يثير اقتصاديون مخاوف جدية بشأن احتمال تجدد التضخم في الولايات المتحدة إذا تم تنفيذ سياسات دونالد ترامب المقترحة.

ووفقًا لبلومبيرغ، يستعد بنك الاحتياطي الفدرالي لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر/أيلول المقبل، وذلك بفضل تحسن سوق العمل والإنفاق الاستهلاكي المعتدل.

وانخفض مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفدرالي مؤخرا إلى 2.

6% ليقترب من هدف 2%، مما يشير إلى أن الهبوط الاقتصادي الناعم الذي طال انتظاره قد يكون في متناول اليد.

ومع ذلك، حذرت ماري دالي رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو من أنه "لا نريد أن نصل إلى نقطة حيث نبدأ في رؤية سوق العمل يضعف بشكل كبير -ليتعثر- لأنه بحلول ذلك الوقت، يكون الأوان قد فات في كثير من الأحيان لإعادته مرة أخرى".

سياسات ترامب

ويحذر الاقتصاديون من أن التخفيضات الضريبية التي اقترحها ترامب، وزيادة التعريفات الجمركية، والقيود المفروضة على الهجرة، يمكن أن تؤدي كلها إلى عكس التقدم الاقتصادي الأخير الذي تم إحرازه في ظل إدارة بايدن.

مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفدرالي نزل مؤخرا إلى 2.6% ليقترب من هدف 2% (رويترز)

ويرى الديمقراطيون أن هذه التدابير يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع كبير في التضخم وزعزعة استقرار التجارة العالمية.

وبحسب بلومبيرغ، لا يزال الأميركيون يتعاملون مع تكاليف أعلى للسلع مقارنة بمستويات ما قبل الوباء.

وبينما يستمر الحزب الجمهوري في إلقاء اللوم على الرئيس جو بايدن في استمرار التضخم، يشير الخبراء إلى أن سياسات ترامب يمكن أن تؤدي إلى التراجع عن الإنجازات التي حققها الاحتياطي الفدرالي بشق الأنفس في تحقيق استقرار الاقتصاد.

وتشير الوكالة إلى أن الخطر الذي يفرضه نهج ترامب الاقتصادي يتأكد من خلال المناخ السياسي الحالي. وبينما يروج الديمقراطيون لنقاط القوة التي يتمتع بها الاقتصاد الأميركي المزدهر وانخفاض معدلات البطالة والانتصار الوشيك على التضخم، يظل أتباع ترامب متشككين.

ويعتقد عدد متزايد من المحللين أن تركيز الحزب الجمهوري على التخفيضات الضريبية التي يستفيد منها الأثرياء في المقام الأول، والزيادات المقترحة في الرسوم الجمركية التي تثير حربا تجارية أخرى مع الصين، والقيود المفروضة على الهجرة التي حظرها الجمهوريون في وقت سابق من هذا العام، يمكن أن تلحق الضرر بالتوازن الدقيق الذي تم تحقيقه حتى الآن، وفقا للوكالة.

معضلة الدولار.. هل يضعف في ظل ترامب؟

وفي تحليل مفصل أجرته رويترز، أعرب خبراء إستراتيجيون في "سيتي" عن أنه من غير المرجح أن تؤدي رئاسة ترامب إلى إضعاف الدولار الأميركي، على الرغم من التعليقات العامة للرئيس السابق التي تشير إلى الرغبة في مثل هذه النتيجة.

ويصر الخبراء الذين نقلت رويترز عنهم، على أن الانتخابات الأميركية ستكون في نهاية المطاف إيجابية بالنسبة للدولار، ومن المرجح أن يتم تسعير هذه التوقعات بالكامل بحلول الخامس من نوفمبر/كانون الأول المقبل.

ويقول الإستراتيجيون "نكرر سبب اعتقادنا أن الانتخابات ستكون إيجابية للدولار في أحدث توقعاتنا لسوق العملات. ومع ذلك، فإننا ندرك أن تعليقات ترامب في مقابلة أجريت معه مؤخرًا تشير ضمنًا إلى الرغبة في إضعاف الدولار الأميركي".

وينصح الخبراء بالحذر، مشيرين إلى أن معنويات السوق يمكن أن تكون متقلبة للغاية، خاصة مع اقتراب الانتخابات.

وتنقل رويترز عنهم توصيتهم بالانتظار حتى أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول المقبلين للنظر في صفقات شراء الدولار الأميركي، إذ تشهد هذه الفترة تاريخيا تداولًا أكثر نشاطا تحسبًا لنتائج الانتخابات.

ويسلط المحللون الضوء أيضًا على تركيز ترامب على التجارة وتأثيراتها على أسواق العملات، خاصة فيما يتعلق بسعر صرف اليورو/الدولار الأميركي.

حسب بلومبيرغ، كثيرون يرون أن إعلان تعيين جي دي فانس نائبا للرئيس يدل على تحوّل يميني متطرف للحزب الجمهوري (رويترز) ارتفاع المخاطر الاقتصادية

ترى بلومبيرغ أنه بينما تستعد الولايات المتحدة لإجراء انتخاباتها الرئاسية، فإن المخاطر الاقتصادية مرتفعة إلى حد غير عادي.

ويواجه الرئيس بايدن ضغوطًا للتخلي عن محاولته إعادة انتخابه وسط دعوات من الديمقراطيين بعد أداء باهت في المناظرة.

وفي المقابل، يواصل دونالد ترامب، بعد أن نجا من محاولة اغتيال وقبل ترشيح الحزب الجمهوري، الترويج للسياسات التي يحذر الاقتصاديون من أنها قد تؤدي إلى التضخم وعدم استقرار السوق.

وقد تميز خطاب ترامب الأخير في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري -وفقا لبلومبيرغ- بمزيج من الموضوعات والملاحظات المثيرة للجدل، بما في ذلك الإشارات إلى شخصيات خيالية وشخصيات سياسية مثيرة للجدل.

ويرى كثيرون أن إعلانه عن تعيين جي دي فانس، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، نائبا له يدل على تحوّل يميني متطرف للحزب الجمهوري، مما يمهد الطريق لتحولات سياسية كبيرة إذا فاز بالرئاسة.

وتجلب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة معها مجموعة من الشكوك الاقتصادية وفقا لبلومبيرغ. ومن الممكن أن تؤثر سياسات ترامب المقترحة بشكل كبير على التضخم واستقرار السوق، في حين تستمر ديناميكيات التجارة العالمية في التطور.

ويؤكد الاقتصاديون وإستراتيجيو السوق على الحاجة إلى التنقل الحذر خلال هذه الأوقات المضطربة، حيث تظل نتائج هذه السياسات والانتخابات نفسها غير قابلة للتنبؤ بها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاحتیاطی الفدرالی الدولار الأمیرکی بنک الاحتیاطی سیاسات ترامب أن تؤدی یمکن أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: لماذا أدرج ترامب 7 دول أفريقية في قائمة حظر السفر؟

أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إدراج 7 دول أفريقية في قائمة حظر السفر تساؤلات واسعة عن الأسس التي بُني عليها القرار، خاصة في ظل غياب رابط واضح بين تلك الدول، وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وقالت الصحيفة إن الدول التي شملها القرار هي: تشاد، غينيا الاستوائية، إريتريا، ليبيا، الصومال، جمهورية الكونغو، السودان. ورغم أن القاسم المشترك بينها هو انتماؤها الجغرافي لأفريقيا، فإنها تختلف جذريا في أنظمتها السياسية، وواقعها الأمني، ومعدلات الهجرة منها إلى الولايات المتحدة.

معايير غير متسقة

وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة ترامب أعلنت أن إدراج هذه الدول استند إلى عوامل مثل وجود "تهديد إرهابي"، أو "معدلات عالية في تجاوز مدة التأشيرة"، أو "عدم التعاون في استعادة المهاجرين المرحّلين".

غير أن البيانات الحكومية تشير إلى أن تطبيق هذه المعايير كان انتقائيا إلى حد كبير، حسب الصحيفة.

فرغم أن دولًا مثل تشاد والصومال والسودان تواجه تهديدات أمنية، فإن دولًا أخرى أفريقية تشهد عنفًا أكبر من جماعات مسلحة، مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لم تُدرج ضمن القائمة، رغم أنها تحكم حاليا بأنظمة عسكرية وصلت عبر انقلابات.

قوانين الهجرة التي أصدرها ترامب أثارت مواجهات وأحداث شغب في ولاية كاليفورنيا (رويترز) أرقام غير مبررة

وبحسب بيانات وزارة الأمن الداخلي الأميركية، فإن نسب تجاوز مدة الإقامة للمواطنين من بعض هذه الدول مرتفعة نظريا: تشاد (49%)، وغينيا الاستوائية (33%)، وجمهورية الكونغو (30%) عام 2023.

إعلان

لكن الأرقام المطلقة تظل منخفضة للغاية، إذ لم يتجاوز عدد من خرقوا مدة التأشيرة من الدول السبع مجتمعة 2500 شخص.

وبالمقارنة، تجاوز أكثر من 15 ألف مواطن من جامايكا مدة الإقامة المسموح بها في تأشيرات السياحة والأعمال وحدها، من دون أن يشملها الحظر.

كذلك فإن دولًا أفريقية أخرى مثل نيجيريا وغانا سجّلت آلاف الحالات من تجاوز التأشيرة، لكنها لم تُدرج ضمن القائمة.

وأشارت الصحيفة إلى أن أكثر من 98 ألف شخص من دول غربية وآسيوية متقدمة -تشملها اتفاقيات الإعفاء من التأشيرة- تجاوزوا مدة الإقامة المسموح بها في عام 2023، من دون أن تواجه دولهم أي إجراءات مماثلة.

هل هو وصم جماعي؟

نقلت الصحيفة عن المحلل السياسي الغاني برايت سيمونز قوله إن الإدارة الأميركية "تعاقب شعوبًا بأكملها على أخطاء أفراد".

وأضاف أن من غير المنطقي تحميل حكومات الدول مسؤولية أفعال لا تستطيع فعليا منعها، مثل تجاوز الأفراد مدة تأشيراتهم.

واقترح سيمونز حلولاً بديلة، مثل فرض تأمين مالي على الزوار خلال تقديم طلب التأشيرة، كما تفعل بعض الدول، للحد من حالات الإقامة غير القانونية دون اللجوء إلى سياسات جماعية "توصف بالتمييزية".

مقالات مشابهة

  • تشابمان: مستقبل الحزب الجمهوري يتطلب تجاوز الخلافات الحالية والاتفاق على رؤية موحدة
  • تشابمان: الانقسام داخل الحزب الجمهوري ليس حول الهجرة فقط
  • أحداث أمريكا .. الحزب الجمهوري يحذر من أعمال الشغب بكاليفورنيا
  • عضوة الحزب الجمهوري الأمريكي: الفوضى في كاليفورنيا قد تمتد لباقي الولايات الأمريكية
  • نيويورك تايمز: لماذا أدرج ترامب 7 دول أفريقية في قائمة حظر السفر؟
  • أسعار الأورو والدولار في السكوار !
  • ترامب مُهاجمًا مظاهرات لوس أنجلوس ضد سياسات الهجرة: عصابات عنيفة ومتمردة
  • يونيو يبدأ باختبار الأسواق.. العملات والذهب تحت ضغط البيانات
  • أزمة صحية.. لماذا سُحبت 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأميركية؟
  • تصاعد الخلاف بين ترامب وإيلون ماسك يثير القلق داخل الحزب الجمهوري