في فجر يوم 25 أغسطس/آب 2024، نفّذ حزب الله وعده بالردّ على اغتيال الشهيد السيد فؤاد شُكر (المعروف بالحاج محسن)، الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة أركان المقاومة الإسلامية، الجناح العسكري لحزب الله.
وتجسّد الردّ بتوجيه ضربة بمسيّرات، لموقع جهاز المخابرات في غليلوت التي تبعد عن لبنان 110 كيلومترات، أي في عمق الكيان الصهيوني، بما يُعتبر من ضواحي تل أبيب، كما وجّه ضربات للقاعدة العسكرية الجويّة في عين شيمرا أيضًا، في العمق، وهي بعيدة من لبنان بخمسة وسبعين كيلومترًا.
الأمر الذي اخترق القبة الحديدية، وضرب هدفين على مستوى هام من الناحية العسكرية، ولبّى الجزء الأساسي من الردّ المطلوب من حيث الموقع الجغرافي، في العمق المطلوب، ومن حيث المستوى العسكري والأمني، إضافة إلى ما مثله من الناحية العملياتية المعقدة، وما حققه من مستوى لائق إلى حد بعيد.
تفاهم غير مباشروقد اعتبر السيد حسن نصر الله قائد المقاومة، والأمين العام لحزب الله، أن هذا الردّ استوفى الشروط المطلوبة، بما يجعله كافيًا ومُرضيًا، شريطة ألّا يقدم نتنياهو على ما يجعله، ردًّا أوليًا يتبعه ردّ آخر. وهو ما يشكل تهديدًا لجيش الكيان الصهيوني، إذا ما ردّ بدوره، ولم يكتفِ بما قصف، أو ما ادّعاه ردًّا استباقيًا، قبيل الردّ، وفي أثنائه وبعده. وقد جاء متقيّدًا بتجنب قتل المدنيين، كذلك.
وبهذا يكون الوضع قد تجاوز أزمة اغتيال الشهيد السيد فؤاد شُكر، سواء أكان من ناحية، ما التزم به حزب الله، بالردّ على عملية الاغتيال، أم بالنسبة إلى ما التزم به الكيان الصهيوني، من ردّ على الردّ من خلال القصف الاستباقي. وما تلاه خلال اليوم الخامس والعشرين من أغسطس/آب الجاري.
ما يعني أن المطلوب، ولنقل اصطلاحًا، بعد الانتهاء من خطاب السيد حسن نصر الله، هو العودة بالوضع إلى ما كان عليه، قبل الاغتيال.
وهو الأمر الذي سمح بالاستنتاج أن ثمة "تفاهمًا" غير مباشر من خلال الوسيط، أو الوسطاء، على السقف الذي "يراعيه" ردّ حزب الله، كما على السقف الذي على الكيان الصهيوني أن يراعيه بعد الردّ، وبعد مساء الخامس والعشرين من أغسطس /آب اللهاب، والقابل للالتهاب.
ما يعني العودة إلى الحياة العادية، ضمن السقف السابق لقواعد الاشتباك، بين الجيش الصهيوني والمقاومة الإسلامية في لبنان. وهو أقرب إلى تقاطع موضوعي، وليس توافقًا أو "صفقة". وذلك تمامًا، كما حدث طوال الوقت، بالنسبة إلى قواعد الاشتباك التي مرّ عليها أكثر من عشرة أشهر.
فالإشارة في الخطاب بالعودة إلى الهدوء، أي إلى الحالة التي حكمت الوضع، قبل التصعيد الحاد الذي أدّى إليه اغتيال الشهيد السيد فؤاد شُكر، أي العودة إلى التقاطع الموضوعي والذاتي العدائي، كما عبّرت عنه قواعد الاشتباك السابقة.
وبهذا يكون اليوم السادس والعشرون وما بعده من الشهر الجاري، قد أخذا الوضع إلى مرحلة جديدة، تختلف عن سابقتها، مهما تشابهتا من حيث الشكل، بين المرحلتين.
عزلة نتنياهووكذلك تتشابه، إلى حدّ بعيد، حالة التفاوض التي تتشكل الآن في ظل أزمة التصعيد التي يريد نتنياهو إفشالها، وتكريس استمرارية الحرب البريّة، وحرب الإبادة في غزة، ولكن مع عزلة أشد لنتنياهو، بالرغم من زيادة الدعم له من "جمهور" المستوطنين (سكان الكيان الصهيوني) الذين زاد تأييدهم له، بعد الحفاوة التي استُقبل بها في الكونغرس الأميركي.
هذه العزلة زادتها سياسة بايدن المزدوجة، أو كما لا يمكن أن يراها البعض، سوى منافقة، لا خلاف داخلها بين بايدن ونتنياهو. أما وصف "مزدوجة" فليشدد على ما بين أميركا والكيان الصهيوني من علاقة عضوية، إلّا أن ثمة تناقضًا بينهما، من دون توقف الدعم الأميركي للكيان الصهيوني، عسكريًا وسياسيًا وماليًا. بل استمرار الانحياز في مرحلة التفاوض، وذلك من حيث الانحياز ضد حماس، وتبرئة نتنياهو من مسؤولية إفشال المفاوضات.
إن مصدر كل من هذه الازدواجية، والنفاق، هو بايدن الذي يتناقض مع نتنياهو، في موضوعَين:
الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تحتاج أميركا لإنجاز اتفاق يخدم الحزب الديمقراطي، ومرشحته كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية القادمة. وفي تجنب الانتقال بالوضع بعد قرار نتنياهو، اغتيالَ الشهيدين الكبيرين في كل من طهران وضاحية بيروت، إلى وضع يتجه لاندلاع حرب إقليمية. نفاق وازدواجيةفأميركا لا تجد أن المرحلة الراهنة، هي الأنسب بالانتقال إلى الحرب الإقليمية، فيما نتنياهو يريد دفع أميركا وأوروبا للتورط بحرب مع إيران وحزب الله، فضلًا عن مشاركة نتنياهو في الحرب ضد المقاومة والشعب في قطاع غزة.
هذا ما يفسّر السياسة المزدوجة، والنفاق الأميركي، كما يفسّر لماذا إلحاح أميركا لإنجاح المفاوضات، ولماذا يسعى نتنياهو بكل أنيابه ومخالبه لإفشالها.
تبقى ثمة ضرورة لاستكمال تقدير الموقف الراهن هذا، وهي أن يُشار إلى أن المقاومة في غزة ومحور المساندة، يجدان في قواعد الاشتباك السابقة، أفضل لهما من الذهاب إلى حرب إقليمية. وهي حرب ستكون شديدة الضراوة، كثيرة الخسائر، بالرغم من أن النصر فيها سيكون إلى جانب محور المقاومة.
فالمتضرر والخاسر عسكريًا وسياسيًا وأخلاقيًا، طوال أحد عشر شهرًا، هو نتنياهو. وهو الذي يجد في استمرار الحرب في غزة، أو في اندلاع الحرب الإقليمية، منجاة له من أزمته الشخصية الداخلية، والتي ينتظره السجن مع نهايتها.
في 25 أغسطس/آب 2024، انتهت أزمة اغتيال الشهيد فؤاد شُكر بنتيجة كانت فيها الغلبة لحزب الله. وقد جاءت رياح موازين القوى بشكل عام بما لا يخدم مصلحة نتنياهو.
طبعًا هنا يجب عدم إغفال، ما يتلقّاه نتنياهو من دعم أميركي – أوروبيّ، ودعم داخليّ لسياساته، مما يسمح له بالبقاء، وتعطيل كل اتفاق لوقف إطلاق النار، كما التصعيد، وصولًا إلى الحرب الإقليمية، إن أمكن.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الکیان الصهیونی اغتیال الشهید حزب الله من حیث
إقرأ أيضاً:
الجماز: الرئيس الجديد للهلال لن يكون له الصلاحيات التي كان يتمتع بها من سبقه
ماجد محمد
توقع الناقد الرياضي، عبدالرحمن الجماز، ألا تكون صلاحيات الرئيس القادم للهلال مثلما كانت لدى الرئيس السابق.
وقال الجماز :”الهلال سيدخل مرحلة جديدة ومختلفة لن يكون فيها للرئيس الجديد الصلاحيات التي كان يتمتع بها من سبقه .. الدور الأكبر مناط بعبدالمجيد الحقباني .. فهل سينجح في كسب ثقة الجماهير الهلالية ؟”.
وكان رئيس شركة نادي الهلال، فهد بن نافل، أعلن أمس عدم ترشحه لرئاسة النادي بالدورة الانتخابية الجديدة.
وكتب بن نافل على حسابه بموقع إكس :”الهلال كيانٌ محطات تاريخه “منصات الذهب”مسيرة ابتدأت من المنصة 59 إلى المنصة 70، وما بينهما ستة أعوام من الفخر بالعمل مع “رجالٍ على قلب رجّال” ساهموا أن يستمر الهلال أولاً -بفضل الله- كما تأسس ونشأ على أيدي رجالاته ودعم جماهيره الدائم.. ليبقى الهلال لنا جميعًا هو “مسيرة العمر”.
لكل رحلة منصّة أخيرة.”.
وتابع :”بقلبٍ يملؤه الامتنان والفخر، كوني فردًا مساهمًا مع زملائي وزميلاتي في مسيرة هذا الكيان العظيم، ليأتي الوقت الذي أسلّم راية قيادة النادي كما كان، أو أفضل ممّا كان -بإذن الله-، مثلما تسلّمتها، وتسلّمها أسلافي، وهذا هو نهج الهلال.
أعلن اليوم دعمي المطلق للمرشح القادم لرئاسة شركة نادي الهلال وفق ما ترتئيه مؤسسة أعضاء نادي الهلال، والجمعية العامة لشركة النادي”.
وأكد أنه يفضل عدم الترشّح في الدورة الانتخابية الجديدة، وإتاحة الفرصة لطاقات جديدة تكمل المسيرة، سائلاً المولى القدير أن يوفق الهلال حاضرًا ومستقبلًا.