لجريدة عمان:
2025-05-28@03:42:24 GMT

تجفيف منابع الفتن

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

تجفيف منابع الفتن

يتقلب الأنسان اليوم في صنوف كثيرة من النعم لا تحد ولا تحصى، فقد فتحت الدنيا على مصراعيها، وأصبح الفقير من الناس في هذا العصر يتوفر لديه من المأكل والملبس والمشرب ما لم يكن يحلم به الملوك والأمراء في العصور السابقة، فصنوف الفواكه والأطعمة واللحوم أصبحت تعبر القارات وتجلب من خلف البحار البعيدة، فأنت إذا ذهبت إلى السوق ستجد أصناف اللحوم بأناعها تعرض عليك منها ما أتى من أستراليا التي كانت مجهولة في العالم القديم، ومنها ما جيئ به من دول أفريقيا، منها ما أحضر من نيوزلندا وتشتريها وتذهب بها إلى البيت، وإذا أتيت إلى أصناف الفاكهة فتجد في محل الخضار الذي في قريتك كل صنوف الفاكهة الطازجة نظيفة مغلفة وهذا ما كان صعب المنال عند الملوك في العصور السابقة، وأنت تركب سيارتك وتجلس في مقاعدها المريحة ويهب عليك نسيم جهاز التكييف البارد في فصل الصيف وعندما تنزل منها وتدخل بيتك المكيف المبرد تدرك أنك في زمن أصبح فيه المعيشة ممكنة ومتوفرة رغم تفاوتها بين البشر.

ولكن مع هذا النعيم الذي وفرته هذه الحياة العصرية، انفتحت معه أبواب الفتن، وأصبحت المجتمعات تطفوا على بحار من الشبهات والشهوات، وأصبح فيها المسلم القابض على دينه مثل القابض على الجمر، وهذا يتفق مع الأحاديث النبوية التي أخبرت بانتشار الفتن في نهاية الزمان، فالمسلم في هذا العصر يفتن في دينه ونفسه وماله وعرضه، ولكن يجب عليه أن يتحلى بالصبر ويغلق أبواب الشيطان ويستقيم على دينه فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صـلى الله عليه وسلم: "إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيها أجر خمسين ممن يعمل مثل عمله" قيل: يا رسول الله، أجر خمسين منهم؟ قال: " بل أجر خمسين منكم" وهذه بشارة للمؤمنين الذي استمسكوا بالعروة الوثقى من دينهم، فقد بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلـم بالفضل العظيم والثواب الجزيل، فمن يصبر يعطى من الأجر على العبادة والعمل أجر خمسين رجل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسـلم، وذلك لأن الرسول الكريم هو بين ظهرانيهم يعينهم على الطاعة يأمرهم بالمعروف وينهاههم عن المنكر ويوجههم لما فيه الخير، أما في عصر الفتن فقلما يجد المؤمن من يعينه على الخير، كما أنه يتعرض للفتن في كل لحضة من لحضات حياته.

وأبسط مظهر للفتنة الداعية إلى الغفلة هي فتنة الأجهزة العصرية الحديثة وما بها من برامج ووسائل للترفيه، وكثير من الناس يقضي سحابة يومه وليله في مطالعة هاتفه الذي لا يكاد يفتر عنه ساعة، فأصبح يفوته الكثير من الخير، وليت أنه يتابع من البرامج ما يعينه في الخير ويفيده في أمر دينه ودنياه، ولكن أكثر هذه البرامج تخرج من المباحات لتدخل في المحضورات، فتتراقص أمام ناضريه الفتن، وتدعوه الى الغفلة، وقسوة القلب لما يشاهده ويتابعه في برامج التواصل الإجتماعي التي أصبحت تموج بالمعاصي والمنكرات وأصبح فيها دعاة يدعون يأفعالهم وأقوالهم ومظاهرهم إلى النار كما اخبرنا الروسل صلى الله عليه وسلـم في الحديث الشريف عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صـلى الله عليه وسلم: "تكون فتن على أبوابها دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها".

ولكن يتسائل المسلم اليوم كيف ينجو من كل هذا، وكيف يستبرئ لدينه وعرضه، والجواب يتصل بصلاح القلب والحرص لعى أن لا تشوبه شائبة وذلك بتجفيف منابع الفتن وغض البصر، والإبتعاد عن الشبهات والحرام، فالحلال بين واضح والحرام بين واضح وكل ما ما يتشته عليه إجعله في خانة الحلال استبراء للذمة فقد قال صلى الله عليه وسلـم في الحديث المتفق على صحته: " إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ".

وصلاح القلب ونقائه وجلاؤه لا يكون إلا بتقوى الله أولا، ثم الإرتباط الوثيق بالقرآن الكريم تلاوة وحفظا واطلاعا وتطبيقا، فالقرآن يصلح القلب ويجلوه وهو ما أخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلـم حيث قال: " إنَّ هذه القلوبَ تصدأُ كما يصدأُ الحديدُ، قيل: يا رسولَ اللهِ فما جلاؤُها ؟ قال: قراءةُ القرآنِ".

فأهل القرآن همخ أهل الله وخاصته، فالقرآن كفيل بإصلاح القلوب، وتبديد قسوتها وجلاء صدئها، وجعلها مشكاة منيرة تصلح الجسد كله.

وقد وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلـم سبيل النجاة من الفتن بقوله في الحديث الشريف الذي رواه لنا علي بن أب طالب كرم الله وجهه حيث سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ ألا إنَّها ستَكونُ فتنةٌ. فقلتُ ما المخرجُ منها يا رسولَ اللَّهِ قالَ كتابُ اللَّهِ فيهِ نبأُ ما قبلَكُم وخبَرُ ما بعدَكُم وحُكْمُ ما بينَكُم وَهوَ الفصلُ ليسَ بالهزلِ من ترَكَهُ من جبَّارٍ قصَمَهُ اللَّهُ ومن ابتغَى الهدى في غيرِهِ أضلَّهُ اللَّهُ وَهوَ حبلُ اللَّهِ المتينُ وَهوَ الذِّكرُ الحَكيمُ وَهوَ الصِّراطُ المستقيمُ هوَ الَّذي لا تزيغُ بهِ الأهْواءُ ولا تلتبسُ بهِ الألسِنةُ ولا يشبَعُ منهُ العلماءُ ولا يخلَقُ عن كثرةِ الرَّدِّ ولا تنقَضي عجائبُهُ هوَ الَّذي لم تنتَهِ الجنُّ إذ سمعَتهُ حتَّى قالوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ من قالَ بهِ صدقَ ومن عمِلَ بهِ أُجِرَ ومن حَكَمَ بهِ عدلَ ومن دعا إليهِ هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيمٍ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلـم رسول الله رسول الل

إقرأ أيضاً:

الشيخ خالد الجندي: يوم عرفة الوحيد الذي له ليلتان

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن يوم عرفة يتميز بخصوصية بالغة لا تتكرر في أي يوم آخر من أيام العام، موضحًا أن هذا اليوم الفريد له "ليلتان"، بخلاف باقي أيام السنة التي تبدأ ليلتها في المغرب السابق لها فقط.

وأضاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية،  خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن التوقيت الشرعي الإسلامي يعتبر أن الليل يسبق اليوم، مستشهدًا بقوله تعالى: "سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا"، مما يدل على أن الليلة تُحسب قبل اليوم، وليس بعده.

وتابع الشيخ خالد الجندي "يعني مثلًا يوم الثلاثاء، بتبدأ ليلته من مغرب يوم الاثنين، ولما ييجي المغرب يوم الثلاثاء، بتبدأ ليلة الأربعاء.. وهكذا"، مؤكدًا أن هذا الترتيب هو ما يجعلنا نصلي التراويح في آخر ليلة من شعبان، لأن هذه الليلة هي بالفعل أولى ليالي رمضان.

الشيخ خالد الجندي: مهر الزواج يتكوّن من 3 أجزاء رئيسيةخالد الجندي: من لديه مال ويؤخر دفع مؤخر الصداق لزوجته ظالمخالد الجندي: من يحرِم الأبناء من رؤية أحد والديهم نُزِعت الرحمة من قلبهخالد الجندي: يجوز كتابة المؤخر بالذهب لحفظ حقوق الزوجةهل تصح الصلاة في مساجد تضم أضرحة؟ خالد الجندي: جائزة بشروط

يوم عرفة له ليلتان لهذا السبب

وفيما يخص يوم عرفة، أشار الشيخ خالد الجندي إلى أنه يوم استثنائي، حيث يبدأ من مغرب يوم 8 ذي الحجة (أي ليلة التاسع)، ويستمر حتى مغرب يوم 9 ذي الحجة، وبذلك يكون له ليلتان: الليلة التي تسبقه، والليلة التي تليه.

وتابع الشيخ خالد الجندي "ده اليوم الوحيد اللي ربنا سبحانه وتعالى مد له الزمان، علشان تتسع رحمته، ويتسع الموقف لكل المستغفرين والمبتهلين، وكل من أدرك هذا اليوم في أي ساعة ليلًا أو نهارًا"، مؤكدًا أن يوم عرفة هو يوم المغفرة والعفو والصفح، ويوم المباهاة من الله عز وجل بعباده.

خالد الجندي: هذا هو الحد الأدنى للوضوء

وكان الشيخ خالد الجندي بين الحد الأدنى للوضوء، قائلاً "ثلاثة أعضاء فيها غسل، والرأس فيها مسح فقط، ولو عملت الأربعة دول مرة واحدة بس، يبقى توضيت وتصح صلاتك"، مؤكدًا أن المضمضة والاستنشاق والاستنثار وغسل الأذنين من السنن، وليست من أركان الوضوء.

وأشار إلى وجود ثلاث روايات في عدد مرات غسل الأعضاء: الأولى أن النبي ﷺ توضأ مرة مرة، كما في حديث عبد الله بن عباس، والثانية مرتين مرتين، كما في حديث عبد الله بن زيد، والثالثة ثلاثًا ثلاثًا، كما ورد في حديث عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعًا.

طباعة شارك الشيخ خالد الجندي يوم عرفة يوم عرفة الوحيد الذي له ليلتان خالد الجندي فضل يوم عرفة

مقالات مشابهة

  • صيام العشر من ذي الحجة.. متى تبدأ وهل صامها النبي؟
  • أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. داوم عليه من مغرب اليوم
  • المفتي العام للمملكة يوصي الحجاج بإخلاص الحج لله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
  • الشيخ خالد الجندي: يوم عرفة الوحيد الذي له ليلتان
  • تضارب في الأنباء حول تفاصيل مقترح ويتكوف الذي وافقت عليه حماس
  • هل يشترط تبييت النية قبل صيام العشر الأول من ذي الحجة؟.. الإفتاء توضح
  • صلاة الضحى وفضلها.. متبقي دقائق قليلة على انتهائها فلا تتكاسل
  • دعاء الصباح لمن عليه امتحان.. بـ10 صيغ تحل أصعب الأسئلة بسهولة
  • كلمتان بـ1000 حسنة.. أفضل الأذكار في العشر الأوائل من ذي الحجة
  • فضل ركن الإسلام الأعظم.. علي جمعة يوضحه