محللون: إعلان جيش الاحتلال أرقام جرحاه محاولة لدفع نتنياهو نحو وقف الحرب
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
يعتقد محللون أن إعلان الجيش الإسرائيلي عن عدد جرحاه في قطاع غزة ليس فقط محاولة للدفع باتجاه وقف الحرب، وإنما أيضا للضغط باتجاه تشريع قانون يجيز تجنيد الحريديم المتشددين.
وكشف الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الماضية عن أرقام بشأن الخسائر البشرية التي لحقت به في القطاع. وقال إن قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية استقبل 10 آلاف و56 جنديا جريحا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمعدل أكثر من ألف جريح جديد كل شهر.
وأضاف البيان أن أكثر من 3700 من المصابين يعانون من إصابات في الأطراف، بما في ذلك 192 إصابة في الرأس، و168 مصابا بجروح في العين، و690 مصابا بجروح في الحبل الشوكي، و50 مصابا من مبتوري الأطراف يعالجون في قسم إعادة التأهيل.
وشكك الخبير العسكري اللواء فايز الدويري في هذه الإقام. وقال إن القواعد المعمول بها منذ الحرب العالمية الثانية تؤكد وقوع قتيل مقابل كل 3 جرحى، مما يعني أن 3300 فرد قتلوا خلال الحرب -في حال صدق البيان الأخير- بينما الجيش يتحدث عن 1020 فقط.
وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال الدويري إن هناك الكثير من التقارير الإسرائيلية التي تفند هذه الأرقام، مشيرا إلى أن الجيش لا يعلن عن القتلى من البدو والدروز ومزدوجي الجنسية والمرتزقة.
وإلي جانب ذلك، أشار الدويري إلى أن تقارير غير إسرائيلية تتحدث عن 8435 قتيلا، بينهم 902 فرنسي و1835 أميركيا و79 بريطانيا و83 بريطانيا والبقية مرتزقة.
لكن الأمر المهم في بيانات الجيش الإسرائيلي كما يقول الدويري هو أن غالبية المصابين هم قوات الاحتياط التي تمثل عماد القوات المقاتلة حاليا، بواقع 330 ألفا مقابل 130 ألف جندي نظامي يعملون في القطاعات الخدمية غالبا.
وقال إن قوات الاحتياط تعادل ثلثي القوات الموجودة في القطاع وإنهم مدربون جيدا على القتال، وفي الوقت نفسه هم دون سن الأربعين، ويمثلون رقما مهما في الداخل الإسرائيلي لأنهم أيضا جزء من سوق العمل ولهم عائلات يعولونها.
صدمة لإسرائيللذلك، فإن هذه الأرقام حتى لو لم تكن أقل من الواقع فإنها تحدث صدمة داخل المجتمع الإسرائيلي، لأنها تمثل أزمة اجتماعية واقتصادية، برأي الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى.
كما أن هذه الأرقام تعني للإسرائيليين أنهم يعيشون حرب استنزاف، كما يقول مصطفى، مشيرا إلى أن هذا النوع من الحروب هو أكثر ما يخيف المتجمع الإسرائيلي، لأن لها أثمانا كبيرة ولا تنتهي بتحقيق نصر واضح.
وفي السياق، قال المحلل السياسي عريب الرنتاوي إن هذه الأرقام تعني أن المقاومة ألحقت ضربة كبيرة بجيش الاحتلال الذي فقد صورته التي روّج لها لسنوات، مشيرا إلى أن الإعلان عن هذه الأرقام يمثل رسالة للجانب السياسي بضرورة وقف الحرب، لأن الجيش يواجه ضغوطا كبيرة فيها.
ولفت الرنتاوي إلى حديث رئيس أركان الاحتلال هرتسي هاليفي الأخيرة التي قال فيها إن الجيش أصبح مستعدا للانسحاب من القطاع لأنه بات قادرا على العودة إليه في أي وقت. واعتبرها رسالة واضحة للدفع باتجاه وقف القتال.
وأشار الرنتاوي أيضا إلى أن المقاومة أحدثت أزمة اجتماعية داخل إسرائيل، خصوصا أن ثلثي المصابين دون الأربعين أي أنهم سيخرجون من سوق العمل وسيضرون بذويهم.
جزء من الخلاف الداخليوإلى جانب ذلك، فإن الإعلان عن هذه الارقام في هذا التوقيت -برأي الرنتاوي- يمثل حلقة جديدة من حلقات الخلاف العسكري السياسي الذي يعتمد على التسريبات التي تحدث وزير الدفاع يوآف غالانت في أحدها مؤخرا عن أن الحديث عن النصر (الذي يتمسك به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) المطلق ليس إلا "هراء".
وتعكس هذه الأرقام كذلك محاولة الجيش الدفع باتجاه تجنيد الحريديم لأنه يعاني أزمة في المقاتلين، كما يقول الرنتاوي، معربا عن اعتقاده بأن هذا الإعلان يحمل رسالة سياسية وعسكرية.
ويري مصطفى أن تجنيد الحريديم كان صراعا اجتماعيا اقتصاديا قبل الحرب، لكنه أصبح صراع حياة أو موت بعدها، مؤكدا أن الضغط أصبح كبيرا لتجنيد هذه الفئة التي لم تعد بنظر الإسرائيليين معفاة من الضرائب والعمل فقط وإنما معفاة من الموت أيضا، وفق تعبيره.
لذلك، فإن تشريع قانون لتجنيد الحريديم سيضع الجيش في مأزق كبير، لأنهم سيرفضون الالتحاق بالجيش وبالتالي سيدفعون بقية الإسرائيليين لرفض الخدمة بحجة أنهم ليسوا مجبرين على الذهاب للموت وغيرهم جالس في مدرسة دينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هذه الأرقام إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف تقوّض فظائع غزة جيش الاحتلال الإسرائيلي وتُشعل تمردا صامتا بين صفوفه؟
نشر موقع "تلغراف" البريطاني، تقريرا مطوّلا، رصد فيه التحوّل الجوهري الذي بات ظاهرا في وعي الجنود الإسرائيليين ممّن يدفعون ثمن الحرب "غير الأخلاقية وغير المجدية" على كامل قطاع غزة المحاصر. فيما يصرّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تحويلها إلى مشروع بقاء شخصي.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" فإنّ عدد من الجنود الإسرائيليين، أصبحوا في الآونة الأخيرة، يعلنون رفضهم التقدّم لأداء فترة خدمة احتياطية أخرى أو الانتشار المحتمل في غزة، وذلك اشمئزازا من الحرب المستمرة التي أودت بحياة أكثر من 59 ألف فلسطيني، حسب وزارة الصحة في غزة.
ونقل التقرير، عن أحد الجنود الرافضين للخدمة العسكرية، رون فاينر، قوله: "عندما استُؤنف قصف غزة، اتضح لي أن حكومتنا تريد إطالة أمد هذه الحرب قدر المستطاع، حيث إنّهم لا يريدون إنهاءها"، مردفا: "عرفت حينها أنني لا أستطيع العودة للخدمة في هذه الحرب".
وأوضح المصدر نفسه: "حُكم على فاينر بالسجن 25 يوما من قبل إسرائيل لرفضه الخدمة، ويُعتقد أنه جزء من موجة متزايدة من جنود الاحتياط الإسرائيليين الشباب الذين يشعرون أنهم لم يعودوا قادرين على المشاركة في الحرب ضد غزة".
وأضاف: "معظمهم لا يستجيبون لاستدعاءات الخدمة، إما بـ:نسيان مراجعة بريدهم الإلكتروني، أو بالادّعاء بحالات طبية أو عائلية طارئة. ويعتقد فاينر أن صور الأطفال الجوعى في غزة ستجعل عددًا أقل من الجنود يستجيبون للاستدعاءات".
واسترسل: "تتعرض إسرائيل لضغوط متصاعدة بسبب الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع، حيث حذّرت وكالات الإغاثة من انتشار سوء التغذية والمجاعة على نطاق واسع. وفي خطوة متصاعدة، أعلنت فرنسا، الخميس الماضي، عن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين. بينما أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، عن فرض وقفة تكتيكية للقتال في بعض مناطق غزة".
أيضا، نقل الموقع البريطاني، عن رئيس التخطيط الاستراتيجي السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، آساف أوريون، قوله: "بينما كانت هناك أهداف استراتيجية واضحة للحملات الإسرائيلية ضد إيران وحزب الله في لبنان، فإنه لم يعد هناك أي مبرر عسكري واضح لاستمرار العمليات العسكرية في غزة".
وأبرز: "في غزة، أظن أن القطار الاستراتيجي للأهداف والوسائل والغايات قد اختُطف بدوافع خفية، كما أعتقد أن السبب الرئيسي لاستمرار الحرب في غزة هو مجرد مصلحة سياسية آنية"؛ فيما كان نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إيران إيتسيون، أكثر صراحة، بالقول: "بات واضحا منذ وقت طويل لمعظم الإسرائيليين أن السبب الرئيسي لاستمرار الحملة في غزة هو مصالح نتنياهو السياسية والشخصية والقضائية، فهو يحتاج إلى استمرار الحرب ليبقي على قبضته في السلطة بل ويعززها".
ووفقا للتقرير فإنّ: "كثيرون يعتقدون أنّ نتنياهو يخشى أن ينهار حكومته إذا انتهت الحرب، إذ إن الأحزاب القومية المتطرفة في ائتلافه ستتخلى عنه. كما أنّ سمعة الدولة اليهودية باتت تواجد أزمة حادّة على الساحة الدولية، حيث تصطف حلفاؤها التقليديون مثل بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، لإدانة التقارير المتصاعدة عن المجاعة في قلب قطاع غزة المحاصر".
إلى ذلك، أشار التقرير نفسه، إلى أنّ منظمة الأمم المتحدة، قد اتّهمت جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل أكثر من ألف مدني بالقرب من مواقع توزيع المساعدات الإنسانية في غزة. ووفقًا لعدة مقاطع فيديو وشهادات شهود عيان، فإن تنظيم تدفق الغزّيين داخل هذه المواقع، وحولها، يتم بشكل سيء للغاية، ويتم فيها القصف الأهوج.
وأورد التقرير: "على الرغم من أنّ الأرقام الحقيقية محاطة بالسرية، إلا أن بعض السياسيين يعتقدون أنّ معدل الاستجابة للاستدعاءات العسكرية قد يصل إلى 60 في المئة فقط. معظمهم ممّن يوصفون بـ"الممتنعين الرماديين"، وهم أشخاص يتذرعون بمشاكل طبية أو عائلية، أو ببساطة يسافرون للخارج خلال فترة الاستدعاء ويُهملون مراجعة بريدهم الإلكتروني".
واسترسل: "ما زالت حالات الرفض لأسباب سياسية صريحة، نادرة نسبيا، لكنها في تزايد، وهو ما يتجلى في العدد المتصاعد للرسائل العامة التي يوقعها جنود الاحتياط مستنكرين فيها طريقة إدارة نتنياهو للحرب، وما يعقب ذلك من توبيخات وفصل من الخدمة".
واختتم التقرير بالقول: "في الوقت نفسه، تستمر قضية تجنيد اليهود المتشددين (الحريديم) المثيرة للجدل، حيث يُتوقع أن يتراجع نتنياهو عن وعوده بإجبار الشباب اليهود المتشددين على الالتحاق بالخدمة العسكرية".