فيتش تخفض تصنيف إسرائيل الائتماني مع استمرار حرب غزة
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
خفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لإسرائيل لدرجة واحدة، من "إيه +" (A+) إلى "إيه" (A)، في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة لشهره العاشر، وتداعياته في المنطقة.
وذكرت فيتش في بيان أن خفض التصنيف "يعكس تأثير الحرب المستمرة في غزة، والتوترات الجيوسياسية المتزايدة والعمليات العسكرية على جبهات متعددة".
وأبقت الوكالة على نظرتها المستقبلية للتصنيف عند مستوى سلبي وهو ما يعني إمكانية خفضه مرة أخرى.
وهبط الشيكل بما يصل إلى 1.7% مقابل الدولار أمس الاثنين وأغلقت الأسهم منخفضة بنحو 1.5% في تل أبيب في ظل قلق المستثمرين من هجوم محتمل على إسرائيل.
وفيتش هي الأحدث من بين شركات التصنيف الثلاث التي تخفض تصنيف سندات الحكومة الإسرائيلية ، منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في أعقاب تخفيضات موديز وستاندرد آند بورز.
إنفاق عسكري متزايدوقالت فيتش إن التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران وحلفائها قد تعني إنفاقا عسكريا إضافيا كبيرا وتدمير البنية التحتية وإلحاق الضرر بالنشاط الاقتصادي والاستثمار.
وتتوقع الوكالة بلوغ عجز الموازنة في العام الحالي نحو 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بالعجز المستهدف من وزارة المالية البالغ 6.6%.
وقالت إن توقعاتها للعجز خلال العام المقبل "ستبلغ 4.6%.. لكنه قد يكون أعلى إذا استمرت الحرب في 2025 وامتدت إلى مناطق أخرى بالمنطقة".
وتعني التوقعات السلبية المرتبطة بخفض التصنيف، أنه من الممكن حدوث خفض آخر في المستقبل المنظور.
ووفقا للخبراء الاقتصاديين في وكالة فيتش، فإن سبب هذه التوقعات السلبية هو المخاطر الجيوسياسية التي تواجه إسرائيل.
وكتبت الشركة: "في تقديرنا، قد يستمر الصراع في غزة حتى 2025، وثمة مخاطر من توسعه إلى جبهات أخرى".
يأتي هذا التخفيض، في أعقاب التوقعات السلبية التي أرفقتها فيتش بالتصنيف الائتماني للحكومة الإسرائيلية في أبريل/نيسان الماضي.
وفي فبراير/شباط الماضي، خفضت موديز التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى "إيه 2" (A2)، وهو مستوى يعادل تصنيف وكالة فيتش "إيه" (A) مع نظرة مستقبلية سلبية أيضا.
وفي أبريل/نيسان الماضي، اتخذت شركة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز خطوة مماثلة.
يأتي ذلك، وسط تصاعد خطر توسع الصراع ليشمل حزب الله وإيران، بعد اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر، وتهم موجهة إلى تل أبيب باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إسماعيل هنية في طهران.
قرار طبيعيمن جانب، قلل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اليوم، من أهمية قرار وكالة التصنيف الائتماني، واصفا القرار بأنه "طبيعي".
وقال سموتريتش في بيان: "تخفيض فيتش للتصنيف الائتماني لإسرائيل طبيعي، بالنظر إلى الصراع المستمر مع حماس في غزة.. الأهم أن اقتصاد البلاد ما يزال قويا".
واعتبر الوزير المتطرف أن دولته اليوم "تخوض حربا وجودية.. فهي الأطول والأغلى في تاريخها.. تشن الحرب على عدة جبهات وتستمر منذ ما يقرب من عام.. تخفيض التصنيف وسط الحرب والمخاطر الجيوسياسية التي تخلقها أمر طبيعي".
وتعيش إسرائيل حالة عجز في ميزانيتها والتي بلغت 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الشهور الـ12 المنتهية في يوليو/تموز الماضي.
وتعادل هذه النسبة ما قيمته 155.2 مليار شيكل (47.1 مليار دولار)، وفق أحدث تقارير المحاسبة العامة لوزارة المالية الإسرائيلية، يالي روتنبرغ، في بيان صادر عن الوزارة مطلع الأسبوع الجاري.
وتعليقا على قرار فيتش قال رئيس حزب معسكر الدولة الإسرائيلي بيني غانتس في تغريدة له على موقع إكس "عندما أخبرنا رئيس الوزراء ووزير المالية أنه يتعين علينا إجراء تصحيح كبير في الميزانية – لم يكونوا مستعدين حتى لإغلاق المكاتب الحكومية غير الضرورية ووقف أموال التحالف".
وأضاف غانتس وهو الذي استقال من منصبه كوزير بمجلس الحرب الإسرائيلي في يونيو/حزيران الماضي، "لقد رأينا نتيجة تغليب الاعتبارات السياسية على الاعتبارات الوطنية ..في خفض التصنيف الائتماني، وللأسف سندفع جميعا الثمن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التصنیف الائتمانی
إقرأ أيضاً:
مونيكا وليم تكتب: انعكاسات التقدم الروسي في أوكرانيا على فرص التسوية
تُظهر التطورات الميدانية الأخيرة في أوكرانيا، ولا سيما إعلان روسيا إحكام سيطرتها على مدينة باكروفسك ذات الأهمية الاستراتيجية، أن الحرب دخلت مرحلة جديدة تتجاوز إطار العمليات العسكرية التقليدية لتلامس عمق الحسابات السياسية والتفاوضية بين موسكو وكييف، وبين الولايات المتحدة وروسيا. فالمدينة التي كانت تمثل خط دفاع متقدماً عن إقليم دونيتسك، تحوّلت اليوم إلى ورقة ضغط إضافية في يد الكرملين، بما يسمح له بإعادة تشكيل ميزان القوى على الأرض قبل الانخراط في أي مسار سلام محتمل. ويبدو أن القيادة الروسية تدرك تماماً أن امتلاك المكاسب الميدانية يمنحها قدرة أكبر على رفع سقف مطالبها، وهو ما يفسر عدم إبداء الرئيس فلاديمير بوتين أي مرونة بعد محادثاته الأولية مع المسؤولين الأمريكيين.
في هذا السياق، يعكس تكليف بوتين للجيش الروسي بالاستعداد لعمليات الشتاء استمرار الرهان على الضغط العسكري لتحقيق مكاسب تفاوضية، إذ يدرك الكرملين أن قدرة أوكرانيا على الصمود تتراجع بفعل نقص الذخيرة والجنود، فضلاً عن حالة عدم اليقين التي تحيط بالمساعدات الغربية على المدى المتوسط. ومن الواضح أن موسكو تسعى إلى استثمار اللحظة الحالية لتعزيز موقفها على الأرض، بما يفرض شروطاً مشددة في أي طاولة مفاوضات مستقبلية، خصوصاً في ظل تصاعد الحديث الغربي عن ضرورة إيجاد “نافذة” للحل السياسي خلال العام المقبل.
على الجانب الآخر، تواصل أوكرانيا إظهار قدرة على منع انهيار خطوطها الدفاعية رغم الخسائر الميدانية، وتحاول من خلال ذلك إرسال رسالة مفادها أن أي تنازلات تُفرض عليها بالقوة لن تكون مقبولة.
ومع ذلك، تظل الضغوط المتزايدة الواقعة على كييف عاملاً مهماً في تحديد خياراتها التفاوضية، لا سيما بعدما باتت تعتمد بصورة غير مسبوقة على الإسناد العسكري الغربي الذي لا يمكن اعتباره مضموناً في ظل التغيرات السياسية داخل الولايات المتحدة وأوروبا. إن حالة عدم اليقين هذه تمثل في حد ذاتها ورقة ضغط روسية قوية، لأنها تمنح موسكو إمكانية المراهنة على تراجع الدعم تدريجياً مع مرور الوقت.
من جهة واشنطن، تشير اللقاءات التي عقدها المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف مع الجانب الأوكراني، ووُصفت بأنها “بناءة”، إلى أن الإدارة الأمريكية لا تزال تتمسك بهدف منع تحقيق نصر روسي حاسم، ولكنها في الوقت ذاته تدرك أن استمرار الحرب بهذا الشكل يستهلك قدرات أوكرانيا بوتيرة أسرع مما يتوقعه بعض الحلفاء الغربيين. وتواجه واشنطن معضلة دقيقة: فهي تسعى إلى دفع أوكرانيا نحو تسوية تحفظ وحدة الدولة وتمنع روسيا من فرض شروط مذلة، لكنها تواجه حقيقة أن موازين القوى الحالية تمنح موسكو مساحة أوسع للمناورة السياسية والتفاوضية.
وعلى الرغم من أن إدارة ترامب في حال اتخاذها خطوات ملموسة لإنهاء الحرب قد تسعى إلى طرح خطة سلام تعتمد على الضغط على كييف لتقديم تنازلات معينة مقابل وقف إطلاق النار، إلا أن التقدم الروسي على الأرض يعقّد هذه المساعي. فكل انتصار ميداني تحققه موسكو يرفع سقف توقعاتها، ويجعل أي خطة سلام تتجاهل هذه المكاسب غير مقبولة من الجانب الروسي. وبذلك قد يجد ترامب نفسه أمام معادلة صعبة: إما الضغط على كييف للقبول بشروط غير مريحة، أو مواجهة احتمال استمرار الحرب مع ما يحمله ذلك من أعباء سياسية واقتصادية داخلية على الولايات المتحدة وحلفائها.
وتشير المؤشرات الحالية إلى أن روسيا تتحرك وفق استراتيجية واضحة قوامها تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب قبل الدخول في أي مفاوضات، وهو ما يعني أن الحديث عن وقف قريب لإطلاق النار يظل سابقاً لأوانه. وفي الوقت ذاته، لا تمتلك أوكرانيا رفاهية التراجع أو تقديم تنازلات جذرية في ظل استمرار تهديدات موسكو بإمكانية تحقيق “انهيار عسكري” إذا لم تُستكمل المساعدات الغربية. وهنا يتجلى البعد الجيوسياسي للصراع، إذ لم تعد الحرب تُدار فقط بمعايير ميدانية، بل باتت ترتبط بتوازنات القوى الدولية وبشكل النظام العالمي في مرحلة ما بعد حرب أوكرانيا.
وبناءً على ذلك، يمكن القول إن واقع الحرب الحالي لا يمهّد لتسوية قريبة بقدر ما يمهد لصراع تفاوضي طويل تُستخدم فيه المكاسب العسكرية كورقة ضغط رئيسية. وفي ظل استمرار التقدم الروسي، وتزايد الضغوط على أوكرانيا، وبطء المساعدات الغربية، يصبح من الصعب على أي مبادرة سلام سواء كانت أمريكية أو أوروبية تحقيق اختراق ملموس ما لم تتغير معادلة القوة على الأرض أو يظهر تحول كبير في حسابات أحد أطراف النزاع. وفي هذه المرحلة بالذات، يبدو أن روسيا تعتبر أن الزمن يعمل لصالحها، بينما تحاول أوكرانيا الصمود إلى حين التوصل لوساطة تضمن لها الحد الأدنى من شروط الأمن والسيادة.
بهذا المعنى، فإن الحرب بين روسيا وأوكرانيا لا تؤثر فقط في فرص السلام، بل تعيد صياغة حدود الممكن دبلوماسياً، وتؤكد أن أي خطة سلام ناجحة تحتاج إلى معالجة توازنات القوى الفعلية، لا مجرد الأمنيات السياسية.