قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة – محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن (مقاربة)، (1- 15)
تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT
تأليف عبد الله الفكي البشير- الناشر ط1: مركز أسبلتا للاستنارة والنشر، أيوا، الولايات المتحدة، الموزع: دار الأجنحة للنشر والتوزيع، الخرطوم.. ناشر الطبعة الثانية: دار بدوي للنشر، كونستانس، ألمانيا، 2022
بقلم بدر موسى
ماجستير برامج دعم التنمية في دول العالم الثالث (2000)، جامعة أيوا، الولايات المتحدة
يدرس حالياً في ماجستير التدريس والتعليم، جامعة أيوا، الولايات المتحدة
bederelddin@yahoo.
"والتبشير بالإسلام أمر يتطلب أن يكون المبشِّر، من سعة العلم بدقائق الإسلام، وبدقائق الأديان، والأفكار، والفلسفات المعاصرة، بحيث يستطيع أن يجري مقارنة تبرز امتياز الإسلام على كل فلسفة اجتماعية معاصرة، وعلى كل دين، بصورة تقنع العقول الذكيَّة".
محمود محمد طه، 1972
المحاور
مدخل- كتاب يخاطب راهن السودان والعالم- البروفيسور علي عبد القادر: "هذا كتاب مذهل"- كلما زاد العبد في التخضع لله كلما زادت حريته- خدمة الثورة والتغيير تكون بالفكر والعلم- تعريف مختصر بالكتاب: هيكل الكتاب- العبودية هي غاية الحرية- الحرية غاية التنمية وهدفها الأسمى ووسيلتها الأساسية- الإسلام وهزيمة الخوف- عن ماهية التعليم ومادته وفائدته ووظيفته- الفهم الجديد للإسلام: مستوى ما بعد العقيدة حيث يبدأ العلم- "الحرية هي روح الحياة"- التحرير من الخوف هو الطريق لاستئصال العبودية (الرق)- الدين بمستواه العقيدي يعوق التنمية: الشريعة الإسلامية تعوق التنمية- إنجاب الفرد الحر مِسبر التنمية- حاجة الدولة لإعادة تقييم إنتاج المرأة في البيت وإدخاله ضمن تقييمها الاقتصادي- مستقبل النظامين الشيوعي والرأسمالي- المحتفون بالكتاب- ربما لا نكون مختلفين إلى هذا الحد- الحرية موؤدة في النظامين الرأسمالي والشيوعي- نحو ثورة في الأخلاق- هل هذا مجرد نموذج للقاء العقول الكبيرة والتطابق في الأفكار والآراء أم نموذج لسرقة الأدبية؟- نماذج من تشابه النصوص والآراء- خاتمة.
مدخل
في البدء لا بد لي أن أعترف بأن الذي حفزني لكتابة هذه القراءة، التي تأخرت كثيراً بعد نشر طرف يسير منها، لكتاب الدكتور عبدالله الفكي البشير الرائع، كما سيرد التفصل، والمهم غاية الأهمية، هو اطلاعي مؤخراً على سلسلة المقالات المتميزة التي كتبتها أختي القديرة الأستاذة سمية أمين صديق ونشرتها تحت عنوان: "قراءة في كتاب الدكتور عبدالله الفكي البشير: محمود محمد طه وقضايا التهميش في السودان"، والتي أثارت اهتماماً كبيراً وردود فعل قوية من المثقفين، وإعجاب كبير بالمقالات وبالكتاب العظيم، وكلاهما، يستحقان ما حظيا به من إشادة، وتقدير، لجملة أسباب، ربما يكون أهمها هو أهمية تناول قضايا التهميش في السودان، وعلاقتها بما نحن فيه وما تعيشه بلادنا وما تعانيه من هذه القضايا والتحديات التي رمتنا في هذه الدوامة، وتسببت في جل الأزمات التي تكالبت علينا وكادت أن تؤدي بنا إلى التهلكة. فهذا الكتاب الذي تناولته سمية كتاب موسوعي سبر أغوار قضايا شائكة وملحة، وبيَّن سبيل التعافي منها انطلاقاً من رؤية الأستاذ محمود، وفصَّل سبل علاجها الناجع، ولم يترك جانباً مهماً فيها يحتاج إلى مزيد مما يجب أن يفصل ويقال.
كتاب يخاطب راهن السودان والعالم
ولكل ما تقدم، فإن مقالات سمية المسددة وغير المسبوقة، قد نبهتني لضرورة كتابة قراءة أخرى لكتاب آخر لعبدالله، وهو: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية، التنمية حرية - محمود محمد طه وأمارتيا سن (مقاربة). وقد نشر عبدالله تسعة كتب، عن الفهم الجديد للإسلام والسيرة الفكرية لصحابه محمود محمد طه، وعلى عتبات المطبعة الآن أربعة كتب أخرى. هذا الكتاب موضوع حديثنا، هو في تقديري، كتاب جديد في بابه، ومتفرد في موضوعه، وأصيل في فكرته، حيث قدم مقارنة بين منجز علمي يستند على العلم المادي ورؤية علمية تقوم على العلم المادي الروحي، وتدعو للمزج بين العلمين المادي والروحي. وهو كتاب يخاطب راهن السودان وأفريقيا والعالم، كما هو كتاب قضايا التهميش، وكلاهما مطلب الراهن السوداني والإنساني. وتزداد أهمية الكتابين مع إلحاح الأزمة السودانية، وتعاظم حجم المعضلة التي ظلت أيضاً تعوق مسيرتنا بل (كادت أن تؤدي بنا إلى التهلكة). ومما لا شكّ فيه أن المشغول بالقضيتين: قضية التهميش والتنمية، لابد أن يدرك أنهما ترتبطان ببعضهما، ولا سبيل لبلادنا لتجاوز محنتها والنهوض من كبوتها بغير حلّهما حلاً جذرياً كاملاً ودائماً، بالتنمية الشاملة والمستدامة.
ولكل ما سبق، فقد شرعت في كتابة هذه القراءة لكتاب: التنمية حرية، وأنا أنوي السير في نفس الاتجاه الذي ابتدرته سمية، وأتعشم أن أوفق كما وفقت أختي في التنبيه لأهمية كتاب قضايا التهميش، ومثلما نجحت في لفت الأنظار وإثارة الاهتمام حوله.. ولهذا فإنني أقدم قراءتي هذه لكتاب التنمية حرية، إسهاماً مني في استمرار الحوار وحتى تكتمل الصورة، ويكتمل تشخيص القضيتين، الملحتين، وتفصيل حلولهما، انطلاقاً من رؤية الأستاذ محمود محمد طه، التي طرحها منذ خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي!
لقد صدر الكتاب موضوع حديثنا، في طبعته العربية الأولى في أكتوبر 2021، ثم جاءت الطبعة الثانية عن دار بدوي للنشر، كونستانس، ألمانيا، في يونيو، 2022، وصدرت ترجمته إلى اللغة الإنجليزية عن مركز أسبلتا للاستنارة والنشر، أيوا، الولايات المتحدة، في أغسطس 2022. وقد أقيمت بعض الندوات لتدشين الطبعة العربية الأولى من الكتاب، كانت الندوة الأولى قد نظمها الحزب الجمهوري بمركزه بأم درمان، في مساء الجمعة 15 أكتوبر 2021. كما أقام مركز دراسات وأبحاث القرن الأفريقي ندوة بالتعاون مع دار الأجنحة للطباعة والنشر والتوزيع، بقاعة الشارقة، جامعة الخرطوم، الثلاثاء 19 أكتوبر 2021. ونظم مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية، ندوة بالخرطوم، يوم السبت 23 أكتوبر 2021. وكان البروفسير الهمام/ محمد طه يوسف الأمين، مدير جامعة الجزيرة، حريصاً على تنظيم ندوة حول الكتاب بجامعة الجزيرة، وذلك في إطار مشروع سلسلة ندوات قضايا التنمية والانتقال الديمقراطي في البلاد، الذي تتبناه الجامعة، وبالفعل تم الترتيب والإعلان عن الندوة لتكون يوم الاثنين 25 أكتوبر 2021، برئاسة مدير الجامعة، بقاعة الشهداء بالمدينة الجامعية بالنشيشيبة، مدني، فوقع الانقلاب المشؤوم في صبيحة نفس اليوم. تبع ذلك أن تم إلغاء ندوة أخرى عن الكتاب كانت ستكون بنادي الخريجين، مدينة ود مدني.
كذلك أجرى الأستاذ السر السيد لقاءً إذاعياً مع عبد الله الفكي البشير حول الكتاب، وذلك ضمن برنامج سواسية، بإذاعة بلادي، بتاريخ 16 أكتوبر 2022. كذلك أجرى الأستاذ غسان علي عثمان، لقاءً تلفزيونياً ضمن برنامج الوراق، بقناة سودانية 24، يناير 2022.
تمدد الاحتفاء بالكتاب على المستوى الكوكبي، كما هي فكرته وطبيعته ومادته، فنظم قسم الفلسفة بكلية الآداب، جامعة بغداد بالتعاون مع مركز ابن سيناء بجامعة بغداد والمَجمَع الفلسفي العربي، العراق، ندوة كانت بعنوان: أطروحات التنمية الإنسانية في ضوء العلمين المادي والروحي، وذلك بتاريخ 30 سبتمبر 2022. كذلك أقام الملتقى العربي للفكر والحوار، بمدينة برلين، ألمانيا، ندوة في 25 أبريل 2023. وأيضا أجرى الدكتور فريد العليبي لقاءً تلفزيونياً مع عبد الله الفكي البشير ضمن برنامج فضاء الحرية، بقناة الوطنية الأولى التونسية، تناول اللقاء طرفاً من الكتاب، وذلك يوم 24 يوليو 2023. هذا إلى جانب دعوات جاءت للمؤلف من باكستان، والمكسيك، والأردن، والجزائر، وغيرها، لتنظيم ندوات عن الكتاب.
نواصل في الحلقة القادمة.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الولایات المتحدة محمود محمد طه أکتوبر 2021
إقرأ أيضاً:
“معاً” ضمن أفضل الترشيحات بـ “تحدي الفيلم القصير لأهداف التنمية المستدامة” بنيجيريا
أعلن المخرج والفنان محمد فهيم عن ترشيح فيلمه القصير “معا” لجائزة أفضل مخرج بـ SDGs Short Film Challenge ويستهدف المهرجان تحدي الأفلام القصيرة حول أهداف التنمية المستدامة، بالشراكة مع مكتب المساعد الخاص الأول للرئيس النيجيري لشؤون أهداف التنمية المستدامة وشركة FreshNEWS Multimedia Ltd.
يهدف التحدي إلى توعية الناس بأهداف التنمية المستدامة من خلال الأفلام. سيُطلب من صانعي الأفلام في نيجيريا وخارجها إنتاج أفلام قصيرة تُركّز على هدف واحد على الأقل من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، وذلك للترشح للجائزة والعرض.
فيلم معا ..
يأتي فيلم معاً للمخرج محمد فهيم كتجربة إخراجية أولى له كعمل قصير به رموز بصرية ودلالات إنسانية، يُقدّم لنا معالجة سينمائية تُحاكي قلق الفرد العربي وسط الانكسارات السياسية والاجتماعية، عبر قصة بسيطة في ظاهرها، لكنها مشحونة بالمعاني في بنيتها العميقة.
يقف البطل، وحيدًا في مكتبه الضيق، أسيرًا بين الرغبة في التغيير والعجز أمام ثقل الواقع. يبدأ حضوره السينمائي على ملامح مشوشة، يقرأ الأخبار ويتابع ما يحدث في المنطقة العربية بعين يكسوها الاكتئاب والخذلان. وجهه المرهق وحركاته البطيئة تنقل للمشاهد إحساسًا بالشلل النفسي، وكأن جسده رهينة لحالة عامة من الجمود. ومع ذلك، يتضح من اختياره أن يحمل كتابًا لكاتبة نوبل ماريا ريسا أنه ما زال يحمل شرارة الأمل في أن يكون مثقفًا، فنانًا، ومُلهمًا.
يتحول الفيلم في حلم البطل إلى فسحة واسعة يلتقي فيها بشخصيات متعددة، جميعهم يتحدثون بلغات ولهجات مختلفة، لكن رسالتهم واحدة: الوحدة حق بشري قبل أن تكون خيارًا سياسيًا. هؤلاء الأبطال الفرعيون هم في الحقيقة انعكاس لآلام الشعوب؛ كل شخصية تحمل جرحًا أو فقدًا ما.
وجوههم المرهقة وعيونهم الحزينة تحكي قصصًا عن الخسارة والفقدان، سواء كان فقد وطن، أو فقد أمل، أو فقد أحبة.
لكنهم رغم الألم، يقفون في مواجهة البطل داعين إياه، ومعه المشاهد، إلى التمسك بفكرة أن الأرض خُلقت ليعيش الجميع معًا.
هؤلاء الأشخاص لم يظهروا كديكور بشري فقط، بل كان كل واحد منهم بمثابة صوت إنساني مستقل، يضيف بعدًا إلى الحلم، ويؤكد أن الوحدة ليست حلم البطل وحده، بل أمنية تتقاسمها البشرية جمعاء.
الألم والرمزية في السقوط
المشهد الفاصل هو مشهد السقوط: سقوط الأبطال واحدًا تلو الآخر، ومعهم سقوط الكتب من بين أيديهم. هنا يوظف فهيم الرمزية بذكاء:
سقوط الشخصيات يشير إلى الهزائم البشرية والمعاناة التي لم تحتمل ثقل الانقسام.
سقوط الكتب يكشف عن أن الثقافة ليست بعيدة عن ساحة الصراع؛ فالمعارف التي تمثل حصن الوعي قد تضيع بدورها إذا لم تجد من يحميها.
الإخراج جاء معتمدًا على توازن بين الكادر الضيق والخيال الرحب:
استخدم المخرج لقطات قريبة جدًا (Extreme Close-ups) لملامح البطل كي يُظهر توتره وشروده، وأحيانًا لإبراز العرق أو التعب على وجهه كعلامة على ضغط داخلي.
في مشاهد الحلم، لجأ إلى كادرات واسعة تُظهر تعدد الشخصيات وتنوع الخلفيات، ليخلق تباينًا بصريًا بين الوحدة الفردية والنداء الجماعي.
حركة الكاميرا كانت محسوبة: بطيئة في الواقع، أكثر انسيابًا في الحلم، كأنها تُترجم الفارق بين الجمود والحرية.
رغم قلة العناصر داخل المكان، إلا أن كل تفصيلة جاءت محسوبة:
المكتب المزدحم بالكتب والأوراق رمزٌ للتراكم الفكري الذي لم يُترجم بعد إلى فعل.
لوحة الفنان مايكل جاكسون على الحائط، تشير إلى أن الفن أداة مقاومة وجسر بين الألم والضحكة.
الكتاب الذي يقرأه البطل ليس مجرد إكسسوار، بل هو أيقونة داخل السرد؛ يربط بين حاضر البطل وحلمه في أن يكون مثقفًا وواعياً سياسيًا.
في مشاهد الحلم، الأزياء البسيطة المتنوعة للشخصيات كانت مقصودة لتدل على تنوع الثقافات وتعدد الجراح.
أداء البطل اعتمد على التعبير الجسدي والوجه الصامت أكثر من الحوار، ليعكس مأزقه الداخلي. بينما الأبطال الآخرون في الحلم أدوا أدوارهم بواقعية قريبة من تسجيل اعترافات حقيقية، وكأنهم شهود على فقدانٍ عميق. هذا التباين جعل الفيلم يجمع بين واقعية التسجيل ورمزية الحلم.
في النهاية، يستيقظ البطل من الحلم، هذه المرة لا ليستسلم للنوم مجددًا، بل ليهتز جسده بعنف وكأنه يريد الانفكاك من قيده الداخلي. وتأتي حركته التي تشبه رقصات تشابلن لتكون صرخة تحرر ودعوة للعودة إلى الفعل: “لا مزيد من النوم”.
فالفيلم رحلة نفسية رمزية تعكس وجع الفرد العربي وسط انهيارات العالم من حوله. من خلال الاعتماد على الكادرات المعبرة، والأكسسوارات الرمزية، والأداء الصادق، استطاع العمل أن يجمع بين البعد الشخصي (حيرة البطل) والبعد الجمعي (دعوات الوحدة) ويترك المتقريشاهد مع سؤال مفتوح: هل يمكن أن نستيقظ حقًا من حلم الانقسام لنعيش معًا، كما أراد الخالق؟ ، جدير بالذكر أن العمل شارك مؤخرًا فى مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان بورسعيد السينمائي الدولى فى دورته الأولى كما نال المشاركات العربية والعالمية وحصد الجوائز ،مشروع تخرج من أكاديمية كاليبر و بدرخان لصناعة السينما ، سيناريو و اخراج محمد فهيم.
عن حلم رقم ٢٤٠ من كتاب أحلام فترة النقاهة – الأحلام الأخيرة – للأديب الكبير نجيب محفوظ
تمثيل : باسل داري – أحلام علاء الدين – محمود القرعيش – مريم نشأت – ندى فرغل – عبدالرحمن هشام – مها موسى – أحمد ناجي
مدير تصوير/ عبدالله الحسيني
منسق مناظر/ رضوى الحضري
ساعد في الاخراج / محمود جاد – محمد مبروك
مهندس صوت موقع / ريمون مجدي
مدير موقع / رامي يسري
مونتاچ/ آندرو أنسي
تلوين : أحمد فؤاد
ميكساج و ماستر/ چورچ يعقوب
موسيقى تصويرية/ محمد فهيم