..وفي المقابلة الصحفية التي أجراها معه الدكتور محمد جابر الأنصاري، ونشرت بعدد مجلةالعربي الكويتية الغراء الصادر في شهر سبتمبر 1991م، سأله الدكتورالأنصاري : قلت في كتاب “سيرة شعرية”:( إن سنوات الدراسة في القاهرة، كانت أخصب فترات حياتي الشعرية على الإطلاق).
لعلك قصدت أنها كانت من “أمتع” تلك الفترات، للتغيير الكبير الذي مثّلته الحياة الجامعية في مدينة زاهرة كالقاهرة – حينئذ – ومع أصدقاء شعر متفاعلين كالصديق عبد الرحمن رفيع؟.
وهذا الإنتاج كما يعرفه كل الشعراء، باستثناء ضحايا الإسهال الشعري، غزير جداً. إذا قارنا هذا المعدل بمعدل الكتابة خلال العقدين الأخيرين من حياتي، قصيدة واحدة كل ثلاثة شهور أو أربعة، وجدنا الفارق الشاسع، غير أنني لا أستطيع سحب الخصب على ما يتجاوز المعيار العددي الخالص.
أما النقطة الثانية من سؤالك، فأرى أنك مصيب فيها كل الإصابة. لقد ظلت مشاربي الشعرية عربية خالصة، رغم تنوع مشاربي النثرية (والفكرية). لا أستطيع مثلاً، أن أحصي عدد الكتب التي قرأتها باللغة الإنجليزية، ولكنني أستطيع، دون صعوبة تذكر، أن أحصي الدواوين. نادر حقاً هو ذلك الشعر الأجنبي الذي استهواني واجتذبني، سواء بصفته الأصلية أو مترجماً إلى العربية. أتصور أن السبب هو أن الشعر يختلف اختلافاً كبيراً عن النثر في قابليته للترجمة، والسفر بين الحضارات. الشعر ملتصق بلغته التصاقاً وثيقاً، بحيث يؤدي انتزاعه منها إلى تمزق الكثير من روعته. ومن هنا حرصت في كل شعر ترجمته من العربية إلى الإنجليزية، سواء كان لي أو للآخرين، أن يكون “قابلاً للترجمة”، بمعنى أن ينتقل من لغة إلى لغة دون أن يفقد كل مقوماته كشعر يختلف عن النثر. إن المقولة التي تذهب إلى أن “كل ترجمة خيانة للأصل”، لا تنطبق على شيء قدر انطباقها على الشعر، إذا لم تصدقني، فحاول أن تترجم هذا البيت إلى الإنجليزية، أو الفرنسية، أو الألمانية.
نصيبك في حياتك من حبيب
نصيبك في منامك من خيال
.. ثم إنني مشدود إلى الموسيقى الشعرية العربية، إلى وضوحها ورنينها، وطنينها إن شئت. ومشدود إلى الصور المتراكمة في القصيدة العربية، التي تجعل منها لوحة زيتية بألف لون ولون. مشدود إلى ذلك الغنى اللفظي الذي يفتح أمامك مناجم شاسعة من الكلمات الحلوة. مشدود إلى ما التصق بالذاكرة اللاواعية العربية الجماعية من شغف بالغيوم والمطر، ومتابعة لحديث العيون، وخوف من تلصص الشيب في المفرق، أين أجد هذا كله خارج الشعر العربي؟!. تبقى ملاحظتك عن التواضع، ويقتضي التواضع ألا أعلق عليها!.
وحول كتابة سيرته الذاتية، قال الدكتور غازي القصيبي : تبقى السيرة الذاتية، وكتابتها حلم يراودني منذ فترة طويلة. وهناك عقبتان، واحدة تتعلق بالمبدأ، والأخرى تتعلق بالتفاصيل. من حيث المبدأ: مادام لا يمكنني أن أقول كل ما أريد قوله، لأسباب لا تخفى على فطنة أحد، هل يجوز لي أن أكتفي بما يمكنني قوله؟، ثم يبقى الشكل الفني الملائم: هلى تجيء السيرة الذاتية بالطريقة التقليدية المألوفة، وهي طريقة تقتل القارئ من الملل ما لم تكن أحداث “السيرة” خارقة ومثيرة؟، أم أن هناك أسلوباً آخر؟ أراني أميل تدريجياً إلى أن الشكل الأمثل هو الرواية حيث تمتزج الوقائع بالخيال، ويتاح قدر أكبر من الحرية.
ما أفكر فيه أن تكون لكل مرحلة روايتها: الطالب، الأستاذ، الموظف.. إلخ، هذا مشروع في الأعماق لا يزال يعتمل، ولم يختمر.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: عبدالعزيز التميمي
إقرأ أيضاً:
تحولات الروح الشاعرة في بيت الشعر بالشارقة
الشارقة (الاتحاد)
في إطار «منتدى الثلاثاء» الذي يقدم في كل مرة تجارب إبداعية مميزة، نظم بيت الشعر في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 29 يوليو 2025، شارك فيها كل من الشعراء: متوكل زروق، وهبة شريقي، ويوسف الحمود، وذلك بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وعدد كبير من الشعراء والنقاد.
قدم الأمسية فواز الشعار، وألقى - بدايةً - الشاعر متوكل زروق نصوصاً تفيض بتجليات الوطن والشجن، وبتحولات الروح الشاعرة، وفي نصوصه الأخرى، ظهرت عاطفة الحب والشوق التي تزينت بلمسات من الصور الشعرية الرقيقة. بعد ذلك، قدمت الشاعرة هبة شريقي قصائدها، ومنها نص عنوانه «هروب حر»، الذي تطرقت فيه إلى الحياة وما في طريقها من خيبات وتجارب إنسانية، كما قرأت قصيدة أخرى حملت عنوان «خلف أبواب القصيدة»، كان موضوعها يدور حول الشعر وتداعياته في دواخل الشعراء.
واختتم الأمسية الشاعر يوسف الحمود، الذي قرأ قصيدة تحمل عنوان «براري الأمس»، والتي تناول فيها أيضاً علاقة الشاعر بالعالم حوله، وفي نفس السياق، قرأ نصاً آخر عنوانه «أوج القصيدة»، عبر فيه عن تساؤلات الشاعر وأحزانه وأحلامه. وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي الشعراء المشاركين ومقدم الأمسية.