فيما بدا النظام العسكري المنبثق من الانقلاب في النيجر الثلاثاء غير مهتمّ بعروض الحوار من دول غرب إفريقيا والولايات المتحدة لتجنّب احتمال تدخّل عسكري يهدف إلى إعادة النظام الدستوري، أكد مراسل "العربية/الحدث"، أن المجموعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا (إكواس) تؤكد مجددا أنها تجهز التدابير اللازمة لإعادة النظام الدستوري بالنيجر.

وقبل يومين من انعقاد قمّة لقادة (إكواس) للبحث في وضع النيجر، لم يتمكّن وفد مشترك يضمّ ممثّلين لإكواس والأمم المتحدة والاتّحاد الإفريقي من التوجّه الثلاثاء إلى النيجر، حسبما أعلنت المجموعة الاقتصاديّة مساءً.

مادة اعلانية

كما أضافت إكواس أنّ هذه المهمّة المشتركة أُلغِيَت على أثر رسالة وجّهتها السلطات العسكريّة في النيجر قالت فيها إنّها لن تستقبل هذا الوفد الثلاثيّ.

وفي وقت سابق، قالت الخارجيّة النيجريّة في رسالة موجّهة إلى ممثّلية إكواس في نيامي، إنّ "السياق الحالي من غضب السكّان واستيائهم بعد العقوبات التي فرضتها إكواس لا يسمح باستقبال الوفد المذكور في أجواء هادئة وآمنة".

وأضافت الرسالة المؤرّخة الاثنين وتلقّت وكالة فرانس برس نسخة منها "تبيّن أنّ إرجاء زيارة البعثة المقرّرة" ليوم الثلاثاء "إلى نيامي ضروريّ (...) في هذا الجوّ من التهديد بالعدوان على النيجر".

تعليق مؤقت

في رسالة أخرى، قالت الخارجيّة النيجريّة إنّ "التصاريح الدبلوماسيّة الدائمة" الممنوحة عام 2023 "لطائرات الدول الصديقة وشركاء النيجر عُلّقت موقّتا"، من دون تحديد نوع الطائرات أو الدول المعنيّة.

وكانت إكواس هدّدت بالتدخّل عسكريا في النيجر لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى السلطة بعدما أطاحه انقلاب في 26 تموز/يوليو.

وجاء هذا التهديد على شكل مهلة مدّتها سبعة أيّام حدّدها قادة إكواس للجيش النيجري في 30 تموز/يوليو. لكنّ هذه المهلة لم تُحترم وقد انتهت مساء الأحد، وبدا واضحا أنّ إكواس تفضّل سلوك مسار الحوار.

حوار "صعب"

يُضاف تأجيل زيارة الوفد إلى مؤشّر آخر تمثّل في تعيين رئيس مدنيّ للوزراء هو علي الأمين، في ما يُعدّ خطوة أولى نحو تعيين حكومة انتقالية.

ورغم موقف العسكريّين الانقلابيّين، أكّد رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي يرأس إكواس أيضا، الثلاثاء أنّه والقادة في التكتّل الإفريقي "يفضّلون قرارا يتمّ الحصول عليه بسبل دبلوماسيّة، بسبل سلميّة"، لكنه شدد في الوقت نفسه على "عدم استبعاد أي خيار".

بدورها، سعت الولايات المتحدة، في محاربة جماعات متطرفة تقوّض هذا البلد وجزءا كبيرا من منطقة الساحل، إلى الحوار.

فقد زارت مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند نيامي الاثنين حيث التقت الانقلابيين. لكن الاجتماع لم يحضره الجنرال عبد الرحمن تياني، الرجل القوي الجديد في النيجر. كما أنها لم تلتقِ الرئيس محمد بازوم الخاضع للإقامة الجبرية.

وقالت إنّ المحادثات التي شارك فيها خصوصا الرئيس الجديد لهيئة الأركان موسى سالو بارمو، "كانت في منتهى الصراحة واتّسمت أحيانا بالصعوبة".
وذكرت أنّها عرضت "عددا من الخيارات" لإنهاء الانقلاب، مضيفة "لن أقول إنّ هذا العرض أُخِذ في الاعتبار بأيّ طريقة".

توتر مع الدول الغربية

الثلاثاء، أعلنت فرنسا، التي غالبا ما تُهاجم خلال الاحتجاجات في غرب إفريقيا، أنها تدعم "جهود دول المنطقة لاستعادة الديموقراطية" في النيجر.

وتشهد علاقات قادة نيامي الجدد توتّرا مع الدول الغربية ومعظم الدول الإفريقية التي دانت الانقلاب، إلّا أنّها ممتازة مع مالي وبوركينا فاسو اللتين يقودهما أيضا عسكريون استولوا على السلطة بالقوة عامي 2020 و2022 على التوالي.

وأبدى البلدان تضامنهما مع النيجر، مؤكّدَين أنه إذا تعرّضت لهجوم من إكواس، فسيكون ذلك بمثابة "إعلان حرب" عليهما.

والثلاثاء وجّه البلدان رسالتين مشتركتين إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، شدّدا فيهما على ضرورة اضطلاع الهيئتين بـ"المسؤولية" في منع "أي تدخّل عسكري ضد النيجر" ومحذّرين من تداعيات "أمنية وإنسانية لا يمكن التنبؤ بها".

مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News

المصدر: العربية

كلمات دلالية: فی النیجر

إقرأ أيضاً:

بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟

هل ما تحقق كان نصرًا استراتيجيًا يعيد رسم قواعد اللعبة؟ أم مجرد إنجاز آني قد تتجاوزه المواجهة المقبلة؟ اعلان

منذ اللحظة الأولى لانطلاق الهجوم الإسرائيلي المباغت على أهداف داخل العمق الإيراني، بدا أن تل أبيب تسعى لتغيير قواعد الاشتباك في الصراع مع طهران، مستندة إلى دعم سياسي وعسكري ضمني من الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية. ومع اتساع رقعة الضربات وتطورها لاحقًا إلى تدخل أميركي مباشر استهدف منشآت نووية بالغة التحصين، أثير تساؤل جوهري في الأوساط السياسية والعسكرية: هل حققت إسرائيل نصرًا حقيقيًا؟ وإن كان كذلك، فهل هو نصر آني تكتيكي أم تحول استراتيجي في المواجهة الطويلة مع إيران؟

الهجوم الإسرائيلي

بدأت إسرائيل عملياتها العسكرية داخل إيران بضربات جوية دقيقة استهدفت منشآت عسكرية ومراكز قيادة وسيطرة، فضلًا عن مواقع لصناعة وتطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة. وتميزت هذه الضربات بسرعتها واعتمادها على معلومات استخباراتية عالية الدقة، مما أربك الدفاعات الإيرانية وشكّل صدمة أولى للنظام في طهران.

الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: لم تعد الجغرافيا تحمي الجمهورية الإسلامية من الضربات، والمواجهة لم تعد مقتصرة على ساحات الوكلاء، سواء في سوريا أو لبنان أو العراق. ومع ذلك، فإن هذه الضربات لم تسفر بعد عن انهيار عسكري أو أمني داخل إيران.

يتصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في متحف إسرائيل بالقدس، 23 مايو/أيار 2017. AP Photoالتدخل الأميركي

التحول الأكبر جاء عندما تدخلت الولايات المتحدة بضربات نوعية استهدفت منشآت نووية رئيسية في فوردو وأصفهان ونطنز، مستخدمة طائرات B-2 الشبحية وصواريخ خارقة للتحصينات من طراز GBU-57. هذه الضربات شكّلت ذروة التصعيد ضد البرنامج النووي الإيراني.

وبحسب تقرير قدمه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمام مجلس الأمن، فإن الأضرار التي لحقت بهذه المنشآت كانت كبيرة، إلا أن الوكالة لم تتمكن من تقييم مدى الدمار داخل المرافق تحت الأرض.

Related"تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب".. غروسي في دائرة الاتهامات الإيرانيةضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد إيران؟إيران: لا تراجع

رغم الضربات القاسية، لم تُبدِ إيران مؤشرات على التراجع، بل كثّفت من خطابها التعبوي وهددت بالرد على الولايات المتحدة الأميركية، فيما واصلت قصفها لإسرائيل.

تقييم المكاسب: آنية أم استراتيجية؟

استطاعت إسرائيل، بلا شك، تسجيل نقاط مهمة في المدى القصير، سواء عبر إظهار قدرتها على اختراق العمق الإيراني، أو من خلال توجيه ضربات مباشرة. كما نجحت في إعادة تسليط الضوء الدولي على البرنامج النووي الإيراني، وحشد دعم ضمني لاحتواء طموحات طهران.

لكن في المقابل، لم تنجح الضربات حتى الآن في تغيير المسار الاستراتيجي للسياسة الإيرانية، إذ لم تُجبر طهران الى الآن على العودة إلى طاولة التفاوض بشروط جديدة. بل يبدو أن الصراع دخل مرحلة أخرى من التوترات المستمرة والضربات المتبادلة التي قد تطول.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت قد أطلق أمس تصريحات غاية في الأهمية. إذ رأى أن الغارات الأمريكية تحيّد البرنامج النووي الإيراني محذرا من تداعيات أكبر حجما. حيث قال إنه النظام لن ينهار رغم قوة الضربات ودعا للأخذ في عين الاعتبار ترسانة طهران الصاروخية. وقد أخذ أولمرت مسافة من التهليل الإسرائيلي بما جرى. فقال من الغطرسة ومن غير الواقعي اعتبار أن الغارات الاستباقية ستركّع دولة تعداد سكانها 90 مليونا وذات تراث عمره آلاف السنين.

وبناء على ما تقدم، يرى مراقبون أن ما حققته إسرائيل حتى الآن يمكن وصفه بنصر آني محدود التأثير من الناحية الاستراتيجية. فقد وجهت ضربة قوية للهيبة الإيرانية، لكنها لم تُنهِ المشروع النووي، بحسب ما صرّح به مسؤولون إيرانيون. ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة، ارتفعت الكلفة، لكن أيضاً ارتفعت معها المخاطر. فهل ستتمكن إسرائيل من ترجمة هذا التقدم التكتيكي إلى تغيير دائم في المعادلة الإقليمية، أم أنها فتحت أبواب صراع طويل قد يتجاوز قدرتها على التحكم بمساره؟

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • بعثة الأمم المتحدة تستقبل وفداً من لجنة الحوار الوطني وتستمع لمطالب المتظاهرين
  • بعثة الأمم المتحدة تستقبل وفداً عن لجنة الحوار الوطني بالمنطقة الغربية
  • الأمم المتحدة: الحوار أفضل السبل للتأكد من سلمية البرنامج النووي الإيراني
  • البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطون النظام
  • بالأسماء.. 10 نواب طعنوا بقانون الإيجارات غير السكنية أمام المجلس الدستوري
  • بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟
  • لوبوان: 4 أسئلة لفهم أزمة اليورانيوم بين النيجر وشركة أورانو الفرنسية
  • الأمم المتحدة: الوضع الحالي يتطلب تغليب الدبلوماسية ولغة الحوار
  • دولة عربية تجهز ملاجئ بعد الضربة الأمريكية على إيران
  • إسرائيل تعيد فتح مجالها الجوي جزئيا لإعادة مواطنيها العالقين في الخارج