بزشكيان و"الوجه الحقيقي".. هل تحاصره توقيعات بخط يده؟
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
بينما ينظر العالم بترقب إلى الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان إذا كان سيتمكن من إخراج إيران من عزلتها الدولية وتنفيذ وعوده الإصلاحية داخليا، تتزايد الأسئلة حول توجهاته الحقيقية وتأثيرها على مستقبل البلاد.
ففي انتصار حاسم وسط توترات داخلية ودولية متصاعدة، فاز مرشح الإصلاحيين مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، متغلباً على منافسه المتشدد سعيد جليلي.
وأراد بزشكيان أن يبعث برسالة هامة عبر اختيار مرقد "الإمام الخميني"، ليكون أول منصة لأول خطاب له في السلطة، حيث وفرت وكالة الأنباء الإيرانية الحكومية الجهد على المحللين بالتأكيد على أن الذهاب للمرقد كان "لتجديد الولاء والعهد مع مبادئ مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران".
وشكر بزشكيان "القائدَ المفدى للبلاد" (خامنئي) مضيفا أنه "لولا حكمته لم نكن نستطيع أن نصل لهذه الفرصة" مضيفا أن إيران في مواجهة امتحان كبير من التحديات والصعاب "لتحقيق حياة كريمة للشعب الإيراني".
وخلال حملته، دعا بزشكيان إلى تحسين العلاقات بين إيران والدول الغربية وعلى رأسها أميركا على أساس الأركان الثلاثة المتمثلة بـ"العزة والحكمة والمصلحة"، كما أصدر وعودا بإعادة النظر إلى قوانين الحجاب وبعض القيود الاجتماعية.
وقال بزشكيان خلال خطاب النصر إنه سيفي بالوعود التي قطعها، كما كتب بزشكيان على منصة إكس: "لقد انتهت الانتخابات، وهذه مجرد بداية لمصيرنا المشترك. إن الطريق الصعب الذي أمامنا لن يكون سلسًا إلا برفقتكم وتعاطفكم وثقتكم، أمد يدي إليكم، وأقسم بشرفي أنني لن أترككم وحدكم في هذا الطريق، فلا تتركوني وحدي".
ومن جهة عليا، أصدر خامنئي الزعيم الذي يمسك فعليا بالسلطة، نصيحة للرئيس الجديد بـ"مواصلة مسيرة الشهيد رئيسي، والاستفادة إلى أقصى حد من مقدرات البلاد الكثيرة، وخاصة الموارد البشرية الشابة والثورية والمخلصة، من أجل رفاهية الشعب وتقدم البلاد".
ما فعله النائب وما سيفعله الرئيس
بحسب محسن مهيمني، الصحفي في شبكة إيران إنترناشونال المعارضة، فإن قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أقره البرلمان قبل 14 عاما، وينص على فرض غرامات مالية ونفي وسجن المواطنين، عند مقاومة ومواجهة تدخل رجال الأمن في طريقة لباس المرأة وظهورها في المجتمع، لم يقترحه الأصوليون أو سعيد جليلي، وإنما "النائب عن تبريز مسعود بزشكيان".
بتوقيع بزشكيان
ووافق البرلمان الإيراني على هذا المقترح في يونيو عام 2010، وهي خطة وقّع عليها بزشكيان مع 102 من أعضاء البرلمان الآخرين، بحسب مهيمني.
وتدعو هذه الخطة إلى التذكير الشفهي والكتابي وتقديم الشكاوى إلى السلطات الحكومية بشأن القضايا المثيرة للجدل، مثل: "الحياء العام" و"الأمن الاجتماعي" و"القيم والحدود الإسلامية" باعتبارها "واجب الجميع"، وفي المرحلة التالية يضطلع النظام بتطبيقها بمفرده.
وينص مقترح القانون، الذي وافق عليه بزشكيان، على السماح بالحكم على المواطنين بالغرامات المالية والسجن والنفي، و"هو السبب الرئيس لحرب الشوارع ضد النساء في إيران"، بحسب مهيمني.
وأضاف مهيمني:"على الرغم من دوره في إقرار مثل هذا القانون، فإن مسعود بزشكيان ظهر في المناظرات الانتخابية الرئاسية كأنه مناصر للمرأة وضد فرض الحجاب، ويحاول استقطاب المحتجين من خلال اختيار عبارات تبدو أنها ضد شرطة الأخلاق ودورها، لكن مضمون عباراته يحمل إنكار حرية المرأة وحقها في الملبس، وهو يسير يدًا بيد مع النظام في هذا الاتجاه، بأن عدم ارتداء الحجاب أمر غير مرغوب فيه، والفرق الوحيد هو أنه يناقش طريقة فرضه".
واعتبر مهيمني أن "بزشكيان ليس مع حرية لباس المرأة، كما يحاول أنصاره ومؤيدوه الإصلاحيون تقديمه والترويج له، كما أنه ليس ضد دورية شرطة الأخلاق، ولكن المشكلة، كما يؤكد هو نفسه، هي أن خطة نور لقوات الشرطة كان ينبغي تنفيذها بشكل تجريبي في مدينة أو محافظة".
قانون تعزيز الحرس الثوري الإيراني
وبحسب مهيمني، يكشف توقيع آخر لـ "بزشكيان" في البرلمان الإيراني عن موقفه من الركائز الأساسية للسلطة، "فعندما صنفت الحكومة الأميركية الحرس الثوري، منظمة إرهابية، في عام 2019، ألزم بزشكيان، بصفته نائبًا في البرلمان، النظام الإيراني باتخاذ إجراءات في إقرار ما يُسمى تعزيز موقع الحرس الثوري الإيراني ضد الولايات المتحدة، مما أدى إلى مزيد من تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة".
ونشرت وسائل الإعلام صورة بزشكيان وهو يرتدي زي الحرس الثوري الإيراني في قاعة البرلمان مع نواب إصلاحيين آخرين عام 2019، وهو الإجراء الذي تم اتخاذه بعد أن تم تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية من قِبل إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.
ولا يخفي بزشكيان دعمه المطلق للحرس الثوري الإيراني، وقال في مناظرات الانتخابات الرئاسية، إنه يعتبر صواريخ الحرس الثوري الإيراني وطائراته المُسيّرة "مصدر فخر".
لكن القضية بحسب مهيمني "أصبحت متناقضة عندما وعد، بصفته ناقدًا ومحتجًا على الوضع الحالي للبلاد، والذي يلعب فيه الحرس الثوري الإيراني دورًا كبيرًا بالطبع، بتغيير هذه الأوضاع الراهنة".
قانون دعم "اقتصاد المقاومة"
وفي المجال الاقتصادي، وقع بزشكيان عام 2017 على قانون لدعم "اقتصاد المقاومة"، وهو بحسب مهيمني يشير إلى أن الرئيس الجديد لم يكن في موقع المعارض للنظام بل كان "دائمًا عاملًا مساهمًا في دفع سياسات النظام، ودبلوماسية التوتر".
بزشكيان والخروج من العباءة
وربما سيحاول بزشكيان بحكم مسؤوليته كرئيس ممثل للناخبين الذين انتخبوه على أساس وعوده "الإصلاحية" أن يحاول التخلص من الماضي والتعامل بما يقتضيه منصبه الجديد، لكن إلى أي مدى يستطيع أن يخرج من عباءة المرشد.
أمام هذا المشهد، يتساءل الكثيرون عن إمكانية تحقيق بزشكيان للوعود والتي تبدو في مسار أكثر اعتدالا من الخط الذي وضعه المرشد علي خامنئي.
ويقول ديفيد سانغر، المحلل السياسي والأمني لدى شبكة سي إن إن: "هذا ممكن، لكنني أعتقد أنه سيكون صعباً".
وحصل بزشكيان على دعم مثير للاهتمام من بعض المسؤولين الحكوميين السابقين الذين شاركوا في التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015، بما في ذلك وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف الذي كان أحد مهندسي الاتفاق.
وأشار سانغر إلى أن هذا الدعم يعكس رغبة الناخبين في إنهاء العزلة.
لكن..
رغم هذا الدعم، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان للرئيس الإيراني السلطة الكافية لتنفيذ تغييرات جذرية.
وأشار سانغر إلى أن الحكومة الإيرانية، التي تقيد الانتخابات ولا تقرر نتيجتها بشكل مباشر، قد سمحت لبزشكيان بالفوز لتهدئة الغضب الشعبي المتزايد ضد الحكومة الحالية.
واعتبر سانغر أن "المنافس السابق لبزشكيان، السيد جليلي، الذي كان مفاوضًا نوويًا سابقًا، كان من المتشددين الحقيقيين، وهذا يبرز التحديات التي ستواجه بزشكيان في سعيه لتغيير مسار السياسة الإيرانية والتعامل مع القوى المحافظة التي تعارض التغيير".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات مسعود بزشكيان بزشكيان مسعود بزشكيان إيران رئيس إيران الجديد مرشد إيران مسعود بزشكيان بزشكيان أخبار العالم الحرس الثوری الإیرانی مسعود بزشکیان
إقرأ أيضاً:
أي دور لأوروبا في الملف النووي الإيراني؟
عقدت إيران والدول الأوروبية -ممثلة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا- جولة من المحادثات النووية الأسبوع الماضي، في القنصلية العامة الإيرانية بمدينة إسطنبول التركية.
وتعد هذه المفاوضات الأولى في موضوع الملف النووي الإيراني منذ أن شنت إسرائيل والولايات المتحدة هجومًا على إيران في يونيو/حزيران الماضي.
كما تأتي بعد تراجع الدور الأوروبي بفعل سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسعيه إلى التفاوض مع إيران بشكل مباشر بعيدا عن أعين الأوروبيين.
وفي هذا الإطار، تطرأ أسئلة عن أهمية محادثات إسطنبول، وهل هي محاولة أوروبية لاستعادة زمام المبادرة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني؟
تتكتم الأطراف المشاركة في محادثات إسطنبول على نتائج جولة المباحثات التي جرت بين وفود من إيران والدول الأوروبية، والتي استمرت خلالها المناقشات المغلقة لأكثر من 3 ساعات، حسب وكالة أنباء الأناضول التركية، ومثل إيران فيها مجيد تخت روانجي وكاظم غريب آبادي نائبا وزير الخارجية.
وفي تقرير عن المفاوضات النووية بين أوروبا وإيران نشره موقع إذاعة دوت شيفيليه الألمانية، اعتبر محلل السياسات الأوروبية كيرستن نيب أن هناك تساؤلات قائمة تحدد الأجوبة عليها مدى أهمية أو جدوى أية عملية تفاوض تتعلق بالملف النووي الإيراني.
وتدور هذه التساؤلات حول الوضع التقني للبرنامج النووي الإيراني بعد الهجمات التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على منشآت نووية إيرانية، وما إذا كانت إيران قادرة على مواصلة برنامجها أصلاً.
ويستخلص نيب أن المعلومات المحدودة المتاحة لا تدعم مزاعم الرئيس ترامب بأن البرنامج النووي الإيراني قد "دُمّر بالكامل".
وينقل تقرير دوت شيفيليه عن الخبير في شؤون إيران بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية حميد رضا عزيزي أنه من المرجح أن تتمكن إيران من استئناف برنامج التخصيب إلى حد ما على المدى القصير والمتوسط.
إعلانويقدّر عزيزي أن إيران لا تزال تمتلك الكثير من اليورانيوم عالي التخصيب الذي خزّنته خلال السنوات القليلة الماضية، وأن الهجمات لم تشل قدرتها على تخصيب اليورانيوم.
ورغم أنه يؤكد أنه حتى الآن لم تظهر أي مؤشرات على أن إيران اتخذت خطوات فعّالة لاستئناف برنامجها، لكنه يرى أن مثل هذه الخطوة فقط مسألة قرار سياسي، بالإضافة إلى اعتبارات عسكرية وأمنية، أكثر منها مسألة قدرات تقنية.
غير أن مايكل برزوسكا عالم السياسة في معهد أبحاث السلام والسياسات الأمنية بجامعة هامبورغ يعتبر أنه من المرجح أن يكون قد أصبح من الصعب تقنيًا على إيران مواصلة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى يكفي لصنع أسلحة نووية.
ويرجح برزوسكا -كما نقل عنه موقع دوت شيفيليه- أن أجهزة الطرد المركزي اللازمة للتخصيب ربما تضررت لدرجة لم تعد معها صالحة للاستخدام، لكنه استدرك قائلا "لا يمكن استبعاد وجود أجهزة طرد مركزي مخفية في مواقع أخرى، إلا أنه لا توجد معلومات حاليًا عن ذلك".
مهلة أخيرة لإيرانوقبيل محادثات إسطنبول، ذكر موقع إكسيوس في تقرير له أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أجرى اتصالا مع نظرائه في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا منتصف يوليو/تموز، واتفقوا على تحديد موعد نهائي لإيران للتوصل إلى اتفاق نووي.
وحسب الموقع الأميركي، فإن هذا الموعد ينتهي مع نهاية أغسطس/آب المقبل. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول ذلك الموعد، يخطط الشركاء الأوروبيون لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة السابقة على طهران تلقائيًا.
ويعتقد المحلل برزوسكا أنه من المحتمل جدا أن تعيد القيادة الإيرانية النظر في إستراتيجيتها الحالية التي أثارت مخاوف الدول الأخرى.
لكن عزيزي يؤكد أن إيران ترسل حاليًا "إشارات متضاربة" موضحًا أن المسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم الرئيس ووزير الخارجية، ما زالوا يصرون على أن بلادهم لا تزال منفتحة على الحوار الدبلوماسي.
وفي الوقت نفسه، لا يرى عزيزي أي مؤشر على استعداد إيران لتليين مواقفها بشأن قضايا خلافية أخرى، مثل تخصيب اليورانيوم محليًا أو دعمها للجهات الفاعلة غير الحكومية في المنطقة.
وخلص الخبير في شؤون إيران بالمعهد الألماني إلى أن القيادة الإيرانية على ما يبدو تحاول كسب الوقت، وتجنب تصعيد جديد حتى تُحدد كيفية معالجة مختلف المشاكل المطروحة.
كانت الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) أول من بدأ مفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، وذلك عام 2003، كما كانت طرفا فاعلا في اتفاق 2015.
وحافظت الدول الأوروبية بشأن الملف النووي الإيراني على نوع من التمايز عن الموقف الأميركي الذي ظل مدفوعا بهواجس إسرائيل، فكان أكثر عدوانية تجاه إيران.
فبينما اعتبرت الترويكا الأوروبية الاتفاق السابق نجاحا كبيرا وخطوة حاسمة نحو منع الانتشار النووي مع الحفاظ على العلاقات الاقتصادية والسياسية مع إيران، ما لبثت الولايات المتحدة أن انسحبت من الاتفاق مما أعاد الملف لنقطة الصفر، إذ باشرت إيران تسريع وتيرة تخصيب اليورانيوم، وحدت من وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى محطات التخصيب، معللة ذلك بعدم وفاء الطرف الآخر بالتزاماته.
إعلانوقد بذلت الدول الأوروبية جهودا لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق خصوصا في عهد الرئيس السابق جو بايدن، إلا أن تلك المحاولات فشلت في نهاية المطاف.
تدهورت العلاقات الثنائية بين إيران والدول الأوروبية تدريجيًا مع الاتهامات المتبادلة بخرق الاتفاق، حيث تتهم إيران الجانب الأوروبي بالاستمرار في فرض عقوبات غير مبررة، بينما يرى الأوروبيون أن تسريع إيران لوتيرة التخصيب يشكل خرقا للاتفاق السابق.
وتصاعدت التوترات بين الطرفين عقب نشوب حرب روسيا وأوكرانيا حيث اتهم الأوروبيون إيران بتقديم مساعدات عسكرية لروسيا.
وحسب دراسة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب نشرت في 9 يونيو/حزيران الماضي، فقد ضغطت دول الترويكا الأوروبية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 على وكالة الطاقة الذرية من أجل إعداد تقرير شامل عن الأنشطة النووية الإيرانية ليتسنى للدول الأوروبية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي كانت مفروضة على إيران قبل توقيعها الاتفاق النووي عام 2015.
وبالفعل أصدر رئيس الوكالة رافائيل غروسي بيانا أعلن فيه أن إيران تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء تصل إلى (60%) وهو ما يقترب من مستوى (90%) اللازم لإنتاج سلاح، بل قال في تصريحات لاحقة لصحيفة لوموند إن إيران "ليست بعيدة" عن امتلاك القنبلة الذرية.
وتضيف الدراسة أنه تزامنا مع ذلك أصدرت أجهزة الاستخبارات في كل من فرنسا وبريطانيا تقارير مع نهاية العام المنصرم تضمنت تحذيرات قوية من البرنامج النووي الإيراني، واعتباره بات مصدر تهديد للجميع وأن تهديده سيكون أشد خلال أشهر فقط.
وفي يناير/كانون الثاني 2025، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن تسريع البرنامج النووي الإيراني "يقربنا كثيرا من نقطة الانهيار" مضيفا أن شركاء الاتحاد الأوروبي بالاتفاق النووي يجب أن يفكروا في إعادة فرض العقوبات إذا لم يكن هناك تقدم من جانب طهران في معالجة المخاوف.
View this post on InstagramA post shared by قناة الجزيرة مباشر (@aljazeeramubasher)
استبعاد الأوروبيينلكن أوروبا وجدت نفسها فجأة خارج اللعبة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، إذ أعلن ترامب في أبريل/نيسان الماضي عن بدء مفاوضات ثنائية مع إيران بشأن التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي لمنعها من امتلاك سلاح نووي يهدد أميركا وحلفاءها في الشرق الأوسط وخصوصا إسرائيل.
وحتى وهو يختار مدينة أوروبية لاحتضان المفاوضات، اختار الرئيس الأميركي العاصمة الإيطالية التي تحكمها امرأة يمينية ذات علاقة وثيقة بترامب.
وحسب تقرير لموقع إينرجي نيوز بعنوان "الأوروبيون مستبعدون من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة" فإن الدول الأوروبية التي كانت محورية في اتفاق 2015 وجدت نفسها على الهامش مع انطلاق المفاوضات بين واشنطن وطهران وهو ما يمثل تحولا كبيرا على الصعيد الدبلوماسي.
وحسب الموقع فقد اتخذت المناقشات بشأن البرنامج النووي الإيراني اتجاها جديدا في 12 أبريل/نيسان الماضي، عندما بدأت إيران والولايات المتحدة اللتان لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ عام 1980 مفاوضات بوساطة سلطنة عمان.
ويضيف التقرير أنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 في عهد إدارة ترامب، فقدت الدول الأوروبية نفوذها بشكل مطرد، حيث تحولت فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا من لاعبين رئيسيين في المفاوضات الأولية إلى مجرد مراقبين دون أي دور مباشر في المفاوضات، بينما اختارت إيران والولايات المتحدة، وبوساطة عمانية، التفاوض في إطار ثنائي، تاركين الأوروبيين جانباً.
وفي تقرير بعنوان "الاتفاق النووي الإيراني: لماذا يغيب الأوروبيون عن المفاوضات"؟ نقلت مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية ماي لو درو عن دبلوماسيين أوروبيين قولهم إن الولايات المتحدة لم تُطلع الدول الأوروبية على المحادثات النووية في عُمان قبل أن يعلنها الرئيس ترامب يوم 2 أبريل/نيسان 2025، رغم أنهم يمتلكون ورقة رابحة في احتمال إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران.
إعلانوشكل إقصاء أوروبا من المفاوضات مع إيران تحديا آخر يشكل استمرارا لتحديات كبيرة واجهتها أوروبا مع رئاسة ترامب الثانية، سواء فيما يخص التحديات العسكرية والأمنية المتعلقة بحلف الناتو وأوكرانيا، أو التحديات الاقتصادية التي تفرضها رسوم ترامب الجمركية المرتفعة على الدول الأوروبية.
يرى مراقبون أن تهميش الأوروبيين في الملف النووي الإيراني يعود لأسباب مختلفة يرجع بعضها لسياسة واشنطن التهميشية، في حين يعود البعض الآخر إلى العجز الذاتي لدى الأوروبيين عن فرض حضورهم.
ويمكننا -حسب التقارير والدراسات التي بين أيدينا- أن نعدد بعض أسباب هذا التهميش:
إستراتيجية الرئيس الأميركي القائمة على الحسم المباشر، إذ لا يرى أهمية كبيرة لإشراك أطراف متعددة في التفاوض، بل يفضل الحوارات الثنائية التي تتيح له فرض أجندته وشروطه. فقدان ثقة الإيرانيين بالأوروبيين، فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادة فرض العقوبات الثقيلة، طلب الإيرانيون من الأوروبيين مساعدتهم عبر الحفاظ على التبادل التجاري، لكن الشركات الأوروبية فرت من السوق الإيرانية، وهو ما ساهم بشكل كبير في تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، وقوّض مصداقية الأوروبيين لدى إيران. التصدعات داخل الاتحاد الأوروبي، فقد أدى غياب موقف موحد لدول الاتحاد الأوروبي بشأن إيران، واختلاف أولويات الدول الأعضاء، إلى إضعاف فعالية الأوروبيين كطرف تفاوضي. العداء والازدراء الذي يعامل به ترامب الأوروبيين.تعتبر الباحثة الكندية في المعهد البريطاني للخدمات المتحدة داريا دولزيكوفا -في دراسة نشرتها بعنوان "المحادثات النووية الإيرانية: الآفاق ودور أوروبا"- أن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا) يمكنها أن تلعب دورا مهما في مصير الملف النووي، فهي من يتحكم الآن في فرض أي عقوبات دولية على إيران أو عدم ذلك.
ويتضمن اتفاق 2015 آلية تُعرف باسم "العودة السريعة" والتي تُخول كل طرف من الأطراف الموقعة (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين، روسيا، ألمانيا، الاتحاد الأوروبي) صلاحية اتخاذ قرار يُؤدي تلقائيًا إلى إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران بعد 30 يومًا.
وبعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، في عهد إدارة ترامب الأولى، لم يعد بإمكانها تفعيل هذه الآلية، وهذا ما يفسر ربما لجوء الولايات المتحدة للدول الأوروبية والاتصال الذي أجراه وزير خارجيتها منتصف يوليو/تموز مع نظرائه الأوروبيين الثلاثة لتفعيل آلية العودة للعقوبات الشاملة بحلول نهاية أغسطس/آب إذا لم تستجب إيران للمطالب الغربية.
لكن دولزيكوفا ترى أن التحدي اليوم يكمن في تحديد الوضع الذي ينبغي أن يكون عليه البرنامج النووي الإيراني، مضيفة أنه لا يمكن أخذ أي اقتراح بتفكيك كامل ودائم للبرنامج على محمل الجد، إذ طالما رفضت إيران التخلي عن قدراتها في التخصيب، ومن غير المرجح أن تغير مسارها الآن.
???? وزير الخارجية الإيراني : أي استغلال لآلية "سناب باك" ستكون له عواقب وخيمة
حذر وزير الخارجية الإيراني السيد عباس عراقجي من أن تفعيل آلية “سناب باك” لإعادة فرض العقوبات سيؤدي إلى عواقب وخيمة، منها إنهاء دور أوروبا في الاتفاق النووي وتصعيد خطير في التوترات. pic.twitter.com/sTXdIeI401
— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) May 12, 2025
ويعتبر برزوسكا أن المحادثات الأوروبية الإيرانية التي استؤنفت باجتماع إسطنبول الجمعة الماضية بالغة الأهمية، فرغم أن العقوبات التي تفرضها أميركا نهاية المطاف أكثر أهمية من منظور إيراني، لكن تفعيل آلية "سناب باك" سيلزم كل دول العالم بفرض عقوبات اقتصادية على إيران.
ولذلك، يخلص عالم السياسة في معهد أبحاث السلام والسياسات الأمنية إلى أنه من المرجح أن تعمل إيران على ضمان عدم إعادة الأوروبيين تطبيق هذه الآلية.
أما الخبير بالشؤون الإيرانية عزيزي فيتوقع أن يتفق الأوروبيون والإيرانيون على تمديد الموعد النهائي لتفعيل آلية "سناب باك" مما يتيح مزيدا من الوقت والتوصل إلى حل دبلوماسي محتمل.