعود الإغاثة الشاملة لم تترجم فعليا على الأرض، وأن معظم ما حصل عليه السكان في الشمال هو الجوع والموت عند نقاط التوزيع القليلة تحت التهديد والفوضى.

ويخلص تقرير مجموعة الأزمات إلى أن كارثة الجوع الجماعي في غزة أصبحت حقيقة تتفاقم يوميا، وأن التعاطي الدولي مع الأزمة لم يرقَ بعد إلى مستوى خطورة الوضع. محذرا من أن أعداد الضحايا قد ترتفع بشكل مأساوي في الأسابيع المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

إعلان

يذكر أن نتنياهو أعلن في 27 يوليو/تموز الجاري عن تخفيف بعض القيود المتعلقة بوصول المساعدات للقطاع، وهو بذلك يعيد السيناريو المتكرر: استجابة شكلية للضغوط الدولية التي سرعان ما تتضح محدوديتها فعليا.

ولذلك يؤكد مراقبون أن غزة اليوم تقف على حافة الانهيار الكامل، ولا سبيل لوقف هذا الانحدار الكارثي سوى باستجابة إنسانية عاجلة وشاملة، تقودها الأمم المتحدة وتترافق مع وقف فوري للعمليات القتالية.

مقالات مشابهة

  • طبيب بريطاني: الماء والملح قوت أطفال غزة وسط المجاعة
  • مراسلة الجزيرة نت.. قصة أم تطعم أبناءها من رماد المجاعة
  • وفاة طفل في غزة نتيجة الجوع وسوء التغذية
  • استشهاد فتى فلسطيني بسبب الجوع وسوء التغذية بغزة
  • التجويع المستمر يقتل 159 فلسطينيًا في غزة
  • مجموعة الأزمات: غزة تقترب من الجوع الجماعي وشروط إعلان المجاعة متحققة
  • طبيبة بريطانية عائدة من غزة: شهدت موت 60 طفلا جوعا
  • مجزرة الجوع في غزة: أكثر من 700 ضحية في مشهد دموي يهز الضمير الإنساني
  • ما الذي دفع ترامب لتغيير موقفه من المجاعة في غزة خلال 48 ساعة؟
  • “الأحرار الفلسطينية” تأسف لتماهي دول عربية مع العدو الصهيوني في تجميل وجهه بالإنزال الجوي للمساعدات