"جبالنا مخازننا".. "متى يمكنني العودة إلى بيتي يا نصرالله؟"
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
د. هيثم مزاحم **
"يا نصر الله، قل لي: متى يمكنني العودة إلى بيتي؟". هذا الكلام ليس صادرًا عن مواطن لبناني نزح من منزله في البلدات الجنوبية المحاذية لفلسطين المحتلة، إنما هو عنوان مقالة لكاتب إسرائيلي مُقيم في إحدى مستوطنات الشمال المحاذية للحدود مع لبنان، هو مناحيم هوروفيتس وقد نشر مقالته في موقع قناة "N12" الإسرائيلية.
قال هوروفيتس إنه "لطالما تركت زيارات القادة أو كبار الضباط الإسرائيليين إلى البلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود الشمالية للكيان مع لبنان انطباعًا بصريًا جيدًا، وقد كان رؤساء الحكومات، ووزراء الدفاع، ورؤساء هيئة الأركان، وقادة الألوية يعلمون هذه الحقيقة، ولطالما اهتم هؤلاء بدعوة كاميرات الصحافة إلى جولاتهم المنظمة، فوجود جبال الجليل الدراماتيكي في خلفية الصور، والقرى والبلدات الواقعة وراء الحدود، وخط النقاط العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، وسهل الحولة الممتد من الشرق، يُعد ديكورًا مثاليًا في الخلفية، لصورة يرغب فيها القادة والزعماء".
وأشار إلى أن تصريحات هؤلاء القادة الإسرائيليين شديدة التشابه وهي من قبيل: "سنسحق العدو"، و"سنهزم حزب الله"، و"سنقضي على التهديدات الآتية من الشمال". وأوضح أنها "صرخات المعركة نفسها، والتبجح ذاته، والوعود عينها.. لطالما تبجح هؤلاء في جولاتهم قائلين إن علينا فقط أن نقرر إذا ما أردنا "إعادة لبنان إلى العصر الحجري".
وأضاف الكاتب الإسرائيلي: "ها نحن نعيش حربًا مع حزب الله على امتداد 10 أشهر، وعليّ الاعتراف بأنها حرب غريبة إلى حد ما، وهي حرب بدت، حتى هذا الأسبوع، كما لو كانت معركة بين ملاكمَين، يضرب كل منهما الآخر بدوره، لكنّ كلًا منهما يحترس من توجيه الضربة القاضية إلى خصمه، وكما لو كان على كل منهما أن يظل واقفًا على قدميه وأن يواصل إطلاق التهديدات. على مدار 10 أشهر، خلت منازل عشرات الآلاف من المواطنين في الشمال، وتحول قطاع كامل من البلد، عمليًا، إلى منطقة عسكرية مغلقة، ودولة إسرائيل، بجميع قدراتها العسكرية والاستخبارية، تلاقي مصاعب جمة في مواجهة حزب الله. ويمكن للمرء أن يجادل بشأن نجاح إسرائيل في حربها في مواجهة "حماس"، لكن أكثر الناس تشاؤمًا سيعترفون بأن الآلة الحربية لحزب الله لا يوجد تشابه بينها وبين الآلة التي خططت ونفذت هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر. انظروا إلى ما حققناه في القطاع، انظروا إلى عدد القتلى هناك، والأنفاق المدمرة، والأسلحة التي تبددت، والشحنات التي تم تدميرها، والقادة الذين تمت تصفيتهم، والأرض التي تم الاستيلاء عليها، وعلى الرغم من هذا، فإنه لا يزال بعضنا يجادل في حقيقة أن هذا كله قد شل "حماس" تقريبًا، لكن حينما نتحدث عن حزب الله، فإن علينا هنا أن نعترف بأنه على الرغم من مقتل عدة مئات من صفوف ذلك التنظيم، وعدد المسؤولين الذين تمت تصفيتهم، فإنه ما من أحد هنا يصدق ولو للحظة أن منظمة نصر الله، حتى بعد كل ما حدث مؤخرًا، باتت على شفا التفكك".
ورأى الكاتب أن "من يتحدث الآن عن سيناريو لإنهاء الحرب، ليس عليه أن ينظر إلى غزة أو تل أبيب أو واشنطن، فمن يرغب بذلك، عليه أن يشخص ببصره إلى بيروت. وقد قال حسن نصر الله، أكبر أعداء إسرائيل في القرن الواحد والعشرين في بداية الحرب، إنه سيواصل توجيه الضربات إلينا إلى أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وفرض علينا القواعد عمليًا، وهو الآن يلتزمها أيضًا. إن عشرات الآلاف من البشر المهجرين من الجليلين الأعلى والغربي يعرفون جيدًا كيف ستتم الأمور في هذه المرة أيضًا؛ ليس عن طريق إعلان احتفالي بالنصر تطلقه دوائر صنع القرار السياسي في تل أبيب، ولا إعلان صادر عن الأمم المتحدة، ولا عبر الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام، إنما سنعود إلى منازلنا في الشمال فقط بعد أن يعلن نصر الله أن هذه الجولة قد انتهت بالنسبة إليه".
كلام هوروفيتس، وهو من سكان مستوطنة كريات شمونة المحاذية للحدود مع لبنان، يلخّص المأزق الذي يواجهه الكيان الصهيوني والمستوطنين من سكان شمال فلسطين المحتلة. ويأتي كلامه بعد أسبوعين من تهديد حزب الله بالرد على اغتيال إسرائيل قائده العسكري فؤاد شكر (السيد محسن) في غارة على مبنى سكني في بيروت، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في غارة على مقر إقامته في طهران.
وعلى الرغم من تأخر الرد على الاغتيالين والذي ردّه البعض لأسباب سياسية وردّه البعض الآخر لأسباب عسكرية. إذ أرادت طهران بناءً على اتصالات عربية وغربية بها منح فرصة لمفاوضات الدوحة لوقف إطلاق النار في غزة فيما هناك خشية لدى إيران ومحور المقاومة أن يكون نتنياهو يستدرجهم إلى فخ حرب شاملة تتورط فيها الولايات المتحدة في مسعى لتدمير المنشآت النووية والعسكرية والنفطية والصناعية الإيرانية، فضلًا عن تدمير منشآت لبنان ومحاولة القضاء على بنى حزب الله العسكرية.
لكن الرد ليس مرتبطًا بتوقيت نتنياهو ولا ينبغي أن يكون فوريًا إنما يرتبط بمصلحة محور المقاومة وتوقيته وظروفه السياسية ومعطياته العسكرية والأمنية التي تحدد توقيت الرد وطبيعته ومكانه ومستوى الهدف أو الأهداف الإسرائيلية، وسواء يكون الرد عسكريًا أو أمنيًا.
فالثأر للشهداء يشفي غليل المؤمنين لكنه ليس هدفًا بحد ذاته وإنما الهدف الأسمى هو تحقيق أهداف المقاومة، وأهمها حفظ كيانات محور المقاومة وبناها السياسية والعسكرية والصناعية وقياداتها وكوادرها، فضلًا عن دولها وشعوبها منشآتها واقتصاداتها. لكن النتقام مطلوب لحفظ الردع ولجم العدو الإسرائيلي عن تكرار اغتيالاته لقيادات المقاومة من جهة، أو اعتداءاته على العواصم والمدن والمباني السكنية والمدنيين من جهة أخرى.
في هذا السياق، بث الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية (حزب الله ) في لبنان فيديو بعنوان "جبالنا مخازننا" عرض فيه منشآة اسمها "عماد 4" كان استثنائيًا من حيث مضمونه وتوقيت بثه. فالفيديو يعرض لمنشأة عسكرية واقعة في الجبال، حيث تظهر داخلها الآليات العسكرية والصواريخ الدقيقة التي تتحرك بشكل مريح وكأنها مدينة تحت الأرض. المشاهد تُشير الى أكثر من دلالة أراد حزب الله لفت أنظار الإسرائيليين إليها:
- السرية العالية التي تُحيط بمكان وجود هذه القدرات الصاروخية، فالمنشأة الموجودة في عمق الجبال التي توفّر الحماية اللازمة حيال أي استهدافات مُعادية لها في حال كُشفت.
- حصانة المكان تتيح تحييد هذه القدرات العسكرية عن أيّة ضربات استباقية من العدو الإسرائيلي ويضمنان إمكانية استخدامها في أيّ معركة لحزب الله، كما تؤكد أن أيّ ضربة استباقية للمقاومة ستكون فاشلة، وسيكون لدى المقامين دائمًا القدرة للردّ القاسي والمدمّر، وهي قدرة "الضربة الثانية" كما تُسمى في العلوم الإستراتيجية.
- جاء في الفيديو أن المنشأة تحمل الرقم "4"، ممّا يعني بأنها واحدة من سلسلة منشآت على المنوال نفس حيث يُظهر المقطع مدى الراحة العملياتية التي يعمل فيها المقاومون تحت الأرض في المنشأة التي هي بحجم مدينة، وليس معلومًا أين تبدأ وأين تنتهي وبماذا تتصل. وأشارت مصادر المقاومة إلى أن المنشأة مجهزة بمستشفى ميداني وجميع الاحتياجات للصمود لنحو سنة كاملة.
وبذلك تعلن المقاومة الإسلامية أن قدراتها ولا سيما الصاروخية في أتمّ الجهوزية للدفاع عن لبنان، وأنها لا تخشى الذهاب إلى الحرب بل هي مستعدّة لها إذا ما قرر الكيان الذهاب بعيدًا في التصعيد والعدوان.
وقد تزامن عرض هذا الشريط المصور مع المفاوضات التي كانت تجري في الدوحة، وعقب زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت. وكأن الرسالة التي يحملها الفيديو فضلًا عن ردع العدو، هي أنه حتى لو تأخر الرد على استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال القائد فؤاد شكر وقتل مدنيين لاعتبارات ميدانية أو سياسية، فإن الرد آتٍ حتمًا. والتأخر في الرد هو جزء من الرد كما عبّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أي جعل فترة الانتظار حرب أعصاب تجعل الكيان الصهيوني في حالة خوف واستنفار تؤثر على اقتصاده ومعنويات شعبه وجيشه. فالمبادرة حاليًا في يد المقاومة التي تريد منع العدو من وضع قواعد الاشتباك بحسب مصلحته.
وإن كانت إسرائيل دأبت على تهديد لبنان بإعادته مائة سنة إلى الوراء أو إلى العصر الحجري في حال نشوب حرب مفتوحة، فإن المقاومة حينها ستعيد المستوطنين الصهاينة إلى أوروبا الشرقية.
** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية- لبنان
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كيف لي أن أبدد مخاوفها وهي التي تظن أنني سأتركها بسبب مرضها؟
كيف لي أن أبدد مخاوفها وهي التي تظن أنني سأتركها بسبب مرضها؟
تحية طيبة للجميع وبعد، سيدتي صاحبة القلب الطيب والحس المرهف اخاطبك اليوم عبر موقع النهار راونلاين وصدقيني لست أدري من أين أبدأ رسالتي، فالأمر متعلق بزوجتي المرأة التي أعشق، وأم طفلي الوحيد، هي تعيش فترة سيئة وحالة نفسية جد صعبة، حاولت كثيرا معها لكنها ترفض أن تتقبل ما حصل معها، فبعد أن تعرضت لتعقيدات صحية علاجها الوحيد كان عملية استئصال رحمها، وبالفعل استجابة لهذه الحتمية، لكن هذا الأمر دمر نفسيتها، وصارت تشك في نفسها ولا تؤمن بصلابة علاقتنا، تظن أنني سأتخلى عنها أو ربما أبحث عن امرأة غيرها يمكنها أن تنجب لي أولادا، وأنا يعلم الله كم أحبها، وأبدا لن أفكر في غيرها، فيوميا تثير المشاكل، صارت تنفر مني ليس كرها، بل هو استفزاز منها لأفكر أنا في الطلاق.
سيدتي، هو المصيب الذي جمعني بها، لم أكن أعرفها، لكن منذ أن رأيتها لأول شعرت بانشراح في الصدر، وارتاح قلبي لها، وبعد أن جمعنا الميثاق الغليظ صرت أحبها، ويوميا أحمد الله على هذه الهبة، فهي قحا هدية من عند المولى، لهذا أريد أن أعرف كيف أرفع من معنوياتها، وأغير أفكارها، وأقنعها أنني بالرغم من كل شيء مازلت أعشقها، وأنني لن أتخلى عنها..؟
أخوكم ش.رياض من الشرق الجزائري.
تحية أجمل أخي الفاضل ومرحبا بك في منبر قلوب حائرة، زوجتك أخي تمر بإحباط نفسي، لأن استئصال الرحم، من أكثر الأمور التي تسبب آثار نفسية سيئة لدى المرأة، حيث ينعكس هذا الأمر عليها بشكل سيء، وتتسبب لها في إيذاء نفسي، جعلها تعتقد أنك لن ترغب مستقبلا فيها، وأنك سوف تتوقف عن حبك لها، لكن الحمد يبدو عليك أنك رجل أصيل، وزوج محب، وهنا عليك القيام بدور مهم في حياتها، لتساعدها على تجاوز محنتها، والخروج من حفرة الأفكار السلبية التي ألقت نفسها فيها، ثم حاول أن تزرع فيها الثقة في نفسها، فهي ليست المرأة الأولى أو الأخيرة التي تتعرض لعملية استئصال رحمها،حيث سبقتها كثيرات لكنهن لم يستسلمن واستمرت حياتهن بطريقة جد عادية، ولو أن مشكلة زوجتك مرتبطة بك.
لهذا سيدي في الأول لابد أن تتمتع بصبر كبير، لتدعمها يوميا دون كلل ولا ملل حتى تتجاوز هذه الحالة، وتستعيد الثقة في نفسها، وأن لا تمل من تذكريها فعلا وقولا بأنك لا تزال تحبها بالرغم من كل ما حصل معها، فهي الآن تشعر بأنها لم تعد مكتملة الأنوثة كما كانت من قبل، فما عليك إلا أن تشعرها بالحب والاهتمام، ووضح لها أن هذا الأمر لم يؤثر لا في حبك، ولا في علاقتكما مع بعض، والحمد لله وهبكما الله طفلا نتمنى أن يكون صالحا تفتخران دوما.
بارك الله فيك أخي على هذا التفهم الجميل، وعلى حبك الصادق لزوجتك، وأتمنى من الله أن يجمع بينكما بالخير، وتنعمان بسعادة لا نهاية لها.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور