أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول :
الجدل الذي يتسلق نقصان المواقف ويحلق على سماء الوطن يتقاطع منذ مدة مع زيف المشاعر بالقرب من حقيقة الموت الذي يسكن الطرقات وثمة وجوه تطاردها اللعنة وهي في حضن الوطن وثمة عزيز في منفاه يُكرم!!
وختام لمباحثات جنيف أمس التي انطلقت لمناقشة الأوضاع الإنسانية والحث على فتح الممرات لدخول المساعدات ونجحت في فتح معبر "أدري" كأحد المعابر الرئيسية والمهمة والذي ساهم كثيرا في تخفيف المعاناة عن المواطنين في اقليم دارفور
وكذلك حصلت الولايات المتحدة الامريكية على تعهدات من الطرفين بعدم إعاقة دخول المساعدات
وقد يكون الختام خلق حالة من الإحباط وسط الكثيرين من ابناء الشعب السوداني الذين أرهقتهم الحرب ويريدون أن يضع المجتمع الدولي حدا لها
لكن بالطبع أن مباحثات جنيف لم تجهز مسرحها بحشد دولي وإقليمي وأمني ضخم حتى يكون هدفها الأساسي حضور وفد الجيش اوغيابه
فالمسرح الذي نصبته الوساطة تكمن اهميته فيما دار خلف الكواليس اكثر مما هو متوقع عرضه تحت الضوء ، فإن كان حضور وفد الجيش هو الغاية لما اعلنت أمريكا عن قيام المباحاثات بدونه لتستمر عشرة ايام متواصلة ،وفي مكان سري مغلق بعيدا عن اجهزة الإعلام خوفا من التسريب عن مايجري في دهاليزها
ولو كان حضور وفد الجيش هو العمود الفقري للمباحثات لما لما أصرت الولايات المتحدة الأمريكية على حضور لاعبين اقليمين أكثر من حضوره الأمر الذي جعلها تكشف أن الحرب اصبحت خطرا تجاوز حدود السودان وتحول لقلق اقليمي ودولي البت فيه ووضع الحلول له يتجاوز رغبة البرهان وفلوله في المشاركة او اصرارهم على عنادهم.
ولو كان الأمر اهميته وضرورته مرهونة بحضور الجنرال لما جرت المباحثات بحضور ممثلين من ال CIA والبنتاغون وغيرهم من الأجهزة الأمريكية الأخرى وسط حشد دولي غير مسبوق. وانتظار البرهان على طاولة المباحثات لايستحق كل هذا الزخم سيما أن الوساطة تعلم أنه بارع في المراوغة.
وبختام المباحثات دون حضور وفد الجيش يكون البرهان قطع حبل الأمان بينه والمجتمع الدولي يإهداره للفرصة الأخيرة ، التي لم ينتهزها وأغلق آخر نافذة للتواصل من أجل الحل السياسي والسلمي وبهذا تكون امريكا وجدت مسوغا لكل ماتريد الوصول اليه
فكل خطوة عقابية تستحق قرار بمباركة دولية وشهود إقليميين كانت تحتاج بلا شك الي هذه النتيجة من الرفض والتعنت من قبل الجيش
و ماوصلت اليه امريكا من قناعة تامة ان الفريق عبد الفتاح البرهان بالرغم من ترحييه بقبول التفاوض إلا انه ظل مكتوف الأيدي، مقيد الحركة ، ومكبل الكلمة لايملك قراره في وقف الحرب
ولم يستطيع المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو في حديثه لبي بي سي أن يداري سخطه، وأتهم طرفَي الصراع في السودان (بالـجُبن والافتقار للشجاعة والشرف) بسبب استمرارهما في "استخدام التجويع كسلاح"
لكن لم ينته الأمر لطالما ان المباحثات أنهت جلساتها بتحالف دولي تحت اسم (متحدون الدولي) لإنهاء الحرب في السودان فإن التحالف الذي يضم إلى جانب الولايات المتحدة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد إلى جانب دولة سويسرا والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية
،فحسب بيرييلو : أن التحالف سيعمل لإقرار( إجراءات أكبر) لإنقاذ الأرواح والسعي لتحقيق السلام في السودان، و(وضع قواعد سلوك جديدة) للأطراف المتحاربة، والإلتزام بمواصلة العمل على حماية المدنيين والامتثال للالتزامات السابقة)!!
كل هذا يعني أن ثمة مايمكن فعله بعد الختام لإنقاذ السودان، الذي يعلم المجتمع الدولي والإقليمي أنه اذا حدث وإنهار فلن يسقط وحده.، وذلك بسبب اهميته الجيوستراتيجية ، ومايترتب على إستمرار الحرب من ضرر بالغ على الإقليم إضافة الي أهمية ساحل البحر الأحمر، وما تنذر به الحرب من تمدد بعد التصعيد الميداني من قبل الطرفين الآن
لذلك ربما يكون عباس كامل حمل آخر رسالة تحذيرية من أمريكا للبرهان !!
طيف أخير :
#لا_للحرب
وتحدث الناس عن الأمن من المدينة الآمنة بعد ان وفرت لها الدولة الحماية والأمن واليخت
و(السمك) والسودان كله تهدده المجاعة و يستقبلها ضابط ويصورها لايف (عسكري جيش)
ويفتح لها جهاز الأمن والمخابرات مكاتبه لتغني
وثمانية من ضباط الجيش برتبة فريق محاصرون داخل القيادة العامة!!
انحلال دولة أم مسرحية إلهاء لتغطية قصف المواطتين!!
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
السودان: حرب بلا معنى (2)
خالد بن عبد الرحمن العوض
اشتهر أشقاؤنا السودانيون بروح الأخوّة والجماعة والتعاطف بينهم إلى الدرجة التي يُصاب فيها المرء بالحيرة عندما يحاول فهم هذه الحرب البغيضة بينهم داخل السودان. ولهذا يجد المرء مرارة في قراءة هذا الصراع بين السودانيين، وخاصة الطريقة الغامضة التي نشأت فيها وبرزت بها ميليشيا الدعم السريع، والتي تضم مقاتلين من خارج السودان، بعضهم في سن المراهقة، والتي تتلقّى الدعم من قوى أجنبية لا تهمها مصلحة السودان. لقد ارتكبت هذه الميليشيا الكثير من الجرائم في هذه الحرب العبثية.
من الصحفيين القلائل الذين حاولوا نقل الصورة البشعة لهذه الحرب وعواقبها الوخيمة على الشعب السوداني، الصحفي البريطاني أنتوني لويد، الذي تمكّن من الدخول إلى الخرطوم وأم درمان وكشف عن جانب مظلم تستخدمه ميليشيا الدعم السريع كسلاح في هذه الحرب.
يسرد الكاتب البريطاني هذه القصة بعد أن أجرى مقابلة مع والدة إحدى الفتيات التي تعرّضت للاغتصاب. اختارت الفتاة المراهقة أن تنام في غرفتها بدلاً من النوم مع أمها وبقية الأطفال في الرواق، حيث النسيم العليل القادم من النيل، في أحد أحياء الخرطوم الذي كانت تسكن فيه هذه الأسرة، والذي يخضع لاحتلال ميليشيا الدعم السريع. لم يخطر ببالها أنه في الهزيع الأخير من الليل سيدخل ثلاثة جنود يحملون السلاح من نافذة المنزل ذي الدور الواحد، ثم إلى غرفتها، دون أن تلاحظ ذلك الأم التي كانت تغط في نوم عميق. لم يكن والدها موجودًا في المنزل ذلك اليوم. كان هؤلاء يبحثون عن أي شيء يسرقونه، وإذا لم يجدوا شيئًا أمعنوا في إهانة أهل هذا الحي بارتكاب جرائم الاغتصاب التي يحجم الكثير من الضحايا عن التصريح بها مخافة العار والفضيحة في مجتمع ديني محافظ. لم يجد هؤلاء الجنود الثلاثة أي ذهب أو مال أو هاتف محمول، فأقدموا تحت تهديد السلاح على ارتكاب هذه الجريمة التي أصبحت، بحسب تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، “منتشرة” في هذه الحرب، رغم عدم وجود إحصاءات دقيقة لهذه الاعتداءات بسبب صعوبة حصرها أثناء الحرب، وبسبب الخوف الذي يعتري الضحايا من التصريح بها.
عندما وجدت الأم ابنتها ترتجف خوفًا بجانبها في الظلام، أدركت أنها أمام وقت عصيب. لم تُجدِ الصرخات التي أطلقتها في الشارع وأيقظت الجيران الذين ملأوا ساحة بيتها، ولم تنفعها الشكوى لدى نقطة التفتيش التابعة للدعم السريع في نفس الشارع. تكرر السيناريو ذاته بعد ثلاثة أشهر، عندما هجم ثلاثة أفراد من الميليشيا على المنزل وأخذوا الفتاة من يدها، لكن الجيران أنقذوا الموقف بعد سماع صيحات الأم. لم تُخبر الأم والد الفتاة الغائب بما حلّ بابنته، ولا تدري كيف ستكون ردّة فعله لو أخبرته بالأمر. غادرت الأسرة هذه المنطقة التي تسيطر عليها الميليشيا، متوجهة إلى أم درمان، دون التفكير في العودة إلى المنزل الذي أصبح مكانًا للذكريات المؤلمة.
لم تنتهِ قصة الأم المكلومة، فأمامها الكثير من الجهد لتساعد ابنتها على تجاوز هذه المعضلة.
هذا جانب واحد فقط من الأعراض الجانبية للحرب. فما بالكم بالحرب نفسها؟