موقع النيلين:
2025-05-10@22:37:51 GMT

رؤيا البرهان الأب: وثمة مسائل أخرى!!

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

ماذا لو لم يرزق حاج البرهان، القَروي الجعلي الشهم، بابن اختار له اسم “عبد الفتاح” ؟ ، إذن لكفى ابنه عبدالفتاح هذا الثِقل العظيم لحكم السودان في هذه الفترة الحرجة و الاستثنائية في آن واحد.

تواترات الأخبار من هنا و هناك تذكر أن – حاج البرهان – رأى رؤيا أن ابنه الضابط في القوات المسلحة سيحكم السودان يوماً ما، ولو كان يعلم أن رؤياه ستتحقق وأن ابنه سيواجه ما واجه من مخاطر وعنت، لتمنى أن تمر ليلته تلك بدون رؤى وأحلام، لكنها على كل حال هي الأقدار التي أتت بالفريق أول عبد الفتاح البرهان عبدالرحمن لتولي هذه المهمة بعد التغيير الكبير في أبريل 2019 الذي حدث في البلاد و الذي نهضت معه شراكة بين الجيش الذي انحاز للحراك الجماهيري، في ذلك الوقت مع ثُلة من السياسيين الذين برزوا في المشهد و وضعوا أيديهم على كل مفاتيح التغيير من شباب و لجان المقاومة و مجتمع مدني و نقابات مهنية بشكل انتهازي محترف، وعلى طريقة القطيع مضت معهم تلك المجامبع الهادرة، تبتغي الحرية والسلام والعدالة.

التاريخ قريب جداً لدرجة أن ذاكرة السمك تتذكره بتفاصيل مملة، و لذا لا أود الخوض في الأحداث العاصفة التي أطاحت بحكومة حمدوك الأولى و الثانية بل أحاول أن أركز على استهداف أهم مؤسسات الدولة الوطنية، فقد اصطف المدنيون تحت لافتة قوى الحرية و التغيير التي وصفوها في ذلك الوقت بأنها أكبر تحالف سوداني ، و بعد برهة قليلة، تبخر هذا التحالف العريض ليستقر على أربعة أحزاب امتلكت ما شاء لها أن تمتلكه من قوى و سلطان من غير قضاء أو قانون، فأخذت السلطة باليد و حاولت أن تستعين بقوة شبه عسكرية انتهازية وجدت الفرصة كاملة في ذلك المناخ الفائض بالاستلاب و الفوضى.

صُممت أكبر حملة إعلامية و بتقنيات متقدمة لتثير الغبار الكثيف و تصف الجيش بالفلول – أذناب النظام السابق – و على رأس تلك القائمة الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش متناسين تماماً تلك المؤسسة القومية الضاربة في القِدم و العميقة والراسخة في التقاليد المهنية الصارمة، من المؤكد أن هناك اختراقات لكل القوى الحديثة من اليسار لليمين داخل القوات المسلحة و لكن من المؤكد أيضاً أن قوام و سمت الجيش يعبر تعبيراً حاسماً عن الانضباط و الانتماء لتلك المؤسسة القومية، هذه الحملة قد أُنفق فيها مالٌ غزير، و عملت فيها غرف إعلامية متخصصة و محترفة حتى تؤتي أكلها لولا قيام الحرب في أبريل 2023 و تفرعت الحملة لترمي بقيادات عسكرية رفيعة على رأسهم البرهان الكباشي و العطا و إبراهيم جابر.

و بعد محاولة تصحيح المسار في اكتوبر 2021 أو ما سميّ من تلك القوى بالانقلاب على المسار الديمقراطي أو الفترة الانتقالية اشتد أوار تلك الحملة بواسطة الفئة التي حكمت بالمطلق وهي تدرك أنها لن تأتي عن طريق صناديق الاقتراع أو أي تدابير أخرى يجتمع حولها أهل السودان أو قياداته، لحين قيام الانتخابات العامة.

تلك الفترة من أصعب الفترات التي مر بها السودان و ذلك من حيث الاختراق الأمني الكبير الذي مارسته بعض السفارات و تدخلها المباشر و غير المباشر في شأن السودان و الذي اتُهم على إثرها قادة الجيش بالضعف إلى درجة السيولة في ترك القوى الحزبية المحدودة في التمدد في المساحات الواسعة من غير تفويض ، فالأمثلة في ذلك كثيرة أبرزها لجنة التمكين و المناهج و ما جرى في وزارة العدل وحتى مؤسسة التعليم العالي لم تخل منها، هذا بخلاف مذبحة الخارجية الشهيرة.

انتقلت الحملة الاعلامية المحترفة من وسم الجيش بالفلول إلى الخيانة فبعد أكتوبر 2021 صار الفريق أول البرهان (خائناً بامتياز) للثورة التي انحازت لها المؤسسة العسكرية بكاملها، كل هذا العمل الإعلامي و السياسي والدبلوماسي مع بعض السفارات الأجنبية مهد بالضرورة للحرب التي اندلعت بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة (الفريق أول) حميدتي الذي نال الرتبة العظيمة هذه من غير تعليم أو دفعة أو انتماء للمؤسسة !!

بعد نشوب الحرب انتقلت غرف الحملة الإعلامية إلى تصويب مدفعيتها نحو التفريق بين قيادة الجيش بعمل كبير عمد إلى وصف البرهان بالبطء الشديد في مقابل تلميع ياسر العطا ووصفه بالاقدام و الشجاعة، و محاولة وجود ثغرات في شخصية ابراهيم جابر بوصفه ينتمى إلى قبيلة الرزيقات .. كل هذا محاولات لتفريق القيادة حتى ينفرط عقدها و تسود الفوضى الشاملة، و بذلت الحملة جهداً كبيراً لدق إسفين بين البرهان و الكباشي و العطا في التلاعب بتصريحاتهم المختلفة حول قضية الحرب و السلام مع المليشيا المتمردة، يحدث كل هذا في وسط غياب كامل لإعلام الدولة أو ضعف الإعلام لأسباب شتى.

اجتهدت تلك الغرف الإعلامية المناوئة الى تحويل الحفر بالإبرة على طريقة البرهان إلى اتهام بالتهاون و ااضعف و الاستهتار بأرواح المواطنين في كل من الجزيرة و سنار و غيرها، و لكن لم تأت الرياح بما تشتهي السُفن فانقلب الحال بعد الانتهاكات الواسعة و المروعة التي قامت بها المليشيا حيث التف الشعب كله وراء قواته المسلحة التي تنصره و تدافع عنه في ميدان القتال و اكتشفت الجماهير السودانية الخدعة الكبرى التي استهدفت وجود السودان نفسه فالسرقات و الانتهاكات و تدمير المنازل و القتل الجائر على الهوية و الاغتصاب كلها أفعال فضحت التمرد بعد سقوط هدفه الأول في انتزاع السلطة بالحديد و النار بعد استهداف قائد الجيش داخل منزله و استشهاد ثُلة من الجنود و الضباط من دون قائدهم.

و الآن و بعد أن انتهينا من الكثير من القصص التي حيكت بشياكة ضد الجيش و قائده وصلنا إلى محطة لا تقل خطورة عن المرحلة الأولى التي أُستُهدفت فيها الدولة السودانية في كيانها برمته و هو محاولة إحياء الموتى من الدعم السريع و إيجاد موضع قدم لهم في السودان بعد كل ما فعلوه في أهله من تشريد و نزوح و لجوء و ضياع للممتلكات العامة و الخاصة و ذلك عبر مفاوضات مخَططٌ لها مسبقاً كالحرب التي جرت مؤخراً وبتدبير إقليمي و دولي مخطط له بإحكام.

و بنظرة للمشوار الذي قطعته قيادة الدولة نطمئن قليلا أو كثيرا بأن هذه القيادة التي تخطت مصاعب جمّة أقدر لتجاوز العقبات الكؤود التي تواجه الوطن ،فهي تمتلك كل المعلومات التي تؤهلها لاتخاذ القرار الصائب برغم صعوبته و تعقيداته. فالفريق أول عبد الفتاح البرهان بعد محاولات عديدة لاغتياله نجا منها بأعجوبة، علّ الله مدّ في أجله ليشهد شيئاً ما ،على الأغلب الانتصار على تلك الطامة الكبرى التي أحاطت بالسودان و بأهله.

لا أدرى ماذا تبقى من تفاصيل رؤيا الحاج البرهان هل كان هنالك نور في نهاية النفق، أم إشراق كامل يبتهج له المرء ، أم إظلام شامل ، أم شيء في قدر الله مكتوب منذ الأزل، كل ما ندركه الآن عزم القيادة و التفاف الشعب حولها و الأمل في تغيير الممكن.

عادل عبد الرحمن عمر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عبد الفتاح فی ذلک

إقرأ أيضاً:

السودان.. الجيش يواجه مسيّرات الدعم السريع ومجلس الأمن يطالب بوقف القتال

شهد السودان سلسلة هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت منشآت حيوية في جنوب البلاد وشرقها، فيما دعا مجلس الأمن الدولي، في قرار صدر الخميس، إلى وقف فوري للقتال في دولة جنوب السودان المجاورة، مجدِّداً تفويض بعثة حفظ السلام الأممية هناك حتى أبريل 2026.

وأفادت مصادر إعلامية بسماع أصوات مكثفة للمضادات الأرضية في مدينة كنانة بولاية النيل الأبيض، بالتزامن مع تحليق طائرات مسيّرة يُعتقد أنها تابعة لقوات الدعم السريع، حاولت استهداف مطار المدينة ومستودعات للوقود. وأكد مصدر في الجيش أن ثلاث طائرات مسيّرة تسببت في اندلاع حرائق داخل منشآت تُزوِّد الولاية بالمحروقات.

كما تعرّضت قاعدة فلامينغو البحرية في بورتسودان لهجوم جديد هو الرابع خلال أيام، وسط تقارير عن أضرار لحقت بالبنية التحتية في المدينة التي تستضيف مقر الحكومة المؤقت، وتضم أكبر ميناء بحري في البلاد. وشملت الضربات منشآت أخرى في مدينة كسلا الواقعة شرقًا قرب الحدود مع إريتريا، ما يشير إلى اتساع رقعة التصعيد.

وفي سياق متصل، عبّر مجلس الأمن الدولي عن قلقه من تصاعد العنف في جنوب السودان، مطالبًا أطراف النزاع بوقف القتال والانخراط في حوار سياسي شامل، ومشدِّدًا على ضرورة إنهاء العنف ضد المدنيين. وأصدر المجلس قرارًا بأغلبية 12 صوتًا، مقابل امتناع روسيا والصين وباكستان، مدّد فيه تفويض بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) لعام إضافي.

وأكد القرار الإبقاء على حجم القوة الأممية الحالية عند 17 ألف جندي و2101 شرطي، مع إمكانية إدخال تعديلات بناءً على تطورات الوضع الأمني. كما أبدى المجلس “قلقًا بالغًا” من التأخير في تنفيذ اتفاق السلام لعام 2018، خصوصًا بعد تأجيل الانتخابات حتى عام 2026.

وخلال جلسة مجلس الأمن، انتقدت القائمة بأعمال السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، الحكومة الانتقالية في جنوب السودان، ووصفت تمويل الانتخابات دون التزامات فعلية بأنه “أمر غير مسؤول”، داعية المجتمع الدولي إلى دعم جهود الاستقرار عبر البعثة الأممية.

من جهتها، اتّهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الجيش في جنوب السودان باستخدام طائرات لإلقاء قنابل حارقة شمال شرقي البلاد، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، في حين تشهد ولاية أعالي النيل مواجهات بين قوات الرئيس سلفا كير ونائبه المعتقل رياك مشار.

يأتي تزامن التصعيد في السودان وجنوب السودان ليُعزّز المخاوف من انزلاق المنطقة نحو فوضى أوسع، خاصة مع تداخل القبائل والنزاعات المسلحة العابرة للحدود، وغياب أي أفق لتسوية سياسية وشيكة في كلا البلدين.

ويرى مراقبون أن تدهور الأوضاع في السودان قد يُعقِّد مهمة حفظ السلام في جنوب السودان، في ظل التداخل الأمني والاقتصادي بين الدولتين، لا سيما عبر ولايتي النيل الأبيض وأعالي النيل، ما يجعل من الأزمة الراهنة تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي.

مقالات مشابهة

  • العدوان على السودان .. الشعب سينتصر
  • زروقي: الاستعمال السيئ للأنترنت من التحديات التي يفرضها الفضاء السيبراني
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • لماذا يترك البرهان منصب رئيس الوزراء في السودان شاغرا؟
  • السودان.. الجيش يواجه مسيّرات الدعم السريع ومجلس الأمن يطالب بوقف القتال
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان
  • قوات الدعم السريع تكثّف استخدام المسيّرات ضد مناطق سيطرة الجيش في السودان
  • بعد فشل كل المسارات التي اتبعها السودان، يكون قطع العلاقات هو بداية للحل
  • ثلاثة محاولات واضحة لإستهداف الرئيس وما خفي الكثير بالتأكيد
  • سماع دوي انفجار وتصاعد دخان كثيف بمدينة كوستي السودانية