الاقتصاد نيوز - متابعة

أثار الانخفاض الحاد في نمو الوظائف بالولايات المتحدة خلال شهر تموز، والذي جاء أكثر حدة من المتوقع، مخاوف من أن الفدرالي الأميركي يتحرك ببطء شديد لخفض تكاليف الاقتراض بالنسبة للأميركيين، الأمر الذي يعرضه لخطر الركود الذي كان يحاول تجنبه.

وأظهر تقرير التوظيف الذي صدر يوم الجمعة الثاني من آب، أن الشركات أضافت 114 ألف وظيفة في أكبر اقتصاد في العالم الشهر الماضي، وهو ما يقل كثيراً عن متوسط ​​الزيادة البالغ 215 ألف وظيفة على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية.

وارتفع معدل البطالة 0.2 نقطة مئوية إلى 4.3%، وهو ما أدى إلى تفعيل قاعدة " Sahm Rule"، التي تربط بين بداية الركود ووقت ارتفاع متوسط ​​معدل البطالة المتحرك لثلاثة أشهر بنصف نقطة مئوية على الأقل فوق أدنى مستوياته على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

تأتي هذه البيانات بعد يومين من اختيار الفدرالي الأميركي عدم خفض سعر الفائدة القياسي، الذي ظل عند أعلى مستوى له في 23 عاماً عند نطاق بين 5.25 و5.5% منذ تموز 2023.

في تبرير للقرار، قال رئيس اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة، جيروم باول، إن اللجنة تريد رؤية المزيد من الأدلة على أن التضخم يتجه إلى العودة إلى هدفه البالغ 2% قبل المضي قدماً في أي تحول في السياسة النقدية. ومن المهم أنه أكد أنه "لا يرغب في رؤية المزيد من التباطؤ المادي في سوق العمل".

أوضح باول أن خفض أسعار الفائدة مطروح على الطاولة في الاجتماع المقبل في أيلول - ويؤكد تقرير الوظائف في تموز أن اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة ستقدم ذلك - لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن الفدرالي سيضطر إلى التحرك بشكل أكثر عدوانية مما كان سيحدث لو بدأ في خفض أسعار الفائدة في وقت أبكر من أيلول.

قال كبير خبراء الاقتصاد في موديز، مارك زاندي: "لقد ارتكبوا خطأ. كان ينبغي لهم خفض أسعار الفائدة منذ أشهر". "يبدو أن خفض ربع نقطة في سبتمبر لن يكون كافياً. يجب أن يكون نصف نقطة مع إشارة واضحة إلى أنهم سيكونون أكثر عدوانية في تطبيع (خفض) أسعار الفائدة مما كانوا يشيرون إليه".

واتفق كبير خبراء الاقتصاد في شركة إي واي بارثينون، جريجوري داكو، على أن اجتماع يوليو كان "فرصة ضائعة" للفدرالي، قائلاً إن الوضع كان سيصبح "أكثر مثالية" لو قدم البنك المركزي أول خفض لسعر الفائدة في حزيران.

وأضاف: "إذا كان لديك منظور استشرافي، فسترى أن مجمل البيانات يشير إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي، وتباطؤ في زخم سوق العمل، وتراجع مستمر للتضخم، وهو ما كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يسعى إليه بالفعل".

لا يقتصر الأمر على خبراء الاقتصاد الذين يتهمون البنك المركزي بالتخلف عن المنحنى. ففي يوم الجمعة الثاني من آب، دعت السناتور الديمقراطية إليزابيث وارن - التي كانت منتقدة شرسة لباول وقبل قرار هذا الأسبوع حثته على خفض أسعار الفائدة - رئيس الفدرالي إلى اتخاذ إجراءات وشيكة.

وكتبت على موقع إكس: "لقد تم تحذيره مراراً وتكراراً من أن الانتظار لفترة طويلة جداً قد يؤدي إلى دفع الاقتصاد إلى حفرة. بيانات الوظائف تومض باللون الأحمر. يحتاج باول إلى إلغاء إجازته الصيفية وخفض أسعار الفائدة الآن - وليس الانتظار ستة أسابيع".

في أعقاب تقرير الوظائف، عزز المتعاملون في أسواق العقود الآجلة للأموال الفدرالية الرهانات على أن البنك المركزي الأميركي سيخفض سعر الفائدة بأكثر من نقطة مئوية كاملة هذا العام، مما يعني ما يصل إلى خفضين بنصف نقطة نظراً لوجود ثلاثة اجتماعات فقط متبقية في عام 2024. قبل هذا التقرير، كان المشاركون في السوق قد وضعوا في الحسبان إجمالي 0.75 نقطة مئوية من التخفيضات لهذا العام.

في يوم الجمعة، قامت بنوك وول ستريت بمراجعة توقعاتها بسرعة، حيث دعا جي بي مورغان، وسيتي غروب رسمياً إلى خفضين بنصف نقطة في سبتمبر/ أيلول، ونوفمبر/ تشرين الأول يتبعهما تخفيضات بربع نقطة في كل اجتماع بعد ذلك حتى يصل سعر الفائدة إلى مستوى "محايد" لا يقيد النمو.

اقرأ أيضاً: بعد تقرير الوظائف.. انخفاض أسعار الرهن العقاري في أميركا لأدنى مستوى في أكثر من عام

شارك رئيس الفدرالي الأميركي في شيكاغو، أوستن غولسبي، بعض المخاوف بشأن سوق العمل يوم الجمعة، لكنه حث على عدم الاستجابة المتسرعة. وقال: "لا نريد أبداً المبالغة في رد الفعل تجاه أرقام أي شهر".

وجد المسؤولون والاقتصاديون في الفدرالي بعض الراحة في حقيقة أن أكبر اقتصاد في العالم يبدو بعيداً عن الانهيار. قال باول يوم الأربعاء 31 يوليو/ تموز، إن فرص ما يسمى "الهبوط الحاد" - حيث يؤدي إعادة التضخم لهدفه إلى الركود - لا تزال منخفضة.

وقال: "لا ترى أي سبب للاعتقاد بأن هذا الاقتصاد إما يسخن أو يضعف بشكل حاد، هذا ليس في البيانات الآن".

في الربع الماضي، نما الاقتصاد الأميركي بنحو 3%. وعلاوة على ذلك، لا يزال المستهلكون ينفقون ولا يزال أصحاب العمل يوظفون، حتى لو كان كلاهما يحدث بوتيرة أبطأ.

أقر رئيس قسم الاقتصاد الأميركي في "بنك أوف أميركا"، والذي عمل سابقاً في الفدرالي، مايكل غابن، بأن الاقتصاد يبرد لكنه قال إنه لم يتصدع بعد. ولكن في طلقة تحذيرية للفدرالي، أضاف: "إذا لم يخفضوا أسعار الفائدة، فإنهم يخاطرون بخلق ركود لا يريدونه".

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الفدرالی الأمیرکی یوم الجمعة

إقرأ أيضاً:

أروى الطويل للجزيرة نت: تسييس المساعدات أخطر ما يواجه العمل الإنساني

تواجه المنظمات الإنسانية اليوم تحديات تتجاوز مجرد إيصال المساعدات الطارئة، لتطرح أسئلة حول جدوى التدخلات وآليات التمويل وإعادة ترتيب الأولويات في بيئة إقليمية شديدة التسييس والتعقيد.

وفي حوار خاص مع الجزيرة نت، تقول مديرة الاتصال لمنطقة الشرق الأوسط بمؤسسة هيومن أبيل البريطانية أروى الطويل إن الاحتياجات أصبحت تنمو بوتيرة أسرع مقارنة بالتمويل، مشيرة إلى أن الأولويات لم تعد محصورة في تقديم الإغاثة الطارئة، بل توسعت بشكل كبير.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جمعية لبنانية ووقف الديانة التركي يوزعان معونات مدرسية على 1700 يتيم بصيداlist 2 of 2تاريخ الحصار البحري على غزةend of list

وتضيف "شهدنا انعداما في الأمن الغذائي في قطاع غزة والسودان نتيجة استعمال سلاح التجويع، بالإضافة إلى انهيار النظم الصحية والتعليمية في غزة واليمن، والنزوح الواسع والمتكرر في مناطق الصراع".

وأصبح العمل الإنساني يحتاج إلى تحديد أولويات داخل الأولويات نفسها، كما تذكر أروى، "ففي غزة كان الوضع كارثيا مما جعلنا في وقت من الأوقات نختار بين حليب الرضع والغذاء الأساسي، والاثنان يعتبران أولوية قصوى".

وتضيف أن رسالة "هيومن أبيل" الأساسية هي "إنقاذ الأرواح، وتخفيف الفقر، وتمكين المجتمعات المحلية، وتعزيز الكرامة الإنسانية بنزاهة وشفافية".

جانب من أنشطة مؤسسة "هيومن أبيل" الإغاثية في قطاع غزة (الجزيرة)من الطوارئ إلى الحلول المستدامة

وتتبنى المنظمات الإنسانية تدريجيًا نهج "التعافي المبكر" الذي يهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير حلول مستدامة، كما ذكر مسؤول بمنظمة الإغاثية الإسلامية في سوريا في حوار سابق مع الجزيرة نت، حيث أصبحت "الحلول المستدامة" هي السبيل إلى محاولة معالجة آثار الضرر الذي تشهده بعض بلدان المنطقة.

وفي هذا السياق، تقول المسؤولة بمنظمة "هيومن أبيل" أروى الطويل إن المنظمة تتميز بسرعة الاستجابة السريعة والوجود على الأرض في الطوارئ.

وتضيف "نحن مصرون على كسر الفقر بمشاريعنا المبتكرة لكسب العيش مثل مشاريع العيش الكريم المستدام التي تتضمن مشروع ماكينات الخياطة، ونحل العسل، ومزرعة الدواجن، وزوجا من الماعز الحلوب، ومشروع الصوبات الزراعية، وزراعة أشجار البن والفاكهة والزيتون، إضافة إلى مشاريع التدريب على الحرف".

إعلان

ونفذت منظمة "هيومن أبيل" قرى سكنية متكاملة في شمال سوريا لتوفير سكن وخدمات أساسية للنازحين، كما أنشأت مستشفى "الإيمان" ومركز "الزهور" الصحي لتقديم الرعاية في المناطق المحرومة.

وبنت ورممت عدة مدارس لدعم التعليم في اليمن، بحسب أروى، كما نفذت مشاريع للمياه والصرف الصحي، أبرزها محطة تحلية في رفح كانت تؤمن المياه لأكثر من 60 ألف شخص يوميًا قبل توقفها بسبب الحرب في غزة.

مؤسسة "هيومن أبيل" الإغاثية شيدت عدة مدارس في شمال سوريا (الجزيرة)تمويل يتراجع مقابل احتياج هائل

ويعاني العمل الإنساني في منطقتنا كذلك من تراجع الدعم الدولي، كما هو مرصود في سوريا والسودان، على سبيل المثال، وهو ما أكدته تقارير أممية عديدة.

وتقول أروى الطويل في حديثها للجزيرة نت "بعض البلدان تحظى باهتمام واسع وتلقى دعما واسعا، بينما أزمات إنسانية أخرى رغم قساوتها لا تجد صدى أو دعما كافيا مثل اليمن والسودان، كما أن غالبية أنواع التبرعات تميل إلى تمويل المشروعات القصيرة الأمد مثل الغذاء والماء باعتبارها حاجات أساسية، في حين لا تحظى المشاريع المستدامة بأولوية رغم أهميتها في كسر دائرة الاعتماد".

وتواجه أعمال الأمم المتحدة في قطاع غزة والسودان انتقادات واسعة لضعف استجابتها وعجزها عن ملامسة الواقع الإنساني، إذ لا تصل المساعدات في غزة إلا إلى جزء محدود من نحو 1.9 مليون شخص يعتمدون عليها كليًا، في وقت تدخل فيه عبر المعابر أقل من 20% من الإمدادات مقارنة بما قبل الحرب.

وفي هذا السياق، تقول أروى إن تسيس المساعدات والممرات اليوم يُعد من أخطر التحديات التي تواجه العمل الإنساني، فاليوم الممرات الإنسانية صارت تستخدم كأداة ضغط سياسي وورقة تفاوض مما يتعارض مع مبادئ العمل الإنساني والإغاثي.

وتضيف أروى "هيومن أبيل تبذل أقصى جهد لتوفير الاحتياجات في غزة لإدخال ما يمكن إدخاله قدر الإمكان وذلك عبر شراكاتنا مثل الشراكة مع المؤسسة الهاشمية الأردنية، وشراء المواد الأولية المتوفرة من داخل القطاع وتوزيعها بالمجان، بالإضافة إلى التخطيط والاستعداد الدائم، وإذا أتت فرص إدخال المساعدات نكون بكامل الاستعداد لإدخال المطلوب".

وتتابع "نحن في أغلب البلدان نعمل عبر مكاتبنا المحلية، وفي غزة تعمل مكاتبنا على الأرض منذ 30 عاما، وفي سوريا منذ 13 عاما، وفي اليمن وغيرها"، مشددة على أنه في غالبية البلدان الذي يقود العمل الميداني هي فرق محلية بشكل شبه كامل.

وتطرقت أروى إلى المخاطر الأمنية التي يواجهها رواد العمل الإنساني في مناطق صراع مثل غزة، قائلة إن "هيومن أبيل" خسرت مؤخرا ثلاثة أشخاص من فريق عملها في غزة نتيجة القصف، و"هذا ثمن مؤلم ندفعه كمنظمة إنسانية ملتزمة بتأدية واجبها الإنساني".

وفي ردها على سؤال حول آليات الشفافية والمساءلة، قالت أروى الطويل إن منظمة هيومن أبيل "تلتزم بأعلى معايير الشفافية، حيث تصدر تقارير سنوية خارجية علنية وتقارير ربع سنوية داخلية، كما نتيح للمتبرعين متابعة أثر تبرعاتهم من خلال تحديثات مباشرة لكل مشروع وقنوات تواصل مفتوحة مع فرقنا الميدانية".

وأضافت أن المنظمة "تخضع لتدقيق خارجي بريطاني وتعمل ضمن إطار المعايير الإنسانية الأساسية "سي إتش إس" (CHS)، مع سياسات واضحة لاستخدام الأموال وقنوات شكاوى ومساءلة عامة، إلى جانب التزامات أخلاقية ملزمة للكوادر وعواقب واضحة عند الإخلال، مما يجعل الشفافية لدينا منظومة متكاملة وليست مجرد تقارير".

إعلان

وحول الرسائل التي ترغب المنظمة في إيصالها للمجتمع الدولي والجمهور العربي، شددت أروى الطويل على أن "العمل الإنساني اليوم ليس مجرد توزيع مساعدات أو نشر صور، بل منظومة معقدة تشمل التمويل والتخطيط والتفاوض والمساءلة ومسارات الصمود"، مشيرة إلى أن "التأخير أحيانا يكون لحماية المستفيدين، وأن الأرقام تخفي وراءها قصصا إنسانية عميقة، كما أن الحياد لا يعني الصمت، بل هو وسيلة لتحقيق الهدف الإنساني".

مقالات مشابهة

  • أروى الطويل للجزيرة نت: تسييس المساعدات أخطر ما يواجه العمل الإنساني
  • استقرار معنويات المستهلكين الأمريكيين في أكتوبر رغم استمرار مخاوف سوق العمل
  • بعد خفض أسعار الفائدة.. أفضل شهادات الاستثمار في البنك الأهلي ومصر
  • توقعات بتسارع نمو الاقتصاد الأميركي في 2025
  • بين كلفة الدين العالمي وتحديات الفائدة وملامح تباطؤ الاقتصاد الدولي 2025-2026: لبنان إلى أين؟
  • النقد الدولي: اليمن يواجه أزمة إنسانية حادة ولابد من تحصيل الإيرادات كاملة وتعديل الدولار الجمركي
  • بعد قرار البنك المركزي.. بنك التنمية الصناعية يلغي شهادات تصل عوائدها إلى 23%
  • تراجع أسعار النفط مع انحسار التوترات الجيوسياسية واستمرار مخاوف فائض الإمدادات
  • الذهب يواصل الارتفاع ويتجه نحو قمة تاريخيّة جديدة
  • توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية