في شأن فورة الشباب وضرورة توجيه البوصلة
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
بعيدا عن "الكليشيهات" المعتادة حول دور الشباب والنخب في مسار الأمة وحيويتها وملاذها وتماسكها وصلابتها ووقودها نحو مدارج الحضارة والتقدم والدرع الحصين ضد كل طامع ومتربص وحاقد، فإننا في عُمان نمتلك مجتمعا شابا يافعا يضج نشاطا وهمة ورغبة في التحقق على كافة أصعدة الحياة ومناكبها ولا غرو أن تجدهم في لوحات الشرف في أعرق الجامعات العالمية ويحققون مراتب ومراكز عالمية في العديد من المسابقات الدولية والبحوث العلمية والأكاديمية والرياضية وليس في الأمر "شوفينية" ساذجة فنحن جزء فاعل في هذا العالم، ونمتلك إرثا عميقا ومتجذرا ساهم عبر الكثير من التحولات التاريخية في صقل شخصية الإنسان العماني في هذه الجغرافية الثرية بعناصر القوة والتنوع والجمال والتحدي.
وفي سياق كهذا يمس الشباب العماني، من الصعوبة الابتعاد كثيرا عن وهج الأرقام والإحصاءات الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات والذي اعتبره أحد قصص النجاح الشبابية المدهشة في البلاد عندما يوسد الأمر لأهله، علما أنه وفقا لإحصائيات عام 2022 فإن ما نسبته 19 % من الهرم السكاني العماني هم من الذكور الذين تتراوح اعمارهم ما بين 18 – 29 سنة في مقابل %18.7 من الإناث في ذات الفئة العمرية. وعلى ذات الصعيد، يحمل نحو 103,289 شهادة دبلوم التعليم العالي ونحو 285,043 شهادة بكالوريوس علما أن %73 من العمانيين يحملون مؤهل الدبلوم العام (671,744).
ومن الواضح أننا مجتمع فتي بصورة كبيرة وهو عنصر قوة بالمعنى التنموي والاقتصادي والفكري والاجتماعي للكلمة ولعل انعكاس ذلك واضح نسبيا في فضاءات التقنية والعالم الرقمي، وبحسب الاحصائيات التي نشرت بجريدة عمان بتاريخ 30 يونيو 24، حول انتشار تطبيقات التواصل الاجتماعي في أوساط العمانيين يتضح أن ما نسبته 99% من العمانيين يستخدمون تطبيق "واتساب" في حين يأتي ثانيا تطبيق "اليوتيوب" بنسبة 75% وتطبيق "الانستجرام" بنسبة 69% وتطبيق "الفيس بوك" بنسبة 20% واللافت أن 22.2% من العمانيين يستخدمون تطبيق "منصة x" بشكل يومي و41.2% كذلك يستخدمون تطبيق "سناب شات".
ومع تفاعل شريحة واسعة من الشباب العماني مع مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وانكشاف العالم رقميا بسبب الثورة في تقنيات الاتصالات وإرهاصات العولمة وتداعيات ذلك على مستويات الوعي والتفاعل فيما يخص الوطن، فإننا نلاحظ شكلا من أشكال الفجوة في تصورات هذه الشرائح عن الحكومة وهناك ما يشبه "عدم التقبل" و"السلبية" و"السوداوية" للكثير مما يصدر من الحكومة من مبادرات رغم كل الجهود الكبيرة المبذولة على كل الصعد والمسارات، والملفت أنه عندما يكتب أحدهم مادة سلبية وقد تكون مدسوسة بطريقة أو بأخرى بهدف إثارة الرأي العام، سرعان ما يتم تناقلها وكأنها حقيقة مطلقة بل واتهام كل من يسعى إلى عدم الرضوح لتلك الروايات أو التخريجات المحلقة في فضاءات الانترنت المشبوهة بأنه إما "مطبل" للحكومة أو جاهل، والأغرب من ذلك حينما يكتب شخص أجنبي عن عُمان أمرا إيجابيا لاحظه خلال زيارته أو متابعاته للشأن العماني ومواقف القيادة الرسمية من بعض القضايا، فسرعان ما تهاجمه بعض الأصوات بقسوة وتصل للشتيمة وكأن ذكر قيمة إيجابية عن الوطن "تهمة" تستوجب الرد!
أعتقد أننا أمام حالة تستوجب الدراسة العميقة وقراءة جوهرها بتمعن وتأني وتبصر في ظل معطيات واقعية داخلية وخارجية لا ينبغي أن نغفلها خاصة مسألة التوظيف والتمكين والدفع بالشباب في مساحات الإنتاج والمشاركة المجتمعية الحقيقية في بناء الوطن وبالابتعاد بهم وبحكمة عن تجار الإثارة والأيديولوجيا والتطرف وخطابات الكراهية والإقصاء والمناطقية. ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة في هذا الشأن، إلا أن هناك تطلع واسع لمزيد من المبادرات الفعلية التي تضع الوطن وتحصينه وتمكين شبابه وتجسير الفجوة بين الشريحة المجتمعية الأكبر وبين أهداف الحكومة وغاياتها للوطن ومهما كتب أو قيل عن هذه "الحالة" فإنها تحتاج لمزيد من الأفعال والمبادرات الحقيقية تشبه تلك المبادرة الحضارية المهمة "نتقدم بثقة" التي عقدت خلال شهر فبراير الماضي بمشاركة رسمية وشعبية واسعة.
أعتقد اننا بحاجة الى مزيد من الجهود "لصنع الأمل" واحتواء طموحات وفورات الشباب لتكون مع عمان الأمة والدولة والوطن والحكومة وليس ضدها لا قدر الله.
ولا ننسى أن ملفات الشباب وأولوياتهم، وتحصينهم بات أمن وطني لا يمكن الاستهانة بها، بل وينبغي أن تتجاوز وطأة الأرقام وصرامة المحاسبين والماليين مع بالغ التقدير لجهودهم في ظل حالة "مقلقة" من الحراك السياسي والأمني والعسكري في الإقليم وتقلبات بوصلة المصالح والتحالفات.
• يحيى العوفي كاتب ومترجم عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بحضور وزير الرياضة ومحافظ الإسماعيلية.. جلسة حوارية لتعزيز الوعي الوطني
شهد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، واللواء طيار أ.ح أكرم محمد جلال، محافظ الإسماعيلية، جلسة حوارية مع شباب عدد من المحافظات، منها "الإسماعيلية، بورسعيد، الشرقية، القليوبية ، دمياط، السويس"، لتعزيز الوعي الوطني.
نظمت الجلسة وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بحضور عدد من أعضاء مجلس النواب وتنسيقية شباب الأحزاب، من بينهم النائبة غادة علي، والنائبة نشوى الشريف، والنائبة هيام الطباخ، والنائب عمرو درويش، والنائب طارق الخولي، والنائب خالد بدوي.
وأكد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، خلال كلمته، أن هذا اللقاء يجسد التزام الدولة المصرية وقيادتها السياسية، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدعم الشباب وإتاحة الفرص أمامهم للتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم، مؤكداً أن الشباب هم جوهر قوة الوطن، وسنده في مواجهة التحديات.
وأوضح أن الوزارة تعمل من خلال برامجها المتنوعة، وبرامج التمكين السياسي والاقتصادي، ومبادرات مثل برلمان الشباب، ونموذج محاكاة مجلس النواب، على إعداد كوادر قادرة على قيادة المستقبل.
وأشار إلى أهمية دور تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين كنموذج ناجح يعكس حرص الدولة على تمكين الشباب.
وأضاف الوزير أن المشروعات القومية الكبرى، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وتنمية محور قناة السويس، وغيرها، تفتح آفاقاً جديدة أمام الشباب للمشاركة في بناء الوطن.
ولفت إلى أن العمل التطوعي يعد ركيزة مهمة في بناء الشخصية المتكاملة للشباب، وتعزيز انتمائهم لوطنهم، مشدداً على أهمية الحوار المستمر مع الشباب، والاستماع إلى آرائهم وأفكارهم لدعم مسيرة التنمية.
من جانبه، أعرب اللواء أكرم جلال، محافظ الإسماعيلية، عن سعادته باستضافة هذا اللقاء الذي يعكس اهتمام الدولة بتمكين الشباب، مشيداً بدور وزارة الشباب والرياضة في تفعيل جهود الدولة نحو إعداد جيل قادر على المشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية الوطنية.
وأكد المحافظ أن الدولة تولي اهتماماً كبيراً بالشباب باعتبارهم طاقة الوطن الحقيقية، مشيراً إلى أهمية برامج مثل الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب، والبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، ومؤتمرات الشباب التي أتاحت لهم التعبير عن آرائهم والمساهمة في صناعة القرار.
وأوضح المحافظ أن الدولة حريصة على تعزيز مشاركة الشباب في العمل السياسي، مشيداً بدور تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في فتح قنوات للحوار الفعال بين الشباب والمسؤولين.
وأكد أن تمكين الشباب سياسياً واجتماعياً واقتصادياً يمثل استثماراً حقيقياً لمستقبل الوطن، وهو السبيل لضمان تنمية شاملة ومستدامة.