الجزيرة:
2025-07-06@11:26:16 GMT

الهزيمة والنهاية.. متلازمة الخوف في إسرائيل

تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT

الهزيمة والنهاية.. متلازمة الخوف في إسرائيل

يستمرّ نزيف الدم الفلسطيني، في قطاع غزة  وخارجه، منذ أكثر من تسعة أشهر، وسط جمود مُخجل في المشهد الدولي الذي استنفد أدواته السياسية والخطابية والإعلامية، مكتفيًا بالإعراب عن القلق والمطالبة بوقف العدوان وإدخال المساعدات، دون القدرة على إنقاذ الإنسان الذي يُقتل جوعًا عن سبق إصرار وترصّد.

هو مشهد يكشف انهيار المنظومة الدولية أخلاقيًا وسياسيًا أمام حائط الإرادة الأميركية الراعية للاحتلال الإسرائيلي الذي يعيش فوق القانون والقيم الإنسانية، وهكذا يترسّخ منطق الغاب.

أشار إلى ذلك كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في مقابلة مع شبكة CNN الأميركية، بعد رفعه طلبًا لقضاة المحكمة لإصدار مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت، إذ قال: "تحدث معي بعض الساسة وكانوا صريحين للغاية وقالوا: هذه المحكمة بنيت من أجل أفريقيا، ومن أجل السفّاحين مثل بوتين".

ازدواجية معايير وعنصرية

تكمن الأزمة في ازدواجية المعايير، حيث يريد هؤلاء الساسة تقسيم العالم إلى سادة وعبيد، ولكل منهم معايير مختلفة، فقيمة الإنسان الشرق أوسطي أو الآسيوي أو الأفريقي لا تساوي قيمة الإنسان الغربي أو الإسرائيلي الذي يشاطرهم ثقافتهم بأبعاد لاهوتية.

تلك المعايير المزدوجة المشبعة بالعنصرية تولد لدى الشعوب المضطهدة شعور الحاجة للدفاع عن النفس بالقوة لحماية الذات وكرامة الإنسان. وأبرز من يشعر بذلك، الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، كالشعب الفلسطيني الذي فشل تعويله على المنظومة الدولية وقراراتها، ومسار المفاوضات لأكثر من 30 سنة. والمحصلة كانت مزيدًا من الاستيطان الإحلالي، واستمرار آلة القتل وتدمير مقوّمات الحياة في عموم الضفة الغربية والقدس المثقلة بسياسات التهويد.

معايير الغرب المزدوجة والمنحازة للاحتلال الإسرائيلي هي عامل أساسي في استمرار الصراع في فلسطين واضطراب عموم الشرق الأوسط، فالشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة تنظر كيف يتعامل حلف الناتو؛ حلف المنظومة الغربية، مع أوكرانيا التي يمدها بكل أنواع السلاح والمال واحتياجات الإغاثة؛ لمواجهة الهجوم الروسي على أراضيها.

هؤلاء ذاتهم يمدون إسرائيل، المعرفة قانونيًا كقوة احتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، بكل أنواع الأسلحة الفتاكة لقتل الفلسطينيين الأبرياء (130 ألف شهيد وجريح)، وتدمير معالم الحياة في كامل قطاع غزة، (تم تدمير 34 مستشفى وعشرات المراكز الطبية)، والمدارس والجامعات، والبنية التحتية، إضافة إلى تدمير نحو 450 ألف وحدة سكنية.

تستمرّ المأساة والخذلان، بما في ذلك خذلان المؤسسات العربية، وكأن ما يجري في قطاع غزة عبارة عن فيلم سينمائي يستحقّ التعاطف الافتراضي في عالم متخيل.

ضعف الموقف الدولي والعربي، وغياب الإجراءات الفاعلة، يشجّعان الاحتلال على الاستمرار في جرائمه، كما يخلقان فراغًا متدحرجًا في فلسطين وعموم المنطقة، لا يملؤه إلا مقاومة الشعوب لحماية نفسها من احتلال متوحش مارق، تجاوز الأعراف والمواثيق الدولية، ولا يكترث بالاعتراضات اللفظية لدول العالم، مادام يأمن المحاسبة والعقاب.

العين على الضفة والقدس

انغلاق المسارات السياسية بفشل مسار أوسلو وتحوله إلى عبء على الشعب الفلسطيني، وجنوح المجتمع الصهيوني وقيادته إلى التطرف السياسي والأيديولوجي برفض الدولة الفلسطينية ورفض الاعتراف بوجود شعب فلسطيني له حق تقرير المصير، يزيد كل ذلك حدة المواجهة؛ لأن الاحتلال، خطابيًا وواقعيًا، يعمل على تقويض الحالة الوطنية في الضفة الغربية بالتوازي مع عدوانه المستمر على قطاع غزة.

صحيح أن بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف بزعامة وزير الأمن القومي بن غفير، ووزير المالية سموتريتش، يسعون لإطالة أمد الحرب لأسباب شخصية، أو للخشية من الفشل في أية انتخابات قادمة لعجزهم عن تحقيق أهداف الحرب ضد قطاع غزة، إلا أنه لا بد من القول أيضًا إنهم يرون في وجودهم في الحكم فرصة ذهبية لتحقيق أهدافهم بضمّ الضفة الغربية والقدس إلى دولة إسرائيل تدريجيًا وفقًا لإجراءات تقوم على فرض الأمر الواقع بالقوة.

هذا المشروع المركزي للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية يدفع بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف إلى التمسك بفكرة القضاء على المقاومة الفلسطينية، وحركة حماس عسكريًا وسلطويًا. فوجود الحركة والمقاومة، ليس فقط تهديدًا لإسرائيل المحتلة، لكنه سبب لتعطيل مشاريع ضمّ الضفة والقدس، وإرباك للحسابات الإسرائيلية في المنطقة، وفي مقدمتها مشروع التطبيع. وهذا يفسر إصرار نتنياهو على شطب حركة حماس من المعادلة، أو فرض شروط تفاوضية، يعني القبول بها، القبول بالاحتلال وسيطرته على غزة، كما الضفة والقدس.

ضعف الإدارة الأميركية الحالية، وتجنبها ممارسة ضغوط حقيقية على حكومة الاحتلال خشية ارتدادات ذلك سلبًا على فرص الديمقراطيين في الانتخابات، يشجعان نتنياهو واليمين المتطرف على الاستمرار في مخططاتهم.

فبالنسبة لنتنياهو، فقد كان الوقت هو ما يحتاجه انتظارًا لعودة المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض إذا ما واصل تصدر الاستطلاعات، ومعه يأمل نتنياهو في التعاون للقضاء على المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، وربما توجيه ضربات عسكرية كبيرة لحزب الله لخلق حزام أمني عازل حول حدود فلسطين الشمالية، حتى يتسنى التفرغ للمضي قدمًا في إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية عبر ضمّ الضفة الغربية والقدس. وهذا ليس بعيدًا عن تفكير دونالد ترامب، صاحب صفقة القرن التي أعدّها بالشراكة مع نتنياهو في دورته السابقة.

ما زلنا في ذروة المعركة، والأشهر القادمة حاسمة في رسم معالم المستقبل؛ لأن الاحتلال أرادها معركة وجودية على أرض فلسطين التاريخية، وهو مسار إلزامي يفرضه اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو الذي ترتبط الهزيمة في عقله ببداية نهاية إسرائيل. وقد وعد نتنياهو الجمهور الإسرائيلي في العام 2017 بأن تتجاوز دولة إسرائيل لعنة الثمانين عامًا، وتتجاوز المائة سنة لتتخطى عمر دولة "الحشمونائيم" في التاريخ اليهودي القديم.

فهل ينجح نتنياهو في ذلك ليكون ملكًا متوّجًا لإسرائيل أم تدركهما سويًا لعنة العقد الثامن؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الضفة الغربیة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

مواجهات وإصابات في اقتحام قوات الاحتلال لمناطق بالضفة الغربية

أصيب عدد من الفلسطينيين، بينهم أطفال، خلال اقتحام قوات الاحتلال، فجر اليوم الأحد، عدة مناطق بالضفة الغربية ما تسبب باندلاع مواجهات واعتقال عدد من الأشخاص.

وأفادت مصادر محلية، بإصابة عدد من الفلسطينيين، بينهم أطفال، جراء إطلاق جيش الاحتلال قنابل الغاز تجاه المنازل في بلدة الخضر جنوب بيت لحم جنوب الضفة الغربية.

وقالت مصادر فلسطينية، إن قوة عسكرية من جيش الاحتلال اقتحمت مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، من حاجز عورتا، وداهمت منزلا في منطقة الضاحية العليا.

واعتقلت قوات الاحتلال أكرم نصار قاسم نصار بعد مداهمة منزله في بلدة مادما جنوب نابلس، كما اعتقلت الشاب محمد نضال خطاطبة من منزله في بيت فوريك.



وفي الخليل اعتقل جيش الاحتلال عامر ماهر الهشلمون من مدينة الخليل على حاجز متنقل على مفرق بلدة سعير.

كما اقتحمت قوة من جيش الاحتلال مدينة قلقيلية، شمال الضفة الغربية، من مدخلها الشرقي، وسط اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال في شارع نابلس بالمدينة.

وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال اقتحمت مخيم العروب، شمال الخليل في الضفة الغربية، بأعداد كبيرة، تزامنا مع اقتحام بلدة بيت أمر شمال الخليل.

وفي طولكرم، اقتحمت قوات الاحتلال ضاحية شويكة شمال المدينة.

مقالات مشابهة

  • مواجهات وإصابات في اقتحام قوات الاحتلال لمناطق بالضفة الغربية
  • نتنياهو والقبول بوقف القتال.. ما الذي تغير؟
  • ارتفاع الاستيطان بالضفة الغربية بولاية نتنياهو بنسبة 40%
  • العدو الصهيوني يدمر مدرسةً ويشرد سكاناً في الضفة الغربية
  • حصار متصاعد وسور جديد يحاصر بلدة سنجل في الضفة الغربية
  • خلال أسبوع..59 عملاً مقاوماً نوعياً وشعبياً في الضفة والقدس المحتلة
  • نتنياهو يواجه ضغوطًا داخل الليكود لفرض السيادة على الضفة الغربية وسط إدانات عربية ودولية
  • مصادر مقربة من نتنياهو: رئيس الوزراء ملتزم بفرض السيادة على الضفة الغربية
  • الاحتلال يشن حملة اعتقالات ليلية في الضفة الغربية
  • ضم الضفة .. متطرفون ورئيس الكنيست يطالبون نتنياهو بالتنفيذ