تحدثنا سابقاً عن استراتيجية"نتانياهو" في حربه ضد المقاومة مستنداً إلى مجموعة من العوامل التي تمكِّنه من استمرارية الحرب للهروب من المحاكمات التي تنتظره، أهمها زيادة معدلات التدمير لتركيع الحاضنة الشعبية التي تقف خلف المقاومة لتركها في العراء دون ظهير يدعِّمها من أجل التسليم والإذعان والقضاء على أي صورة من صور الممانعة بكافة أنواعها عسكرية كانت أو ساسية، ليتحقق مرادهم وأعني الإنبطاح التام والتبعية الكاملة التي لا يرضون بغيرها خاصة لتلك الأمة التي تسكن بين المحيط والخليج وصولاً إلى حدوث الإنهيار الكامل لفرض الأمر الواقع الذي خططت له الصهيونية وتكفلت أذرعها العربية بتنفيذه.

.

ولقد استندت المقاومة إلى عدة خيارات استراتيجية هامة لمعركتها الطويلة مع المحتل، ومع داعميه في الغرب، ومع أذنابه في الإقليم المنتمين زوراً إلى العروبة والإسلام!

1 ـ الاستعداد المبكر للمعركة..     

وهي الاستراتيجية البعيدة في مداها، القوية في مبناها، الرائعة في نتائجها، حيث أعدت المقاومة بكافة أجنحتها العُدة، ورسخّت في ذهن أبنائها: أن اليوم أتٍ قريب غير بعيد، وأن معالمه تختلف بطبعيته عن أي مناوشات حدثت في الماضي مع العدو الصهيوني، وأن التخطيط يجري لمعركة فاصلة بين المقاومة والإحتلال، بين الكرامة والمهانة، بين الحق والباطل، فبعثت المقاومة مبكراً بأبنائها للخارج ليتدربوا على أعلى مستويات القتال والالتحام وإدارة معارك الشوارع وحرب العصابات، وأقامت مدينة للأنفاق تحت القطاع تجاوز طولها 500 كيلو متر! حتى وصفه أحد الخبراء مادحاً المقاومة أنهم يديرون حرب شوارع من خلال الأنفاق تفوق ما فعله المقاتلون الفيتناميون ضد الأمريكيين!..

2 ـ صناعة سيناريو الخداع الاستراتيجي الذي أبدع "السنوار"و"الضيف" في نسجه

ومن أخطر استراتيجيات المقاومة ما قام قادتها وعلى رأسهم القائد السياسي والإستراتيجي يحيى السنوار ومعه القائد العسكري للقسام محمدالضيف، حيث عمدا إلى خطة خداعٍ ذات أوجُهٍ متعددة بدءاً بالتصريحات التي هدَّأت الأجواء ودارت جُلها حول علاج الأزمات الاقتصادية للقطاع والبعض منها وخاصة تلك التي خرجت من السنوار تتحدث عن التركيز على إقامة علاقات متوازنة مع إسرائيل! واحتواء الأزمات التي يعج بها القطاع، وبالنسبة للقائد الشبح محمدالضيف فقد تحرك بسرية تامة رغم ملاحقة العيون له من أجهزة استخبارتٍ غربية مع عيون الموساد و"الشاباك" بل وعيون بعض أجهزة استخبارات عربية.. الكل يحاول أن يعرف ما تخبئه المقاومة! فكانت يوميات الحركة عبارة عن البرنامج اليومي ـ هكذا أرادت المقاومة! ـ حتى جاءت ساعة الصفر في صباح يوم السابع من أكتوبر ليشاهد العالم مقاتلين على أعلى درجة من الرشاقة والقوة يتفوقون على غيرهم من الكوماندوز وقوات النخبة المدللة في جيوش العالم!، فخلّف أداؤهم الخاطف للعالم المتابع مزيجاً من الصدمة والانبهار معاً!

3 ـ تجهيز ذراع إعلامي للمقاومة على أعلى درجات الاحترافية

وهذه استراتيجية رائعة من روائع المقاومة، حيث اصطحب المصورون إخوانهم المقاتلين كتفاً بكتف داخل الأنفاق وخلال تنفيذ العمليات حتى من المسافة صفر، لينقلوا لنا ما يدور أولا بأول، ولتحقق المقاومة بذلك عدة أهداف أولُها تفاعلها مع ظهيرها الشعبي داخل القطاع وخارجه من العالمين العربي والإسلامي، ثانيها الحيلولة دون تزوير الحقائق من جانب الصهاينة أو من جانب الإعلام المتصهين الغربي أو العربي على السواء!، ثالثها الضغط على معنويات العدو الصهيوني حينما يرى شجاعة وبسالة رجال المقاومة في تنفيذهم للعمليات..

بعثت المقاومة مبكراً بأبنائها للخارج ليتدربوا على أعلى مستويات القتال والالتحام وإدارة معارك الشوارع وحرب العصابات، وأقامت مدينة للأنفاق تحت القطاع تجاوز طولها 500 كيلو متر!4 ـ استخدام ورقة أسرى العدو للضغط على أسرهم بإذاعة كلماتهم ومناشداتهم لأسرهم ولقادتهم وتوبيخ نتنياهو ومن معه على تركهم ينتظرون الموت، فكانت هذه الفيديوهات بمثابة ورقة ضغط شديدة على نتنياهو وحكومته بعدما ألهبت حماسة الشارع الإسرائيلي وأوقدت نار الغضب داخل صدورهم!

 5 ـ قوة ايمان أهل غزة بقضيتهم..

كانت من أهم استراتيجيات المقاومة على الإطلاق، فقد أظهروا من الثبات والإيمان ما جعلهم يزاحمون المجاهدين على ثغور المعركة بل ويتفوقون عليهم، ولم يختص الرجال بذلك الثبات بل رأيناه في النساء أمهات وزوجات مباركات يتحدثن بثبات ورضى في لحظات زفاف ذويهم من الشهداء إلى رحاب ربهم، إضافة إلى تعفف أهل غزة عن طلب العون والغوث من العرب لمعرفتهم بحقيقة ضعفهم المشين، ولقد تجرعوا الإحساس بالمرارة حينما انتظروا الإغاثة من تلك المنظمة الباردة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ـ الجامعة العربية! ـ  فوصلوا إلى حالة من اليقين أن لا فائدة من العرب وأنه لن يحك ظهرهم إلا ظفرهم! وأن إيمانهم بالله هو طوق النجاة لهم، وبهذا استفادت المقاومة واطمأنت إلى ظهيرها الشعبي خلفها..

6 ـ تنويع مصادر الاتصال والتواصل السياسي مع الخارج..

بدءاً بمصر ثم قطر وبعدهما تركيا وصولا إلى روسيا والصين..إلخ، فأعطى ذلك لها حرية الحركة والمراوغة المطلوبة! وفرْض معادلات سياسية جديدة، واستفادت المقاومة من دخول هؤلاء إلى الساحة وملئهم للفراغ الذي كانت تشغله أمريكا وحدها! كي تُضَيّق الخناق على رموز المقاومة للرضوخ والاستسلام لما يريده الاحتلال وينطق به الأمريكان وتباركه المنظمات الدولية، حتى استطاعت مواجهة التحيز الأمريكي والضعف العربي والصمت الدولي، بالشركاء الجدد ـ روسيا والصين وتركيا ـ، والجدير بالذكر أنه لولا قوة الضربات النوعية والموجعة من المقاومة وارتفاع قدراتها وانكشاف سوءة الوسيط المنحاز ـ أمريكا ـ وحاجة الإحتلال إلى ابرام صفقات عاجلة وضرورية ـ دعك من كِبر نتنياهو واليمين المتغطرس! ـ  لما تمكنت المقاومة من تحريك المياه الراكدة، ولما استطاعت استمالة الشركاء فالضعيف لا يحترمه أحد!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة غزة الاحتلال احتلال فلسطين مقاومة غزة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أعلى

إقرأ أيضاً:

الرهوي: الحكومة ستعمل على تسهيل كل التحديات التي تواجه قطاعي الزراعة والثروة السمكية

اطّلع رئيس مجلس الوزراء أحمد غالب الرهوي، خلال زيارته اليوم لوزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية على سير نشاط الوزارة والوحدات الإدارية التابعة لها ومستوى الأداء العام في هذا القطاع.

والتقى رئيس مجلس الوزراء خلال الزيارة وزير الزراعة الدكتور رضوان الرباعي ووكلاء الوزارة ورؤساء الهيئات والمؤسسات التابعة لها ورئيس الاتحاد التعاوني الزراعي.

جرى مناقشة قضايا الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية وسبل تعزيز النجاحات المحققة في هذا القطاع الحيوي المتصل مباشرة بالأمن الغذائي للجمهورية اليمنية، وآلية معالجة الإشكاليات والصعوبات الآنية التي تواجه الوزارة والوحدات التابعة لها.

وأكد رئيس مجلس الوزراء، اهتمام القيادة العليا وحكومة التغيير والبناء بالقطاع الزراعي للنهوض به باعتباره من الأولويات القصوى لتحقيق الاكتفاء الذاتي من مختلف المحاصيل الزراعية سيما الاستراتيجية منها.

وأوضح أن الحكومة ستعمل على تسهيل كل التحديات والصعوبات التي تواجه قطاعا الزراعة والثروة السمكية وضمان التنسيق المستمر بين الوزارة وكل القطاعات ذات العلاقة لمعالجة المعوقات وتقديم التسهيلات اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية للمزارعين والصيادين.

وعبر الرهوي عن الشكر والتقدير لقيادة وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية والوحدات التابعة لها على الجهود المبذولة لتنمية وتطوير هذا القطاع الواسع ومساره الإنتاجي في خدمة الأمن الغذائي.

ولفت إلى التوجه العملي للحكومة للاستفادة من فائض الإنتاج الزراعي في عدد من المحاصيل في الصناعات الغذائية بالتعاون مع القطاع الخاص.

وكان وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية الدكتور الرباعي، استعرض ما تم إنجازه من قبل الوزارة من مشاريع وبرامج منذ تشكيل الحكومة حتى اللحظة.

وأشار إلى بعض المشاريع الجاري تنفيذها والنتائج التي تم الوصول إليها وآثارها في تحسين جودة الخدمات .. لافتًا إلى المنتجات الزراعية التي تم الاكتفاء منها خلال العام 1446هـ، وأبرز المعوقات التي تواجهها، ما يستدعي دعم وإسناد الحكومة للتغلب عليها.

ونوه الدكتور الرباعي بالنجاح المحقق في محاصيل الحبوب، سيما محصول القمح الذي توليه القيادة الثورية عناية خاصة وحجم التوسع السنوي في زراعته وتحديدًا في محافظة الجوف.

وبين أن تعزيز المكاسب المحققة في القطاع ومواصلة التطوير المستمر للجوانب الخدمية والإنتاجية للقطاعات الزراعية والسمكية والمائية يتطلب تضافر جهود كافة الجهات المعنية وذات العلاقة مع الوزارة وتكامل الأدوار فيما بينها.

فيما استعرض وكلاء القطاعات المختصة في الوزارة ورؤساء الهيئات والمؤسسات ورئيس الاتحاد الزراعي ومدير مكتب الزراعة في محافظة الجوف، أهم الإنجازات المحققة على مستوى القطاعات والهيئات والمؤسسات كلاً في إطار مهامه واختصاصاته.

وتطرقوا إلى ما تم إنجازه في إطار برنامج التوسع الزراعي وإدارة فاتورة الاستيراد والأتمتة والتحول الرقمي بالوزارة، وكذا الزراعة التعاقدية والمبادرات المائية لتغذية المياه الجوفية وغيرها من المشاريع والبرامج الجاري تنفيذها بالوزارة.

مقالات مشابهة

  • الجنوب يختتم الإنتخابات البلدية.. هذه تفاصيل أجواء يوم الاقتراع الطويل
  • الرهوي: الحكومة ستعمل على تسهيل كل التحديات التي تواجه قطاعي الزراعة والثروة السمكية
  • بوليتيكو: إحباط وغضب بإدارة ترامب من نتنياهو وحكومته
  • المتحدث باسم الحكومة الألمانية يكشف تفاصيل خاصة عن المساعدات التي سمح العدو الصهيوني بإدخالها إلى قطاع غزة
  • مشاركون في «اصنع في الإمارات» لـ«الاتحاد»: «مشروع 300 مليار» اسـتراتيجية النمو المستدام للصناعة الإماراتية
  • ثنائي الزمالك يخوض تدريبات تأهيلية استعدادًا لمواجهة بتروجت
  • “انهيار التنسيق وفرار الجنود”.. جيش الاحتلال يُقرّ بفشله في “كيسوفيم”
  • استعمال تقنيات ذكية لرصد الحشود في المسجد الحرام خلال حج 1446هـ
  • مصطفى بكري: نتنياهو وحكومته مسؤولان عن ‏حادث المتحف اليهودي بواشنطن
  • حماس: نرفض إملاءات نتنياهو ولن نتخلى عن سلاحنا