جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-26@19:42:32 GMT

الحياة.. اختيار أم اختبار؟!!

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

الحياة.. اختيار أم اختبار؟!!

 

سلطان بن ناصر القاسمي

أثناء رحلتي العائلية إلى محافظة ظفار، استوقفني أحد تلاميذي الأعزاء، ودار بيننا حديث مُشوق حول بعض القضايا المجتمعية التي أطرحها بانتظام. لقد كان النقاش محيطاً بأهمية استفادة الجيل الحالي من تجارب الأجداد والآباء في الحياة، وكذلك عدم الانسياق بشكل كامل خلف مظاهر التطور التقني دون الالتفات إلى حكمة الماضي.

وفي هذا السياق، ذكر لي التلميذ مقولة للاختصاصي النفسي السعودي فهد بن مسلم: "الحياة اختيار والسعادة قرار." بعد التأمل العميق في هذه العبارة، توصلت إلى قناعة مفادها أنَّ الحياة ليست بالضرورة اختيارًا، بل هي اختبارٌ مستمرٌ نواجه فيه تحديات وصعوبات تحتاج منَّا إلى التأمل والتخطيط العميق، قال تعالى (تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ (1) ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ )(2)

في الحقيقة، نحن لا نعيش حياتنا وفقًا لرغباتنا فقط، إذ لو كان الأمر كذلك لاختار كل منَّا المكان الذي يُعجبه، والمجتمع الذي يروق له، والأسرة التي يجد فيها سعادته. ولكن، الحياة هي اختبار مُستمر يتطلب منَّا مواجهة التحديات التي تقابلنا بجرأة وإصرار. وبما أن السعادة التي نتوق إليها ليست سوى نتيجة لقرار يتخذ بعناية، فإنِّه يتعين علينا أن ندرك أنَّ الحياة ليست دائمًا ما نريدها أن تكون، ولكن يمكننا أن نجعلها أفضل من خلال اتخاذ القرارات الصحيحة.

إذا نظرنا إلى الحياة من منظور أنها اختبار، فإننا سنرى أنَّ الأخطاء التي نقع فيها ليست سوى جزء من طبيعتنا الإنسانية. وبالرغم من أنَّ تلك الأخطاء تعتبر مراحل تعلم ننمو من خلالها، فإن الالتزام بالمثالية المطلقة ما هو إلا تمثيل يتعارض مع طبيعتنا البشرية. ولنا في قصة أبينا آدم وأمنا حواء عبرة؛ فعندما وسوس لهما الشيطان وأكلا من الشجرة التي نهاهما عنها الله، كان ذلك بمثابة اختبار لم ينجحا فيه. ومع ذلك، فإن هذا الخطأ لم يكن نهاية، بل كان بداية جديدة لتجربة أخرى. قال الله تعالى: "فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ." (سورة البقرة: 37)

إذًا، نستطيع أن نستخلص من هذه القصة أن الحياة هي اختبار يسعد من يجتازها بنجاح، وأن السعادة الحقيقية تأتي من اتخاذ القرارات الصحيحة. لذلك، ينبغي لكل من يقرأ هذه السطور أن يسأل نفسه: هل أنا أعيش حياتي بسعادة وقد تجاوزت كل اختبارات الحياة وتأقلمت معها؟ وهل فعلاً أنا سعيد بتفاصيل حياتي بعد اتخاذي للقرارات المناسبة؟

التفكير في هذه الأسئلة بعمق يقودنا إلى إعادة تقييم كيفية تعاطينا مع الحياة، وهل نحن نقبل بها كاختبار أم نعيشها كمجرد واقع مفروض؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة تفتح أمامنا آفاقًا جديدة لفهم أعمق للحياة وكيفية التعامل معها. وعلاوة على ذلك، فإن اتخاذ القرارات الصحيحة ليس مجرد اختيار سطحي، بل هو عملية مدروسة تستند إلى الخبرات والمعرفة.

وعندما نفكر بإيجابية، فإننا نفتح الباب أمام تحسين جودة حياتنا والاستمتاع بها. ولا شك أن التفكير الإيجابي ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو أساس قوي لتحسين نوعية الحياة. ومن خلال التركيز على الإيجابيات، يمكننا خلق مساحة للتنمية الذاتية واستقبال الروحانيات التي تعزز صحتنا النفسية وتساعدنا في تحقيق أهدافنا. وبما أن التفكير الإيجابي هو استراتيجية علمية نحتاج إليها في حياتنا اليومية، فإنه من المهم أن نبتعد عن السلبية التي تتغلغل في مجتمعنا من خلال الحوارات السلبية أو المشاركات السلبية على وسائل التواصل الاجتماعي.

علاوة على ذلك، فإنَّ كثيرين في مجتمعنا يتبعون تلك السلبيات دون التروي أو التفكير النقدي، ينقلونها من دون إدراك لتأثيرها السلبي الذي ينتشر كالنار في الهشيم. هذا الانتشار السريع للسلبيات يعمق الإحساس بالإحباط ويزيد من تعقيد التحديات التي نواجهها في حياتنا اليومية. ولهذا السبب، رسالتي للجميع هي: تمتعوا بالإيجابية واعملوا على خلقها حتى لو لم تكن موجودة في محيطكم. استعملوا عقولكم في البحث عن الجوانب الإيجابية التي تساعدكم على النجاح في حياتكم. وتعلموا كيف تتغلبون على من يحاول أن يغمر حياتكم بكمية من السلبيات التي قد تؤدي بكم إلى التعاسة.

إضافة إلى ذلك، يجب أن نتذكر أن السعادة ليست هدفًا بعيد المنال، بل هي نتيجة لقرارات يومية نتخذها بإرادتنا. في الواقع، نحن نملك القدرة على تغيير حياتنا للأفضل من خلال تبني مواقف إيجابية تجاه ما يحدث لنا. ومن هنا، يجب أن ندرك أن الحياة مليئة بالتحديات، ولكنها أيضًا مليئة بالفرص. وعندما نتعامل مع الحياة كاختبار مستمر، فإننا نفتح أمامنا أبوابًا جديدة لتحقيق السعادة.

في الختام، يجب أن نتذكر دائمًا أن الحياة هي رحلة مستمرة من التعلم والتطور. وبما أن الحياة اختبارٌ لا يتوقف، فإنه من خلال قراراتنا، يمكننا أن نصنع السعادة التي ننشدها. ومن المهم أن يكون لدينا الوعي بأن ما نواجهه من تحديات ليس سوى جزء من رحلتنا، وأن السعادة ليست مجرد هدف نصل إليه، بل هي قرار نتخذه في كيفية مواجهة تلك التحديات. وبما أن الحياة، بما فيها من اختبارات، تمنحنا فرصة لإعادة تقييم أنفسنا وتحديد ما هو الأهم بالنسبة لنا، فإنه عندما نركز على الإيجابيات ونتخذ القرارات الصحيحة، نصبح قادرين على اجتياز هذا الاختبار بنجاح، ونحقق السعادة التي نطمح إليها.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مدبولي: استئناف ضخ الغاز للمصانع التي توقفت تأثرا بنقص الإمدادات

ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، اجتماع الحكومة الأسبوعي، وذلك بمقرها بمدينة العلمين الجديدة، لمناقشة ومتابعة عدد من ملفات العمل.

واستهل رئيس الوزراء الاجتماع، بتقديم التهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ولجموع أبناء الشعب المصري بمناسبة قرب حلول رأس السنة الهجرية، داعياً المولي عز وجل أن يعيد علينا هذه المناسبة وبلادنا تتمتع بمزيد من الاستقرار والرخاء، وجميع شعوب الامتين العربية والإسلامية.

وجدد رئيس الوزراء ترحيب الدولة المصرية بما تم الإعلان عنه من التوصل لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.

ولفت رئيس الوزراء، خلال الاجتماع، إلى عدد من الرسائل وثوابت الدولة المصرية فيما يتعلق بعلاقاتها الخارجية التي أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية خلال الاتصالات التي أجراها مؤخراً مع عدد من القادة والمسئولين الدوليين، ومنها رفض مصر القاطع وإدانتها لأي أعمال تمس سيادة الدول، لا سيّما الأشقاء من الدول العربية والإسلامية، هذا إلى جانب الترحيب بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل واستمرار مصر في السعي للدفع نحو الحلول السياسية الشاملة لتثبيت هذا الاتفاق والالتزام به، بالتعاون والتنسيق مع مختلف الأطراف الدولية المعنية، وذلك بما يسهم في التخفيف من حدة التصعيد في المشهد الإقليمي، وعدم الزج بالمنطقة إلى الفوضى والعنف الشامل.

وفي ذات السياق، وفيما يتعلق بجهود التعامل مع تداعيات هذه الحرب على الشأن المصري، نوه رئيس الوزراء إلى أنه بداية من صباح يوم الجمعة المقبل، سيتم استئناف ضخ الغاز لعدد من المصانع التي توقفت خلال الأيام الماضية تأثراً بنقص الامدادات من الغاز، مؤكداً حرص الدولة على توفير مختلف متطلبات العملية الإنتاجية، سعياً لاستمرار عجلة الإنتاج والدفع بها لتحقيق المزيد من المعدلات والأهداف الاقتصادية والاجتماعية.

وانتقل رئيس الوزراء، خلال الاجتماع، للحديث عن الجولات الميدانية التي قام بها خلال هذا الأسبوع، والتي شملت تفقد الأعمال الخاصة باستعدادات البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي بمنطقة «السخنة»، لاستقبال سفن «التغييز»، وذلك بما يسهم في تعزيز قدرة الشبكة القومية للغاز الطبيعي، وتلبية لمختلف المتطلبات الاستهلاكية والإنتاجية.

كما أشار رئيس الوزراء إلى جولته بعدد من المصانع بمدينة السادس من أكتوبر، والتي شملت زيارة أول مصنع في مصر والشرق الأوسط لتصنيع أجهزة السونار والرنين المغناطيسي، وكذا تفقد مصنع لتصنيع أجهزة شاشات التليفزيون والهواتف المحمولة، مجدداً التأكيد في هذا الصدد، على دعم الدولة الكامل لقطاع الصناعة، والعمل على إتاحة المزيد من التيسيرات والمحفزات التي من شأنها أن تسهم في نمو وتطوير هذا القطاع الواعد، الذي يُعد أحد أهم ركائز الاقتصاد المصري لتحقيق المزيد من الأهداف الاقتصادية، مؤكداً السعي المستمر لتوطين العديد من الصناعات الاستراتيجية محليا، وذلك من خلال تعزيز مشاركة مؤسسات القطاع الخاص المحلية والأجنبية في تنفيذ العديد من المشروعات الجديدة، والتوسع في المشروعات القائمة.

اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يوفد مندوبا للتعزية

محافظ بني سويف يبحث مع نائب وزير الاتصالات سبل التعاون في ملف الرقمنة

الرئيس السيسي يتبادل التهنئة مع ملوك وأمراء الدول العربية والإسلامية بمناسبة العام الهجري الجديد

مقالات مشابهة

  • مختصون لـ"اليوم": الإجازة الصيفية ليست راحة مطلقة ولا موسمًا للكسل
  • ريم عبدالله تخطف الأنظار في ورشة عمل والجمهور : الحياة تمشي بعد الطلاق .. فيديو
  • اليوسف أمام "الشورى": 4.14 مليار ريال صناعات تحويلية.. و3.392 مليار مساهمة قطاع التجارة في الناتج المحلي الإجمالي
  • الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلال الحرب
  • مدبولي: استئناف ضخ الغاز للمصانع التي توقفت تأثرا بنقص الإمدادات
  • خلال 24 ساعة... إليكم المهام التي أنجزها الدفاع المدني
  • أمين الإفتاء يحذر: الحياة الزوجية ليست شهوة عابرة
  • العرابي: إيران اكتسبت قوة ليست فى نفس الوضع التي كانت إسرائيل تستهين به من قبل العمليات العسكرية
  • الخبر تتقدم عالميًا في جودة الحياة وتنفذ أكثر من 100 مشروع تنموي..فيديو
  • بدء الدورة الثانية من استطلاع الرأي حول جودة الحياة والأمن بالسلطنة