ماذا تعرف عن السيزيفيميا.. ما أعراضها وما علاقتها بالعمل والإنتاجية؟
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
نشرت مجلة "كويداتي بلوس" الإسبانية تقريرًا سلطت من خلاله الضوء على ظاهرة جديدة تُعرف باسم "السيزيفيميا"، وهي نوع من الاتجاه الإدماني للعمل والشعور بالإحباط عند عدم القدرة على إنجاز جميع المهام.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه لا يتم تضمين مرض "السيزيفيميا" رسميًّا في كتيبات التشخيص الطبي أو النفسي، ولكنه يسمح لنا بتحديد نوع من السلوك في العمل الذي واجهه الجميع في مرحلة ما، سواء بشكل شخصي أو مع زملائهم، والتي من المحتمل أن تتزايد بسبب ظروف العمل السائدة.
ويشير المصطلح إلى "سيزيف"، وهو شخصية من الأساطير اليونانية التي حكم عليها بدفع صخرة عملاقة إلى أعلى الجبل إلى الأبد. وفي كل مرة كان على وشك الوصول إلى القمة، وكان الحجر الكبير يتدحرج عائدًا إلى الوادي؛ حيث كان عليه أن يلتقطه ويدفعه مرة أخرى إلى القمة. وهكذا إلى أجل غير مسمى، يؤدي مهمة شاقة تتطلب الكثير من الجهد ولكنها لم تكن كافية أبدا لتحقيق الهدف.
وحسب خوسيه مانويل فيسينتي باردو وأراسيلي لوبيز غيلين غارسيا، الأستاذين في جامعة سان أنطونيو الكاثوليكية في مورسيا، في مقال نُشر سنة 2022، فإن "العامل الذي ينخرط يومًا بعد يوم في عمل مفرط، وينظر باستمرار إلى ما يجب عليه فعله وما يجب عليه اللحاق به، وما الذي سيتعين عليه القيام به غدا، يذكرنا بسيزيف. لذا فإن السيزيفيميا هي عبارة عن "معاناة العامل المحكوم عليه بمهمة شاقة المتمثلة في محاولة تحقيق هدف بعيد المنال، ليبدأ من جديد كل يوم بنفس الشيء ونفس الإحباط لعدم رؤية نفسه قادرا على تحقيق هدفه".
وبينت المجلة أن المشكلة الأساسية ستتمثل في ما يعرف بخلل الإنتاجية، وهو "الشعور بالإحباط لدى العامل الذي يعتقد أنه ليس منتجا بما فيه الكفاية، على الرغم من أنه كذلك"، ويؤدي ذلك إلى "عدم القدرة على رؤية النجاح الشخصي أو إدراك أنه يبذل قصارى جهده في العمل، وأن هذا ينبغي أن يكون كافيًا". ويخلص الخبراء إلى أنه في هذه "الاندفاعية لبذل المزيد من الجهد، يتم فقدان الحدود بين العمل والترفيه والراحة والحياة الشخصية".
صفات العامل المصاب بـ"السيزيفيميا"
وأوردت المجلة أن "السيزيفيميا"، على حد تعبير أخصائية علم النفس في العمل وعضو في مجلس إدارة كلية علم النفس في مدريد إيزابيل أراندا هي "حالة يكون فيها العامل عبارة عن هامستر داخل عجلة، يدور حولها - يعمل - دون أن يدرك أي تقدم". وتوضح الخبيرة أنه اضطراب أو مشكلة "غير معترف بها رسميًّا، لكن يمكننا استخدامها لفهم أنفسنا". وعلى حد تعبيرها؛ فإن ذلك يدخل ضمن "موضة وضع التسميات على كافة أنواع السلوك البشري دون أساس علمي متين يدعمها".
على ضوء ذلك؛ يصف باردو ولوبيز غيلين الأشخاص الذين يعانون من "السيزيفيميا" على النحو التالي:
مهوسون بالكمال.
لديهم إحساس عال بالمسؤولية.
مدمنون على العمل.
تنافسيون.
دقيقون في التفاصيل.
ملتزمون.
ناجحون.
يعتقدون أن الجهد الجبار يعطي قيمة للعمل.
كل هذه السمات تبدو إيجابية؛ لكن الخبراء يحذرون من وجود جانب سلبي يؤدي في النهاية إلى اختلال التوازن "بين ما يجب القيام به وما يمكن القيام به خلال يوم العمل".
ويرى الأشخاص المصابون بـ"السيزيفيميا" أنه "يجب فعل المزيد، على الرغم من عدم إمكانية القيام بذلك، مما يولد الإحباط والتوتر والشعور بالفشل".
وتضيف أراندا سمات سلبية أخرى واضحة للأشخاص الذين يعانون من "السيزيفيميا" مشيرة إلى أنهم: "أشخاص مهووسون جدًّا بالنجاح، ويضعونه كأولوية مطلقة، ولديهم طموح مفرط؛ ويعتقدون أن ما يقومون به غير كاف أبدا، وذلك له سلسلة من العواقب". وتتفق هذه الخصائص مع أسطورة سيزيف، الذي كان شخصا طموحا وماكرا يخدع الجميع، بما في ذلك "الآلهة اليونانية"، لتحقيق أهدافه.
وأوردت المجلة أن تلك العواقب التي تشير إليها الأخصائية النفسية يعاني منها بشكل رئيسي أولئك الذين يتعين عليهم العمل معهم. وأكدت أنه "نظرًا لطموحهم، فإن هؤلاء الأشخاص لا يأخذون في الاعتبار تأثيرهم على الآخرين ويمكن أن ينتهي بهم الأمر إلى خلق حالة من المضايقة تجاه زملائهم في العمل"، مضيفة أنه في هذه الحالة، يتحول إلى سلوك يجب الإبلاغ عنه.
وظائف أكثر عرضة لـ"السيزيفيميا"
وأشارت المجلة إلى أن الوظائف التي تحدث فيها هذه الحالة إلى حد كبير هي الوظائف ذات الطابع الفكري، والتي تنطوي على مسؤولية عالية وعبء عقلي كبير والحاجة إلى اتخاذ قرارات نهائية على المدى القصير. على سبيل المثال، المحامون والأطباء وكبار المسؤولين الإداريين والصحفيين ومديري الإعلانات ووكلاء التأمين والعاملين في البنوك ومديري الشركات...
الفرق بين الاحتراق النفسي المهني و"السيزيفيميا"
وعلى الرغم من أن عبء العمل الهائل يسبب العديد من الاضطرابات المرتبطة بالعمل، فمن المهم التمييز بين مرض "السيزيفيميا" والاحتراق النفسي المهني. وهذه هي الاختلافات الرئيسية:
وتعود جذور "السيزيفيميا" إلى الطموحات المهنية التي لا يمكن تحقيقها، في حين ينشأ الاحتراق النفسي المهني من القلق المزمن الناجم عن عدم القدرة على تحمل عبء عمل غير متناسب.
من جانب آخر، يُعد مرض "السيزيفيميا" أكثر شيوعًا بين الموظفين الشباب الذين يعملون في وظائف معقدة للغاية، في حين أن العمال الأكبر سنًّا الذين لديهم حياة مهنية طويلة هم الذين يميلون إلى أن يكونوا أكثر إرهاقا ويكونوا أكثر عرضة للاحتراق النفسي المهني.
ويُترجم مرض "السيزيفيميا" إلى تفان هوسي في العمل، في حين أن الاحتراق المهني يسوده الإحباط والإرهاق المهني.
نصائح لتجنب "السيزيفيميا"
ووفق المجلة؛ يقدم لوبيز-غيين وباردو التوصيات التالية للوقاية من "السيزيفيميا" من بينها:
التخلص من الاعتقاد بأننا لسنا جيدين بما فيه الكفاية واستبداله بالرضا عما تستطيع القيام به، أي القدرة على تقدير ما نقوم به واعتباره كافيا.
عوض الاعتقاد بأن لا شيء كاف، يكفي الاعتراف بالراحة الإنتاجية، والتي تعني "معرفة أنه يمكنك فعل المزيد من خلال القيام بعمل أقل".
وختامًا، للتغلب على الهوس بالعمل، يحب أن تتعلم كيفية فصل نفسك عنه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية العمل عمل انتاج سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القدرة على فی العمل إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد إعلان ترامب نهاية الحرب.. كيف يمكن أن تُغير 14 قنبلة الشرق الأوسط؟
تناول تقرير في مجلة "الإيكونوميست" إعلان ترامب وقف الحرب بين إسرائيل وإيران بعد غارات أمريكية استهدفت منشآت نووية إيرانية، واصفًا إياها بـ"حرب الأيام الـ12". ورغم إعلان وقف إطلاق النار، يبقى مستقبل البرنامج النووي الإيراني، واستقرار الشرق الأوسط، والتزام الأطراف بالهدنة، محل شك وترقّب.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، أن الرئيس دونالد ترامب أراد للعالم أن يصدّق أنه "جاء وقصف وأنهى الحرب". فبعد يومين فقط من قيام قاذفات أمريكية شبحية بضرب منشآت نووية إيرانية مدفونة بعمق، أعلن ترامب عن وقف "كامل وتام" لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران. وكتب على منصة "تروث": "أود أن أهنئ البلدين، إسرائيل وإيران، على امتلاكهما الصبر والشجاعة والذكاء لإنهاء ما يجب أن يُسمى بـ"حرب الاثني عشر يوما"".
وأضافت المجلة أن تقارير أفادت أن ترامب حصل أولاً على موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار، وأرسل المقترح إلى إيران عبر قطر، بحيث توقف إيران الهجمات أولًا، ثم إسرائيل بعد 12 ساعة. ورغم نفي إيران وجود اتفاق رسمي، أعلنت استعدادها للتوقف إذا فعلت إسرائيل، لكن مع انتهاء المهلة، قُتل ثلاثة إسرائيليين بصواريخ إيرانية، في ما يُرجح أنه هجوم أخير رمزي.
وجاء الإعلان الأخير ضمن سلسلة تطورات مفاجئة منذ أن شنت إسرائيل هجومًا مفاجئًا على إيران في 13 حزيران/ يونيو، استهدفت فيه الدفاعات الجوية الإيرانية، واغتالت علماء نوويين وقادة عسكريين، وبدأت بتدمير برنامج نووي متشعب.
وفي 22 حزيران/ يونيو، تدخلت الولايات المتحدة عبر عملية "مطرقة منتصف الليل"؛ حيث أسقطت قاذفات بي-2 أربعة عشر قنبلة خارقة للتحصينات على مواقع تخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو، بينما ضربت نحو ثلاثين صاروخ توماهوك منشآت نووية في أصفهان.
وبينت المجلة أن إيران ردّت في اليوم التالي بهجوم رمزي، إذ أطلقت 14 صاروخًا، بعدد القنابل الأمريكية، على قاعدة العديد الجوية في قطر. وقد تم اعتراض جميع الصواريخ باستثناء واحد، ولم يُصب أحد بأذى بفضل التحذير المسبق الذي أرسلته إيران، بحسب ما أعلن الرئيس الأمريكي. وبعد ذلك بساعتين، أعلن ترامب وقف إطلاق النار.
وطرحت المجلة ثلاثة تساؤلات رئيسية:
هل يمكن للهدنة أن تصمد؟
هل سيكون هناك اتفاق دبلوماسي لاحق للحد من البرنامج النووي الإيراني؟
هل سيصبح الشرق الأوسط أكثر استقرارًا بعد هذه الحرب؟
وأشارت المجلة إلى أن إيران وإسرائيل لم تؤكدا رسميًا وقف القتال، لكن كليهما لديه دوافع للتهدئة. فالنظام الإيراني، رغم شعاراته المعادية لأمريكا، تجنب لعقود المواجهة المباشرة مفضلًا الاعتماد على الميليشيات والدبلوماسية. ومع ضعف حلفائه في المنطقة وتراجع شعبيته ودخول واشنطن على خط المواجهة، فقد يفضّل الآن احتواء الخسائر.
أما بالنسبة لإسرائيل، فمن غير المرجح أن يخالف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب بعد إشادته بتدخله العسكري الحاسم، خاصة أن مصادر عسكرية إسرائيلية ترى أن معظم الأهداف قد تم تدميرها.
واعتبر بعضهم أن إسرائيل قد تعلن النصر وتوقف هجماتها حتى دون اتفاق رسمي، إذ يرى نتنياهو أن ما تحقق يمثل انتصارًا تاريخيًا. ومن جانبه، يسعى ترامب لإنهاء الحرب بسرعة لتأكيد وعده بعدم توريط أمريكا في "حروب أبدية" كتلك التي خاضتها في العراق وأفغانستان.
وأفادت المجلة أن إيران، رغم الضربات، لن تتخلى عن معرفتها النووية، وقد يسعى المرشد الأعلى لاستئناف البرنامج سرًا لضمان بقاء النظام، مؤكدًا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تجهل مكان 400 كيلو غرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمائة.
وتابعت، "إذا كانت إيران قد أخفت أجهزة الطرد المركزي للتخصيب، فيمكنها صنع مواد انشطارية صالحة للاستخدام في الأسلحة بسرعة نسبية، وهذه الكمية تكفي لصنع 10 قنابل".
وقالت المجلة إن الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس أوباما سنة 2015 منح إيران برنامج تخصيب محدودًا تحت رقابة دولية، بهدف منعها من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة لمدة سنة تقريبًا. لكن ترامب انسحب من الاتفاقية في ولايته الأولى، وقُبيل الهجوم الإسرائيلي، كانت إيران على بُعد أيام أو أسابيع من "الاختراق النووي"، وسط تقارير استخباراتية تفيد بأنها بدأت العمل على تسريع تصنيع رأس نووي يصلح للصواريخ.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس ترامب طالب في مفاوضاته الأخيرة مع إيران باتفاق يقترب من "صفر تخصيب"، مشيرةً إلى أن مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، اقترح صفقة تحفظ ماء الوجه تتيح لإيران تخصيب اليورانيوم ضمن اتحاد إقليمي خارج أراضيها. وليس من الواضح إذا كان هذا الاتفاق لا يزال مطروحًا على الطاولة، أو ما إذا كانت إيران أو إسرائيل ستوافقان عليه.
ولفتت الصحيفة إلى أن استقرار المنطقة يظل موضع شك ما دام النظام الثوري في طهران قائمًا. فإذا كشفت إسرائيل برنامجًا نوويًا سريًا، فقد تتحرك مجددًا حتى دون دعم أمريكي، وستطالب أيضًا بقيود على تسليح إيران ودعمها للميليشيات بعد سنة من المواجهات مع حلفائها ووكلائها في المنطقة.
وتابعت الصحيفة أن بعض الأوساط في إسرائيل وأمريكا يعتقدون أن استقرار المنطقة يتطلب سقوط خامنئي. فإسرائيل استهدفت سجن إيفين ومقر الباسيج لتقويض أدوات القمع، لكن دعواتها للانتفاضة لم تلقَ استجابة وسط القصف. ولكن إذا توقفت الحرب، فقد تظهر ردود فعل داخلية ضد النظام. وحتى ذلك الحين، سيزيد اعتماد إسرائيل وحلفاؤها العرب على الدعم الأمريكي بضمان أمن المنطقة.
واختتمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن عملية "مطرقة منتصف الليل" أبرزت الدور الحاسم للولايات المتحدة في النزاع، رغم تنامي الدعوات داخل إدارة ترامب للحد من تدخلها العالمي والتركيز على مواجهة الصين، مشددة على أن التدخل العسكري والهدنة المعلنة لا يشكلان حتى الآن سلامًا دائمًا في المنطقة.