الثورة /خليل المعلمي

في منطقة التحرير وسط العاصمة صنعاء يربض مبنى «بيت الثقافة» منارة للتنوير ومركزاً لنشر الثقافة، مسانداً وداعماً للمبدعين في شتى المجالات الثقافية والاجتماعية، احتضن على مدى ربع قرن الفعاليات الثقافية والندوات الفكرية والمعارض التشكيلية والفوتوغرافية، واحتفالات التكريم وتوقيع الإصدارات الجديدة للشعراء والمفكرين والمبدعين الشباب، حتى أصبح مهوى لكل الفئات يجتمع فيه المثقفون والأدباء من مختلف الألوان والأطياف يتبادلون الآراء والأفكار يحتفون بشخص ويستمعون لآخر، يؤصلون لثقافة جديدة عنوانها الإبداع والإبداع الآخر.


كما شيد في فترة سابقة قريباً منه مبنى الهيئة العامة للكتاب، وكذا مبنى «دار الكتب» قبل أكثر من خمسة عقود الذي يحوي الخازن الفكري والثقافي والذاكرة التاريخية للثقافة اليمنية والأدب اليمني والعربي، لتكتمل بذلك البنية المؤسسية لإدارة المشهد الثقافي اليمني.
يتكون بيت الثقافة الذي تم افتتاحه في العام 2000م من رواق واسع للفعاليات يرتفع سقفه على دورين، ويحوي مكانين للعروض التشكيلية والصور الفوتوغرافية إحداهما ضمن الرواق الرئيسي في الدور الأول، ويقع الأخر في الدور الثاني، يتم الصعود إليه عبر سلمي درج من جهتين متقابلتين، كما يحتوي على معرض دائم للكتاب تفتح أبوابه كل صباح على الشارع الرئيسي الذي يقع عليه المبنى.
وعلى مدى عقدين ونصف استضاف «بيت الثقافة» مجموعة كبيرة من المبدعين الشباب في كافة المجالات وأصبح المنارة التي تقدمهم للجمهور وتقدم نتاجاتهم الأدبية والفكرية ومن كل التيارات والألوان الفكرية والثقافية، حيث استطاع كل المثقفين طرح رؤاهم وأفكارهم بشفافية ودون حظر أو تدخل في ما يطرح وهذا قد شكّل نقلة نوعية في إثراء المشهد الثقافي، والجميع لا ينسى دور بيت الثقافة في تقديم الوجوه الشابة التي لم تكن تجد مكانا يضمهم أو يسمح لهم في تقديم إنتاجهم الفكري والأدبي، ولا ننسى دوره أيضاً في إخراج العشرات إن لم نقل المئات من الشباب المبدعين في الفن التشكيلي من جميع المحافظات، ويعتبر بيت الثقافة هو الانطلاقة الأولى في مجال الفن التشكيلي لهم، ومن ثم اتجهوا إلى المحافل العربية والدولية، وقد أقيمت في بيت الثقافة العديد من اللقاءات والمعارض الدولية في الفن التشكيلي والمسابقات المحلية التي كانت تتبناها وزارة الثقافة كل عام، مما ساهم في إيجاد روابط فنية وثقافية بين بلادنا والبلدان الأخرى.
ولكن دائماً ما تكون الثقافة ومؤسساتها في آخر اهتمامات الساسة والمسؤولين، فإن بنود الترميم والاهتمام لم تطرق “بيت الثقافة” إلا في العام 2021م بعد أن ظهرت عليه آثار هطول الأمطار وتسربها إلى أروقته وأتلفت قطع الديكور المعلقة على سقفه، وأغرقت فرشه وتسببت في تشقق جدرانه، وتم ذلك بعد توجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى –بحسب- الأديب عبدالرحمن مراد رئيس الهيئة العامة للكتاب.
ومع غزارة الأمطار هذه الأيام يقول الأديب عبدالرحمن مراد رئيس الهيئة العامة للكتاب في تصريح لـ”الثورة”: يتعرض بيت الثقافة للغرق بسبب غزارة الأمطار التي تهطل بين الفنية والأخرى على العاصمة، وقد سبق لنا ترميم سقف بيت الثقافة عام 2021م، بتوجيهات من رئيس المجلس السياسي الأعلى، إلا أن السقف تعرض للرصاص الراجع في فرحة اليمنيين بالانتصارات الرياضية التي صاحبت الاحتفاء بفوز فريق الناشئين وكون السقف من الزنك فقد اخترقه الرصاص الراجع مما سبب تلف السقف والسقف المستعار وتسرب المياه إلى المبنى مما تسبب في تلف الديكورات والموكيت.
وأوضح أن بيت الثقافة من المعالم الثقافية الوطنية الحديثة، ويشكل واجهة ثقافية مهمة، ويحتضن في أروقته الكثير من الفعاليات التي تقيمها الحكومة وكذلك الأنشطة الثقافية المختلفة.
وتطرق رئيس الهيئة العامة للكتاب إلى أن الأمطار تهدد أيضاً مخازن الهيئة بالغرق كون منسوب المياه يصل إلى مستويات عالية، وكون الشارع الفرعي من الجهة الغربية لمبنى الهيئة يختزن المياه بسبب “الحفر” التي تتركها السيول في الشوارع.
وأكد أن “دار الكتب” أصابها ضرر كبير من السقف ومن الجوانب بسبب ارتفاع منسوب المياه وبعض التشققات في سقف مبنى الدار ونحتاج إلى معالجات سريعة حفظاً لمحتوى الدار من التلف التي تمثل الخازن الفكري والثقافي والذاكرة التاريخية.
وقال في ختام تصريحه: ونظراً إلى عدم توفر الإمكانات اللازمة للهيئة وبالتالي عدم قدرتها على معالجة آثار الأمطار الغزيرة على اليمن فنحن نناشد رئيس المجلس السياسي الأعلى وحكومة البناء والتغيير بسرعة اتخاذ التدابير اللازمة لإنقاذ بيت الثقافة ودار الكتب الوطنية ومخازن الهيئة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

انطلاق فعاليات “ملتقى الدرعية الدولي 2025” في حيّ البجيري

محمد الجليحي (الرياض)
أطلقت هيئة تطوير بوابة الدرعية اليوم فعاليات ملتقى الدرعية الدولي 2025، تحت شعار “الواحات ركيزة للحضارات: استمرارية التراث والهوية”، بحضور نخبة منالباحثين والمتخصصين في تاريخ شبه الجزيرة العربية والتاريخ العالمي والدراسات البيئية، بهدف دعم الأبحاث الأكاديمية المتعلقة بالدرعية وشبه الجزيرة العربية، ودراسة تاريخها العريق وتراثها المتجذر في الثقافة السعودية، إلى جانب تسليط الضوء على الإرث العالمي للواحات.

وافتُتحت أعمال الملتقى بكلمة لصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر آل سعود محافظ الأحساء، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير الأحساء، حيث أكد سموّه على دور الطبيعة في تشكيل الإنسان وهويته، منوّهًا على تأثير الطبيعة في الدرعية، وارتباطها بوادي حنيفة، وكذلك واحة الأحساء حيث تتفاعل الثقافة المادية مع الثقافة الفكرية، وتتكامل البيئة مع الذاكرة الأدبية والكتابية فيها. وأضاف سموّه: “الدرعية، تلك الواحة التي حملت واحدة من أعظم قصص حضارة المملكة، لم تكن مجرد أرض خصبة على ضفاف وادي حنيفة، بل كانت بيئة تُنضج الإنسان وتُشكّل شخصيته. في هذه الواحة وُلدت الدرعية كحضارة، تشكّلت من قِيم العيش المشترك، ومن تراث معماري منسجم مع الطبيعة، ومن إنسانٍ حمل المعنى الحقيقي للواحة؛ والتي تبني حضارة من جذور الأرض”.

ويحظى الملتقى بمشاركة متميزة من جهات ثقافية وتعليمية على المستوى المحلي والدولي، حيث تشارك مؤسسة الملك سلمان، والهيئة الملكية لمحافظة العُلا، ودارة الملك عبدالعزيز؛ بوصفهم الشريك الاستراتيجي. كما تشارك وزارة البيئة والمياه والزراعة، ووزارة الثقافة، وهيئة التراث، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وشركة الدرعية، والمؤسسة العامة للري، والجمعية التاريخية السعودية كشريك رئيسي. ويشارك مجمع الملك سلمان للغة العربية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وإيكوموسالسعودي، وكرسي اليونسكو لترجمة الثقافات بصفتهم شركاءالمعرفة.

ويناقش الملتقى ثلاثة محاور رئيسة تشمل التراث الطبيعي وما يتضمنه من استعراض للتوازن البيئي والأنظمة البيئية للواحات، ومحور التراث المادي الذي يبرز العمارة التقليدية وأنظمة الري المرتبطة بالواحات، إضافة إلى محور التراث غير المادي الذي يسلّط الضوء على الذاكرة الثقافية للواحات والتعبيرات الأدبية المرتبطة بها.
كما يصاحب الملتقى معرض “استمرارية التراث والهوية” الذي يقدم تجربة معرفية حول مفهوم الاستدامة، من خلال تسليط الضوء على النُظم البيئية للواحات، واستعراض تنوع واحات المملكة والدور المحوري لوادي حنيفة في تشكيل هويتها البيئية، وذلك ضمن رؤية معاصرة ترتكز على مبادئ الاستدامة، وتبرز العلاقة بين التراث والطبيعة.

ويستمر الملتقى لمدة يومين، ويتضمن مجموعة من المحاضرات والجلسات الحوارية وورش العمل التي تبرز الجوانب المختلفة للواحات، في نظرة شاملة تبدأ من النشأة الجغرافية وحتى الثقافةغير المادية، حيث تتنوع موضوعات الملتقى التي تتطرق على سبيل المثال لدور البيئة كمحرك للتنمية المستدامة، والدور الاجتماعي للقبائل في حضارة الواحات، والتقنيات الحديثة ودورها في صون التراث، وإدارة المياه في المملكة.

وتحرص هيئة تطوير بوابة الدرعية عبر الملتقى وبرامجه الثقافية والتعليمية والتفاعلية، على تعزيز الوعي بالتراثين الطبيعي والثقافي للدرعية، ونشر المعرفة بدور الماء في نشأة المنطقة وتحوّلاته عبر الأزمنة. كما تسعى الهيئة إلى إظهار دورها في حماية البيئة وتعزيز مسار المبادرات المستدامة، بما يعكس انسجام التراث مع الطبيعة وتوظيف الابتكار في تشكيل مستقبل أكثر توازنًا واستدامة للمنطقة.

مقالات مشابهة

  • بلدية غزة: تضرر غالبية الخيام بسبب الرياح والأمطار الغزيرة المتواصلة
  • عطاف: الحركية التي تطبع العلاقات “الجزائرية-التونسية” تقوم على ثلاثة أبعاد أساسية
  • الأردن يحتفل بإدراج شجرة الزيتون “المهراس” على قائمة التراث الثقافي
  • “أونروا” : هطول الأمطار في غزة يفاقم الأوضاع المعيشية المتردية ويجعلها أكثر خطورة
  • حل لغز القراءات الغريبة التي سجلتها مركبة “فوياجر 2” لأورانوس عام 1986
  • انطلاق فعاليات “ملتقى الدرعية الدولي 2025” في حيّ البجيري
  • انطلاق مؤتمر الجمعية الدولية لدراسات الترجمة والدراسات الثقافية في جامعة السلطان قابوس
  • تفاصيل انقلاب أتوبيس دفرة بالغربية بسبب الأمطار الغزيرة ومصرع شخص وإصابة ثلاثة
  • المغير: حجز قرابة 48 ألف قرص “بريغابالين”
  • “حماس”: استشهاد الأسير السباتين دليل على سياسة القتل البطيء التي ينتهجها العدو الاسرائيلي بحق الأسرى