هل ستتمكّن خطة بايدن من منع الحريق في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مقالا، للزميلة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، دانا سترول، قالت فيه إنه منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كان للرئيس بايدن هدفين في الشرق الأوسط: دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي في الدفاع عن نفسها، ومنع حرب دولة الاحتلال الإسرائيلي وحماس من التصعيد إلى حريق إقليمي من شأنه أن يجبر الولايات المتحدة على التدخّل.
وأوضح المقال، أنّه "لمنع حرب إقليمية، استخدمت إدارة بايدن سلسلة من التدابير على مدى الأشهر العشرة الماضية، تتراوح من الدبلوماسية إلى تعزيز الوجود العسكري الأمريكي إلى استخدام القوة العسكرية المميتة. وحتى الآن، تمكنت من منع العديد من الصراعات منخفضة المستوى من التحول إلى حرب تقليدية كاملة النطاق، تخاطر بمواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران".
وتابع٬ بأنّه منذ الهجوم الإيراني غير المسبوق على دولة الاحتلال الإسرائيلي في نيسان/ أبريل، وسلسلة من التطوّرات الخطيرة منذ ذلك الحين، تغيّر المشهد بشكل حاد. ولكن ربّما لا تكون خطة بايدن كافية هذه المرة.
وبحسب المصدر نفسه، فقد شكّل هجوم إيران تغييرا حاسما في استراتيجيتها الإقليمية، وأمن الشرق الأوسط. فعلى مدى عقود من الزمان، كانت طهران تفرض قوتها العسكرية في مختلف أنحاء المنطقة من خلال شبكة من الوكلاء، وهي استراتيجية تهدف إلى إبقاء القتال خارج أراضيها والحفاظ على قدر من القدرة على الإنكار.
ولكن في نيسان/ أبريل، عندما تجاهلت إيران تحذيرات واشنطن وهاجمت دولة الاحتلال الإسرائيلي مباشرة لأول مرة، حرّكت إيران أعمدة المرمى. ولم يعد من الواضح كيف قد تستخدم إيران جيشها وشبكتها. ومع الضربة الإسرائيلية اللاحقة في عمق الأراضي الإيرانية، بدأ السيناريو الأميركي لمنع الهجمات بين الدول يتآكل.
وكان منع الحرب الإقليمية أحد أولويات بايدن منذ الأيام الأولى لإدارته. فبعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر حيث شنّت "حماس" التي ترعاها إيران، ضربة على الاحتلال الإسرائيلي، حذّرت إدارة بايدن طهران ووكلائها علنا وسرا من المضي قدما. وعزّزت واشنطن دبلوماسيتها بنشر المزيد من القوات والقدرات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك حاملتا طائرات.
في الوقت نفسه، كان بايدن يوجّه ضربات عسكرية مستهدفة ضد وكلاء إيران، ممّا أدى إلى تصعيد الهجمات على القوات الأمريكية بعد بدء الحرب على غزة. في الأشهر التالية، أمر الرئيس بشن ضربات أحادية الجانب، أولا ضد البنية التحتية التابعة لإيران في سوريا، ثم المنشآت التابعة لإيران في العراق، وأخيرا ضد قادة الميليشيات المتحالفة مع إيران في العراق.
في اليمن، حيث شنّ الحوثيين المدعومين من إيران، بزعم الدفاع عن الفلسطينيين، هجوما على السفن العسكرية والتجارية في البحر الأحمر، جمعت إدارة بايدن تحالفين دوليين لحماية السفن التي تسافر عبر المنطقة وضرب أهداف عسكرية داخل اليمن. وبينما استمرت هجمات الحوثيين، نجحت جهود التحالفين في منعهم من إغلاق حركة الملاحة البحرية الدولية تماما.
كان هذا المزيج من التكتيكات ناجحا حتى أرسلت إيران أكثر من 300 مسيرة وصاروخ إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، في 13 نيسان/ أبريل. تم شنّ الهجوم ردا على اغتيال ثلاثة قادة إيرانيين في سوريا، والذي يُشتبه في أنه على أيدي دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ولكن في الوقت نفسه، لم يكن هناك أي ردع من جانب إيران. فقد نجح تحالف دفاع جوي، ضم الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي وشركاء أوروبيين وعرب، في اعتراض كل المسيرات الهجومية الإيرانية تقريبا، وفشلت معظم الصواريخ الإيرانية أو اعترضتها دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ولكن على الرغم من تحذيرات واشنطن ودبلوماسيتها وموقفها العسكري الدفاعي، لم تردع إيران. ولو تسببت أسلحتها في إحداث أضرار أكبر بالمواقع العسكرية الإسرائيلية أو المناطق المدنية، لكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي قد ردّت بالمثل على الأرجح، ممّا جعل المسيرة نحو الحرب الإقليمية لا يمكن إيقافها.
"الآن، مرة أخرى، تتأرجح المنطقة على حافة الهاوية. والعملية التي وقعت في 27 تموز/ يوليو على بلدة في مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي أسفرت عن مقتل 12 طفلا، والتي كان حزب الله اللبناني وراءها بوضوح (حتى لو نفى ذلك)، هو بالضبط نوع من الأحداث التي تسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا والتي تدفع القادة إلى دورات تصعيدية لا رجعة فيها" بحسب الصحيفة الأمريكية.
وأضافت، ردّت دولة الاحتلال الإسرائيلي باغتيال أحد كبار قادة حزب الله في جنوب بيروت؛ وتعهّد حزب الله بالرد. وبعد يوم واحد، استشهد أحد كبار قادة حماس، إسماعيل هنية، أثناء إقامته في دار ضيافة حكومية في طهران في هجوم تقول إيران إن دولة الاحتلال الإسرائيلي قد نفذته. وتعهّدت طهران، التي شعرت بالإهانة بسبب الخرق الأمني، بالرد.
قامت إدارة بايدن مرة أخرى بالرد على المشكلة بإرسال حاملة طائرات أخرى وسربا آخر من الطائرات المقاتلة وغواصة صواريخ موجهة تعمل بالطاقة النووية إلى المنطقة. وهي تمارس ضغوطا دبلوماسية لحشد كل حليف وشريك لدعوة إيران إلى التراجع.
كان الجنرال مايكل إريك كوريلا، وهو القائد الأعلى للجيش الأمريكي المسؤول عن القوات في الشرق الأوسط، في دولة الاحتلال الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، لتنظيم تحالف دفاع جوي آخر. وسعى بايدن إلى مواجهة أي سؤال حول المسافة المتزايدة بين واشنطن ودولة الاحتلال الإسرائيلي عندما يتعلق الأمر بدفاع الأخيرة حتى تفهم إيران ووكلاؤها، بما في ذلك حزب الله، أن واشنطن ستتدخل للدفاع عن دولة الاحتلال الإسرائيلي.
لكن منع الحرب بين الدول في الشرق الأوسط هو مشروع مختلف تماما عما كان عليه قبل خمسة أشهر. لم تمنع جهود بايدن إيران من مهاجمة دولة الاحتلال الإسرائيلي في الربيع. ومن الصعب أن نرى كيف ستكون نفس التحركات كافية الآن. لم تدفع طهران ثمنا كبيرا لأفعالها، ولم تهدد الولايات المتحدة على وجه التحديد بفرض ثمن على إيران إذا هاجمت إسرائيل مرة أخرى.
ربما لا يزال المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون يعتقدون أن إيران وحزب الله لا يسعيان إلى حرب شاملة. ومع ذلك، فإن كليهما يتصارعان مع الإذلال العالمي في أعقاب الضربات الإسرائيلية. وهناك خطر جدي يتمثل في أن غريزة الانتقام لديهما تفوق براغماتيتهما.
وإذا تجاهلت إيران مرة أخرى الضغوط الدولية للامتناع عن الرد، فمن المرجّح أن تصمّم ردّا أكبر من الذي نفذته في 13 نيسان/ أبريل، والذي قد يشمل هجمات مباشرة متعددة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي أو هجمات منسقة مع وكلائها في لبنان واليمن والعراق وسوريا. وهناك أيضا خطر أن توجه إيران حزب الله للضرب أولا في محاولة لاستنزاف الدفاعات الجوية الإسرائيلية قبل شن هجوم مباشر من جانبه.
وإذا كانت إيران تريد تجنب حرب أوسع نطاقا، فإن ردها سوف يتجنب البنية الأساسية المدنية والمراكز السكانية. إن تنفيذ مثل هذا الرد، أي شيء أكبر من 13 نيسان/ أبريل، ولكن أقل من مسيرة نحو الحرب، يحمل في طياته مخاطر هائلة من سوء التقدير أو الخطأ.
ومن المرجّح أن تتراجع طهران إذا شعر قادتها أن أمن النظام نفسه معرض للخطر. يتعين على بايدن أن يفكر في الإشارة إلى أنه مستعد لتحويل استخدام القوة العسكرية الأمريكية من استهداف وكلاء إيران إلى استهداف داخل إيران، مثل مرافق تخزين الأسلحة أو الإنتاج. يمكن استخدام القوات والقدرات الإضافية التي أرسلها إلى المنطقة ليس فقط للدفاع عن دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد هجوم إيراني ولكن أيضا لمعاقبة إيران بشكل مباشر.
يجب تشجيع القادة الأوروبيين والعرب على نقل أهدافهم أيضا. يجب أن تشمل العواقب المترتبة على المزيد من العدوان الإيراني الضغط الاقتصادي والعزلة الدبلوماسية والالتزامات الإضافية بين الحلفاء الأوروبيين والعرب تجاه التعاون الأمني لمواجهة التهديدات الإيرانية.
بينما ينتظر العالم رد طهران، تسخن جبهات أخرى. استأنفت الميليشيات الإيرانية في العراق وسوريا الهجمات ضد القوات الأمريكية الأسبوع الماضي، وأسفرت إحداها عن إصابات خطيرة. لم يوجّه بايدن بعد أي ضربات أمريكية ردا على ذلك، وهو ما قد تفسره طهران خطأ على أنه ضوء أخضر للاستمرار. في أواخر تموز/ يوليو، دفع هجوم بمسيرة من الحوثيين على تل أبيب إلى أول ضربة إسرائيلية أحادية الجانب في اليمن، ومن لبنان تتزايد هجمات حزب الله على دولة الاحتلال الإسرائيلي حتى مع تسارع حشد القوات الأمريكية.
ولكسب الوقت والمساحة للدبلوماسية، أصدر بايدن بيانا مشتركا نادرا، مع زعماء مصر وقطر يدعو إلى اجتماع الخميس، لإتمام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الأسرى المتبقين الذين تحتجزهم حماس. ويعتقد مسؤولو الإدارة أن إنهاء القتال في غزة قد يفتح فرصا للتهدئة على جميع الجبهات الأخرى، لأن إيران ووكلائها ربطوا هجماتهم بالحملة الإسرائيلية هناك.
وفي يوم الثلاثاء، قال بايدن إنّه يتوقع أن تمتنع إيران عن شن هجوم إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وحذّر المسؤولون الإيرانيون من أن اتفاق وقف إطلاق النار فقط هو الذي سوف يمنع الانتقام. ولكن احتمالات نجاح المحادثات قاتمة: فقد رفضت حماس أي تعديلات على إطار وقف إطلاق النار، واتهم فريق التفاوض الإسرائيلي رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتقويض المفاوضات.
ويبدو أن إيران، التي تدرك المسافة بين الطرفين، تسعى إلى إضفاء الشرعية على استخدامها للقوة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي. إذا كان هذا صحيحا، فيتعين على كل أولئك الذين يريدون منع الحرب الكبرى أن يرفضوا هذه اللعبة الساخرة التي تنتهجها إيران، وأن يستعدوا لاتخاذ إجراءات لكسر قبضة إيران الخانقة على المنطقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية بايدن الشرق الأوسط الولايات المتحدة الإيراني إيران الشرق الأوسط الولايات المتحدة بايدن المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط إدارة بایدن إطلاق النار مرة أخرى حزب الله
إقرأ أيضاً:
دولة أوروبية تطرد وزراء الاحتلال الإسرائيلي وتحظر دعمه عسكريا
أعلنت سلوفينيا، يوم الخميس، فرض حظر شامل على تصدير واستيراد وعبور الأسلحة والمعدات العسكرية من وإلى الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة اعتُبرت الأولى من نوعها على مستوى الدول الأوروبية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
وجاء القرار بمبادرة من رئيس الوزراء روبرت غولوب، وصادقت عليه الحكومة خلال جلستها الأسبوعية. ووفق بيان رسمي صادر عن مكتب غولوب، فإن الحظر يشمل جميع أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية، سواء كانت موجهة إلى الاحتلال الإسرائيلي أو واردة منه أو تمر عبر الأراضي السلوفينية.
رئيس الوزراء السلوفيني قال إن بلاده "هي أول دولة أوروبية تتخذ مثل هذا القرار"، مضيفًا أن سلوفينيا لم تصدر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 أي تصاريح بتصدير السلاح نحو الاحتلال، على خلفية الجرائم المرتكبة في غزة.
ويأتي الحظر في ظل تصاعد الانتقادات الدولية إزاء الكارثة الإنسانية التي يشهدها القطاع، وفي وقت لم يتمكن فيه الاتحاد الأوروبي من اتخاذ موقف عملي ضد العدوان الإسرائيلي المستمر.
وسبق هذا القرار تحركات سلوفينية أخرى أثارت استياء الاحتلال الإسرائيلي، إذ أعلنت الحكومة في يوليو/تموز الماضي منع دخول وزيرَي المالية والأمن القومي في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ووصفت تصريحاتهما الداعية إلى "الإبادة والتحريض على العنف ضد الفلسطينيين" بأنها تمثل تهديدًا خطيرًا لحقوق الإنسان.
وكان البرلمان السلوفيني قد صادق في يونيو/حزيران الماضي على الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة جاءت تماشياً مع مواقف مماثلة اتخذتها أيرلندا والنرويج وإسبانيا، تعبيرًا عن رفض القصف المتواصل على القطاع.
وفي السياق نفسه، استدعت وزارة الخارجية السلوفينية السفيرة الإسرائيلية المعينة حديثًا في ليوبليانا، روث كوهين دار، للاحتجاج على ما وصفته بـ"المأساة الإنسانية" الناجمة عن تجويع المدنيين ومنع دخول المساعدات.
ودعت الخارجية السلوفينية الاحتلال الإسرائيلي إلى "وقف فوري لسياسة القتل والتجويع بحق السكان في غزة"، مشددة على أن المساعدات يجب أن تُدخل بشكل عاجل ومنظّم تحت إشراف أممي مستقل.
وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد الأصوات الدولية والأممية المطالِبة بإنهاء الحرب والحصار المفروضَين على قطاع غزة، لا سيما بعد تزايد أعداد الشهداء المدنيين الذين يُقتلون جوعًا في ما بات يُعرف بـ"مصائد الموت" عند نقاط توزيع المساعدات التي تُشرف عليها جهات مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة.
وتشير آخر التقارير إلى أن عدوان الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أميركي مباشر، أسفر حتى الآن عن وقوع أكثر من 207 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين، في ظل مجاعة كارثية تفتك بالسكان في قطاع غزة المنكوب.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن