المجلس العسكري في النيجر يعتذر عن استقبال وفد من غرب إفريقيا
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
عواصم " وكالات": كررت فرنسا اليوم الثلاثاء موقفها من الوضع في النيجر، مؤكدة دعمها "لجهود بلدان المنطقة لاستعادة الديموقراطية" في هذا البلد، وفق ما قال مصدر دبلوماسي لفرانس برس.
واضاف المصدر "كما اوضحت وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية (كاترين كولونا)، يعود الى الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ان تتخذ قرارا حول كيفية استعادة النظام الدستوري في النيجر، مهما كانت" طبيعة القرار، في وقت اصبح خيار التدخل العسكري مستبعدا.
وتابع المصدر الدبلوماسي أن قمة الجماعة الاقتصادية (إكواس) المقررة غدا الخميس "ستتيح التطرق الى هذا الموضوع".
يجتمع قادة إكواس مجددا الخميس في أبوجا عاصمة نيجيريا لمناقشة تطورات الوضع في النيجر بعد اسبوعين من الانقلاب.
وخلال قمة سابقة في أبوجا في 30 يوليو، أمهل قادة غرب إفريقيا الانقلابيين في النيجر أسبوعا لاعادة الرئيس محمد بازوم الى منصبه، علما بأنه لا يزال محتجزا.
وافاد مصدر قريب من إكواس أن اي تدخل عسكري ليس مطروحا راهنا، لافتا الى أن الحوار يبقى أولوية.
من جهة اخرى، أبلغ المجلس العسكري في النيجر الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي كانت تريد إرسال وفد إلى نيامي، بأنه لا يستطيع المجيء في الوقت الحالي لأسباب "أمنية" على ما جاء في رسالة رسمية.
وجاء في رسالة وزارة الخارجية في النيجر الموجّهة إلى ممثلية الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في نيامي "السياق الحالي من غضب السكان واستيائهم بعد العقوبات التي فرضتها إكواس لا يسمح باستقبال الوفد المذكور في أجواء هادئة وآمنة".
وأضافت هذه الرسالة المؤرخة "تبيّن أن إرجاء زيارة البعثة المقررة" اليوم الثلاثاء "إلى نيامي ضروري وأيضا إعادة النظر في بعض جوانب البرنامج، بما في ذلك الاجتماع مع بعض الشخصيات التي لا يمكن أن تتم لأسباب أمنية واضحة في هذا الجو من التهديد بالعدوان على النيجر".
وكان "إكواس" قد هدّدت بالتدخل عسكريا في النيجر لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه بعدما أطا به انقلاب في 26 يوليو.
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، إن بلاده تدعم الجهود الإقليمية المبذولة من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للوضع "المقلق للغاية" في النيجر، حيث تجاهل المجلس العسكري هناك المطالب بتخليه عن السلطة وبدأ الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة.
قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لإذاعة آر.إف.آي الفرنسية في مقابلة اليوم الثلاثاء إن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لحل الوضع في النيجر وذلك عقب الانقلاب الذي شهدته الدولة الأفريقية يوم 26 يوليو.
وقال بلينكن "ليس هناك شك في أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لحل هذا الوضع"، مضيفا أن الولايات المتحدة تدعم مبادرة زعماء غرب أفريقيا لعقد قمة يوم الخميس لبحث الوضع في النيجر.
وأحجم عن التعليق على احتمال انسحاب الجنود الأمريكيين من هناك.
وسافرت القائمة بأعمال نائب وزير الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، أمس إلى العاصمة نيامي، لإجراء ما وصفته بـ "محادثات صعبة" مع مسؤولي المجلس العسكري، بشأن إعادة بازوم.
وفي تطور لافت، فبعد نحو أسبوعين من تولي الجيش السلطة في النيجر، عين مدبرو الانقلاب وزير الاقتصاد السابق علي الأمين زين رئيسا جديدا للوزراء في البلاد.
وأعلن متحدث باسم المجلس العسكري ذلك على شاشة التلفزيون في وقت متأخر من مساء امس.
وكان الأمين زين سابقا وزيرا للاقتصاد والمالية لعدة سنوات في حكومة الرئيس آنذاك مامادو تانجا، الذي أطيح به في عام 2010، وعمل مؤخرا خبيرا اقتصاديا في بنك التنمية الأفريقي في تشاد، وفقا لتقرير إعلامي نيجيري.
وفي نهاية يوليو، أطاح الجيش بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد بازوم وعلق العمل بالدستور في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 26 مليون نسمة. وفي عهد بازوم، كانت النيجر واحدة من آخر الشركاء الاستراتيجيين للغرب في الحرب ضد تقدم الإسلاميين في منطقة الساحل.
وانتهى إنذار نهائي وجهته المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إلى مدبري الانقلاب لإعادة بازوم إلى منصبه في مطلع الأسبوع. وبخلاف ذلك، ستتخذ إيكواس إجراءات يمكن أن تشمل استخدام القوة، بحسب الإنذار.
وسيجتمع رؤساء وزراء الدول الأعضاء في مجموعة إيكواس في العاصمة النيجيرية أبوجا يوم الخميس المقبل لمناقشة كيفية المضي قدما.
في المقابل، بالرغم من تقييد الحريات، رحب الكثير من أبناء نيامي بالانقلاب العسكري في النيجر، لمعارضتهم الرئيس المخلوع وأملا باسماع صوتهم بعد أعوام من تجارب مريرة مع حكم بقي طابعه الديموقراطي أشبه بوعود فارغة.
احتضن ملعب سييني كونتشه، وهو الأكبر في النيجر، نحو 30 ألف شخص الأحد في تحرك مؤيد للعسكر الذين أطاحوا في 26 يوليو، الرئيس محمد بازوم، وأنهوا حكم حزب الديموقراطية والاشتراكية في النيجر الذي استمر أكثر من 12 عاما.
تزامن عرض القوة الذي يرجّح وقوف الحكام الجدد للبلاد خلف تنظيمه وإقامته، مع الساعات الأخيرة للمهلة التي حددتها لهم الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) لإعادة النظام الدستوري وفكّ احتجاز بازوم، والا مواجهة تدخل عسكري محتمل.
امتلأت مدرجات الملعب بالمشاركين الذين غلبت عليه مظاهر الفرح، وضجت أرجاؤه بأجواء احتفالية رفعت فيها شعارات مناهضة لإكواس وفرنسا.
ومع انقضاء المهلة من دون أي مؤشرات على تدخل عسكري وشيك، بدت نيامي على طبيعتها اليوم، مع هدوء في الشوارع لا يخفي الحماسة التي لا زالت تسيطر على سكان العاصمة المؤيدين للانقلاب.
وقال الحسيني تيني لوكالة فرانس برس إن مجريات الأيام الماضية هي أقرب الى عملية "تحرير!".
ووافقه الموظف الإداري الحسن أدامو الرأي بتأكيده أن سكان نيامي "يشعرون بأنهم باتوا أحرارا نظرا الى الوضع الذي ساد البلاد خلال العقود الماضية".
وعكس كل من استطلعت فرانس برس آراءهم موقفا مماثلا، في وقت آثر معارضو الانقلاب عدم الإدلاء برأيهم في العلن.
وأعلن المجلس العسكري تعليق العمل بالدستور ومنع التظاهرات وقام باحتجاز بازوم وتوقيف عدد من وزرائه. لكن العسكر لم ينفذوا حملات توقيف واسعة النطاق بحق السكان.
على مدى الأعوام الماضية، لم يقتنع سكان العاصمة التي تعرف بكونها معقلا للمعارضة، بأن النظام السياسي القائم كان ديموقراطيا بالممارسة.
وأعرب التاجر اسماعيل عبد الرحيم عن دعمه للعسكر "100 %".
وأوضح "في ظل النظام السابق كانوا يحدّثوننا عن الديموقراطية، لكن ذلك كان مجرد حبر على ورق. لم نكن نعيش في ظل ديموقراطية، بل ديكتاتورية".
وأعمال الشغب التي اندلعت غداة فوز بازوم بالانتخابات الرئاسية عام 2021، لا تزال ماثلة في أذهال سكان العاصمة، وهي أدت الى مقتل شخصين وتوقيف 468.
كما لم ينسَ السكان الحكم على المعارض أمادو هاما بالسجن عاما لإدانته في قضية اتجار بالأطفال، اعتبرها مجرد "مؤامرة" لإبعاده عن خوض الانتخابات.
ووفق تصنيف لمجموعة "ذا ايكونوميست" صادر في 2022، كان نظام الرئيس المخلوع بازوم يعتبر "استبداديا".
وشدد الحسيني تيني على أن الناس "كانوا يخشون التعبير. بمجرد أن تعبّر عن آرائك، سيتمّ استجوابك".
تراكم الغضب على مدى الأعوام بسبب غلاء المعيشة وانعدام الأمن والزبائنية والفساد والطبقة السياسية.
واعتبر الحسن أمادو أن هذه الأسباب "دفعت الناس للسير وراء هذا الانقلاب".
ولا يخفي سكان العاصمة انتقادهم لفرنسا، ويعتبرون أنها دعمت بازوم وطبقة سياسية مكروهة.
واعتبر الأستاذ المتخصص بالشؤون الإفريقية في جامعة جورجتاون كين أوبالو أن الأولوية بالنسبة للشركاء الدوليين في منطقة الساحل "كان الحد من تدفق المهاجرين ومكافحة الإرهاب... والحفاظ على نفوذهم في المنطقة".
وأضاف "الديموقراطية والتنمية الاقتصادية خضعتا بشكل كبير لتلك الأهداف".
من جهتها، جعلت الدول الغربية من بازوم شريكا موثوقا بصبغة ديموقراطية في منطقة غالبا ما شهدت انقلابات عسكرية. ولقي انقلاب النيجر تأييد بوركينا فاسو ومالي المجاورتين حيث يسيطر العسكر أيضا على الحكم بعد خطوة مماثلة.
ورأت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير الإثنين ان "بازوم بدأ مجهودا صادقا لإصلاح المؤسسات وممارسات السلطة".
الا أنها أشارت الى أن "قدراته على تغيير الممارسات الفعلية للدولة وممثليه كانت تقيّدها الحاجة الى الحفاظ كذلك على التوازنات السياسية التي أوصلته الى الحكم".
ويبقى السؤال عما اذا كان قائد المجلس العسكري الانقلابي الجنرال عبد الرحمن تياني الذي يعدّ مقرّبا من الرئيس السابق محمد يوسفو، هو الشخص القادر على إحلال التغيير المنشود.
ووفق استطلاع أجرته شبكة "أفروبارومتر" البحثية في مارس 2022، أعرب أكثر من نصف النيجريين عن عدم رضاهم عن وضع الديموقراطية في بلادهم، لكن 61% أكدوا أنهم يفضلونها على أشكال أخرى من الحكم.
وشدد 84 % على رفضهم التام لأي شكل من أشكال الديكتاتورية.
وأكد التاجر عبد الرحيم أنه "في حال بدأ العسكر يتحولون لسياسيين، سننتفض ضدهم... نحن نؤيدهم اليوم فقط لأن وجودهم هو لصالحنا، لأن حاليا، نحن الشعب هو من يقرر".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الوضع فی النیجر المجلس العسکری سکان العاصمة محمد بازوم
إقرأ أيضاً:
خبيران: أوروبا أمام فرصة تاريخية للاستقلال العسكري والخروج من عباءة أميركا
اتفق خبيران في العلاقات الدولية على أن القارة الأوروبية تواجه تحدياً إستراتيجياً كبيراً في ظل سياسات واشنطن الجديدة، لكنها تملك فرصة تاريخية حقيقية لبناء قدراتها الدفاعية المستقلة إذا استطاعت استغلال هذه الضغوط إيجابيا.
فقد أجمع كل من أستاذ العلاقات الدولية الدكتور حسني عبيدي والكاتب المتخصص في الشأن الأميركي محمد المنشاوي على أن أوروبا تفتقد حالياً إلى القوة العسكرية الكافية للاستغناء عن الحماية الأميركية.
وأكد عبيدي، أن الدول الأوروبية تفتقد القوة العسكرية الكافية للتخلي عن الحماية الأميركية، خاصة من ناحية العدد، حيث وصف الإمكانيات الأوروبية في هذا الصدد بأنها ضعيفة جداً، وكذلك ضعفها الكبير في التأمين الجوي وهو ما وصفه بأنه "كارثة كبيرة".
ويتوافق هذا التقييم مع رؤية المنشاوي الذي يؤكد ضرورة الاستثمار في الدفاعات الجوية كما يريد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته.
وكانت وكالة الأنباء الألمانية قد نقلت عن مصادر مطلعة "إن الحلف يوافق على أضخم برنامج لإعادة التسلح منذ انتهاء الحرب الباردة".
وعقد وزراء الدفاع في دول الحلف اليوم الخميس، اجتماعاً بغرض التوصل إلى اتفاق بشأن أهداف القدرات الجديدة للتحالف.
إعلانوقال الأمين العام للحلف من بروكسل، إن الحلف سيزيد إنفاقه العسكري، وسيعزز إنتاجه من الأسلحة ودعمه لأوكرانيا.
وفي تصريحات قبيل اجتماع وزراء دفاع الحلف، أضاف روته، أنه يتعين على الحلف الاستثمار في الدفاع الجوي والصواريخ طويلة المدى ونظم التحكم لتأمين سلامة نحو مليار شخص يعيشون داخل حدود الحلف، وتوقع أن يتم الاتفاق اليوم على أهداف قدرات الحلف الجديدة.
فرص سابقة
وأجمع الخبيران على أن أوروبا أضاعت فرصة ذهبية للتحضير خلال العقد الماضي، حيث أوضح المنشاوي، أن الرئيس دونالد ترامب وخطابه المعادي لحلف الناتو ظهر منذ عام 2015، منذ 10 سنوات، وهو يهدد ويرى أن الحلف ليس له قيمة للولايات المتحدة.
وأضاف أن القارة الأوروبية كان لديها 10 سنوات كاملة لكي تعدل من وضعها الدفاعي وأن تزيد من ميزانيتها العسكرية.
وفي نفس السياق، أكد عبيدي أنه كان يفترض بأوروبا منذ 3 سنوات ومن بداية حرب أوكرانيا أن تفكر في مرحلة ما بعد الرئيس الأميركي جو بايدن.
ورغم هذا التقصير، أجمع الخبيران على أن أوروبا تملك الإمكانيات التقنية والصناعية اللازمة لبناء قدراتها الدفاعية.
فقد أشار المنشاوي إلى أن القارة الأوروبية قارة متقدمة صناعياً، لديها كثير من التكنولوجيات والمهارات البشرية والبنية التحتية للتصنيع، لكنها لا تستغل ذلك بالشكل الأمثل.
وهذا ما أكده عبيدي عندما تحدث عن قدرة دول، مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا على أن تكون في المقدمة إذا قررت الاستثمار بجدية في قطاع الدفاع، ويمكن أن تشكل الأساس الذي يمكن البناء عليه لتحقيق الاستقلال العسكري المنشود.
الضغط الأميركي كمحفز إيجابي
كما اتفق الخبيران على أن الضغط الأميركي، قد يكون مفيداً لدفع أوروبا نحو الاستقلال العسكري.
واعتبر المنشاوي، أن الضغط من الرئيس ترامب ووزير دفاعه بيت هيغسيث على الجهات الأوروبية إيجابي في دفعهم إلى رفع هذا المعدل الإنفاقي في الدفاع.
إعلانوأضاف أن تكرار ترامب لهذه المطالب علناً يهيئ الرأي العام الأوروبي أيضاً ويسهل من مهمة القادة الأوروبيين في إقناع شعوبهم لتعزيز الاستثمار في المجال الدفاعي.
من جانبه، أكد عبيدي أن على أوروبا أن تشكر الرئيس ترامب بسبب موقفه المعادي للحلف، لأنها دعوة لها لأن تعتمد على نفسها.
وأكد المنشاوي، أن إدارة ترامب تتعامل مع الأمن الأوروبي وفق منطق تجاري بحت، حيث أوضح أن ترامب رجل صفقات يتعامل مع كل القضايا العالمية والقضايا الخاصة للولايات المتحدة كصفقة تجارية.
التركيز على الصين
واتفق المنشاوي وعبيدي على أن الولايات المتحدة لا تعتبر روسيا التهديد الأكبر، بل تركز على الصين.
وبحسب المنشاوي فإن الولايات المتحدة ترى روسيا دولة متراجعة عسكرياً وتكنولوجياً، ولذلك فإن الأولوية لدى إدارة ترامب هو التركيز على الصين.
وأضاف أن اقتصاد روسيا بالنسبة للولايات المتحدة لا يتعدى اقتصاد ولاية أوهايو أو إنديانا، فهي دولة متوسطة الحجم.
وهذا ما أكده عبيدي عندما تحدث عن رغبة أميركا في توحيد أوروبا ضد ما تصفه بـ"الخطر الصيني".
قمة لاهاي
كما أجمع الخبيران على أهمية قمة لاهاي المقبلة كنقطة تحول محتملة، وتوقع المنشاوي، أن يحضر الرئيس ترامب القمة على عكس التوقعات، ولم يستبعد أن يوجه ترامب خلال القمة رسائل قوية جداً للقادة الأوروبيين.
ومن جانبه، رجح عبيدي أن تقدم أوروبا عرضاً كبيراً أو عرضاً مغرياً للإدارة الأميركية، وأن تقوم كذلك بثورة عسكرية بتبني سياسات طموحة جداً، واعتبر أن هذه القمة ستكون بمثابة اختبار حقيقي لجدية الالتزامات الأوروبية الجديدة.