عُمان والصين.. إبحار نحو المستقبل
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
محمد رامس الرواس
العلاقات بين سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية علاقات دولية يُحتذى بها في نسج الصداقة والتعاون بين الشعوب والدول؛ من خلال نشر قيم السلام وترسيخ الحوار؛ كونهما ينتميان للحضارة الشرقية التي ترتكز في جوهرها على التفاهم والوئام.
هناك شعوب قد لا تجمعها لغة أو دين أو حدود مشتركة، وقد لا تجمعها ثقافة واحدة، لكن تجمعها قيم ورؤى ومبادئ إنسانية تم الاتفاق عليها ضمنيًّا؛ من خلال ما تمتاز به هذه الشعوب من تصديرها للعطاء الإنساني والوجداني للبشرية.
ولقد كانت التجارة واحدة من أهم أسباب اختلاط الشعوب وتفاعلها وتعارفها وتواصلها، ولقد كان للتجار العمانيين باع طويل في هذا الشأن، فلقد كانوا يسافرون ببضائعهم شرقا وغربا، ويجلبون البضائع من أنحاء المعمورة رغم المشقة التي يكابدونها خلال ترحالهم بسفنهم، فيستوردون شتى أنواع البضائع ويعيدون تصديرها؛ مما أوجد خطوطَ اتصال وتلاقي ثقافات بينهم وبين حضارات العالم، ورغم بُعد المسافات بينهما ومشقة الترحال في البحار، كان للعلاقات العمانية الصينية السبق في وجود تبادل اقتصادي وثقافي وتكوين علاقات قوية وإقامة مصالح مشتركة قبل 1200 عام؛ من خلال التبادل التجاري والدبلوماسي بينهما، ولقد تكوَّنت العلاقات العمانية-الصينية على مر العصور والقرون عبر مراحل متعددة، فذكر لنا التاريخ رموزًا وشخصيات عمانية وصينية قامت بهذا الدور الثقافي؛ منهم على سبيل المثال لا الحصر: العُماني جنرال الاخلاق عبد الله بن القاسم الشهير بأبي عُبيدة العماني، والأدميرال الصيني تشينج خه الذي عرفه العمانيون باسم "حجّي محمود شمس الدين"، الذي يوجد له اليوم نصب تذكاري بمدينة صلالة؛ تخليدا لزياراته المتكررة وعلاقته الوثيقة من خلال جلبه اللبان من ظفار للصين.
والأمر لا يقف عند تبادل تجاري واقتصادي فقط، بل امتد للجوانب الثقافية وتعزيز التفاهم والتواصل والتعارف والتجارب، وهذا ما حدث بالضبط للعلاقات العمانية الصينية؛ فلقد كونت هذه العلاقات تعزيزا قويا لقيم التفاهم والاحترام المتبادل؛ من خلال نشر الأخلاق السامية؛ مما مهد السبل لنقل الافكار والرؤى والمعتقدات، بذلك كانت سماحة المتلقي والناقل من الطرفين في العلاقات الصينية العمانية قد سمحت لمثل هذه الأفكار والمعتقدات بأن تصل، فانتشر الإسلام بفضل من الله ثم بفضل هؤلاء التجار الذين ضربوا أروع الأمثلة عند تعاملهم مع الحضارات والشعوب الأخرى، لقد عزَّز التجار العمانيون الانفتاح على العالم من خلال سماحة دينهم وجمال أسلوبهم وروعة ثقافتهم وتنوع تواصلهم، واليوم من خلال ما نشهد من تبادل ثقافي بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية إنما يأتي من خلال نقاط التقاء قد تمَّت في الماضي، ورسخت بتواصل هذه العلاقات الثقافية والإنسانية والتجارية، وانعكس ذلك بلا شك على العلاقات السياسية التي يشهدها البلدان، فلقد أسهمت التأثيرات الإيجابية للعلاقات في امتداد هذه العلاقات وتواصلها وتطورها ونمائها واستدامتها من خلال المشروع الصيني العالمي "الحزام والطريق" ورؤية عُمان 2040، وإقامة الأسابيع الثقافية، ولا يزال سجل العلاقات العمانية الصينية يكتب في صفحاتة مزيدًا من التطورات والنماء في مجالات الصناعة والتجارة والصحة والتكنولوجيا والتعليم والادارة، إضافة إلى تنامي الاستثمارات المتنوعة بينهما حاليا ومستقبلا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حسام هيبة: أجندة تعاون استثماري مزدحمة بين مصر والصين خلال الأشهر المُقبلة
التقى حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وانج وي تشونج، حاكم مقاطعة قوانجدونج الصينية، على رأس وفد ضم ممثلي الجهات الحكومية المختلفة بالمقاطعة والشركات الصينية الراغبة في الاستثمار في السوق المصري، والشركات الصينية العاملة في السوق المصري وعلى رأسها ميديا، وأوبو، وZTE للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وGAC لصناعة السيارات.
وبحث الجانبان أجندة التعاون الاستثماري خلال النصف الثاني من عام 2025، والتي تتضمن مشاركة وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية في المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة تيانجين الصينية من 24 إلى 26 يونيو المقبل، بعدها سيتم تنظيم اجتماعات بمجتمع الأعمال الصيني في بكين وشنجهاي، ومن المخطط عقد منتدى الاستثمار المصري الصيني في القاهرة يوليو المقبل بحضور نائب وزير التجارة الصيني، وانغ شو ون، كما يجري التحضير حالياً للمشاركة في معرض الصين للاستيراد والتصدير، الذي ستستضيفه مقاطعة قواندونج، أكتوبر المُقبل، بحضور 60 ألف مؤسسة اقتصادية، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات الأخرى.
وقال حسام هيبة إن أجندة التعاون الاستثماري المُزدحمة بين البلدين ترجع إلى عدة عوامل أهمها التقارب السياسي بين قيادات البلدين، والبيئة الاستثمارية الجذابة في مصر، والتغيرات المستمرة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، ما أدى إلى تغيير استراتيجيات الاستثمار حول العالم والحاجة إلى تشكيل سلاسل قيمة مضافة جديدة، ونتيجة ذلك تستقبل الهيئة وفود استثمارية صينية بمعدلات متزايدة للاستثمار واستكشاف فرص الاستثمار في مصر.
ووفق بيانات الهيئة العامة للاستثمار بلغ عدد الشركات الصينية العاملة في مصر حوالي 2800 شركة، بإجمالي تكاليف استثمارية تجاوزت 8 مليارات دولار، منها علامات تجارية معروفة في السوق المصري، مثل أوبو وهاير وجوشي وميديا وتيدا وهواوي وبريليانس.
وقال الرئيس التنفيذي للهيئة إن الحكومة المصرية تولي اهتماماً خاصاً بالاستثمارات الصينية كونها تستهدف نقل التكنولوجيا الصينية إلى مصر، والتشغيل الكثيف للعمالة، بالإضافة إلى ضخامة الاستثمارات الصينية في العديد من الأحيان، فعلى سبيل المثال تخطط الهيئة لإنشاء مدينة نسيجية صينية كاملة في محافظة المنيا بالتعاون مع اتحاد الصناعات النسيجية الصينية، وفق منظومة المناطق الحرة الداعمة للتصدير، كما تم منح 3 شركات صينية الرخصة الذهبية الجامعة لكل التصاريح المطلوبة لتأسيس وتشغيل الشركات، وهي شركات هاير وميديا وشن فنج.
وذكر حسام هيبة أن الحكومة المصرية تستهدف استقطاب الاستثمارات الصينية في قطاعات صناعة السيارات ومواد البناء والمنسوجات والإلكترونيات والطاقة المتجددة ومراكز البيانات والذكاء الاصطناعي.
من جانبه، أكد وانج وي تشونج على عمق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الجانب المصري، حيث ترتبط البلدين بشراكة استراتيجية شاملة منذ عام 2014، وهي أعلى درجات العلاقات الخارجية، مشيراً إلى توجيهات الرئيس الصيني، شي جين بينج، بتعزيز التعاون مع الجانب المصري.
وأضاف وانج وي تشونج أن مقاطعة قوانجدونج بالذات تتحكم وحدها في خُمس حركة التجارة الصينية مع مصر، كما أن سكان المقاطعة هم الأكثر طلباً على السياحة المصرية، مقترحاً استضافة المقاطعة معرض ثقافي مصري دائم لدعم حركة السياحة بين البلدين.
وأعلن فينج شينج يا، رئيس شركة GAC لصناعة السيارات، نية الشركة ضخ 300 مليون دولار لإنشاء مصنع سيارات للشركة في مصر بغرض تغطية احتياجات السوق المحلي والتصدير للخارج، نتيجة الدعم الذي تقدمه الحكومة المصرية، بقيادة الدكتور مصطفى مدبولي، لصناعة السيارات في مصر.
وقال تشو بنغ، الرئيس التنفيذي لشركة ZTE للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن الشركة تستهدف التوسع في السوق المصري وتوطين التكنولوجيا الصينية في مصر استغلالاً للطلب الكبير من شركات خدمات الاتصالات المصرية على تطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات.
وقال ما جيشيونغ، مدير عام شركة أوبو- مصر، إن الشركة منذ بدء استثماراتها في السوق المصري في عام 2014 تم إنشاء مصنعين على مساحة أكثر من 20 ألف متر مربع، توفر 1000 فرصة عمل، وتنتج من 4 إلى 5 ملايين هاتف سنوياً، معلناً أن الشركة الأم تستهدف تحويل مصانعها في مصر إلى المركز الرئيسي الثاني للتصنيع بعد الصين، بغرض تغطية طلبات السوق المحلي والتصدير إلى دول المنطقة.