هناك قاعدة فقهية بنيت عليها كل الشريعة الإسلامية منبثقه من كون الله تعالى لطيف بعبادة، وأن كل ما على الأرض من رحمة بين الأم ووليدها، والمخلوقات وبعضها، هي جزء واحد أنزله الله على الأرض من تسعة وتسعين جزء من رحمته الواسعة، كما جاء في حديث أبي هريرة، ولذا كانت الشريعة الإسلامية كلها قائمة على الرحمة والتيسير، فإن الله يريد بنا اليسر لا يريد بنا العسر.

تعرف على هيئات الحج وما أفضلهم.. علي جمعة يوضح علي جمعة: لا يخلو زمان المسلم من الخير

 

 قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء عبر صفحته الرسمية على موقع الإلكتروني فيسبوك، أن الشريعة الإسلامية كلها بُنيت على أساس قاعدة ( أن المشقة تجلب التيسير)، وإذا تردد الأمر بين يسر وعسر قدم اليسر، ووضح أن هذا الفهم قد ابتعد عنه كثير من الناس، ولذلك رأيناهم يريدون التشديد على أنفسهم.

 

إن الله لا يمل حتى تملوا

 

وتابع جمعة أن حضرة النبي صلى الله عليه وسلم قد حذَّرنا عندما علَّم صحابته، وعلَّم الأمة من بعدهم أنه وجد مرة حبلًا منصوبًا؛ فقال «ما هذا؟» قالوا: هذا حبلٌ وضعته زينب رضي الله تعالى عنها من أجل الصلاة، حتى إذا ما تعبت فإنها تستند على هذا الحبل؛ فأزاله، وقال هذه القولة القوية الجميلة: «فليعبد أحدكم ربه طاقته؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا» فيجب علينا أن نعبد الله سبحانه وتعالى بيسر، بشوق، بحب، وليس أداءً للواجب، أو تخلصًا من ما عليّ، هذا شعورٌ لا يوجِد أثر العبادة الصحيح في القلب، فأثر العبادة الصحيح {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} الإنسان عندما يأتي بالصلاة على وجهها تراه وقد نهته هذه الصلاة عن الفحشاء والمنكر، وذكَّرته بالصراط المستقيم، أما إذا أتى الصلاة على غير وجهها فإنها لا تُؤتي أثرها فيه، وتراه يخلط عملًا صالحًا، وآخر سيئا.

 

 الشريعة الإسلامية ضد التشدد

وقد وضح الدكتور علي جمعة في فتواه رقم 7294 أن شريعة الإسلام جاءت بالرفق والرحمة والهداية إلى الصراط المستقيم، وكان من أهم مقاصدها رفع المشقة والحرج عن الناس؛ قال الحق تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾، وقال جلَّ شأنه: ﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

 

 ولهذا فإنَّ التشدد في الدين أمر مذموم؛ لأنه يتنافى مع مقاصد الشريعة السمحة ومع ما جاء في نصوصها الصريحة الدالة على أنَّ مدار التكليف هو التيسير والتخفيف والمقاربة قدر استطاعة المُكلَّف. روى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: علي جمعة الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء الشريعة الإسلامية الشریعة الإسلامیة علی جمعة

إقرأ أيضاً:

هل يجوز الذهاب للحج يوم عرفة مباشرة دون حضور يوم التروية؟.. علي جمعة يجيب

أكد الدكتورعلي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن يوم 8 من ذي الحجة المعروف بـ"يوم التروية" له مكانة خاصة في مناسك الحج، وسُمي بذلك لأن الحجاج كانوا يروون دوابهم بالماء ويستعدون للوقوف بعرفة، كما كانوا يستريحون في "منى" قبل التوجه إلى المشعر الأعظم.

وأوضح أن التوجه إلى "منى" في يوم التروية من السنن المؤكدة، وليس من الفرائض، حيث يُستحب أن يذهب الحاج في وقت الضحى إلى منى، ويصلي فيها الصلوات الخمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، على أن تُقصر الصلاة الرباعية دون جمع، ويبيت الحاج هناك حتى فجر يوم عرفة، ثم يتوجه إلى عرفة بعد صلاة الفجر.

وأشار إلى أنه في حال قرر الحاج التوجه مباشرة إلى عرفة في اليوم الثامن تفاديًا للزحام أو لأي عذر آخر، فلا حرج عليه في ذلك، وحجه يظل صحيحًا، لأنه قد ترك سنة وليس واجبًا، بل وله أجر النية إذا كان العذر هو ما منعه من أداء السنة.

وأضاف أن في يوم التروية يُحرم المتمتع بالحج، بينما يظل القارن والمفرد على إحرامهما منذ العمرة أو البداية، ويتبع الجميع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في التوجه إلى منى والصلاة بها.

دعاء استقبال العشر من ذي الحجة.. احرص عليه هذه الأيامدعاء تسهيل الامتحانات مكتوب.. ردده بيقين يرزقك الله النجاح

يوم التروية 

وفي سياق الحديث عن هذا اليوم، ذكر أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بدأ حجة الوداع بيوم التروية، حيث كان يوم لقاء بالحجيج وتأكيد على المبادئ الإسلامية الكبرى، مثل حرمة الدماء والأعراض، وسيادة القانون، كما طمأن الأمة بأن الشيطان قد يئس أن يُعبد في أرضهم، لكنه يكتفي بإضلالهم من خلال الذنوب التي يُستهان بها.

وفي هذا اليوم العظيم، بشر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بقوله: "الحجاج والعمار وفد الله، إذا دعوه أجابهم، وإذا سألوه أعطاهم"، مؤكدًا أن "أفضل الحج العج والثج"، أي رفع الصوت بالتلبية وكثرة الذبح، وكان يُكثر من التلبية والحمد لله على نعمه.

وبناء على ذلك ، فإن الذهاب إلى عرفة مباشرة دون المرور بمنى يوم التروية لا يُفسد الحج، لكنه يُفوّت على الحاج سنة من سنن النبي، وتركها لعذر لا يضيع الأجر، بل قد ينال به الثواب كاملًا بنيته الصادقة.

طباعة شارك يوم عرفة يوم التروية الدكتورعلي جمعة مناسك الحج

مقالات مشابهة

  • عبارات جمعة مباركة 2025
  • كلام حلو عن يوم الجمعة
  • علي جمعة: السنة النبوية وحي محفوظ كالقرآن الكريم
  • أحكام المرأة في الحج.. الأزهر للفتوى يوضحها
  • هجوم مسلح على قاعدة روسية في سوريا ومقتل جنديين
  • هل يجوز الذهاب للحج يوم عرفة مباشرة دون حضور يوم التروية؟.. علي جمعة يجيب
  • الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة.. تعرف عليها
  • أمر عسكري روسي مرعب تكشفه رسالة راديو حصلت عليها CNN حصريا
  • 6 نصائح للحجاج قبل الذهاب لأداء المناسك.. البحوث الإسلامية يوضحها
  • علي جمعة يوضح كيفية تحديد وقت الثلث الأخير من الليل